">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

الصحيح إن شاء الله أنه لا زكاة على عروض التجارة وإنما هناك زكاة مطلقة ،

أي أن صاحب العروض هذه يُخرج منها ما تجود به نفسه دون تحديد كمية التجارة التي عنده ودون تقويمها في النهاية ،

وإنما يُخرج منها ما تطيب به نفسه وهذا إعمالًا للنصوص العامة التي تأمر بالإنفاق وتطهير النفوس بالزكاة ونحو ذلك وليس فى المسألة إجماع على وجوب الزكاة فيها كما زعموا .

 وأما القول بأنه لابد من تقويم عروض التجارة في أخر كل سنة ثم يُخرج منها من المائة اثنين ونصف فهذا رأي واجتهاد غير صحيح وليس عليه دليل من الكتاب والسنة.

فالأصل في الأموال التحريم إلا ما أباحه النص فلا يجوز أن يؤخذ من أموال الناس شيئا إلا ما فرضه الشارع عليهم وبينه بأوضح البيان ،

فلو فرض الشارع على التجار زكاة عروض تجارتهم لنُقل وبين وقتها ومقدارها وكيف تخرج وهذا مالم يحدث .

فالصحيح أنه على التجار زكاةً لكنها لم تقدَّر مقاديرها بل بما طابت به أنفسهم ،

فهذه صدقةٌ مفروضة غير محدودة لكن بما طابت به أنفسهم وتكون كفارةً لِما يشوب البيعَ مما لا يصحُّ من لغوٍ وحلِفٍ .

قال الإمام ابن حزم رحمه الله :

قد صح عن رسول الله ﷺ ما يدل على أن لا زكاة في عروض التجارة.  وهو أنه قد صح عن النبي ﷺ : { ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة ولا فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة } .

 وأنه أسقط الزكاة عما دون الأربعين من الغنم وعما دون خمسة أوسق من التمر والحب فمن أوجب زكاة في عروض التجارة فإنه يوجبها في كل ما نفي عنه عليه السلام الزكاة مما ذكرنا. 

وصح عنه عليه السلام : { ليس على المسلم في : عبده ، ولا فرسه صدقة إلا صدقة الفطر }. وأنه عليه السلام قال : { قد عفوت عن صدقة الخيل } . 

وأنه عليه السلام ذكر حق الله تعالى في : الإبل ،والبقر ،والغنم ،والكنز { فسئل عن الخيل فقال : الخيل ثلاثة: هي لرجل أجر ، ولرجل ستر وعلى رجل وزر } . { فسئل عن الحمير فقال : ما أنزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الفاذة الجامعة: { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره}

 فمن أوجب الزكاة في عروض التجارة فإنه يوجبها في الخيل ، والحمير ، والعبيد وقد قطع رسول الله ﷺ بأن لا زكاة في شيء منها إلا صدقة الفطر في الرقيق.

فلو كانت في عروض التجارة  أو في شيء مما ذكر عليه السلام زكاة إذا كان لتجارة لبين ذلك بلا شك فإذ لم يبينه عليه السلام فلا زكاة فيها أصلا . انتهى من (محلى ابن حزم - المجلد الثاني/الصفحة الرابعة عشر)

وقال أيضا رحمه الله :

 « صح الإجماع أنه لا زكاة في العروض ثم أدعى قوم أنها إذا كانت للتجارة ففيها زكاة وهذه دعوى بلا برهان ». انتهى (5 / 238المحلى).

وقال أيضا رحمه الله : 

« لا زكاة في عروض التجارة ». انتهى (5 / 209المحلى). 

وقال أيضا رحمه الله : 

هو قول : « عبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن نافع وعمرو بن دينار وعمر بن عبد العزيز، وقد روي أيضاً عن عائشة وذكره الشافعي عن ابن عباس وهو أحد قولي الشافعي ». انتهى (5 / 237المحلى).

وقال ابن قدامة فى المغنى : 

وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ، وَدَاوُد، أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا . انتهى

وهو قول الشوكاني في الدرر البهية، وصديق حسن خان (الروضة الندية 192 - 193)، والألباني (تمام المنّة 363 - 368). والعلامة الوادعى رحمهم الله

قال الإمام الألبانى رحمه الله :

فمن المعلوم عند أهل العلم قاطبة أن الأصل في الأموال -كما هو الأصل في الدماء وفي الفروض ألا وهو- الحرمة ،

وأنه لا يجوز إيجاب شيء من هذه الأمور الثلاثة إلا بنص من كتاب الله أو من حديث رسول الله أو بإجماع متيقن من علماء الأمة.

وفيما علمت واطلعت عليه ووقفت، لم أجد دليلا مما يعود إلى هذه المصادر الثلاثة على ماذهب إليه أكثر العلماء من الفقهاء المتقدمين والمتأخرين من إيجاب الزكاة على عروض التجارة ،

بالشرطين المذكورين آنفا في سؤالك وهو أن يبلغ النصاب اولا، ثم ان يحول عليه الحول ثانيا، وشيء ثالث يقولونه أنه إذا تحقق هذان الشرطان في شيء من عروض التجارة ،

فلابد من تقويم هذه العروض في آخر كل سنة بعد ان حال الحول، بعد التقويم يخرج من القيمة المقدرة بالمائة اثنان ونصف كما هو الشيء في زكاة النقدين، 

مثل هذا التفصيل لم نجده منصوصا كما ذكرنا في الكتاب والسنة وإجماع الأمة ،

الأصل كما ذكرنا فنحن موقفنا موقف المنع من أن يفرض زكاة على أموال التجارة بكيفية وتقييد لم يرد لهما ذكر في مصدر من تلك المصادر.

 لكن لا يخفى على كل باحث أو عالم أن هناك نصوصا عامة تأمر بإخراج الزكاة وبتطهير النفوس بإخراج الزكاة، 

نصوصا عامة ثم هناك نصوص خاصة بينت ماهي الأشياء التي يجب عليها الزكاة وماهي المقادير التي تجب، سواءا ما كان منها متعلقا بالنقدين- كما سبقت الاشارة آنفا - 

أو ما كان منها متعلقا ببعض الحيوانات الأهلية كالغنم والبقر والإبل، أو كالمتعلقة ببعض الثمار ونحو ذلك، -هناك نصوص تتعلق ببيان نصوص على هذه الأنواع- 

فنحن نقول : لن تجدوا هذه النصوص وننفذها ولا نزيد عليها، استعمالا للنظر أو القياس لأن هناك مايمنع منه ألا وهو ذلك الأصل ،

كمثل حديث معاذ بن جبل - رضي الله تعالى عنه- حينما أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اليمن داعية ومبشرا ومعلما ، قال له عليه الصلاة والسلام : لا تأخذ الصدقة إلا من هذه الأنواع الأربعة، فذكر القمح والشعير والتمر والزبيب . 

فإذن قوله، لا تأخذ تأكيدا لتلك القاعدة لأن الأصل في الأموال الحرمة إلا فيما جاء فيه نص ،

وانضم إلى هذا احاديث اخرى تصرح فتقول -مثلا في الحديث المتفق عليه ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام- << لا صدقة على عبد الرجل ولا على فرسه>>،أو كما قال عليه الصلاة والسلام، والحديث في الصحيحين. 

لذلك لما جاء بعض التجار من الشام إلى عمر بن عبد الخطاب ومعهم خيل -أي التجارة - قيل له : يا أمير المؤمنين خذ منها زكاتها  قال : إنه لم يفعل ذلك صاحباي من قبلي  فألح وألحوا، وكان في المجلس علي بن أبي طالب قال : يا أمير المؤمنين خذها منهم صدقة، على أنها صدقة من الصدقات، فأخذها فطابت قلوبهم .

 فهذا دليل على أن الخيل كان النبي لا يأخذ عليها الزكاة والحديث في مسند الإمام أحمد ،

ففيه بيان أن الخيل التي كانت تربى وتشترى من أجل المتاجرة فيها ، أنه لا زكاة عليها أي كما فرض الرسول الزكاة على الحيوانات الأخرى التي سبق ذكرها كالغنم والبقر والإبل . 

فيجب على هؤلاء الأغنياء - بعروض التجارة- زكاة منها نفسها لتحقيق الغاية المطلوبة التي من أجلها فرضت الزكاة بكل أنواعها وأشكالها،

كما أشار إلى ذلك ربنا عزوجل في القرآن الكريم في قوله : << خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها >>،  فإذن على كل غني عنده عروض تجارة أن يطهر نفسه مما أحضرت عليه الأنفس ألا وهو الشح كما قال عزوجل : << وأحضرت الأنفس الشح >>، 

أن يطهر نفسه من هذا الشح بأن يخرج ماتطيب به نفسه زكاة واجبة عليه لكي يطهر نفسه من دنس البخل والشح، هذا الجواب الأول، 

فلا يفهمن أحد أن الأغنياء بعروض التجارة أن لا زكاة عليها مطلقا  لأن بحثنا إنما هو ان لا زكاة عليها مقننة مما سبق بيانه في أول الكلام،

 أما الزكاة المطلقة لا بد منها، كما قال تعالى : < وآتوا حقه يوم حصاده >، هذا الحق منه مطلق فيجري على إطلاقه،  وقسم منه مقيد كما جاء بيانه في السنة وفي كتب الفقه أيضا، على خلاف بينهم في بعض الفروع.

أما الأمر الآخر والواقع يؤكد ذلك - أن من حكمة أحكم الحاكمين ان الله عزوجل فرض على المال المكنوز زكاة معينة بنصاب معلوم مادام هذا المال مكنوزا، 

ولم يفرض مثل هذه الزكاة على هذا المال إن كان مكنوزا وتحول إلى عروض التجارة في ذلك حكمة بالغة، 

لأن الفائدة الكبرى بالنسبة للمجتمع الإسلامي ككل، تتحقق بعدم فرض الزكاة هذه مقننة على هذه الأموال التي هي معروضة للتجارة أكثر.

 بدليل أن المال المكنوز عندما يتحول إلى تجارة في ذلك تحريك لهذه الأموال وتشغيل الفقراء والمساكين ،

تكون فائدته أولا أكثر من هذه النسبة المئوية التي تفرض على الأموال المكنوزة من ذهب أوفضة ثم تكون أطهر وأشرف لهم، 

كما أشار إلى ذلك عليه الصلاة والسلام في الحديث المعروف : << اليد العليا خير من اليد السفلى واليد العليا هي المعطية واليد السفلى هي الآخذة >>، وكما قال في الحديث المعروف أيضا : << أطيب الكسب كسب الرجل من عمل يده وإن أولادكم من كسبكم >>.

فإذن تحول المال المكنوز إلى عروض التجارة ذلك أنفع للمساكين وأشرف لهم لأنه يأخذونه من كسب أيديهم. والحمد لله رب العالمين، هذا ماعندي . انتهى من (سلسلة الهدى والنور-(601)).

وقال أيضا رحمه الله :

لم يثبت عن أحد من الصحابة ما يؤيد قول الجمهور بفريضة الزكاة على عروض التجارة، 

وحينما نقول لا زكاة على عروض التجارة فإنما نعني الزكاة التي يقول لها الجمهور وهي أنهم يوجبون على كل تاجر في آخر كل سنةٍ أن يُحصوا ما عندهم من البضائع ،

وأن يقوموها بأثمانها وبقيهمها الحالية ثم يخرجو من ذلك التقويم بالمائة اثنين ونصف كما لو كانت هذه العروض دنانير. 

هذا النوع من الفرض هو فرضٌ لا أصل له في الشرع ولو كان لذلك وجود ما لكان مما تتوفر الدواعي على نقله عن سلفنا الصالح هذا من جهة،

من جهة أخرى نجد أحاديث صحيحة تتنافى مع هذه الكلية التي تقول بفرضية الزكاه على عروض التجارة فقد قال عليه السلام : (ليس على فرسه - فرس المؤمن وعلى عبده صدقه).

 وهذا يكون غالباً من التجارة وكذلك جاء في مسند الإمام أحمد رحمه الله : أن جماعة من تجَّار الخيل جاؤا من دمشق الشام إلى عمر بن الخطَّاب ومعهم خيلٌ للتجارة فقالوا له"خذ منَّا زكاتها، فقال : " لازكاة عليها " بل قال :" لم يفعلها صاحبايَ من قبلي" 

وفي المجلس أبو الحسن عليّ بن أبي طالب رضيَ الله عنه فقال أبو الحسن : " يا أمير المؤمنين لو أخذت منهم على أنها صدقة من الصدقات ". فأخذها منهم على أنها صدقة تطوع وليست صدقة فريضة.

فهذا يؤكد ما هو الأصل، إن الله عز وجل فرض على لسان نبيه صلَّى الله عليه وآله وسلم الزكاه على أنواع منصوصة في السُّنة معروفة ومتداولة في كتب السُّنة.
 
أما عروض التجارة مع أنها كانت موجودة في عهد النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم فلم يأتِ ولا حديث واحد صحيح يوجب أخذ الزكاه على عروض التجارة وبالتقنين السابق أو بالتقويم السابق.

أي أن هذه البضاعة تُقَوَّم -هذه مكتبة مثلاً للتاجر الفلاني فلابد في آخر السنة أن تقوَّم ويخرج منها بالمائة اثنان ونصف هذا لا أصل له. 

ولكننا إذا أردنا أن نُعمل النصوص العامة في القرآن الكريم فهذا يُقال بوجوب إخراج الزكاة عن كل شيئ يملكه الإنسان وهو في غنىً عنه وإن الله أغناه بذلك فيُخرج منه من باب تزكية النفس {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا }. [الشمس] ونحوذلك من الآيات مثل قوله تعالى {وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ .... }. [الأنعام: 141]

 هذا النص عام ولكن نعود إلى القاعدة السابقة هل جرى العمل بهذا النص العام فكل ما تنبته الأرض يجب على المسلم أن يُقدِّر الحاصل من هذه الأرض بخمسة أوساق مثلاً ثم يُخرج من هذه الخمسة أوثاق إن كان بعلاً فالعشر وإن كان سقياً فنصف العشر،

لم يجرِ العمل على هذا إطلاقاً أبداً بدليل إتفاق العلماء على أن الخضروات لا زكاة عليها، واليوم كما تعلمون أصبح استثمار الأراضي بزرعها بأشكال وأنواع من الخضروات مما تعطي مالاً وفيراً لأصحابها فهل يجب على أصحابها أن يُخرجوا زكاة هذه الخضروات ؟؟  

الجواب : 

لا زكاة على الخضروات بإتفاق علماء أهل السنة ولكن من باب تزكية النفس يُخرج شيئاً منها إعمالاً للآية السابقة { وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا .... }،

مهما كان هذا المحصود يُخرج زكاته إن كان مُقنناً في الإسلام فعلى هذا التقنين وإن كان مُطلقاً فعلى هذا الإطلاق هذا الذي توجبه الأدلة التي جاء ذكرها في الكتاب والسُّنة . انتهى من (تفريغ سلسلة فتاوى جدة للشيخ الألباني - الإصدار 3 (14/ 24))

وقال أيضا رحمه الله :

إن العقارات المعدة للإجارة وللبيع والشراء ليس عليها الزكاة ، وبصورة عامة كل عروض التجارة ليس عليها الزكاة ،

وحينما أقول : ليس عليها الزكاة ، إنما أعني الزكاة المعروفة بالشروط المذكورة في كتب الفقه مثلا : لا زكاة حتى يحول عليه الحول ، لا زكاة حتى يبلغ النصاب ... 

هذه الزكاة ذات النصاب مع حولان الحول لا ترد أولم تشرع بالنسبة للعقارات ، بل وعروض التجارة كلها ، هذه الزكاة ذات النصاب ، وذات شرط حولان الحول،

لم يأت في الكتاب ، بل ولا في السنة ما يدل على وجوب إخراج الزكاة السنوية عن أي عروض التجارة . انتهى من (( مجالس الكويت)( الفنطاس / ش : 2 / د : 10))

عدم بيان النبي ﷺ تفاصيلها

قال ابن حزم رحمه الله :

 «لو أراد صلى الله عليه وسلم إيجاب زكاة عروض التجارة لبيّن وقتها، ومقدارها، وكيف تخرج، أمن أعيانها، أم بتقويم، وبماذا تُقَوَّم ( كيف تُقَيَّم)، 

ومن المحال أن يكون صلى الله عليه وسلم يوجب علينا زكاة لا يبين كم هي؟ ولا كيف تؤخذ؟ ». انتهى (5/234 -235المحلى).

 وهذا مما تعم به البلوى فكيف لم يبينه صلى الله عليه وسلم أوفى بيان ويدع الناس في لبس، حاشاه صلى الله عليه وسلم من ذلك. 

وقال الله تعالى : { وما كان ربك نسياً } وقال الله سبحانه : { يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته }. قال ابن حزم : « فإذ لم يبين صلى الله عليه وسلم فلا زكاة فيها أصلاً ». انتهى (5 / 238).

إذن الأصل في الأموال التحريم إلا ما أباحه النص

 فلا يجوز أن يؤخذ من أموال الناس شيئا إلا ما فرضه الشارع عليهم وبينه بأوضح البيان،

فلو فرض الشارع على التجار زكاة عروض تجارتهم لنقل وبين وقتها ومقدارها وكيف تخرج .

قال ابن تيمية رحمه الله في (مجموع الفتاوى)(3/ 283) :

(( والأصل أن دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم محرمة من بعضهم على بعض لا تحل إلا بإذن الله ورسوله. 

قال النبي صلى الله عليه وسلم لما خطبهم في حجة الوداع " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا } " وقال " {كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه} ".)).

يقول ابن حزم في (المحلى)(4/ 39) :

(( قد قلنا : إن الله تعالى قال : { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } [البقرة: 188] ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام » .

فلا يجوز إيجاب فرض زكاة في مال لم يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه إيجابها )). انتهى

قال العلامة مقبل بن هادي الوادعي :

الشوكاني رحمه الله تعالى وفيما يظهر لي أيضا الصنعاني لا يريان في عروض التجارة زكاة ، ويقولان : الأصل هو حرمة المال المسلم : " إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ". رواه البخاري من حديث ابن عباس ورواه البخاري ومسلم من حديث أبي بكرة رضي الله تعالى عنهم ، أيضا جاء عن صحابة اخرين 

فالذي يظهر من هذه الأدلة أن عروض التجارة ليس فيها زكاة ، فإن قال قائل : أنا أريد أن أتصدق لله عز وجل فلا بأس أن تتصدق . انتهى من (( موقع صفحات الشيخ أبي عبدالرحمن مقبل بن هادي الوادعي )( قسم فتاوى الزكاة والصدقات))

** وأما ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال : " ليس في العروض زكاة إلا أن تكون لتجارة ".

قال الإمام الألباني في (تمام المنة)(ص364 ـ 366) :

ومثل هذه القاعدة ليس من السهل نقضها أو على الأقل تخصيصها ببعض الآثار ولو صحت كقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما :" ليس في العروض زكاة إلا ما كان للتجارة" ، أخرجه الإمام الشافعي في "الأم" بسند صحيح.

ومع كونه موقوفا غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإنه ليس فيه بيان نصاب زكاتها ولا ما يجب إخراجه منها ،

فيمكن حمله على زكاة مطلقة غير مقيدة بزمن أو كمية وإنما بما تطيب به نفس صاحبها فيدخل حينئذ في عموم النصوص الآمرة بالإنفاق 

كقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ ... } ، وقوله جل وعلا : { وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } ، 

وكقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا "، رواه الشيخان وغيرهما وهو مخرج في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" برقم 920.

وقد صح شيء مما ذكرته عن بعض السلف فقال ابن جريج : قال لي عطاء : " لا صدقة في اللؤلؤ ولا زبرجد ولا ياقوت ولا فصوص ولا عرض ولا شيء لا يدار أي لا يتاجر به وإن كان شيئا من ذلك يدار ففيه الصدقة في ثمنه حين يباع" ، أخرجه عبد الرزاق 4 / 84 / 7061 وابن أبي شيبة 3 / 144 وسنده صحيح جدا.

والشاهد منه قوله : " ففيه الصدقة في ثمنه حين يباع "فإنه لم يذكر تقويما ولا نصابا ولا حولا ،

ففيه إبطال لادعاء البغوي في «شرح السنة» ٦/ ٥٣ الإجماع على وجوب الزكاة في قيمة عروض التجارة إذا كانت نصابا عند تمام الحول كما زعم أنه لم يخالف في ذلك إلا داود الظاهري!.

وإن مما يبطل هذا الزعم أن أبا عبيد رحمه الله قد حكى في كتابه «الأموال» ٤٢٧/ ١١٩٣ عن بعض الفقهاء أنه لا زكاة في أموال التجارة. 

ومن المستبعد جدا أن يكون عنى بهذا البعض داود نفسه لأن عمره كان عند وفاة الأمام أبي عبيد أربعا وعشرين سنة أو أقل ،

ومن كان في هذا السن يبعد عادة أن يكون له شهرة علمية بحيث يحكي مثل الإمام أبي عبيد خلافه وقد توفي سنة ٢٢٤ وولد داود سنة ٢٠٠ أو ٢٠٢ فتأمل.

ولعل أبا عبيد أراد بذاك البعض عطاء بن أبي رباح فقد قال إبراهيم الصائغ : " سئل عطاء : تاجر له مال كثير في أصناف شتى حضر زكاته أعليه أن يقوم متاعه على نحو ما يعلم أنه ثمنه فيخرج زكاته؟ 

قال : لا ولكن ما كان من ذهب أو فضة أخرج منه زكاته وما كان من بيع أخرج منه إذا باعه " ، أخرجه ابن زنجويه في كتابه "الأموال" 3 / 946 / 1703 بسند حسن كما قال المعلق عليه الدكتور شاكر ذيب فياض وهو شاهد قوي لرواية ابن جريج المتقدمة

وجملة القول أن المسألة لا يصح ادعاء الإجماع فيها لهذه الآثار وغيرها مما ذكره ابن حزم في «المحلى» الأمر الذي يذكرنا بقول الإمام أحمد رحمه الله تعالى : « من ادعى الإجماع فهو كاذب وما يدريه لعلهم اختلفوا ».

وصدق - جزاه الله خيرا - فكم من مسالة ادعي فيها الإجماع ثم تبين أنها من مسائل الخلاف وقد ذكرنا أمثلة منها في بعض مؤلفاتنا مثل «أحكام الجنائز» و «آداب الزفاف» وغيرها.

وقد أشبع ابن حزم القول في مسألتنا هذه وذهب إلى أنه لا زكاة في عروض التجارة ورد على أدلة القائلين بوجوبها وبين تناقضهم فيها ونقدها كلها نقدا علميا دقيقا فراجعه فإنه مفيد جدا في كتابه «المحلى» ٦/ ٢٣٣ - ٢٤٠ .

وقد تبعه فيما ذهب إليه الشوكاني في «الدرر البهية» وصديق حسن خان في شرحه «الروضة الندية» ١/ ١٩٢ - ١٩٣ ورد الشوكاني على صاحب «حدائق الأزهار» قوله بالوجوب في كتابه «السيل الجرار» ٢/ ٢٦ - ٢٧ فليراجعه من شاء.

وقد رد عليه أيضا قوله بوجوب الزكاة على «المستغلات» «(١)» الذي تبناه بعض الكتاب في العصر الحاضر فقال الشوكاني رحمه الله ٢/ ٢٧ : 

« هذه مسألة لم تطن على أذن الزمن ولا سمع بها أهل القرن الأول الذين هم خير القرون ولا القرن الذي يليه ثم الذي يليه ،

وإنما هي من الحوادث اليمنية والمسائل التي لم يسمع بها أهل المذاهب الإسلامية عنى اختلاف أقوالهم وتباعد أقطارهم ،

ولا توجد عليها أثارة من علم ولا من كتاب ولا سنة ولا قياس. 

وقد عرفناك أن أموال المسلمين معصومة بعصمة الإسلام لا يحل أخذها إلا بحقها وإلا كان ذلك من أكل أموال الناس بالباطل. وهذا المقدار يكفيك في هذه المسألة ». وراجع لها « الروضة الندية» ١/ ١٩٤ تزدد فقها وعلما )). اهـ

وأما إدعاء الشذوذ فى المسألة 

كما زعم البعض وأنى لهم ذلك فالمسألة ليس فيها إجماع بل هى من مسائل الخلاف وراجع المحلى لابن حزم لترى ذلك وصدق الإمام أحمد حيث قال : « من ادعى الإجماع فهو كاذب وما يدريه لعلهم اختلفوا ».

قال أعجوبة الزمان الإمام الألباني  رحمه الله في ( العقيدة الطحاوية شرح وتعليق)(80 ـ 81) :

ليس من الشذوذ في شيء أن يختار المسلم قولا من أقوال الخلاف لدليل بدا له ولو كان الجمهور على خلافه خلافا لمن وهم ،

فإنه ليس في الكتاب ولا في السنة دليل على أن كل ما عليه الجمهور أصح مما عليه مخالفوهم عند فقدان الدليل !

نعم إذا اتفق المسلمون على شيء دون خلاف يعرف بينهم فمن الواجب اتباعه لقوله تعالى { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا } .[النساء: 115] ،

 وأما عند الاختلاف فالواجب الرجوع إلى الكتاب والسنة فمن تبين له الحق اتبعه ومن لا استفتى قلبه سواء وافق الجمهور أو خالفهم ،

وما أعتقد أن أحدا يستطيع أن يكون جمهوريا في كل ما لم يتبين له الحق بل إنه تارة هكذا وتارة هكذا حسب اطمئنان نفسه وانشراح صدره وصدق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إذ قال : " استفت قلبك وإن أفتاك المفتون " )). اهـ

قال العلامة على محفوظ ـ رحمه الله ـ في ( الإبداع في مضار الابتداع)(ص 45 ـ 47) :

(( وعلمت أن التمسك بالعمومات مع الغفلة عن بيان الرسول صلى الله عليه وسلم بفعله وتركه هو من اتباع المتشابه الذي نهى الله عنه،

ولو عوّلنا على العمومات وصرفنا النظر عن البيان؛ لانفتح باب كبير من أبواب البدعة لا يمكن سده، ولا يقف الاختراع في الدين عند حد ، وإليك أمثلة في ذلك زيادة على ما تقدم : ....))

وذكرها ومنها قوله : (( الرابع : ورد في صحيح الحديث : " فيما سقت السماء والعيون والبعل العشر وفيما سقى بالنضح نصف العشر " رواه النسائي وأبوداود وابن ماجه .

لو أخذ بعموم هذا لوجبت الزكاة في الخضر والبقول مع إجماع العلماء إلا الإمام الأعظم على عدم وجوب الزكاة فيها ، 

ولا مستند لهم في عدم وجوب الزكاة سوى هذا الأصل ، 

وهو أن ما تركه صلى الله عليه وآله وسلم مع قيام المقتضي على فعله ، فتركه هو السنة ، وفعله هو البدعة )) .اه

وأختم بقول الإمام الشافعى رحمه الله :

أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تحل له أن يدعها لقول أحد . اه (إعلام الموقعين عن رب العالمين)

وأما أدلة الجمهور الذين يوجبون الزكاة فى عروض التجارة فليس عندهم نص صريح في الموضوع تبرأ به الذمة ،

ومع ذلك فقد فندها ورد عليها الإمام ابن حزم بهذا الرابط اضغط.

 وأيضا الرد هنا فى كتاب :  (تمام المنه فى التعليق على فقه السنة).


والله اعلم


وللفائدة..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات