الخوارج هم : كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خارجياً ،
سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين أو كان بعدهم على التابعين لهم بإحسان والأئمة في كل زمان .
وزاد الإمام ابن حزم : بأن اسم الخارجي يلحق كل من أشبه الخارجين على الإمام عليّ أو شاركهم في آرائهم في أي زمن .
قال الإمام أحمد رحمه الله :
ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين وقد كانوا اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلافة بأي وجه كان بالرضا أو بالغلبة فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين وخالف الآثار عن رسول الله
فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحد من الناس ،
فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق...). انتهى من (المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل (78 : 80)
قَالَ شَيْخُ الإِسْلام ابن تيمية رحمه الله :
وَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحَدٍ فِي مَسَائِلِ النِّزَاعِ وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ، وَدَلِيلٌ مُسْتَنْبَطٌ مِنْ ذَلِكَ تُقَرَّرُ مُقَدِّمَاتُهُ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا بِأَقْوَالِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ؛
فَإِنَّ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ يُحْتَجُّ لَهَا بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا يُحْتَجُّ بِهَا عَلَى الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ . انتهى من ( مَجْمُوعُ الفَتَاوَى (26/202).).
وإليك الرد على شبهاتهم بالدليل :
قالوا :
هل الخروج على الظالم مخالف لأصول أهل السنة؟
قلنا : نعم.
قالوا : أين الدليل؟
قلنا :
حديث عبادة : ( إلا أن تروا كفرا بواحا ). صحيح البخاري
قالوا : الكفر = المعصية.
قلنا :
خطأ، لحديث عوف بن مالك : ( ألا من ولي عليه والي فرآه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله و لا ينزعن يداً من طاعة). صحيح مسلم
قالوا :
عمر رضي الله عنه قال : ( قوموني )
قلنا :
إن صحت فالتقويم = الإصلاح وليس التغيير.
قالوا : نصبر إلى متى؟
قلنا :
حديث أسيد : ( حتى تلقوني على الحوض ). (صحيح البخارى)
قالوا : كيف نأخذ حقنا؟
قلنا :
حديث ابن مسعود : ( وتسألون الله الذي لكم ). (صحيح البخارى)
قالوا :
الطاعة للحاكم الذي ارتضيناه، لا لمن تغلب.
قلنا :
حديث العرباض : (وإن تأمر عليكم عبد حبشي). (صحيح مسلم:1298)
قالوا :
الصبر على الذي يحكم بالشرع لكن يتجاوز أما من لا يهتدي بالشرع ويحكم بهواه فلا تجرى عليه هذه النصوص .
قلنا :
كذبتم ، لحديث حذيفة : ( لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي.........فاسمع وأطع ). (صحيح مسلم)
قالوا : أين فهم السلف؟
قلنا :
أجمعوا على حرمة الخروج، نقل الإجماع : النووي وابن حجر وابن تيمية والشوكاني.
قالوا :
كيف أجمعوا وهذا ابن الزبير قد خرج؟
قلنا :
كذبتم، لم يخرج على ولي الأمر لأنه لم يكن آنذاك للمسلمين إمام عام وكان الأمر مترددا بعد و فاة يزيد وابن الزبير بايعه أهل مكة وخضعت له الحجاز .
قالوا :
فماذا عن خروج الحسين؟
قلنا :
لم يخرج لمنازعة الأمر وغرر به أهل البصرة و قالوا له أقبل إلينا ليس علينا إمام، فلما تبينت له الخدعة ندم وطالب بالرجوع إلى أهله أو الذهاب إلى يزيد أو إلى الثغور، فلم يمكنه الظلمة وقتلوه مظلوما شهيدا رضي الله عنه.
قالوا :
وقد خرج غيرهما فأين الإجماع؟
قلنا :
قال ابن حجر : ( خروج جماعة من السلف كان قبل استقرار الإجماع على حرمة الخروج على الجائر). انتهى من (مرقاة المفاتيح-ح:1125)
و نقل النووي : ( وقيل إن هذا الخلاف كان أولاً ثم حصل الإجماع على منع الخروج عليهم ).
قالوا :
(كلمة حق عند سلطان جائر)
قلنا :
1- النبى قال ( كلمة ) لا اعتصام أو مظاهرة
2- قال( حق ) لا شتم وسب
3- قال ( عند )
أى فى مكانه لا فى الشوارع والميادين وعلى المنابر كما قال النبى : ( من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية، ولكن يأخذ بيده فيخلو به، فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه). (صححه الألباني في "ظلال الجنة في تخريج السنة" ( 2 / 508 )
4- النبى أثبت أنه سلطان ظالم ومع ذلك لم يأذن فى الخروج عليه إنما قال : (اسمع واطع ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك). صحيح مسلم
قالوا :
ارتفعت الأسعار وصعبت المعيشة بسبب ظلم الحاكم
قلنا :
قال تعالى : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم . (سورة الشورى) ولم يقل بأيدى الحكام . وقال : ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس. (سورة الروم) ولم يقل بأيدى الحكام فابدأ أنت بالتوبة والاستغفار لكى ينصلح حال المجتمع
وقال النبى صلى الله عليه وسلم : ( إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق ). صحيح الترمذي. ولو خرج الشعب لضاق العيش أكثر ولفقد الأمن ولسفكت الدماء وهتكت الأعراض وكل من عرف التاريخ يوقن أن الخروج ما جاء بيوم خير قط .
قالوا : إذن ما الحل؟
قلنا : الله أكبر الله أكبر
الحل :
التوبة والاستغفار : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ). سورة الرعد. غيروا الشرك إلى التوحيد والبدعة إلى السنة والمعصية إلى الطاعة...( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ). [ الأعراف] وقيل لبعض السلف : (غلت الأسعار قال : أخفضوها بالاستغفار) .
وإليك أيضا ردا آخر :
1- قال : إذا كان الحاكم ظالم ؟
الرد :
قال ﷺ : من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر. (صحيح الجامع)
2- قال : لكنه لا يطبق شرع الله؟
الرد :
قال ﷺ : " يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ قَالَ تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ. (صحيح مسلم)
3- قال : إذا تسلط الحاكم عليّ واذاه بلغنى واضرنى ؟
الرد :
قال ﷺ : " تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ. (صحيح مسلم)
4- قال : لكنه يأخذ مننا ويحرمنا ؟
الرد :
قال ﷺ :" أدُّوا إليهم حقَّهم وسلوا الله حقَّكم ". ( رواه البخاري).
5- قال : إن أمرنى الحاكم بمعصية ؟
الرد :
قال ﷺ : " إنما الطاعة في المعروف ".( رواه البخاري)
6- قال : إن أردت نصيحته ؟
الرد :
قال ﷺ : " مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِسُلْطَانٍ بِأَمْرٍ فَلَا يُبْدِ لَهُ عَلَانِيَةً وَلَكِنْ لِيَأْخُذْ بِيَدِهِ فَيَخْلُوَ بِهِ فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ وَإِلَّا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ لَهُ " . (صححه الألباني في "ظلال الجنة في تخريج السنة" ( 2 / 508 )
7- قال : إن قتلنى الحاكم عند النصيحة سرا ؟
الرد :
قال ﷺ : « سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ، فَنَهَاهُ وَأَمَرَهُ، فَقَتَلَهُ ». (صحيح الترغيب)
8- قال : لو نصحته سرا ولم يقتلنى؟
الرد :
قال ﷺ : " أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ". (صحيح أبي داود)
9- قال : إن جهرت بنصيحته لانه ظلمنى ؟
الرد :
قال ﷺ : "من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ". (صحيح الترمذي)
10- قال : فإن قتلنى متظاهرا ؟
الرد :
قال ﷺ : "شرُّ قتلى قتلوا تحت أديم السماء ". (صحيح الترمذي)
11- قال : فما المصير فى النهاية وهل هى حسن ختام أم سوء خاتمه؟
الرد :
قال ﷺ : " الخوارج كلاب أهل النار ". (صحيح الترمذي)
12- قال : فما العمل اذن ؟
الرد :
قال ﷺ : " إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض ". (صحيح النسائي)
13- قال : إذن لن اتظاهر لكن احب سبه وشتمه؟
الرد :
قال ﷺ : "من أهان السلطان أهانه الله ". (صحيح الترمذي)
14- قال : إذن لن اتظاهر ضده ولن أهينه لكن لن اعترف به أنه رئيسى؟
الرد :
قال ﷺ : "من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ". (صحيح مسلم)
15- قال : لكنه اخد السلطة غصبا وقهرا ؟
الرد :
قال ﷺ : " أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ ". (صحيح مسلم:1298)،
16- قال : لكن هذا ظلم وليس حقه ؟
الرد :
قال الله تعالى : { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء } سورة ال عمران
17- قال : لكن فيه شيوخ ضد الكلام ده ؟
الرد :
قال ﷺ : "دُعاةٌ على أبوابِ جهنم، مَنْ أجابَهُمْ إليها قذفوهُ فيها ". (صحيح البخارى)
18- قال : إذن من اتبع من تلك الاحزاب ومن هو على صواب ؟
الرد :
قال ﷺ : " فاعتزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّها ، ولَو أنْ تَعَضَّ بأصلِ شجَرَةٍ حتى يُدْرِكَكَ الموتُ وأنتَ كذلِكَ ". (صحيح البخارى)
19- قال : إذن سأعتزل كل الاحزاب والفرق لكن سأدافع عن أقاربى أو أصدقائى
الرد :
قال ﷺ : " الْزَمْ بَيْتَكَ وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَخُذْ بِمَا تَعْرِفُ وَدَعْ مَا تُنْكِرُ وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ خَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ". (صحيح أبي داود)
20- قال : إذن فما الاجر فى اجتناب الفتن ؟
الرد :
قال ﷺ : « العبادة في الهرج كهجرة إليّ ». (صحيح مسلم)
21- قال : كيف التغيير إذن ؟
الرد :
قال الله تعالى : ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)). سورة الرعد
22- قال : فمن أعرض واتبع هواه؟
الرد :
قال الله تعالى : { وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِيناً }. سورة الاحزاب
23- قال : بما تنصحنى إذن ؟
الرد :
قال الله تعالى : { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }. سورة النور
24- قال : ادعيلى ربنا يغفرلى
الرد :
قال ﷺ : " إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه ". (صحيح البخارى)
واختم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " مَن أطَاعَنِي فقَدْ أطَاعَ اللَّهَ، ومَن عَصَانِي فقَدْ عَصَى اللَّهَ، ومَن يُطِعِ الأمِيرَ فقَدْ أطَاعَنِي، ومَن يَعْصِ الأمِيرَ فقَدْ عَصَانِي،
وإنَّما الإمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِن ورَائِهِ ويُتَّقَى به، فإنْ أمَرَ بتَقْوَى اللَّهِ وعَدَلَ، فإنَّ له بذلكَ أجْرًا وإنْ قالَ بغَيْرِهِ فإنَّ عليه منه ". (صحيح البخارى)
ومن الأسباب المعينة علي مجاهدة النفس للطاعة :
1- الاستعانة بالله عز وجل .
2- الدعاء تسأل الله التوفيق والسداد والدعاء افضل سلاح.
3- العلم والفقه في الدين .
4-مصاحبة الأخيار.
5- مطالعة سير السلف الصالح.
** وأما قول بعض الناس السفهاء إنه لا تجب علينا طاعة وُلاة الأمور إلا إذا استقاموا استقامة تامة فهذا خطأ بل هذا من مذهب الخوارج.
يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ رحمه الله :
" ... ولم يَدْرِ هؤلاء المفتونون أن أكثر ولاة أهل الإسلام من عهد يزيد بن مُعَاوِيَة -حاشا عُمَر بن عبد العزيز ومن شاء الله من بني أمية -
قد وقع منهم من الجرأة والحوادث العظام والخروج والفساد في ولاية أهل الإسلام،
ومع ذلك فسيرة الأئمة الأعلام والسادة العظام معهم معروفة مشهورة، لا ينْزعونَ يدًا من طاعة فيما أمر الله به ورسوله من شرائع الإسلام، وواجبات الدين.
وأضربُ لك مثلاً ... الطبقة الثانية من أهل العلم، كأحمد بن حنبل، وَمُحَمَّد بن إسْمَاعيل، وَمُحَمَّد بن إدريس، وَأَحْمَد بن نوح، وإسحاق بن راهويه، وإخوانهم ...
وقع فِي عصرهم من الملوك ما وقع من البدع العظام وإنكارالصفات، ودُعُوا إلى ذَلِكَ، وامتُحِنُوا فيه، وقُتِلَ من قُتِلَ، كمحمد بن نصر،
ومع ذَلِكَ، فلا يُعْلَم أنَّ أحدًا منهم نزَعَ يدًا من طاعة ولا رأى الخروج عليهم ". اهـ باختصار من (الدرر السنية (8 / 378)) .
جعلنا الله واياكم من أهل الحق وثبتنا عليه حتى نلقاه .
والله اعلم
اقرأ أيضا ..
تعليقات
إرسال تعليق