">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع


الصحيح أن يزيد بن معاوية لم يأمر بقتل الحسين رضي الله عنه ولا أظهر الفرح بقتله ، بل ندم على قتل الحسين ولعن قاتله وهو ابن مرجانة [ عبيد الله بن زياد] ،


وفى المقابل أكرم ما بقى من أهل الحسين الذين كانوا معه في مسيره هذا ورد عليهم جميع ما فقد لهم وأضعافه ، 


وردهم إلى المدينة في تجمل وأبهة عظيمة ،ولم يتخذهم سبايا. ينظر: (منهاج السنة (4/558-559)).


ومما جاء فى ندم يزيد بن معاوية على قتل الحسين رضى الله عنه:


◼️ فقد كتب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية يخبره بما حدث ويستشيره في شأن أبناء الحسين ونسائه، فلما بلغ الخبر إلى يزيد بن معاوية بكى وقال :


كنت أرضى من طاعتهم أي أهل العراق بدون قتل الحسين.. لعن الله ابن مرجانة لقد وجده بعيد الرحم منه، أما والله لوأني صاحبه لعفوت عنه، فرحم الله الحسين. (رواه الطبري (5/ 393) بسند كل رجاله ثقات ماعدا مولى معاوية وهومبهم. - ورواه البلاذري في أنساب الأشراف (3/ 219، 22) بسند حسن.


◼️ وقال أيضا : لعن الله ابن مرجانة [عبيد الله بن زياد] فإنه أخرجه واضطره ، وقد كان سأله أن يخلي سبيله ، أو يأتيني ، أو يكون بثغر من ثغور المسلمين حتى يتوفاه الله تعالى،


فلم يفعل، وأبى عليه ، وقتله ، فبغضني بقتله إلى المسلمين ، وزرع لي في قلوبهم العداوة ، فأبغضني البر والفاجر ، 


بما استعظم الناس من قتلي حسينا، ما لي ولابن مرجانة، لعنه الله ، وغضب عليه ". انتهى من " البداية والنهاية " (11/ 651)، " سير أعلام النبلاء " (4/370).


◼️ وأرسل يزيد إلى كل امرأة مِن الهاشميات يسأل عن كل ما أخذ منهن، وكل امرأة تدعي شيئًا بالغًا ما بلغ إلا أضعفه لهن في العطية، 


وكان يزيد لا يتغذى ولا يتعشى إلا دعا علي بن الحسين. ينظر: (الطبقات لابن سعد).


◼️وبعث يزيد إلى المدينة فقدم عليه ذوو السنِّ مِن موالي بني هاشم ومِن موالي بني علي، 


وبعد أن وصل الموالي أمر يزيد بنساء الحسين -رضي الله عنه- وبناته أن يتجهزن، وأعطاهن كل ما طلبن حتى لم يدع لهم حاجة بالمدينة إلا أمر بها . ينظر: (الطبقات لابن سعد).


◼️ وعند مغادرتهم دمشق كرّر يزيد الاعتذار مِن علي بن الحسين، وقال: " لعن الله ابن مرجانة، أما والله لو أني صاحبه ما سألني خصلة أبدًا إلا أعطيتها إياه، 


ولدفعت عنه الحتف بكل ما استطعت، ولو بهلاك بعض ولدي، ولكن الله قضى ما رأيت، كاتبني بكل حاجة تكون لك ". ينظر: (تاريخ الرسل والملوك للطبري).


 قال ابن تيمية رحمه الله :


...جرت في إمارته أمور عظيمة : أحدها مقتل الحسين رضي الله عنه .

وهو لم يأمر بقتل الحسين ، ولا أظهر الفرح بقتله ؛ ولا نكت بالقضيب على ثناياه رضي الله عنه ، ولا حمل رأس الحسين رضي الله عنه إلى الشام ،

لكن أمر بمنع الحسين رضي الله عنه ، وبدفعه عن الأمر ، ولو كان بقتاله.

فزاد النواب على أمره ؛ وحض الشمر بن ذي الجوشن على قتله لعبيد الله بن زياد؛ فاعتدى عليه عبيد الله بن زياد ،

فطلب منهم الحسين رضي الله عنه أن يجيء إلى يزيد ، أو يذهب إلى الثغر مرابطا، أو يعود إلى مكة ؟

فمنعوه رضي الله عنه ، إلا أن يستأسر لهم ، وأمر عمر بن سعد بقتاله  فقتلوه مظلوما  له ولطائفة من أهل بيته ، رضي الله عنهم .

ولما قدم أهلهم رضي الله عنهم على يزيد بن معاوية : أكرمهم وسيرهم إلى المدينة، 

وروي عنه أنه لعن ابن زياد على قتله. وقال : كنت أرضى من طاعة أهل العراق بدون قتل الحسين ،

لكنه مع هذا لم يظهر منه إنكار قتله ، والانتصار له ، والأخذ بثأره : كان هو الواجب عليه فصار أهل الحق يلومونه على تركه للواجب مضافا إلى أمور أخرى .

وأما خصومه فيزيدون عليه من الفرية أشياء ". انتهى من " مجموع الفتاوى " (3/ 410)

وقال ابن كثير رحمه الله :

يزيد بن معاوية : أكثر ما نقم عليه في عمله شرب الخمر ، وإتيان بعض الفواحش ، فأما قتل الحسين فإنه  كما قال جده أبو سفيان يوم أحد  لم يأمر بذلك ، ولم يسؤه .

وقد قدمنا أنه قال : لو كنت ، أنا لم أفعل معه ما فعله ابن مرجانة ؛ يعني عبيد الله بن زياد . وقال للرسل الذين جاءوا برأسه : قد كان يكفيكم من الطاعة دون هذا ، ولم يعطهم شيئا .

 وأكرم ال بيت الحسين ، ورد عليهم جميع ما فقد لهم ، وأضعافه ، وردهم إلى المدينة في تجمل وأبهة عظيمة ، وقد ناح أهله في منزله على الحسين مع اله  حين كانوا عندهم  ثلاثة أيام " . انتهى من " البداية والنهاية " (11/ 650) .

وجاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :

وأما يزيد بن معاوية فالناس فيه طرفان ووسط، وأعدل الأقوال الثلاثة فيه أنه كان ملكا من ملوك المسلمين له حسنات وسيئات،

ولم يولد إلا في خلافة عثمان رضي الله عنه، ولم يكن كافرا، ولكن جرى بسببه ما جرى من مصرع الحسين وفعل ما فعل بأهل الحرة، ولم يكن صاحبا ولا من أولياء الله الصالحين. 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فى ([مجموع الفتاوى] ٣ / ٤٠٩، ٤١٤) و (٤ / ٤٤٣، ٤٨٤، ٥٠٦)) : 

وهذا قول عامة أهل العقل والعلم والسنة والجماعة، وأما بالنسبة للعنه فالناس فيه ثلاث فرق، فرقة لعنته، وفرقة أحبته، وفرقة لا تسبه ولا تحبه،

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : وهذا هو المنصوص عن الإمام أحمد وعليه المقتصدون من أصحابه وغيرهم من جميع المسلمين،

 وهذا القول الوسط مبني على أنه لم يثبت فسقه الذي يقتضي لعنه أو بناء على أن الفاسق المعين لا يلعن بخصوصه إما تحريما وإما تنزيها، 

فقد ثبت في صحيح البخاري: عن عمر في قصة عبد الله بن حمار الذي تكرر منه شرب الخمر وجلده رسول الله صلى الله عليه وسلم،

لما لعنه بعض الصحابة قال النبي صلى الله عليه وسلم: « لا تلعنه، فإنه يحب الله ورسوله » ،

وقال صلى الله عليه وسلم: « لعن المؤمن كقتله ». متفق عليه. 

وهذا كما إن نصوص الوعيد عامة في أكل أموال اليتامى والزنا والسرقة فلا يشهد بها على معين بأنه من أصحاب النار لجواز تخلف المقتضى عن المقتضي لمعارض راجح :

إما توبته، وإما حسنات، وإما مصائب مكفرة، وإما شفاعة مقبولة، وغير ذلك من المكفرات للذنوب هذا بالنسبة لمنع سبه ولعنه.

وأما بالنسبة لترك المحبة فلأنه لم يصدر منه من الأعمال الصالحة ما يوجب محبته، فبقي واحدا من الملوك السلاطين،

ومحبة أشخاص هذا النوع ليست مشروعة، ولأنه صدر عنه ما يقتضي فسقه وظلمه في سيرته، وفي أمر الحسين وأمر أهل الحرة . وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم . انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء-فتوى رقم (١٤٦٦)).


والله أعلم


اقرأ أيضا..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات