">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

هل يجوز الخروج على الحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله


إذا كان الحاكم يحكم بغير ما أنزل الله وهو يعتقد أن الحكم بما أنزل الله هو الواجب وأنه أصلح للعباد لكن خالفه لهوى في نفسه أو إرادة ظلم المحكوم عليه فهذا ليس بكافر بل هو إما فاسق أو ظالم ولكن ولايته باقية وطاعته ( في غير معصية الله ورسوله ) واجبة ولا تجوز محاربته أو إبعاده عن الحكم بالقوة والخروج عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الخروج على الأئمة إلا أن نرى كفراً صريحاً عندنا فيه برهان من الله تعالى فحينئذ تجب منابذته وليس له طاعة على المسلمين . 

وإليك بيان ذلك

الحكم بغير ما في كتاب الله وسنة رسوله يصل إلى الكفر بشرطين :

 - الأول : أن يكون عالماً بحكم الله ورسوله، فإن كان جاهلاً به لم يكفر بمخالفته. 

- الثاني : أن يكون الحامل له على الحكم بغير ما أنزل الله اعتقاد أنه حكم غير صالح للوقت وأن غيره أصلح منه، وأنفع للعباد . 

وبهذين الشرطين يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفراً مخرجاً عن الملة لقوله تعالى { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون }، وتبطل ولاية الحاكم، ولا يكون له طاعة على الناس، وتجب محاربته، وإبعاده، عن الحكم.

 ولكن لابد من القدرة على إزالة الحاكم إزالة لا يترتب عليها شر أكبر منه وبدون ذلك لا يجوز فالقاعدة الشرعية المجمع عليها : ( أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه، بل يجب درء الشر بما يزيله أو يخففه ).

 أما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين، فإذا كانت هذه الطائفة التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفرًا بواحًا عندها قدرة تزيله بها، وتضع إمامًا صالحًا طيبًا من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين، وشر أعظم من شر هذا السلطان فلا بأس .

أما إذا كان الخروج يترتب عليه فساد كبير، واختلال الأمن، وظلم الناس، واغتيال من لا يستحق الاغتيال... إلى غير هذا من الفساد العظيم، فهذا لا يجوز بل يجب الصبر، والسمع والطاعة في المعروف، ومناصحة ولاة الأمور، والدعوة لهم بالخير، والاجتهاد في تخفيف الشر وتقليله وتكثير الخير .

هذا هو الطريق السوي الذي يجب أن يسلك؛ لأن في ذلك مصالح للمسلمين عامة ولأن في ذلك تقليل الشر وتكثير الخير ولأن في ذلك حفظ الأمن وسلامة المسلمين من شر أكثر .

أما إذا كان 

يحكم بغير ما أنزل الله وهو يعتقد أن الحكم به أي بما أنزل الله هو الواجب وأنه أصلح للعباد لكن خالفه لهوى في نفسه أو إرادة ظلم المحكوم عليه فهذا ليس بكافر بل هو إما فاسق أو ظالم، وولايته باقية، وطاعته ( في غير معصية الله ورسوله ) واجبة، ولا تجوز محاربته أو إبعاده عن الحكم بالقوة، والخروج عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الخروج على الأئمة إلا أن نرى كفراً صريحاً عندنا فيه برهان من الله تعالى . انتهى من ("مجموع فتاوى ابن عثيمين" (2/118) و (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (8/ 202) 

فمن موانع التكفير وأعذار المخالف أيا ما كانت مخالفته : فرعية أو شرعية ، فقهية أو عقدية : الجهل ؛ فمن عمل عملا وهو يجهل أن الله حرم ذلك العمل عليه لم يؤاخذ بما عمله ولم تترتب عليه آثار ذلك العمل حتى يُعَرَّف وتقام عليه الحجة وتتبين له المحجة . قال الله تعالى : ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ). التوبة/115 .

قال إسماعيل بن سعد في سؤالات بن هانئ " ٢/١٩٢" :

سألت أحمد ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) فما هذا الكفر ؟ قال " كفر لا يخرج من الملة ". انتهى

و ذكر شيخ الإسلام بن تيمية في مجموع الفتاوى "٧/٢٥٤" ، و تلميذه بن القيم في حكم تارك الصلاة صفحة ( ٥٩/٦) :

 أن الإمام أحمد رحمه الله سؤل عن الكفر المذكور في آية الحكم فقال : " كفر لا ينقل عن الملة مثل الإيمان بعضه دون بعض ، فكذلك الكفر حتى يجيئ من ذلك أمر لا يختلف فيه " .انتهى.

وقال أيضا ابن تيمية رحمه الله فى مسألة القول بخلق القرآن وهى من أصول الدين :

" فالإمام أحمد رضي الله تعالى عنه ترحم عليهم ( يعني الخلفاء الذين تأثروا بمقالة الجهمية الذين زعموا القول بخلق القرآن ، ونصروه ) واستغفر لهم ، لعلمه بأنه لم يتبين لهم أنهم مكذبون للرسول ، ولا جاحدون لما جاء به ، ولكن تأولوا فأخطأوا ، وقلدوا من قال ذلك لهم ". انتهى من "مجموع الفتاوى" (23/349) 

وقال أيضا رحمه الله :

" وَإِذَا عُرِفَ هَذَا ، فَتَكْفِيرُ " الْمُعَيَّنِ " مِنْ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالِ وَأَمْثَالِهِمْ - بِحَيْثُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مِنْ الْكُفَّارِ - لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَقُومَ عَلَى أَحَدِهِمْ الْحُجَّةُ الرسالية الَّتِي يَتَبَيَّنُ بِهَا أَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لِلرُّسُلِ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَقَالَةُ لَا رَيْبَ أَنَّهَا كُفْرٌ. 

وَهَكَذَا الْكَلَامُ فِي تَكْفِيرِ جَمِيعِ " الْمُعَيَّنِينَ " مَعَ أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ الْبِدْعَةِ أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ وَبَعْضُ الْمُبْتَدِعَةِ يَكُونُ فِيهِ مِنْ الْإِيمَانِ مَا لَيْسَ فِي بَعْضٍ فَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يُكَفِّرَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ أَخْطَأَ وَغَلِطَ حَتَّى تُقَامَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ وَتُبَيَّنَ لَهُ الْمَحَجَّةُ . وَمَنْ ثَبَتَ إيمَانُهُ بِيَقِينِ لَمْ يَزُلْ ذَلِكَ عَنْهُ بِالشَّكِّ ؛ بَلْ لَا يَزُولُ إلَّا بَعْدَ إقَامَةِ الْحُجَّةِ وَإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ ". انتهى من " مجموع الفتاوى " (12/501) .

قال ابن القيم رحمه الله :  

( إنَّ الحُكمَ بغيرِ ما أنزل اللهُ يتناوَلُ الكُفْرينِ؛ الأصغَرَ والأكبَرَ، بحسَبِ حالِ الحاكِمِ؛ فإنَّه إن اعتقد وجوبَ الحُكمِ بما أنزل اللهُ في هذه الواقعةِ، وعَدَل عنه عصيانًا، مع اعترافِه بأنَّه مُستحِقٌّ للعقوبةِ؛ فهذا كُفرٌ أصغَرُ، وإن اعتقد أنَّه غيرُ واجبٍ، وأنَّه مُخيَّرٌ فيه، مع تيقُّنِه أنَّه حُكمُ اللهِ؛ فهذا كُفرٌ أكبَرُ، وإن جَهِلَه وأخطأَه فهذا مخطئٌ له حُكمُ المخطِئين). يُنظر: ((مدارج السالكين)) (1/346).

وقال ابنُ أبي العِزِّ رحمه الله : 

( هنا أمرٌ يجِبُ أن يُتفطَّن له، وهو أنَّ الحُكمَ بغيرِ ما أنزل اللهُ قد يكون كُفرًا ينقُل عن الملَّةِ، وقد يكونُ مَعصيةً كبيرةً أو صغيرةً، ويكون كُفرًا إمَّا مجازيًّا، وإمَّا كُفرًا أصغَرَ، على القولينِ المذكورينِ، وذلك بحسَبِ حالِ الحاكمِ؛ فإنَّه إن اعتقد أنَّ الحُكمَ بما أنزل اللهُ غيرُ واجبٍ، وأنَّه مخيَّرٌ فيه، أو استهان به، مع تيقُّنِه أنَّه حُكمُ اللهِ؛ فهذا كُفرٌ أكبرُ، وإن اعتقد وجوبَ الحُكمِ بما أنزل اللهُ، وعَلِمَه في هذه الواقعةِ، وعَدَل عنه، مع اعترافِه بأنَّه مُستحِقٌّ للعقوبةِ؛ فهذا عاصٍ، ويُسَمَّى كافرًا كُفرًا مجازيًّا أو كُفرًا أصغَرَ، وإن جَهِل حُكمَ اللهِ فيها، مع بَذْلِ جُهدِه واستفراغِ وُسعِه في معرفةِ الحُكمِ، وأخطَأَه؛ فهذا مخطئٌ، له أجرٌ على اجتهادِه، وخطؤُه مغفورٌ ). يُنظر:((شرح الطحاوية)) (2/ 446).

وقال أيضا الشيخ العثيمين رحمه الله :

● من لم يحكم بما أنزل الله استخفافًا به، أو احتقارًا له، أو اعتقادًا أن غيره أصلح منه، وأنفع للخلق فهو كافر كفرًا مخرجًا عن الملة، ومن هؤلاء من يضعون للناس تشريعات تخالف التشريعات الإسلامية لتكون منهاجًا يسير الناس عليه، فإنهم لم يضعوا تلك التشريعات المخالفة للشريعة الإسلامية إلا وهم يعتقدون أنها أصلح وأنفع للخلق، إذ من المعلوم بالضرورة العقلية، والجبلة الفطرية أن الإنسان لا يعدل عن منهاج إلى منهاج يخالفه إلا وهو يعتقد فضل ما عدل إليه ونقص ما عدل عنه.

● ومن لم يحكم بما أنزل الله وهو لم يستخف به، ولم يحتقره، ولم يعتقد أن غيره أصلح منه، وأنفع للخلق، وإنما حكم بغيره تسلطًا على المحكوم عليه، أو انتقامًا منه لنفسه أو نحو ذلك، فهذا ظالم وليس بكافر وتختلف مراتب ظلمه بحسب المحكوم به ووسائل الحكم.

 ومن لم يحكم بما أنزل الله لا استخفافًا بحكم الله، ولا احتقارًا، ولا اعتقادًا أن غيره أصلح، وأنفع للخلق، وإنما حكم بغيره محاباة للمحكوم له، أو مراعاة لرشوة أو غيرها من عرض الدنيا فهذا فاسق، وليس بكافر، وتختلف مراتب فسقه بحسب المحكوم به ووسائل الحكم . انتهى من (مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين(2/144-140)

وقال الشيخ الألباني رحمه الله :

 ولكن ههنا كلمة قصيرة : أن الحكم بغير ما أنزل الله منه حكمٌ يرادف الردة، ومنه حكمٌ لا يلزم منه الردة، التفصيل الذي ذكرناه في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أيضاً لا بد من استحضاره في تفسير هذه الآيات الثلاث { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } [المائدة:44]. قال ابن عباس في تفسير (الكافرون) في هذه الآية : [كفر دون كفر]. 

أي إن الكفر نوعان : كفر اعتقادي قلبي، كفر عملي، وهذا ما يجهله كثيرٌ من المسلمين اليوم وخاصة منهم الشباب الناشئ، فإنهم يتوهمون أن كل من لم يحكم بما أنزل الله فهو مرتد عن دينه، وليس كذلك، بل يجب أن يُنظر إلى الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله،

 فإن كان يحكم بغير ما أنزل الله مستحلاً له بقلبه، مؤثراً له على حكم الله وحكم نبيه، فهذا هو الذي يرتد به عن دينه،
 
 أما إن كان في قرارة قلبه يعتقد بأن الحكم بما أنزل الله هو الصواب وهو الواجب، لكن يقول : أعاننا الله على هؤلاء البشر كيف لنا أن نحكم إلا بهذا، فهو يجد لنفسه عذراً، ولو أنه عذر غير مقبول، إنما اعتذاره بهذا العذر يدل على أنه يؤمن بحكم الله وحكم رسوله، أنه هو الصواب، ولكن انحرف عن هذا الحكم، كما ينحرف كثيرٌ من الناس الذين نظن بهم خيراً.

الحاكم المسلم الذي يحكم بكتاب الله، وبحديث رسول الله ليس معصوماً، فقد يضل في حكمٍ ما، أي : يُرشى -مثلاً- فيحكم بغير ما أنزل الله، فهذا ينطبق عليه قوله تعالى :{فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44] ولكن بأي معنى (أولئك هم الكافرون) كفر ردة أم كفر معصية ؟ 

ننظر إذا كان حينما ارتشى وحكم للراشي بما ليس له، إن كان يعتقد أنه آثم في نفسه، كما يعتقد الغاش، والسارق، والزاني إلخ، فهو آثم وليس بكافر، وهذا معنى ( كفر دون كفر) ، وإن كان يقول كما يقول كثير من الشباب الذي تثقف الثقافة الأجنبية ولما يدخل الإيمان في قلبه، يقول : بلا إسلام بلا إيمان بلا رجعية بلا كذا إلخ، فهذا وضع الغطاء على رأسه بالكفر، فهو إلى جهنم وبئس المصير.

فإذاً : يجب أن نعرف أن الواجب على المسلم أن يحكم بما أنزل الله، وبما فسره وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ سواءً كان مفتياً عادياً كرجل يمشي في الطريق فيأتي إنسان ويسأله، فيجب عليه أن يتثبت ولا يقول له : حرام حلال؛ لأنه درس في كتاب الله أنه حرام أو حلال، كذلك المفتي الرسمي (الموظف) أولى وأولى ألا يفتي الناس بدون رشد، وبدون بينة وحجة، والقضاء أولى وأولى ألا يحكم القضاة في قضائهم إلا بما جاء في كتاب الله، وما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ولخطورة القضاء على الكتاب والسنة قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : ( القضاة ثلاثة : فقاضٍ في الجنة، وقاضيان في النار، قاضٍ عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، وقاضٍ عرف الحق فلم يقض به فهو في النار، وقاضٍ لم يعرف الحق فحكم أو فقضى فهو في النار) ؛ لأنه قضى بجهل، إذاً يجب القضاء بالكتاب والسنة، فإذا قضى بالكتاب والسنة فهو الناجي، وإذا قضى بخلاف ما عرف من الكتاب والسنة فهو آثم، وإذا قضى بجهلٍ بالكتاب والسنة، وليس المعنى أنه ما عرف المذهب الحنفي، أو المذهب الشافعي؛ لأن هذا ليس هو العلم- فهو أيضاً آثم، لذلك قال ابن القيم رحمه الله، وبكلامه أختم درسنا هذا :

العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة ليس بالتمويه

ما العلم نصبك للخلاف سفاهة بين الرسول وبين رأي فقيه

كلا ولا جحد الصفات ونفيها حذراً من التعطيل والتشبيه . والحمد لله رب العالمين . انتهى من (شرح كتاب الأدب المفرد-(171))

وسئل أيضا رحمه الله :

السائل : في أيامنا هذه الدول العربية ما تحكم كاملا بالقرآن الكريم وإنما تحكم بدستور أجنبي فمثلا السارق تقطع يده والزاني يرجم وشارب الخمر يجلد ثمانين جلدة ليش ما نعمل في هذا ليش ما يحكموا بما أنزل الله وما هي عقوبة من لا يحكم بما أنزل الله؟

فأجاب الشيخ : 

عقوبة الذي لا يحكم بما أنزل الله كعقوبة الأفراد المحكومين الذين لا يحكمون بما أنزل الله. مفهوم الجواب ولا مو كثير؟ .... نحن بيهمنا بالمسلمين، هؤلاء المسلمون يحكمون بما أنزل الله لأنه أنتم معشر الشباب أنا عارف شو المشكلة اللي تبعكم أنتم تنظرون لفوق وتنسوا أنفسكم وتنسوا ... اللي من حواليكم بل تنسون الذين تتعاملون معهم معملات غير شرعية فالآن شو حكم هؤلاء الذيين يتعاملون بالربا؟

السائل : حكم تعزيري ...

الشيخ : 

أنا بقلك هذا الذي لا يحكم بما أنزل الله أليس هو الذي خالف شريعة الله؟ طيب هذا الذي يرابي أليس قد خالف شريعة الله هل هو كافر؟

السائل : كافر لأنه يخالف شريعة الله.

الشيخ : 

واللي يسرق والذي يزني؟

السائل : كافر.

الشيخ :

 كلهم كفار يعني ما بقي مسلم على وجه الأرض.

السائل : خالف أوامر الله.

الشيخ : 

أنا عارف يا أخي أنه خالف أنا ماني جاهل أنه خالف بس جاهل أنه كافر وإلا لا؟ إن ما شاء الله آتي باب التكفير وماشي على طول المرابي كافر والزاني كافر والسارق كافر والنمام كافر قل إي نعم .

السائل : الله أعلم.

الشيخ : 

مو مخالف للشرع؟  شوف يا إخواننا يا شباب المسلم قال تعالى معلما ومؤدبا : (( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )) وهناك حديث رائع جدا يقول : ( يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه ولا يرى الجذعة في عينه هو ) 

فنحن انشغالنا اليوم بحكامنا الذين يقينا لا يحكمون بما أنزل والدليل ما فيه فرق بينهم وبيننا أبدا أولا الحكام اللي بيحكموننا ما نزلوا من السماء أو المريخ أو المشتري أو نحو ذلك من الكواكب وإنما من أرضنا نبعوا وخرجوا، ثانيا قد يكونوا آبائنا أبنائنا إخوتنا وإلى آخره ويصلون معنا ويصومون معنا ويحجون كمان وأكثر يحجون ويعتمرون إلى آخره، شو الفرق بين هؤلاء الحكام وبين هؤلاء المحكومين الذين يفعلون مثلهم أو أكثر منذ لك فقد يرابي ولا يصلي، وقد يزني ولايصوم ولا يصلي إلى آخره،

 ولذلك فنحن أولا من الناحية الشخصية لازم نشغل أنفسنا بأنفسنا قبل غيرنا وحينما نصلح نحن أنفسنا ما يضرنا فساد عيرنا كما في الآية السابقة (( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )) هذا أولا، ثانيا إذا نحن اهتدينا وكانت الهداية هذه مش من شخص واحد من ثلاثة، خمسة، عشرة، مئة، ألف وإنما هي الغالبية الساحقة ماشي معي في التصور تماما هل تظن حينئذ راح يكون علينا حكام يحكمون بغير ما أنزل الله؟ 

فكر جيدا أنا أعتقد مثل ما أنت تقول إذا كان هذا الشعب أغلبيته على الكتاب والسنة وماشي في طاعة الله ومبتعد عن معصية الله هدول الحكام لو بدهم يتموا على الكرسي بدهم غصبا عنهم يسايروا الشعب ولو لم يكن على عقيدة نعم يمشوا على الكتاب والسنة لأن هذا شو الجو يتطلب

لكن هم عارفين الجو اللي عايشين فيه الآن لا تؤاخذوني الآن خليني أضرب مثلا إلى عهد قريب كان الحكم هنا غير ديمقراطي فيه كان ملكي دستور ملكي يعني مو أنه جمهوري ولا أنه ديمقراطي الآن بين عشية وضحاها شو صار انقلب وصار ديمقراطي شو معنى ديمقراطي؟ الحكم للشعب هذه الديمقراطية الحكم للشعب شو كان موقف الجماعات الإسلامية لما انقلب النظام السابق إلى نظام ديمقراطي؟ أيدوا هذا النظام وإلا ما أيدوه؟

السائل : أيدوه.

الشيخ : 

هدول لو كانوا مسلمين ما أيدوه لأنه أنت الآن تسأل سؤال دقيق جدا (( ومن لم يحكم بما أزل فأولئك هم الكافرون )) (( فأولئك هو الظالمون )) (( فأولئك هم الفاسقون )) طيب هذا الديمقراطي يقرر أن الحكم ليس لله وإنما هو للشعب فكيف إذا صارت قلوب المسلمين زعموا بأنه تغير نظام الحاكم إلى نظام ديمقراطي ما تكون الأرض مسكونة ههههه، 

المهم صار النظام ديمقراطي وأيد من قبل الشعب فلو كان الشعب مسلما حقيقة ما وجد هذا التأييد لهذا النظام الكافر نظام ديمقراطي، طيب نمشي خطوة أخرى بسبب أن هذا النظام الديمقراطي الذي أُيد من قبل الشعب دخل طائفة من الدعاة الإسلاميين إلى هذا البرلمان الذي يحكم بما أنزل الله وإلا بغير ما أنزل الله؟ مبين مكتوب من عنوانه ديمقراطي، فكيف صار هذا؟ 

الجواب : بيقولوا في بعض البلاد دود الخل منو فيه، العلة نابعة من عندنا وليست من الحكام أنا لا أقول هذا تزكية للحكام بيكفي أنه منو فيه دود الخل منو فيه ولكن .

السائل : إذا حكم بكتاب الله ... .

الشيخ : 

ما فيه مانع يا أخي بس مين اللي بيحملوا على الحكم بما أنزل الله ما فيه شعب أيوا هذا هو نحن لازم نعالج أنفسنا بعدين نشتغل بغيرنا لكن أنا سوف لا يفوتني أني أمش خلفك كسائل أنت بجنبك في الزاوية وفي الزوايا خبايا راح أمش خلفكم راح أقول لكم لما بيكون فيه حكام يحكمون بغير ما أنزل الله وفي مقابل هؤلاء الحكام شعب يريد حقيقة أن يحكم بما أنزل الله حينئذ يدعون من الشعب المسلم حقا هؤلاء الحكام يدعون من الشعب المسلم حقا إلى أن يحكموا بما أنزل الله فإن أبوا فأن يتنازلوا عن عرشهم فإن أبوا فالقتال فمشيت خلفكم الآن؟

 لكن سأقول لكم هل هناك من يقاتل؟ فلذلك لا تبحثوا في قضايا خيالية محضة، ابحثوا في أمور تتعلق بذوات نفوسكم هذه الأمور التي جمعها أحد الدعاة الإسلاميين بكلمة رائعة جدا حينما قال : " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم على أرضكم ". فإذا لم تقيموا دولة الإسلام في قلوبكم لن تقم لكم على أرضكم . انتهى باختصار من (سلسلة الهدى والنور-(1029))

قال العلامة الشِّنقيطيُّ رحمه الله :

واعلَمْ أنَّ تحريرَ المقامِ في هذا البَحثِ : أنَّ الكُفْرَ والظُّلمَ والفِسْقَ، كُلُّ واحدٍ منها ربما أُطلِقَ في الشَّرعِ مرادًا به المعصيةُ تارةً، والكُفْرُ المخرِجُ مِن الملَّةِ أخرى، ومَن لم يحكُمْ بما أنزلَ اللهُ؛ مُعارضةً للرُّسُلِ، وإبطالًا لأحكامِ اللهِ، فظُلْمُه وفِسْقُه وكُفْرُه، كُلُّها كُفرٌ مخرجٌ عن الملَّةِ، ومن لم يحكُمْ بما أنزل اللهُ، معتَقِدًا أنَّه مرتكِبٌ حَرامًا، فاعِلٌ قبيحًا؛ فكُفْرُه وظُلمُه وفِسقُه غيرُ مخرجٍ عن الملَّةِ.  يُنظر: ((أضواء البيان)) (1/ 407)

وجاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :

قال تعالى : ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾.[المائدة: 44] وقال تعالى : ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾.[المائدة: 45] وقال تعالى : ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾.[المائدة: 47]. لكن إن استحل ذلك واعتقده جائزا فهو كفر أكبر، وظلم أكبر، وفسق أكبر يخرج من الملة، 

أما إن فعل ذلك من أجل الرشوة أو مقصد آخر وهو يعتقد تحريم ذلك فإنه آثم، يعتبر كافرا كفرا أصغر، وظالما ظلما أصغر، وفاسقا فسقا أصغر لا يخرجه من الملة، كما أوضح ذلك أهل العلم في تفسير الآيات المذكورة.وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم . انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(1/780 

وسئلت اللجنة الدائمة أيضا :

ما حكم الدعاء على الحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله؟

فأجابت :

تدعو له بالهداية والتوفيق، وأن يجعل الله على يده إصلاح رعيته فيحكم بينهم بشريعة الله . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء- الفتوى رقم (٦٣٦١))


والله اعلم


اقرأ أيضا..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات