">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

من الذي قتل الحسين؟ وهل ليزيد بن معاوية دور فى مقتله؟


✅ تُعَدّ قضية مقتل الحسين بن علي رضي الله عنه من أكثر الأحداث التي أثارت الجدل في التاريخ الإسلامي.

وفي هذا الموضوع سنعرض الرأي الراجح عند أهل السنة والجماعة، مع توضيح موقف يزيد بن معاوية من هذه الحادثة المؤلمة.

هل أمر يزيد بن معاوية بقتل الحسين رضي الله عنه؟


الصحيح أن يزيد بن معاوية لم يأمر بقتل الحسين رضي الله عنه، ولم يُظهر الفرح بقتله، بل ندم على ما حدث، ولعن قاتله وهو ابن مرجانة [ عبيد الله بن زياد].

بل أكرم يزيد ما تبقى من أهل بيت الحسين بعد الواقعة، وردّ إليهم ما فقدوه مضاعفًا، وأعادهم إلى المدينة مكرّمين، ولم يتخذهم سبايا. ينظر: (منهاج السنة (4/558–559)).

ندم يزيد بن معاوية على مقتل الحسين رضي الله عنه.


وردت عدة روايات موثوقة تبين ندم يزيد على مقتل الحسين رضي الله عنه، منها:

1- رواية الطبري والبلاذري- (بكاء يزيد على الحسين):

كتب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية يخبره بما حدث ويستشيره في شأن أبناء الحسين ونسائه، فلما بلغ الخبر إلى يزيد بن معاوية بكى وقال :

كنت أرضى من طاعتهم أي أهل العراق بدون قتل الحسين.. لعن الله ابن مرجانة لقد وجده بعيد الرحم منه، أما والله لوأني صاحبه لعفوت عنه، فرحم الله الحسين. (رواه الطبري (5/ 393) بسند كل رجاله ثقات ماعدا مولى معاوية وهومبهم. - ورواه البلاذري في أنساب الأشراف (3/ 219، 22) بسند حسن).

2- رواية ابن كثير- ( اعترافه بخطأ ابن زياد):

قال يزيد : لعن الله ابن مرجانة [عبيد الله بن زياد] فإنه أخرجه واضطره ، وقد كان سأله أن يخلي سبيله ، أو يأتيني ، أو يكون بثغر من ثغور المسلمين حتى يتوفاه الله تعالى،

فلم يفعل، وأبى عليه ، وقتله ، فبغضني بقتله إلى المسلمين ، وزرع لي في قلوبهم العداوة ، فأبغضني البر والفاجر ، 

بما استعظم الناس من قتلي حسينا، ما لي ولابن مرجانة، لعنه الله ، وغضب عليه. ينظر: " البداية والنهاية " (11/ 651)، " سير أعلام النبلاء " (4/370).

إكرام يزيد لآل بيت الحسين بعد الواقعة.


من الدلائل القوية على ندم يزيد وحرصه على تكريم آل الحسين رضي الله عنه:

 أرسل يزيد إلى كل امرأة مِن الهاشميات يسأل عن كل ما أخذ منهن، وكل امرأة تدعي شيئًا بالغًا ما بلغ إلا أضعفه لهن في العطية،

وكان يزيد لا يتغذى ولا يتعشى إلا دعا علي بن الحسين. ينظر: (الطبقات- لابن سعد).

 بعث يزيد إلى المدينة فقدم عليه ذوو السنِّ مِن موالي بني هاشم ومِن موالي بني علي، 

وبعد أن وصل الموالي أمر يزيد بنساء الحسين -رضي الله عنه - وبناته أن يتجهزن، وأعطاهن كل ما طلبن حتى لم يدع لهم حاجة بالمدينة إلا أمر بها. ينظر: (الطبقات- لابن سعد).

 عند مغادرتهم دمشق كرّر يزيد الاعتذار مِن علي بن الحسين، وقال : " لعن الله ابن مرجانة، أما والله لو أني صاحبه ما سألني خصلة أبدًا إلا أعطيتها إياه، 

ولدفعت عنه الحتف بكل ما استطعت، ولو بهلاك بعض ولدي، ولكن الله قضى ما رأيت، كاتبني بكل حاجة تكون لك ". ينظر: (تاريخ الرسل والملوك- للطبري).

أقوال العلماء في يزيد بن معاوية وموقفه من مقتل الحسين:


★ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :


...جرت في إمارته أمور عظيمة : أحدها مقتل الحسين رضي الله عنه .

وهو لم يأمر بقتل الحسين ، ولا أظهر الفرح بقتله ؛ ولا نكت بالقضيب على ثناياه رضي الله عنه ، ولا حمل رأس الحسين رضي الله عنه إلى الشام ،

لكن أمر بمنع الحسين رضي الله عنه ، وبدفعه عن الأمر ، ولو كان بقتاله.

فزاد النواب على أمره ؛ وحض الشمر بن ذي الجوشن على قتله لعبيد الله بن زياد؛فاعتدى عليه عبيد الله بن زياد ،

فطلب منهم الحسين رضي الله عنه أن يجيء إلى يزيد ، أو يذهب إلى الثغر مرابطا، أو يعود إلى مكة ؟

فمنعوه رضي الله عنه ، إلا أن يستأسر لهم ، وأمر عمر بن سعد بقتاله فقتلوه مظلوما  له ولطائفة من أهل بيته ، رضي الله عنهم .

ولما قدم أهلهم رضي الله عنهم على يزيد بن معاوية : أكرمهم وسيرهم إلى المدينة، وروي عنه أنه لعن ابن زياد على قتله.

وقال : كنت أرضى من طاعة أهل العراق بدون قتل الحسين ، لكنه مع هذا لم يظهر منه إنكار قتله ، والانتصار له ، والأخذ بثأره :

كان هو الواجب عليه فصار أهل الحق يلومونه على تركه للواجب مضافا إلى أمور أخرى .

وأما خصومه فيزيدون عليه من الفرية أشياء. ينظر: " مجموع الفتاوى " (3/ 410)و " البداية والنهاية " (11/ 650).

حكم يزيد بن معاوية وموقف أهل السنة منه ومن لعنه؟


★ ذكرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في الفتوى رقم (1466) ما نصه:


وأما يزيد بن معاوية فالناس فيه طرفان ووسط، وأعدل الأقوال الثلاثة فيه : أنه كان ملكا من ملوك المسلمين له حسنات وسيئات،

ولم يولد إلا في خلافة عثمان رضي الله عنه، ولم يكن كافرا، ولكن جرى بسببه ما جرى من مصرع الحسين وفعل ما فعل بأهل الحرة، ولم يكن صاحبا ولا من أولياء الله الصالحين. 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فى ([مجموع الفتاوى] ٣ / ٤٠٩، ٤١٤) و (٤ / ٤٤٣، ٤٨٤، ٥٠٦)) : 

وهذا قول عامة أهل العقل والعلم والسنة والجماعة، وأما بالنسبة للعنه فالناس فيه ثلاث فرق : فرقة لعنته، وفرقة أحبته، وفرقة لا تسبه ولا تحبه،

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : وهذا هو المنصوص عن الإمام أحمد وعليه المقتصدون من أصحابه وغيرهم من جميع المسلمين،

 وهذا القول الوسط مبني على أنه لم يثبت فسقه الذي يقتضي لعنه أو بناء على أن الفاسق المعين لا يلعن بخصوصه إما تحريما وإما تنزيها، 

فقد ثبت في صحيح البخاري : عن عمر في قصة عبد الله بن حمار الذي تكرر منه شرب الخمر وجلده رسول الله ﷺ،

لما لعنه بعض الصحابة قال النبي ﷺ: « لا تلعنه، فإنه يحب الله ورسوله »، وقال  : « لعن المؤمن كقتله ». متفق عليه.

وهذا كما إن نصوص الوعيد عامة في أكل أموال اليتامى والزنا والسرقة فلا يشهد بها على معين بأنه من أصحاب النار لجواز تخلف المقتضى عن المقتضي لمعارض راجح :

إما توبته، وإما حسنات، وإما مصائب مكفرة، وإما شفاعة مقبولة، وغير ذلك من المكفرات للذنوب- هذا بالنسبة لمنع سبه ولعنه.

وأما بالنسبة لترك المحبة : فلأنه لم يصدر منه من الأعمال الصالحة ما يوجب محبته، فبقي واحدا من الملوك السلاطين،

ومحبة أشخاص هذا النوع ليست مشروعة، ولأنه صدر عنه ما يقتضي فسقه وظلمه في سيرته، وفي أمر الحسين وأمر أهل الحرة. انتهى.

الأسئلة الشائعة حول مقتل الحسين ودور يزيد بن معاوية:


من الذي قتل الحسين رضي الله عنه؟


الذي تولّى قتل الحسين رضي الله عنه هو عبيد الله بن زياد والي الكوفة، بأمره إلى عمر بن سعد، وليس يزيد بن معاوية.

هل أمر يزيد بن معاوية بقتل الحسين؟


كلا، لم يثبت أن يزيد أمر بقتل الحسين رضي الله عنه. بل وردت عنه روايات صحيحة تُثبت ندمه على ما حدث، وأنه لعن عبيد الله بن زياد بعد علمه بالحادثة.

هل فرح يزيد بمقتل الحسين؟


لم يُثبت عن يزيد أنه فرح بمقتل الحسين، بل نقل العلماء أنه بكى عند سماع الخبر وقال : “لعن الله ابن مرجانة، لقد بغّضني بقتله إلى المسلمين”.

هل حمل رأس الحسين إلى يزيد في الشام؟


لم يثبت أن يزيد أمر بحمل رأس الحسين إلى الشام أو أنه نكث بالقضيب على ثناياه كما يروّج بعض المؤرخين المتأخرين، فهذه روايات ضعيفة وغير صحيحة عند أهل السنة والجماعة.

هل يجوز لعن يزيد بن معاوية؟


اختلف العلماء في ذلك، والراجح – كما قالت اللجنة الدائمة للإفتاء وشيخ الإسلام ابن تيمية – أن يزيد لا يُحب ولا يُسبّ، فلا يجوز لعنه ولا مدحه، بل يُترك أمره إلى الله تعالى.

✅ الخلاصة :


يتبين من أقوال أهل العلم والمصادر التاريخية الموثوقة أن:

✔ يزيد بن معاوية لم يأمر بقتل الحسين رضي الله عنه.

✔ القاتل الحقيقي هو عبيد الله بن زياد (ابن مرجانة) بأمر من عمر بن سعد.

✔ يزيد ندم على الحادثة، وأكرم أهل بيت الحسين، ورد لهم حقوقهم.


والله اعلم

اقرأ أيضا :


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات