لما سار الحسين بن علي رضى الله عنه إلى العراق ونزل بكربلاء وعلم أن أهل العراق تنكروا له فطلب الحسين من الجيش الذي جاء لمقاتلته إحدى ثلاث خصال :
إما أن يتركوه يرجع إلى مكة ، وإما أن يسير إلى يزيد بن معاوية ، وإما أن يذهب للثغور للجهاد في سبيل الله .
فأبوا إلا أن يستسلم لهم فأبى الحسين فقاتلوه فقتل مظلوماً شهيداً رضي الله عنه .
فلم يخرج الحسين بن علي رضي الله عنه على يزيد ولي أمره لأنه قد كان آخر أمر الحسين الندم والدخول في الجماعة والإعراض عن تفريق الأمة .
وذلك للأمور التالية :
الأمر الأول : أنه أراد الخروج للعراق لعلهم ينصرونه، وليس فيه أنه كان سائرا إليهم ليخرجوا على ولي الأمر. والقضية ليست نصاً في أنه لما خرج يريد العراق أراد الخروج على ولي الأمر.
الأمر الثاني : أنه لما سار إلى العراق وبلغه في الطريق أن الذي أرسله إليهم قتلوه، أراد الرجوع فمنعته السرية الباغية .
الأمر الثالث : أنه لو كان يريد الخروج لما عرض على السرية أن يذهب إلى يزيد، أو يذهب للقتال في الثغور أو يرجع،
وهذا حال من ليس عنده فكرة الخروج على ولي الأمر، و إلا كيف يطلب ان يمكن من الذهاب إلى ولي الأمر؟! .
الأمر الرابع : أن ولي الأمر تبرأ من قتله ، فذكر أنه لم يأمر بذلك و لم يرض به، ولو كان يعلم أنه خارج عليه لما اعتذر بهذا و لا عتذر بأنه كان يريد الخروج على ولي الأمر .
الأمر الخامس : ما ختمت به المنشور من أن هذا هو قول أهل السنة في القضية .
قال ابن تيمية رحمه الله :
" وَصَارَ النَّاسُ فِي قَتْلِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ :
طَرَفَيْنِ وَوَسَطًا .
أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ يَقُولُ : إِنَّهُ قُتِلَ بِحَقٍّ ; فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَشُقَّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ وَيُفَرِّقَ الْجَمَاعَةَ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ : " مَنْ جَاءَكُمْ وَأَمْرُكُمْ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ " .
قَالُوا : وَالْحُسَيْنُ جَاءَ وَأَمْرُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَأَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَهُمْ.
وَقَالَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ : هُوَ أَوَّلُ خَارِجٍ خَرَجَ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى وُلَاةِ الْأَمْرِ.
وَالطَّرَفُ الْآخَرُ قَالُوا : بَلْ كَانَ هُوَ الْإِمَامَ الْوَاجِبَ طَاعَتُهُ، الَّذِي لَا يُنَفَّذُ أَمْرٌ مِنْ أُمُورِ الْإِيمَانِ إِلَّا بِهِ، وَلَا تُصَلَّى جَمَاعَةٌ وَلَا جُمُعَةٌ إِلَّا خَلْفَ مَنْ يُوَلِّيهِ، وَلَا يُجَاهَدُ عَدُوٌّ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ .
وَأَمَّا الْوَسَطُ فَهُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ الَّذِينَ لَا يَقُولُونَ لَا هَذَا وَلَا هَذَا بَلْ يَقُولُونَ : قُتِلَ مَظْلُومًا شَهِيدًا، وَلَمْ يَكُنْ مُتَوَلِّيًا لِأَمْرِ الْأُمَّةِ.
وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ لَا يَتَنَاوَلُهُ، فَإِنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ مَا فُعِلَ بِابْنِ عَمِّهِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ تَرَكَ طَلَبَ الْأَمْرِ،
وَطَلَبَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى يَزِيدَ ابْنِ عَمِّهِ، أَوْ إِلَى الثَّغْرِ، أَوْ إِلَى بَلَدِهِ، فَلَمْ يُمَكِّنُوهُ، وَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَسْتَأْسِرَ لَهُمْ، وَهَذَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ ".اهـ.
وقال أيضا رحمه الله :
وَكَذَلِكَ الْحُسَيْنُ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – لَمْ يُقْتَلْ إِلَّا مَظْلُومًا شَهِيدًا، تَارِكًا لِطَلَبِ الْإِمَارَةِ طَالِبًا لِلرُّجُوعِ : إِمَّا إِلَى بَلَدِهِ، أَوْ إِلَى الثَّغْرِ ، أَوْ إِلَى الْمُتَوَلِّي عَلَى النَّاسِ يَزِيدَ . انتهى من (منهاج السنة النبوية (4/ 553 -554)).
الأمر السادس : لم يأت في كلام الصحابة الذين خالفوه في رغبته الذهاب إلى العراق، أي إشارة إلى أن غرضه هو الخروج على ولي الأمر،
وإلا لناصحوه بذكر الأحاديث التي تمنع من ذلك، فلما لم يأت عنهم مناصحته بذلك دل على أن أمر خروجه للعراق كان لغرض آخر، يريد منهم نصره فيه، والله اعلم.
الأمر السابع : لنفترض تنزلاً أنه خرج للعراق من أجل الخروج على ولي الأمر، فإن العبرة بالخواتيم ،
فالذي آل إليه أمر الحسين بن علي هو عدم الخروج، وهذا ظاهر، فإنه أراد الرجوع أو الذهاب إلى يزيد للسلام عليه، أو الذهاب إلى الثغور وهذا ينبيء بأنه رجع عن الخروج ،
وإنما يتم الاستدلال لو بقي على ما خرج من أجله، وهذا على فرض التسليم أن هذا كان غرضه من الخروج، رضي الله عنه . انتهى ( كلام الشيخ الدكتور محمد بازمول حفظه الله)
https://web.facebook.com/mohammadbazmool/posts/1154569017994916?_rdc=1&_rdr
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (منهاج السنة 4 / 353) :
فإنه رضي الله عنه لم يفرق الجماعة ، ولم يقتل إلا وهو طالب للرجوع إلى : بلده ؛ أو إلى الثغر ؛ أو إلى يزيد ، داخلا في الجماعة ، معرضا عن تفريق الأمة . انتهى
إذن
لا ينبغي الخوض في قصة الحسين بن علي -رضي الله عنه إلا لبيان أنه كان مجتهدًا، وأنه لم يقصد القتال في خروجه،
وأن الذين قاتلوه وقتلوه كانوا ظالمين وأنه قُتل شهيدًا مظلومًا رضي الله عنه.
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق