">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

ما المقصود بقول عمر: «نعمت البدعة هذه» باختصار؟


✅ يتساءل الكثير من المسلمين عن معنى قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : «نعمت البدعة هذه»، وهل في ذلك إقرار لوجود ما يسمى بـ "البدعة الحسنة"؟


في هذا المقال المختصر نوضح المقصود بقول عمر، ونبيّن الفرق بين البدعة اللغوية والبدعة الشرعية، استنادًا إلى أقوال كبار العلم.

💬 ما معنى قول عمر : « نعمت البدعة هذه »؟

الجواب :

✔ لم يقصد عمر رضي الله عنه البدعة الشرعية المذمومة التي نهى عنها النبي ﷺ بقوله : «كل بدعة ضلالة». (رواه مسلم).

✔ بل قصد البدعة هنا بالبدعة اللغوية، أي ما له أصل في السنة وليس أمراً محدثاً، فهذا لا يسمى في الشرع بدعة وإن سمي في اللغة بذلك،

فجمع عمر الناس على إمام واحد في صلاة التراويح سُنّة أصلها ثابت، إذ إن النبي ﷺ صلّى بالناس جماعة في رمضان ثم تركها خشية أن تُفرض.(البخاري ومسلم)، حتى أعادها عمر رضي الله عنه.

✔ فصلاة التراويح جماعة سنة ثابتة عن النبي ﷺ، ولكن جمع الناس عليها بإمام واحد بعد طول توقف هو الأمر الجديد الذي سماه "بدعة" من باب اللغة لا الشرع.

 فهو لم يُحدث في الدين شيئًا جديدًا، بل أحيا سنة سنّها رسول الله ﷺ بفعله وقوله، ثم تركها لعلة انتهت بزوال سببها.

 كما أن قيام رمضان الذي قال فيه عمر رضي الله عنه : «نعمت البدعة هذه» ليس بدعة شرعية بل هو سنة متبعة، حتى لو لم يكن النبي ﷺ قد جمع أصحابه على قيام تلك الليالي،

لأن ما فعله عمر سنة لأنه من الخلفاء الراشدين الذين أُمرنا باتباع سنتهم، فكان جمعه الناس على إمام واحد سنة لا بدعة، فمن له تلك الخصوصية التي كانت للخلفاء الراشدين؟!.

✅ الفرق بين البدعة اللغوية والبدعة الشرعية.

● البدعة اللغوية : ما له أصل في الشريعة وأحياه الناس بعد وفاة رسول الله ﷺ، فهذا ليس ببدعة شرعًا، وإن كان بدعة لغة؛ لأن له أصلًا في الشرع.

● البدعة الشرعية : ما أُحدث في الدين بلا أصل شرعي وهى مقابة للسنة، وهي المذمومة في الحديث الشريف: «كل بدعة ضلالة». (رواه مسلم).

★ قال الحافظ ابنُ كثير رحمه الله : والبدعةُ على قسمين : تارةً تكونُ بدعةً شرعيةً كقول : ( فإن كلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٍ)،

وتارةً تكونُ بدعةً لغويةً : كقول عمر عن جَمْعِهِ إياهم على صلاة التراويح (نعمت البدعةُ هذه). ينظر: ([تفسير ابن كثير (1/282).]).

✅ أقوال العلماء في قول عمر «نعمت البدعة هذه»:

★ قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله :

 لم يَسُنّ عمر إلا ما رضيه  ، ولم يمنعه من المواظبة عليه إلا خشية أن يفرض على أمته ، وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما،

فلما عَلِمَ عمر ذلك مِنْ رسول الله  ، وعَلِمَ أن الفرائض لا يُزاد فيها ولا يُنقص منها بعد موته  أقامها للناس وأحياها ،

وأَمَرَ بـها وذلك سنة أربعة عشرة من الهجرة ، وذلك شيءٌ ذخره الله له وفضّله بهينظر:(كتاب شرح الزرقاني على الموطأ).

★ قال الإمام أبو موسى المديني، رحمه الله:

.. قِيامُ شَهرِ رَمضانَ جَماعَةً، في حَقَّ التَّسْمِية : سُنَّةٌ، غَيرُ بِدْعَة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:

( عليكم بسُنَّتِى وسُنَّةِ الخُلَفاءِ الرِّاشِدين من بَعْدىِ، واقْتَدُوا باللَّذَيْنِ من بَعْدِى: أَبِي بَكْر وعُمَر").. ينظر: "المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث" (1/ 137).

★ قال الشيخ الألباني رحمه الله :

... فقال بهذه المناسبة : " نعمت البدعة هذه "،

فقوله : البدعة ليس المقصود بها البدعة الشرعية التي عمم الرسول  ذمَّها فيما تقدم من الأحاديث وبخاصة القاعدة : ( كلُّ بدعة ضلالة ) حاشا لعمر أن يعنيَ هذا المعنى،

قوله : " نعمت البدعة " : إنما هو بدعة لغوية وليست البدعة بدعة شرعية هنا، لما ذكرنا أن النبي ﷺ صلى بأصحابه ثلاث ليالي،

وأنه إنما ترك ذلك خشية أن يتوهم الصحابة من متابعة الرسول عليه السلام في كل ليلة من رمضان التجميع هذا في القيام ترك دفعًا لهذا المحذور،

ولما انتقل النبي ﷺ إلى الرفيق الأعلى وانتهت أحكام الشريعة فلم يبق لأحد أن يغير أو يُبدل،

لذلك فتح الله على قلب أمير المؤمنين فأحيا هذه السنة،

فباعتبار ترك الرسول عليه السلام لها واستمرار أبي بكر في كلّ حياته وعمر أيضًا في أول حياته على هذا الترك، سَمَّى هذا الإحياء بدعة أي : جديدًا باعتبار ما قبل ذلك،

لكنها ليست بدعة شرعية يشملها عموم قوله عليه السلام لأن النبي سنها بفعله كما ذكرنا، ثم بحديث أخرجه الإمام أبي داود في *سننه* من حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- قال:

قال النبي ﷺ: ( مَن صلى صلاة العشاء مع الإمام ثم قام معه حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة )،..

ففي هذا حضٌّ من قوله عليه الصلاة والسلام بإحياء صلاة التراويح مع الإمام، فلا يمكن أن يُفسَّر قول عمر : " نعمت البدعة ": بأنه يعني البدعة الشرعية، كيف وقد فعلها رسول الله وحض عليها رسول الله ؟!

فهي سنة فعلية وسنة قولية أيدها عليه السلام بهذا الحديث الصحيح. انتهى من (رحلة النور-(091)).

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :

... لابد أن تُنَزَّل البدعة التي قال عنها عمر: إنها " نعمت البدعة " على بدعة لا تكون داخلة تحت مراد النبي  في قوله " كل بدعة ضلالة "،

فعمر رضي الله عنه يشير بقوله : " نعمت البدعة هذه " إلى جمع الناس على إمام واحد بعد أن كانوا متفرقين،..

وسماها عمر رضي الله عنه - بدعة : باعتبار أن النبي  لما ترك القيام صار الناس متفرقين يقوم الرجل لنفسه ويقوم الرجل ومعه الرجل والرجل ومعه الرجلان والرهط والنفر في المسجد .

فرأى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه - برأيه السديد الصائب أن يجمع الناس على إمام واحد،

 فكان هذا الفعل بالنسبة لتفرق الناس من قبل بدعة فهي بدعة اعتبارية إضافية، وليست بدعة مطلقة إنشائية أنشأها عمر -رضي الله عنه-؛

لأن هذه السنة كانت موجودة في عهد الرسول  فهي سنة، لكنها تركت منذ عهد الرسول عليه الصلاة والسلام حتى أعادها عمر- رضي الله عنه-،

 وبهذا التقعيد لا يمكن أبداً أن يجد أهل البدع من قول عمر هذا منفذاً لما استحسنوه من بدعهم... انتهى باختصار من (كتاب الإبداع في بيان كمال الشرع وخطر الابتداع- للعثيمين).

🧭 خلاصة القول باختصار :

● قول عمر رضي الله عنه: «نعمت البدعة هذه» يقصد به البدعة اللغوية لا الشرعية.

● وصفها بـ «نِعْمَ» لأنها عمل خير وجماعة ووحدة، لا لكونها بدعة شرعية.

● جمع الناس على إمام واحد في رمضان إحياء للسنة النبوية وليس ابتداعًا في الدين.

● لا حجة لأهل البدع في هذا القول، لأن عمر رضي الله عنه لم يُحدث عبادة جديدة، بل أعاد عبادة مشروعة كان النبي ﷺ قد فعلها.


والله اعلم

اقرأ أيضا:


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات