">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع الج

نقد أدلة جواز إخراج زكاة الفطر مالًا والرد عليها


يُثار جدل بين الفقهاء حول جواز إخراج زكاة الفطر نقدًا بدلاً من الطعام،

 واستند القائلون بالجواز إلى عدة أدلة، نعرضها فيما يلي مع الرد عليها استنادًا إلى النصوص الشرعية وأقوال العلماء.

الدليل الأول : دلالة آية ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾. [التوبة: 103].

▣ وجه الدلالة : يدعي البعض أن الأصل في الصدقة هو المال، وأن إخراج الطعام هو للتيسير فقط لا لحصر الواجب.

◄ الرد على ذلك :

1- المال في اللغة يشمل الطعام أيضًا : فالله عز وجل أطلق لفظ المال على الأنعام والحبوب، وهي من الأموال المتداولة في عهد النبي ﷺ.

2- السنة النبوية مفسرة للقرآن : النبي ﷺ حدد زكاة الفطر بـ صاع من طعام، والتفسير النبوي لا يجوز مخالفته،

◄ فبيان النبي  للعبادة من قبيل المفسر ، والمفسر لا يقبل التأويل.

3- مفهوم التعبد في الزكاة : كون النبي ﷺ نص على أصناف محددة يعني أن الالتزام بها هو المقصود، وليس مجرد تحقيق الإغناء بأي وسيلة.

الدليل الثاني : دلالة حديث : «أغنوهم عن السؤال في مثل هذا اليوم ».

▣ وجه الدلالة : الإغناء يحصل بالنقود أكثر من الطعام، وإعطاء النقود أيسر على الفقير لسد حاجته.

◄ الرد على ذلك :

1- الحديث ضعيف، فقد ضعّفه البيهقي، والنووي، وضعفه الشيخ الألباني فى "  الإرواء 3/332" و" تمام المنة".

2- الفقير إذا كان فقيراً حقًّا لابد أن ينتفع بالطعام ، وحاجته إلى الملبس والمشرب تكفل بالصدقات التى حث الشرع عليها طوال العام.

3- الإغناء يكون بالطعام أيضًا، والفقير يحتاج إليه في يوم العيد تحديدًا.

4- الشرع لم يعتبر الإغناء بالمال، بل اعتبر الإطعام.

الدليل الثالث : قلة النقود في العصر النبوي.

وجه الدلالة :

  النقود كانت قليلة، ولهذا ذُكر الطعام.

▣ إخراج القيمة اليوم أنفع للفقراء.

◄ الرد على ذلك :

1- الدراهم والدنانير كانت متوفرة، والناس كانوا بحاجة إليها كما هو الحال اليوم.

2- لو كان المقصود من زكاة الفطر إغناء الفقراء ماليا لكانت زكاة الفطر أكبر من هذا.

3- النبي  لم يُشِر إلى إخراجها نقدًا، رغم وجود الفقراء.

الدليل الرابع :  قول النبي  في زكاة بهيمة الأنعام: ( وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةُ الْجَذَعَةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ،

وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنِ اِسْتَيْسَرَتَا لَهُ، أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ الْحِقَّةُ، وَعِنْدَهُ الْجَذَعَةُ، فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْجَذَعَةُ، وَيُعْطِيهِ الْمُصَّدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ ). أخرجه البخاري.

▣ وجه الدلالة : هنا أقام النبي ﷺ في جبران ما بين الواجِبَيْن : (الحقة والجذعة) فأقام القيمة، وهي قوله : "عشرين درهما أو شاتين".

◄ الرد على ذلك :

1- أجازت الشريعة دفع القيمة في زكاة بهيمة الأنعام عند تعذر إخراج الواجب المحدد، لعدم إمكانية تجزئته.

2- حدد الشرع القيمة المسموح بها (شاتان أو عشرون درهمًا) لمنع الاجتهاد الشخصي في التقدير.

3- لا يمكن الاستدلال بهذا الاستثناء على جواز إخراج القيمة مطلقًا، لأنه حكم خاص بحالة معينة نص عليها الشرع.

الدليل الخامس : دلالة حديث « تصدقن ولو من حُليكن ».[البخاري].

▣ وجه الدلالة : عموم الأمر بالتصدق فلم يستثن النبي ﷺ صدقة الفرض من غيرها.

◄ الرد على ذلك :

1- الصدقة عند الإطلاق تُفهم عرفًا على أنها صدقة تطوع، وليس الزكاة المفروضة التي تأتي بتحديد ومقدار معين.

2- لو كان المقصود بها زكاة الفطر، لما جاء الأمر بها في الخطبة بعد الصلاة، خاصة أن النبي ﷺ أمر بإخراجها قبل صلاة العيد.

الدليل السادس :  قول معاوية : " إني لأرى مُدَّين من سمراء الشام تعدل صاعًا من التمر ".

▣ وجه الدلالة : إخراج الصحابة نصف صاع من القمح بدلاً من صاع من التمر، لأنهم رأوه معادلاً في القيمة للصاع من التمر أو الشعير.

◄ الرد على ذلك :

1- الصحابة لم يُخرجوا القمح كقيمة، بل لأنه طعام مكافئ في الكمية.

2- لو كان يجوز إخراج المال، لأخرجوه مالًا بدلًا من تحديد مقدار القمح.

3- الصحيح أن النبي ﷺ فرض زكاة الفطر بصاع من الطعام، والقمح يُعتبر من أنواع الطعام، فلا يُجزئ إخراجه بأقل من صاع.

الدليل السابع : أثر معاذ بن جبل في أخذ الملابس بدل الطعام حيث قال لأهل اليمن : ( ائتوني بخميص أو لبيس أسهل عليكم وخير لمن في المدينة من المهاجرين والأنصار ).

[ذكره البخاري تعليقاً في كتاب الزَّكَاة، باب العرض في الزَّكَاة، ورواه البيهقي في سننه حديث رقم : (7165) ، وطاووس لم يسمع من معاذ ، قال ابن حجر في التلخيص(3/114) : منقطع، وقال الاسماعيلي : مرسل لا حجة فيه].

◄ الرد على ذلك :

1- الأثر المذكور منقطع، والمنقطع من أنواع الأحاديث الضعيفة التي لا يُحتج بها، كما أشار ابن حجر، وأبو بكر الإسماعيلي.

2- الحديث يتناول أخذ البدل على الصحيح في الجزية، وليس في زكاة الفطر، والفرق بينهما واضح؛ إذ إن الزكاة عبادة وقربة، بينما الجزية أقرب إلى الضريبة المالية.

3- حتى لو كان الأثر صحيحًا، فإنه يبقى اجتهادًا شخصيًا، وقد خالفه الحديث المرفوع إلى النبي ﷺ، مما يجعل الاستدلال به غير معتبر.

الدليل الثامن : فعل بعض الصحابة كابن عمر وابن عباس فى اخراج زكاة الفطر نقدًا.

◄ الرد على ذلك :

1- لا يوجد سند صحيح يثبت ذلك عن الصحابة.

2- المروي عن ابن عمر وابن عباس يخالف ذلك، إذ أخرجا زكاة الفطر طعامًا.

الدليل التاسع : أثر عمر بن عبد العزيز في إخراج نصف درهم بدل زكاة الفطر عن كل إنسان.

◄ الرد على ذلك :

1- أجاب الإمام أحمد بقوله: "يدعون قول رسول الله ﷺ ويقولون قال فلان؟!". ينظر: المغني (295/4 ).

2- العبرة بسنة النبي ﷺ، لا باجتهاد أحد، ولو كان عالمًا أو خليفة.

الدليل العاشر : حاجة الفقراء إلى المال لشراء ثياب العيد، لذلك نخرج زكاة الفطر نقدًا.

◄ الرد على ذلك :

1- كان كثير من الصحابة - رضوان الله عليهم - يعانون من الفقر الشديد، حتى إن بعضهم لم يكن يملك سوى ثوب واحد، 

وذلك فى قوله : «أو لكلكم ثوبان»؟، ومع ذلك لم يأمر النبي  بإعطائهم مالًا.

2- عدم فعل النبي  مع وجود مقتضي إخراج المال (الفقراء) دليل على عدم جوازه.

3- إذا قيل إن دفع النقود أرفق بالفقير، فإن ذلك يستلزم تغيير أحكام شرعية أخرى، مثل كفارة اليمين وكفارة الظهار، 

ليتم إخراجها نقدًا بدلًا من الإطعام، وهو ما يخالف النصوص الشرعية ويفتح باب التلاعب بالأحكام.

▣▣ خاتمة : ما هو القول الصحيح في زكاة الفطر؟.

 بناءً على ما سبق، فإن إخراج زكاة الفطر طعامًا هو الأرجح والأصح اتباعًا للنصوص النبوية،

كما أن العلماء أجمعوا على أن الأصل في الزكاة أنها عبادة توقيفية.

◄ فمع وجود الدليل الصريح عن النبي ﷺ، لا يجوز تغييره بالاجتهادات العقلية.


والله اعلم

 ما رأيك؟ هل ترى أن الأفضل الالتزام بالسنة في إخراج زكاة الفطر طعامًا؟ شارك رأيك في التعليقات!.

اقرأ أيضا :


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات