زكاة الفطر واجبة وتُخرج صاعاً من أى طعام يقتاته الناس مثل: الذرة والأرز والمكرونة واللوبيا واللحم والتمر والشعير والمكرونة والقمح ونحو ذلك.
ومقدار الصَّاع في زكاة الفِطر عن الفرد هو : ثلاثة كيلو تقريباً من الأرز أو غيره من قوت البلد.
وأما مقدار زكاة الفطر عن الفرد من اللحم هو (2176 جراما).
هذا هو الواجب عن كل نفس عن الرجل والأنثى والصغير والكبير كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله ﷺ ،وتُصرَفُ في المساكين دون غيرهم .
كما يجوز أن يُعطي الجماعةُ أو أهْلُ بيت زكاتَهم لمسكين واحدٍ أو أنْ تقسَّم صدقة الواحد على أكثر من مسكين ولكن ينبغي أن تُسَلَّمَ لنفْس المسكين أو لوكيله المفوَّض في استلامها من قِبَله .
ودليل ذلك :
1- روى البخاري (1510) ومسلم (985) عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: « كنا نخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعا من طعام . وقال أبو سعيد : وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر».
فتفسير الطعام هنا ببعض أنواعه : لا يعني قصره على هذه الأنواع، فالرسول صلى الله عليه وسلم لمّا فرض هذه الأنواع فلأنها كانت قوت أهل المدينة،
ولو كان هذا ليس قوتهم بل يقتاتون غيره، لم يكلفهم أن يخرجوا مما لا يقتاتون، كما لم يأمر بذلك في الكفارات، فقد قال تعالى في الكفارة : {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}،
وصدقة الفطر من جنس الكفارات، فكلاهما متعلق بالبدن، بخلاف صدقة المال، فإنها تجب بسبب المال، من جنس ما أعطاه الله.
وعلى هذا يجوز إخراجها من كل ما يعد قوتاً لأهل بلده : من أرز أو فول أو عدس أو القمح أو الذرة أو الدقيق أو التمر أو الفاصوليا أو اللوبيا أو المكرونة... أو غير ذلك مما يعد قوتاً في بلده،
وهذا أصح أقوال العلماء، وهو مذهب الشافعية والمالكية، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -.
2- عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، على العبد والحر،
والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة . رواه البخاري (1503)
* قال النوويُّ رحمه الله : قال البيهقيُّ : وقد أجمع العُلَماءُ على وجوبِ صَدَقةِ الفِطر، وكذا نقَل الإجماعَ فيها ابنُ المُنْذِر في الإشرافِ .انتهى من ((المجموع)) (6/104).
وقد ذهب البعض إلى أن معنى (فرض) رسول الله أى : قدَّرَ. ولكن رد أهل العلم على ذلك، فقال ابنُ الهمام رحمه الله :
حمْلُ اللَّفظِ على الحقيقةِ الشَّرعيَّة في كلامِ الشَّارِعِ متعيِّنٌ، ما لم يَقُمْ صارِفٌ عنه،
والحقيقةُ الشرعيَّةُ في الفَرضِ غَيرُ مُجَرَّد التقدير، خصوصًا وفي لَفظِ البُخاري ومسلم في هذا الحديثِ : (( أنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أمَر بزكاةِ الفِطرِ صاعًا من تَمرٍ، أو صاعًا من شَعيرٍ ))،
قال ابنُ عمر : ( فجعل النَّاسُ عَدلَه مُدَّينِ مِن حِنطةٍ )، ومعنى لفظ " فرض " هو معنى " أمَرَ" أمْرَ إيجابٍ . انتهى من ((فتح القدير)) (2/282).
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
أما إذا كان أهل البلد يقتاتون أحد هذه الأصناف جاز الإخراج من قوتهم بلا ريب.
وهل لهم أن يخرجوا ما يقتاتون من غيرها ؟ مثل أن يكونوا يقتاتون الأرز والذرة فهل عليهم أن يخرجوا حنطة أو شعيرا أو يجزئهم الأرز والذرة ؟
فيه نزاع مشهور ، وأصح الأقوال : أنه يخرج ما يقتاته ، وإن لم يكن من هذه الأصناف ، وهو قول أكثر العلماء : كالشافعي وغيره؛
فإن الأصل في الصدقات أنها تجب على وجه المواساة للفقراء ، كما قال تعالى : ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ) ، والنبي صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير؛
لأن هذا كان قوت أهل المدينة ، ولو كان هذا ليس قوتهم بل يقتاتون غيره لم يكلفهم أن يخرجوا مما لا يقتاتونه ، كما لم يأمر الله بذلك في الكفارات . انتهى من ("مجموع الفتاوى" (25/ 68)).
وقال ابن القيم رحمه الله :
وهذه كانت غالب أقواتهم بالمدينة فأما أهل بلد أو محلة قوتهم غير ذلك فإنما عليهم صاع من قوتهم كمن قوتهم الذرة أو الأرز أو التين أو غير ذلك من الحبوب،
فإن كان قوتهم من غير الحبوب ، كاللبن واللحم والسمك أخرجوا فطرتهم من قوتهم كائنا ما كان ، هذا قول جمهور العلماء ، وهو الصواب الذي لا يقال بغيره،
إذ المقصود سد حاجة المساكين يوم العيد ومواساتهم من جنس ما يقتاته أهل بلدهم ، وعلى هذا فيجزئ إخراج الدقيق وإن لم يصح فيه الحديث . انتهى من ("إعلام الموقعين" (3/12))
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني :
وكأن الأشياء التي ثبت ذكرها في حديث أبي سعيد لما كانت متساوية في مقدار ما يخرج منها مع ما يخالفها في القيمة،
دل على أن المراد إخراج هذا المقدار من أي جنس كان . ينظر: (فتح الباري: (3/ 374)).
وقال الشيخ العُثيمِين رحمه الله :
لا شكَّ في جوازِ إخراجِ الرز في زكاةِ الفِطرِ، بل ربَّما نقولُ : إنَّه أفضَلُ مِن غَيرِه في عصرنا؛ لأنَّه غالِبُ قُوتِ الناس اليومَ،
ويدلُّ لذلك حديثُ أبي سعيد الخدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه الثابتُ في صحيح البخاريِّ قال : ( كنَّا نُخرِجُ يومَ الفِطرِ في عهد النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم صاعًا مِن طعامٍ، وكان طعامُنا الشَّعيرَ، والزَّبيب، والأقِط، والتَّمر)،
فتخصيصُ هذه الأنواعِ ليس مقصودًا بعَينِها، ولكن لأنَّها كانت طعامَهم ذلك الوَقتَ . انتهى من ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (18/283).
وقال أيضا رحمه الله :
والصحيح أن كل ما كان قوتاً من حب وثمر ولحم ونحوها فهو مجزئ سواء عدم الخمسة، أو لم يعدمها لحديث أبي سعيد : وكان طعامنا يومئذٍ الشعير والتمر والزبيب والأقط . انتهى من ("الشرح الممتع" (6/183))
كما أن الواجب في صدقة الفطر من القمح هو نصف صاع، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
فعن عروة بن الزبير : " أنَّ أسماء بنت أبي بكر، كانت تُخرج على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن أهلها -الحرّ منهم والمملوك- مُدّين من حنطة، أو صاعاً من تمر بالمدّ، أو بالصاع الذي يقتاتون به ". ( أخرجه الطحاوي واللفظ له، وابن أبي شيبة، وأحمد، وسنده صحيح على شرط الشيخين؛ كما في "تمام المِنّة" (ص 387)؛ وراجِعه -إن شئت- للمزيد من الفوائد الحديثية والفقهية.).
قال الشيخ الألبانى -رحمه الله- في "تمام المِنّة" (ص387) -عقب أثر عروة ابن الزبير-:
" فثبَت من ذلك أن الواجب في صدقة الفطر من القمح نصف صاع، وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية كما في "الاختيارات" (ص 60)، وإليه مال ابن القيم ... وهو الحقّ إِن شاء الله تعالى". انتهى.
مقدار الصَّاع في زكاة الفِطر
مقدار زكاة الفطر عن الفرد ثلاثة كيلو تقريبا من الأرز أو غيره من قوت البلد.
قال ابنُ قدامة رحمه الله :
الصَّاعُ : خمسةُ أرطالٍ وثلثٌ بالعراقيِّ،
والمُدُّ : رُبُعُ ذلك، وهو رِطلٌ وثلثٌ،
وهذا قولُ مالكٍ والشافعيِّ وإسحاق وأبي عُبَيد وأبي يوسُفَ . ((المغني)) (1/163).
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
الواجب صاع من جميع الأجناس بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أربع حفنات باليدين المعتدلتين الممتلئتين، كما في القاموس وغيره،
وهو بالوزن يقارب ثلاثة كيلو غرام، فإذا أخرج المسلم صاعا من الأرز أو غيره من قوت بلده، أجزأه ذلك،
وإن كان من غير الأصناف المذكورة في هذا الحديث في أصح قولي العلماء، ولا بأس أن يخرج مقداره بالوزن، وهو ثلاثة كيلو تقريبا . انتهى من ((مجموع فتاوى ابن باز)) (14/201).
مقدار زكاة الفطر عند إخراجها لحماً.
جاء في "حاشية الدسوقي"(5/36) :
(قَوْلُهُ : وَبِالْوَزْنِ مِنْ نَحْوِ اللَّحْمِ) أَيْ مِنْ اللَّحْمِ وَنَحْوِهِ كَاللَّبَنِ بِأَنْ يُخْرِجَ خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثًا بِالْبَغْدَادِيِّ . انتهى .
والرطل : معيار يوزن به وهو مكيال أيضا وقد انتهى كثير من الباحثين إلى أن الرطل البغدادي = 408 جراماً. انظر : " مجلة البحوث الإسلامية " ، العدد (39) و (59).
وبناء على هذا تكون زكاة الفطر من اللحم هو (2176 جراما ) .
لمن تُعطى صدقة الفطر؟
تُصرَفُ في المساكين دون غيرهم مِن مصارفِ الزَّكاة.
ففي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : فرَضَ رسول صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر؛ طُهْرة للصائم من اللغو والرَّفَث، وطُعمة للمساكين. [صحيح أبي داود].
ففي هذا الحديث : أنها تُصْرَف للمساكين دون غيرهم. انتهى.
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق