زكاة الفطر: طهرة للصائم وفرحة للفقير.
▣ مع اقتراب العيد، يتساءل الكثيرون عن أحكام زكاة الفطر، فإليك هذا الدليل المبسط من فتاوى ابن عثيمين رحمه الله :
س1 : متى تخرج زكاة الفطر؟ وما مقدارها؟ وهل تجوز الزيادة عليها؟
فأجاب :
زكاة الفطر هي الطعام الذي يخرجه الإنسان في آخر رمضان، ومقداره صاع، قال ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: "فرض النبي ﷺ زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير". ..
فهي من الطعام السائد بين الناس، وهو الآن التمر والبر والأرز، وإذا كنا في مكان يطعم الناس فيه الذرة تخرجها ذرة، أو زبيباً، أو أقط.
قال أبو سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ: "كنا نخرجها على عهد رسول الله ﷺ صاعاً من طعام، وكان طعامنا التمر، والشعير، والزبيب والأقط"..
◄ وزمن إخراجها صباح العيد قبل الصلاة : لقول ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: "وأمر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة"، وهذا حديث مرفوع.
وفي حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعدها فهي صدقة من الصدقات".
ويجوز أن تقدم قبل العيد بيوم أو يومين، ولا يجوز أكثر من ذلك لأنها تسمى زكاة الفطر، فتضاف إلى الفطر،
◄ ولو قلنا بجواز إخراجها بدخول الشهر : كان اسمها زكاة الصيام، فهي محددة بيوم العيد قبل الصلاة، ورخص في إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين..
◄ وأما الزيادة على الصاع : فإن كان على وجه التعبد واستقلالاً للصاع فهذا بدعة، وإن كان على وجه الصدقة لا الزكاة فهذا جائز ولا بأس به ولا حرج،
والاقتصار على ما قدره الشرع أفضل، ومن أراد أن يتصدق فليكن على وجه مستقل.. انتهى.
س2 : ما مقدار صدقة الفطر؟
فأجاب :
مقدار صدقة الفطر صاع من الطعام بالصاع النبوي، الذي زنته كيلوان وأربعون جراماً بالبر (القمح) الجيد، أو ما يوازنه كالعدس. انتهى.
س3 : هل تدفع زكاة الفطر عن الجنين؟
فأجاب :
زكاة الفطر لا تدفع عن الحمل في البطن على سبيل الوجوب، وإنما تدفع على سبيل الاستحباب. انتهى.
س4 : عمن تصرف له زكاة الفطر؟
فأجاب :
ليس لها إلا مصرف واحد وهم الفقراء كما في حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : "فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين". انتهى.
س5 : ما حكم إخراج الرز في زكاة الفطر؟
فأجاب :
لا شك في جواز إخراج الرز في زكاة الفطر، بل ربما نقول : إنه أفضل من غيره في عصرنا؛ لأنه غالب قوت الناس اليوم،
▣ ويدل لذلك حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ الثابت في صحيح البخاري قال : "كنا نخرج يوم الفطر في عهد النبي ﷺ صاعاً من طعام، وكان طعامنا الشعير، والزبيب، والأقط، والتمر"،
◄ فتخصيص هذه الأنواع ليس مقصوداً بعينها، ولكن لأنها كانت طعامهم ذلك الوقت. انتهى.
س6 : من لم يتمكن من دفع زكاة الفطر قبل الصلاة هل يجوز له دفعها بعد الصلاة؟
فأجاب :
إذا لم يتمكن من دفع زكاة الفطر قبل الصلاة ودفعها بعد ذلك فلا حرج عليه؛ لأن هذا مدى استطاعته، وقد قال الله تعالى :
{فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَِنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }،
◄ ومن أمثلة هذا : ما إذا ثبت دخول شهر شوال والإنسان في البر وليس حوله أحد، فإنه في هذه الحال إذا وصل إلى البلد التي فيها الفقراء دفعها إليهم... انتهى.
س7 : ما حكم من أخر دفع زكاة الفطر عن صلاة العيد؟
فأجاب :
إذا أخر دفع زكاة الفطر عن صلاة العيد فإنها لا تقبل منه، لأنها عبادة مؤقتة بزمن معين، فإذا أخرها عنه لغير عذر لم تقبل منه،
◄ لحديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما : "وأمر ـ يعني النبي ﷺ ـ أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة"،
وفي حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: "من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات".. انتهى.
س8 : أديت زكاة الفطر في أول رمضان في مصر قبل قدومي إلى مكة وأنا الآن مقيم في مكة المكرمة فهل علي زكاة فطر؟
فأجاب :
نعم عليك زكاة الفطر؛ لأنك أديتها قبل وقتها، فزكاة الفطر من باب إضافة الشيء إلى سببه،
وإن شئت فقل : من باب إضافة الشيء إلى وقته، وكلاهما له وجه في اللغة العربية،
▣ قال الله تعالى : {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَآ أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً وَأَسَرُّواْ النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ الَعَذَابَ
وَجَعَلْنَا الأَْغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }، هنا من باب إضافة الشيء إلى وقته،
▣ وقال أهل العلم : باب سجود السهو، من باب إضافة الشيء إلى سببه، فهنا زكاة الفطر أضيفت إلى الفطر لأن الفطر سببها؛ ولأن الفطر وقتها،
◄ ومن المعلوم أن الفطر من رمضان لا يكون إلا في آخر يوم من رمضان،
فلا يجوز دفع زكاة الفطر إلا إذا غابت الشمس من آخر يوم من رمضان، إلا أنه رخص أن تدفع قبل الفطر بيوم أو يومين رخصة فقط،
وإلا فالوقت حقيقة إنما يكون بعد غروب الشمس من آخر يوم من رمضان؛ لأنه الوقت الذي يتحقق به الفطر من رمضان،
ولهذا نقول : الأفضل أن تؤدى صباح العيد إذا أمكن.. انتهى.
س9 : ما حكم إخراجها نقداً؟
فأجاب :
أما إخراجها نقداً فلا يجزىء؛ لأنها فرضت من الطعام، قال ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: "فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير"،
وقال أبو سعيد الخدري : "كنا نخرجها على عهد رسول الله ﷺ صاعاً من طعام، وكان طعامنا التمر، والشعير، والزبيب، والأقط".
◄ فتبين من هذين الحديثين أنها لا تجزىء إلا من الطعام، وإخراجها طعاماً يظهرها ويبينها ويعرفها أهل البيت جميعاً، وفي ذلك إظهار لهذه الشعيرة،
◄ أما إخراجها نقداً فيجعلها خفية، وقد يحابي الإنسان نفسه إذا أخرجها نقداً فيقلل قيمتها، فاتباع الشرع هو الخير والبركة.
▣ وقد يقول قائل : إن إخراج الطعام لا ينتفع به الفقير.
وجوابه : أن الفقير إذا كان فقيراً حقًّا لابد أن ينتفع بالطعام.. انتهى.
س10 : هل الزكاة مسؤولية الزوج وهو الذي يخرجها عن الزوجة وعن أولاده؟ أم إنني أنا الأخرى مسؤولة عنها إذا لم يخرجها الزوج؟
فأجاب :
الذي يظهر لي من هذا السؤال أنها تقصد زكاة الفطر، وزكاة الفطر ذكر أهل العلم أنه يجب على الزوج أن يخرجها عن زوجته، ويخرجها عمّن يمونهم من الأولاد والأقارب..
◄ وقال بعض أهل العلم : إن زكاة الفطر كغيرها من العبادات تلزم الإنسان نفسه، إلا أن يتبرع قيم البيت بإخراجها عمن في بيته،
فإنه لا حرج في ذلك، ويكون مأجوراً على مثل هذا العمل، وإلا فالأصل أن المخاطب بها المكلف نفسه.
▣ قال ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: " فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على الذكر والأنثى، والحر والعبد،
والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة "،
◄ يعني صلاة العيد، فبين عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنها مفروضة على هؤلاء.
فأنتِ إن كان لديك قدرة على إخراجها بنفسك فأخرجيها، وإذا تبرع زوجك بإخراجها عنك فإنه يكون محسناً إليك..انتهى.
س11 : أنا شاب أسكن مع والدي ووالدتي وغير متزوج، فهل زكاة رمضان ينفقها والدي عني أو من مالي الخاص؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً؟
فأجاب :
زكاة الفطر واجبة وفريضة، لقول ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: "فرض النبي ﷺ صدقة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على الصغير والكبير، والحر والعبد، والذكر والأنثى من المسلمين"،
◄ وهي كغيرها من الواجبات يخاطب بها كل إنسان بنفسه، فأنت أيها الإنسان مخاطب تخرج الزكاة عن نفسك ولو كان لك أب أو أخ،
◄ وكذلك الزوجة مخاطبة بأن تخرج الزكاة عن نفسها، ولو كان لها زوج.
ولكن إذا أراد قيم العائلة أن يخرج الزكاة عن عائلته فلا حرج في ذلك.
◄ فإذا كان هذا الرجل له أب ينفق عليه، يرغب في الزكاة عنه ـ أي عن ابنه ـ فلا حرج في ذلك ولا بأس به.. انتهى.
س12 : إننا نجمع الزكاة ونعطيها للفقيه (فقيه البلدة) ومن صام يجب أن يعطي زكاة الفطر للفقيه، هل نحن على حق؟
فأجاب :
إذا كان هذا الفقيه آميناً يعطيها الفقراء فلا بأس بأن يدفع الناس زكاتهم إليه،
◄ ولكن يكون الدفع قبل العيد بيوم أو بيومين ويقوم الفقيه بتسليمها في يوم العيد. انتهى.
س13 : هل يجوز للفقير الذي يريد المزكي أن يعطيه زكاة الفطر أن يوكل شخصاً آخر في قبضها من المزكي وقت دفعها؟
فأجاب :
يجوز ذلك، أي يجوز أن يقول من عنده زكاة فطر للفقير:
وكل من يقبض الزكاة عنك وقت دفعها، وإذا جاء وقت الدفع بيوم أو يومين سلمت الزكاة للوكيل الذي وكله الفقير في قبضها. انتهى.
س14 : هل يجوز إعطاء زكاة الفطر للعمال من غير المسلمين؟
فأجاب :
لا يجوز إعطاؤها إلا للفقير من المسلمين فقط. انتهى.
س15 : ما حكم نقل زكاة الفطر إلى البلدان البعيدة بحجة وجود الفقراء الكثيرين؟
فأجاب :
نقل صدقة الفطر إلى بلاد غير بلاد الرجل الذي أخرجها إن كان لحاجة بأن لم يكن عنده أحد من الفقراء فلا بأس به،
◄ وإن كان لغير حاجة بأن وجد في البلد من يتقبلها فإنه لا يجوز. انتهى.
س16 : لو وضع الإنسان زكاة الفطر عند جاره ولم يأت من يستحقها قبل العيد، وفات وقتها فما الحكم؟
فأجاب :
ذكرنا أنه إذا وضعها عند جاره فإما أن يكون جاره وكيلاً للفقير، فإذا وصلت إلى يد جاره فقد وصلت للفقير ولا فرق،
◄ وإذا كان الفقير لم يوكله فإنه يلزم الذي عليه الفطرة أن يدفعها بنفسه ويبلغها إلى أهله. انتهى بتصرف.
ينظر: (مجموع الفتاوى- للشيخ العثيمين رحمه الله - المجلد الثامن عشر).
▣▣ خاتمة :
* في ختام هذا المنشور، نذكّركم بأن زكاة الفطر عبادة عظيمة فرضها الله لتطهير الصائم من اللغو والرفث،
ولإغناء الفقراء يوم العيد، كما بيّن ذلك الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-.
* فالالتزام بوقتها وشروطها جزء من إتمام الصيام والفرح بالعيد كما أمرنا الله ورسوله ﷺ.
والله اعلم
▣ هل لديكم أسئلة إضافية حول زكاة الفطر؟ شاركوا بتعليقاتكم فى الأسفل، ولا تنسوا مشاركة هذا المنشور لتعم الفائدة!.
اقرأ أيضا :
تعليقات
إرسال تعليق