يجوز إخراج المكرونة في زكاة الفطر إن شاء الله ما دامت قوتاً للناس فلا يشترط فيما يخرج في زكاة الفطر أن يكون خارجا من الأرض ،
والمقصود هو سد خَلَّةِ المساكين يوم العيد ومواساتهم تحصل بأن تكون صدقتهم من جنس ما يقتاته أهل بلدهم ولأنَّها مصنوعة من الأصل المنصوص عليه وهو القمح.
فتخرج بالوزن، ومقدار الصاع منها هو 3 كجم تقريباً.
فإن قيل : أن المكرونة تخالف القمح لأنها أضيف لها مواد أخرى وزالت منفعتها من جهة : الغرس ، والزرع ، بعد الطحن والصناعة ؟
فالجواب : نعم أضيفت لها مواد وصنّعت ، ولكن هذه الإضافات والتصنيع لمصلحة الفقير والمسكين وهو أنفع له من جهة الطُعمة ،
وهو الغرض الأساس والأهم في الزكاة بالنسبة للفقير والمسكين فجازت ، ولأن الإضافات التي عليها إنما هي لمنفعة الفقير وهذا إحسان له، فتجوز إن شاء الله.
ومما يدل على ذلك :
حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ .
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ : وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالتَّمْرُ. (رواه البخاري). والأقط : لبن مجفف يابس وليس هو مما يخرج من الأرض.
دل الحديث على : أن تخصيص هذه الأنواع ليس مقصودًا بعَينِها، ولكن لأنَّها كانت طعامهم ذلك الوقت لذا لا يشترط فيما يخرج في زكاة الفطر أن يكون خارجا من الأرض.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله :
ولكن يَرِدُ علينا سؤالٌ ، وهو هل تُجزئ المكرونة في زكاة الفطر؟
الجواب :
من قال : إنَّ الخُبز يُجزئُ فالمكرونة عند صاحب هذا الرأي تُجزئُ أيضاً،
ومن قال : لا يُجزئُ الخُبز ؛ لأنَّ الخُبز أثَّرت عليه النَّار ، فإنّ المكرونة إذا أثّرت عليها النَّار في تصنيعها فإنّها لا تجزئ كذلك ، ولو أنّ إلحاق المكرونة بالخُبز من كُلِّ وجهٍ فيه نظر ،
ولهذا نرى أنَّ إخراج المكرونة يُجزئُ ما دامت قوتاً للناس ليست كالخبز من كل وجه ، وتعتبر بالكيل إذا كانت صغيرة مثل الأرز ، أما إذا كانت كبيرة فتعتبر بالوزن ،
والصحيح أنَّ كُلَّ ما كان قوتاً من حَبٍ وثَمَرٍ ولحمٍ ونحوها فهو مُجزئٌ سواء عدم الخمسة ، أو لم يعدمها لحديث أبي سعيد : ( وكان طعامنا يومئذٍ الشّعير والتمر والزبيب والأقط ) . انتهى من ( الشرح الممتع) (١٨٣/٦).
قال ابن تيمية رحمه الله :
أما إذا كان أهل البلد يقتاتون أحد هذه الأصناف جاز الإخراج من قوتهم بلا ريب.
وهل لهم أن يخرجوا ما يقتاتون من غيرها ؟ مثل أن يكونوا يقتاتون الأرز والذرة فهل عليهم أن يخرجوا حنطة أو شعيرا أو يجزئهم الأرز والذرة ؟
فيه نزاع مشهور، وأصح الأقوال : أنه يخرج ما يقتاته، وإن لم يكن من هذه الأصناف، وهو قول أكثر العلماء : كالشافعي وغيره؛
فإن الأصل في الصدقات أنها تجب على وجه المواساة للفقراء، كما قال تعالى : ( من أوسط ما تطعمون أهليكم )، والنبي صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير؛ لأن هذا كان قوت أهل المدينة،
ولو كان هذا ليس قوتهم بل يقتاتون غيره لم يكلفهم أن يخرجوا مما لا يقتاتونه، كما لم يأمر الله بذلك في الكفارات . انتهى من ("مجموع الفتاوى" (25/ 68)).
وقال ابن القيم رحمه الله :
وهذه كانت غالب أقواتهم بالمدينة فأما أهل بلد أو محلة قوتهم غير ذلك فإنما عليهم صاع من قوتهم كمن قوتهم الذرة أو الأرز أو التين أو غير ذلك من الحبوب،
فإن كان قوتهم من غير الحبوب، كاللبن واللحم والسمك أخرجوا فطرتهم من قوتهم كائنا ما كان، هذا قول جمهور العلماء، وهو الصواب الذي لا يقال بغيره،
إذ المقصود سد حاجة المساكين يوم العيد ومواساتهم من جنس ما يقتاته أهل بلدهم، وعلى هذا فيجزئ إخراج الدقيق وإن لم يصح فيه الحديث. انتهى من ("إعلام الموقعين" (3/ 12)).
والله اعلم
اقرأ أيضا..
تعليقات
إرسال تعليق