إذا بلغ المال نصاباً مما يشترط له حلول الحول فإنه يجوز فيه تعجيل الزكاة قبل موعدها أي قبل تمام مرورعام هجري عليها ،
كتعجيل قضاء الدين قبل حلول أجله، وأداء كفارة اليمين بعد الحلف وقبل الحنث وذلك لسبب من الأسباب ، مثل الزكاة فى : الماشية السائمة والنقود وسلع التجارة.
فإذا كان النصاب موجوداً في مِلك المُزكي عندما يُعجَّل الزكاة جاز تقديم الزكاة قبل تمام الحول ؛ لأن الزكاة تجب بسببين : النصاب والحول، فجاز تقديمها على أحدهما، وهو الحول،
كما لو حلف يميناً ثم رأى أن لا يُمضيه، فأخرج الكفارة ثم حنث : أجزأتْهُ الكفارة؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إذا حلفتَ على يمين فرأيتَ غيرها خيراً منها فكفِّر عن يمينك وائتِ الذي هو خير ). [رواه البخاري ومسلم]، فقد قدَّم الكفارة عن وقت وجوبها لوجود أحد سببيها، وهو اليمين.
ويشترط أن يكون تعجيل الزكاة عن عام أو عامين فقط وليس أكثر من ذلك على الصحيح من كلام أهل العلم.
أما ما لا يشترط له حلول الحول كالزروع والثمر والمعدن والركاز فإنه لا يصح فيه تعجيل الزكاة لأنه لم يوجد فقد عجل زكاة عما ليس في ملكه ولأنه تقديم زكاة قبل وجود سببها كتقديم الكفارة على الحلف.
هذا وقد تعجل النبي ﷺ زكاة عمه العباس قبل موعدها ولكن أهل العلم يقولون إنه لا يقدم إلا لحولين فقط لا لأكثر.
ومن أدلة ذلك :
1- قال النبي صلى الله عليه وسلم : «... وأما العباس فهي عَلَيَّ ومثلها معها ». (رواه مسلم).
قال الإمام النووي رحمه الله في شرح قوله صلى الله عليه وسلم : « فهي عليَّ ومثلها معها ». [ والصواب أن معناه تعجلتها منه وقد جاء في حديث آخر في غير مسلم « إنا تعجلنا منه صدقة عامين » ]. انتهى من (شرح النووي على صحيح مسلم (3/49)).
2- عن علي رضي الله عنه : أنّ العباس سأل النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل زكاته قبل أن تحل فرخص له في ذلك . (صحيح أبي داود-رقم: (1624)).
"قبل أن تحل"، أي : قبل أن يأتي على أمواله عام هجري.
3- عن علي رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر : إنا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام . (صحيح الترمذي-رقم : (679)).
أي : إن العباس بن عبد المطلب كان قد أخرج زكاة ماله قبل أن يأتي عليها عام، وهو وقت استحقاقها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أخذ هذه الزكاة لبيت مال المسلمين، وصرفها في حاجتهم ومنافعهم.
وقد دل الحديث : على جواز تعجيل زكاة المال، وما فيه من مصلحة شرعية.
قال الإمام ابن حزم رحمه الله :
صح تعجيل الزكاة قبل وقتها، عن سعيد بن جبير, وعطاء, وإبراهيم, والضحاك, والحكم, والزهري، وأجازه الحسن لثلاث سنين . انتهى من ((المحلى)) (6/96 رقم 693).
قال في الدر المختار مع حاشيته، ج 2/27 :
” ولو عجل ذو نصاب زكاة لسنتين أو لنصب صح؛ لوجود السبب ”.انتهى.
وقال المارودي في الحاوي الكبير (3/ 174) :
” تعجيل الزكاة يجزئ إذا كان أحد سببي وجوبها موجودا وهو النصاب”. انتهى.
قال ابن قدامة رحمه الله :
لا يجوز تعجيل الزكاة قبل ملك النصاب، بغير خلاف علمناه . انتهى من ((المغني)) لابن قدامة (2/471).
قال شيخ الإِسلام -رحمه الله- في "مجموع الفتاوى" (25/ 85) :
" وأمّا تعجيل الزكاة قبل وجوبها بعد سبب الوجوب؛ فيجوز عند جمهور العلماء كأبي حنيفة والشافعي وأحمد ... ". انتهى.
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
لا مانع من ذلك، بل لعل ذلك من باب خير البر عاجله، ونحن لا نقول هذا فقط على هذه الجملة وإنما لأن ذلك ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أخذ من عمه العباس زكاة السنتين مقدمًا،
ولذلك إخراج الزكاة مقدمًا قبل حلول الوجوب، فهذا جائز بل لعله أفضل . انتهى من (أسئلة وفتاوى الإمارات - ٥/ ٠٠: ٤٥: ٣٤).
قال الشيخ العثيمين رحمه الله :
فيجوز تقديم زكاة المال وغيرها قبل وقتها بشرط أن يكون التقديم عن مالٍ موجود أي أن يكون النصاب تامًا ،
فإن كان النصاب لم يتم فإنه لا يصح لأن الزكاة لم تجب بعد فإذا كان للإنسان مال ورأى أن يقدم زكاته لسببٍ من الأسباب فلا حرج في ذلك بل إن المصلحة إذا اقتضت تقديمه كان تقديمه من الأمور الفاضلة المطلوبة،
مثال : عند الزوجة مبلغ من المال ويحول عليه الحول في شهر رمضان - مثلاً - وأرادت تقديم زكاة مالها لحاجة زوجها - مثلاً -
فإنها تُقدّم زكاة مالها في شهر صفر - مثلاً - وتُعطيها لزوجها المحتاج وتسقط عنها الزكاة إذا أخرجت مقدار الزكاة الواجبة . انتهى من (فتاوى نور على الدرب>الشريط رقم [193])
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
هل يجوز إخراج الزكاة قبل حلول موعد إخراجها بشهر أو شهرين؟ وهل يصح أن تكون راتبةً لبعض المحتاجين بصفة دائمة، خاصةً وأنهم لا يزالون بحاجة إليها؟
فأجاب :
نعم لا حرج في إخراج الزكاة قبل موعدها للمصلحة الشرعية، فقد تعجل النبي ﷺ زكاة عمه العباس قبل موعدها،
فإذا أخرج الإنسان الزكاة قبل موعدها؛ لوجود فقراء محتاجين عجل لهم الزكاة، أو لمجاهدين، أو لفقراء من أقاربه اشتدت حاجتهم، أو نحو ذلك، فكل هذا لا بأس، بل ذلك مشروع، وفيه خير كثير.
ويجوز أن تكون الزكاة راتبًا لبعض المحتاجين يدفعها إليه كل سنة صاحب الزكاة، إذا عرف حاجته، وأن حاجته مستمرة،
فيعطيه إياه كل سنة، عادة سنوية؛ لعلمه بحاجته وأنه من أهل الزكاة لا حرج في ذلك،
بل هذا في محله وصاحبه مأجور إذا تحرى حاجة إخوانه المساكين وأعطاهم إياها كل سنة؛ لحاجتهم وفقرهم حتى تزول الحاجة، نعم . انتهى من (فتاوى نور على الدرب).
والله اعلم
اقرأ أيضا..
تعليقات
إرسال تعليق