القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

حكم التسبيح بالسبحة أو المسبحة الإلكترونية؟


التسبيح بالسبحة أو المسبحة الإلكترونية وسيلة محدثة وبدعة محرمة لما فيها من التشبه بالكفرة والإختراع في التعبد وخلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم فى التسبيح باليد اليمنى .

فالنبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابه لم يكن هذا شعارهم وكانوا يسبحون ويعقدون على أصابعهم كما جاء في الحديث : ( اعقِدْنَ بالأصابِعِ؛ فإنهنَّ مَسؤولاتٌ مُستَنطَقاتٌ ) أي سوف تشهد يوم القيامة بالعمل الذي حركت فيه .
  
وبما أن السبحة أو المسبحة الإلكترونية وسيلة وبدعة محرمة فإنه لا يجوز كذلك تصنيعها ولا بيعها ولا وقفيتها ولا إهداؤها وقبولها ولا تأجير المحل لمن يبيعها لما فيه من الإِعانة على الإِثم والعدوان على المشروع, والله سبحانه وتعالى يقول : ﴿ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾.[المائدة/2].

أما قول القائل أن السبحة وسيلة لضبط العد ليس إلا فقد جانبه الصواب لأن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وضع لنا وسيلة لضبط العد يملكها في كل وقت وحال بلا عناء ولا اتخاذ شعار ولا داعية للرياء ولا غلو وهى الأصابع،

 بل أمر النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعقد التسبيح وعدّه وإحصائه بالأنامل، وقد قال عليه الصلاة والسلام : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد "أي مردود عليه. فخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم.

وقد جاء في الحديث الصحيح : " ما تركت شيئا يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به وما تركت شيئا يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه "

فلو كان هناك في الشرع وسيلة لعد الذكر وإحصائه خير عند الله تبارك وتعالى من العد بالأنامل كان ما ينسى ربنا { وما كان ربك نسيا } .. وأن يشرع على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم تلك الوسيلة .

قال ابن الحاج المالكي رحمه الله :

ثم نرجع الآن إلى بقية ما أحدثوه في بعض الجوامع فمن ذلك السبحة التي أحدثوها وعملوا لها صندوقا تكون فيه وجامكية لقيمها وحاملها والذاكرين عليها وهذا كله مخالف للسنة المطهرة ولما كان عليه السلف رضي الله عنهم وقد تقدم ذكر حالهم في الذكر كيف كان . انتهى من (كتاب المدخل لابن الحاج).

وقال العلامة سليمان بن سحمان رحمه الله : 

فمن اتخذ المسباح فقد خالف ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمر به ولم يشرعه لأمته ولم يفعله . انتهى من (كتاب كشف الشبهتين).

وقال أيضا رحمه الله :

وأما قول القائل : إنها ليست بقربة إنما هي آلة لحفظ العدد المحصور في الحديث المشهور، والمسباح آلة فكيف يصير متخذه مبتدعاً إلى آخر كلامه.

فأقول :  اعلم وفقك الله لطاعته أن هذا القياس من أبطل القياس، وأوهنه بلا التباس، وهو منقوض عليه فإن المدافع والبنادق والصمع من جنس السلاح....

وأما الساعات والجداول والروزنامات فليس لها جنس معهود في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا اعتماد عليها، والمعتمد في ذلك ما شرعه الله ورسوله من معرفة ما حدّ في المواقيت، فلا اعتداد بالساعات والجداول، فلا يقاس بها ولا عليها، وليست من القرب في شيء،

وإذا كان المسباح قد أقررتم أنه ليس بقربة كما هو كذلك وقد وضح لك أن قياسه على ما ذكر هذا المعترض ممنوع عقلاً ونقلاً فكان بدعةً محدثةً لأنه ليس بمشروع، ولا قيس على فعل مشروع فيكون باطلاً،

بل قياسه على النوى والحصى والخيط المعقود لو كان مشروعاً أولى من قياسه على ما ذكره من النبل والرمح والسيف، وعلى ما حدث بعد هذا من آلات الحرب،

لكن التسبيح بالنوى والحصى ليس بمشروع، ومن أجازه اشترط الإخفاء به، فاتخاذ السبحة على هذا الوجه الذي يفعله الناس اليوم بدعة لأنه لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا اتخذه، ولا رآه بأبي هو وأمي، 

ولا اتخذه أحد من أصحابه لا ظاهراً ولا باطناً فليس من الدين في شيء لقوله صلى الله عليه وسلم : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ". وفي لفظ : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". أي مردود عليه.

..... ومما يوضح لك ما نقلناه أن العمل إذا كان على غير الوجه المشروع يكون بابَ ضلالة ما رواه الدارمي قال أخبرنا الحكم عن ابن المبارك قال أخبرنا عمرو بن يحيى قال سمعت أبي يحدث عن أبيه قال :

 كما نجلس على باب ابن مسعود قبل صلاة الغداة فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد، فجاء أبو موسى فقال : أَخَرَجَ عليك أبو عبد الرحمن بعد؟ قلنا : لا. فجلس معنا فلما خرج قال : يا أبا عبد الرحمن إني رأيت آنفاً شيئاً في المسجد أنكرته والحمد لله، ولم أر إلا خيراً. قال : فما هو؟ فقال : إن عشت فستراه. 

قال : رأيت في المسجد حلق خيرٍ جلوس ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى، فيقول لهم : كبروا مائة، فيكبرون مائة فيقول : هللوا مائة، فيهللون مائة،. فيقول : سبحوا مائة، فيسبحون مائة. قال : فماذا قلت لهم؟ قال : ما قلت لهم شيئاًَ انتظر رأيك

فقال : أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم، وضمنت لهم أن لا يفوت من حسانتهم من شيء، ثم مضى حتى أتى حلقة منهم فقال : ما هذا؟ قالوا : حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح. 

قال : فعدوا سيئاتكم فأنا ضامن أن لا يفوت من حسناتكم شيء، ويحكم يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم هؤلاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بينكم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى ملة محمد، أو مفتحوا باب ضلالة؟ 

قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير. قال : وكم من مريد الخير لن يصبه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا : " إن قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم " وأيم الله لا أدري لعل أكثرهم يكون منكم.

قال عمرو بن سلمة : رأيت عامة أولئك يطاعنوننا يوم النهروان مع الخوراج.

وذكر محمد بن وضاح في كتابه ما هو هذا وزيادة كنحو قوله لهم : " لقد ركبتم بدعة ظلماء، أو فضلتم أصحاب محمد علماً ".

وثم ذكر ابن وضاح أن أبان بن عياش سأل الحسن عن العد بالحصى والنوى فقال : " لم يفعل العد أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ولا المهاجرات ".

قال محمد بن وضاح حدثنا أسد عن جرير بن حازم عن الصلت بن بهرام قال : 

مرّ ابن مسعود رضي الله عنه بامرأة معها تسبيح تسبح به، فقطعه وألقاه، ثم مرّ برجل يسبح بحصى فضربه برجله ثم قال : لقد ركبتم بدعة ظلماء، أو لقد غلبتم أصحاب محمد علماً. اهـ من كتابه.

فانظر رحمك الله إلى هذا العمل المشروع المطلوب المحبوب لله المندوب إليه لمّا كان على غير عمل الصحابة، ولم يكونوا يفعلون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا فعله أحد من الصحابة بعد وفاته، 

أنكره علماء الصحابة وأفاضلهم كعبد الله بن مسعود، وأبو موسى الأشعري حتى قال عبد الله بن مسعود : " والذين نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد، مفتحوا باب ضلالة ". فتبين بهذا أن هذا بدعة وضلالة وأنه ليس من هدى الرسول وملته، 

وهم إنما يعدون التكبير والتهليل والتسبيح بالحصى، وأنهم إنما يتخذونه آلة لحفظ العدد المحصور في الحديث المشهور، فاتبع هؤلاء في الابتداع من كان من سلفهم على عهد الصحابة في استحسان البدع الذين كان آخر أمرهم يطاعنون الصحابة يوم النهروان، 

والمنكرون لهذا الابتداع اتبعوا سلفهم في إنكار ما هو محدث في الدين، كعبد الله بن مسعود، وأبي موسى، وحذيفة، والحسن البصري ولكل قوم وارث.

فإذا علمت أن هذا العمل الصالح لما كان يفعله بعض الناس ظاهراً في المسجد أو المجلس ونحوه، بالحصى أو المسباح أنه على غير عمل الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه كان فاعله مفتتحاً باب ضلاله، وعلى غير ملة محمد صلى الله عليه وسلم في العمل، 

وأن الصحابة رضي الله عنهم لم يتخذوا المسابيح لا ظاهراً ولا خفاءً، تبين لك أن هذا العمل محدث.... انتهى من ( كتاب كشف الشبهتين ).

قال الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله :

كثير من الناس في هذه المناسبة يستريحون الى القول بجواز السبحة قال لأنها تساعد المسبح بها على العد بدقة ؛ نحن نقول كما جاء في الحديث الصحيح ( ما تركت شيئا يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به وما تركت شيئا يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه ) . 

فلو كان هناك في الشرع وسيلة لعد الذكر وإحصائه خير عند الله تبارك وتعالى من العد بالأنامل كان ما ينسى ربنا (( وما كان ربك نسيا )) .. أن يشرع على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم تلك الوسيلة ، هذا من جهة ؛ 

ومن جهة أخرى أنني ألمس الحكمة السلفية التي تقول " ما أحدثت بدعة إلا وأميتت سنة " وهذا روي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لكن السند ضعيف ؛ فأنا ألمس لمس اليد هذه الحقيقة ما أحدثت بدعة إلا وأميتت سنة ، 

الذين احتاجوا إلى استعمال السبحة ما هو إلا لأنهم اخترعوا قبل استعمالهم السبحة أعدادا ضخمة فعلا لا يمكن احصاؤها بالأنامل ، الأذكار في شيء يسموها ألفية وأربع آلاف وقل هو الله أحد كذا ؛ كيف هذا سوف يحصيه إلا بالحصى أو بالسبحة التي تنوب عنها ؛ لكن الشرع لا يوجد فيه مثل هذا العدد الضخم . انتهى من (سلسلة الهدى والنور - شريط : (78)).

وقال أيضا رحمه الله في السلسلة الضعيفة (1/110) عند تخريجه لحديث: 

" نعم المذكّر السبحة " (حديث موضوع) : ثم إن الحديث من حيث معناه باطل عندي لأمور :

الأول : أن السبحة بدعة لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إنما حدثت بعده صلى الله عليه وسلم فكيف يعقل أن يحض صلى الله عليه وسلم أصحابه على أمر لا يعرفونه ؟ 

والدليل على ما ذكرت ما روى ابن وضاح في " البدع والنهي عنها عن الصلت بن بهرام قال : مر ابن مسعود بامرأة معها تسبيح تسبح به فقطعه وألقاه ، ثم مر برجل يسبح بحصا فضربه برجله ثم قال : لقد سَبقتم ، ركبتم بدعة ظلما ، ولقد غلبتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما ، وسنده صحيح إلى الصلت ، وهو ثقة من اتباع التابعين .

الثاني : أنه مخالف لهديه صلى الله عليه وسلم قال عبد الله بن عمرو : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه .انتهى.  

وقال أيضا رحمه الله :

السبحة مثل المولد ، الرسول عليه السلام كان يعقد التسبيح بيمينه أولا وحظ النساء بصورة خاصة أن يعقدن بالأنامل وعلل ذلك بعلة لا توجد في المسابح قال " يعقدن في الأنامل فإنهن مسئولات ومستنطقات يوم القيامة " ،{ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ }.

فالعقد بالأنامل لمصلحة العاقل يسجل لنفسه شهادة خيرة طيبة لصالحه يوم القيامة ؛ أما المسبحة فتفنى مع كل هذا .... واضح .انتهى من (سلسلة الهدى والنور - شريط : (29))

وسئل أيضا رحمه الله :

هل التسبيح بالمسبحة يعتبر من البدع إذا اعتقد المسبح أنه ليس فيها زيادة أجر ولا ثواب وهل ثبت عن شيخ الإسلام ابن تيمية القول بأنها ليست بدعة؟

فأجاب :

ثبت عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن السبحة ليست بدعة لكننا لا نقول بقوله في هذه المسألة ..... 

ابن تيمية رحمه الله ككثير ممن يذهب إلى أن السبحة ليست بدعة إنما لاحظ شيئا واحدا وهو أنها وسيلة للعد وسيلة وليس غاية ولكنه رحمه الله قد فاته شيء بل أشياء طالما ذكرتها ونبهت عليها في بعض مؤلفاتي أو تعليقاتي أول ذلك :

مع الإعتراف من الجميع من ابن تيمية ومن تقدمه ومن تأخر عنه أن السبحة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما كنت حققته في المجلد الأول من سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة تحت حديث نعم المذكر السبحة ووسعت ذلك بيانا في ردي على الشيخ عبد الله الحبشي.....

كما أن السبحة نفسها أمر حادث ديانة لقد خفي على بعض الناس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " ما تركت شيئا يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به وما تركت شيئا يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه " ،

فإذا كان نظرة ابن تيمية وغيره إذا السبحة من زاوية أنها وسيلة للعد ترى ألم يأتِ الرسول عليه السلام للناس ولم يسن لهم سنة للعد للأذكار التي أمر أمته أو رغب أمته على إحصائها وعلى عدها ،

لا شك أنه قد جاء ذلك بطريقتين اثنتين بقوله عليه السلام وبفعله أما قوله فقد مر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ببعض النسوة فألوى إليهن بيده للسلام وقال " يا نساء المسلمات اذكرن الله ولا تغفلن فتنسين الرحمة وأعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات ومستنطقات يوم القيامة " إذا هذا أمر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعقد الذكر وعدّه وإحصائه بالأنامل،

ولم يكتفِ أنه بين لهم هذا الحكم الشرعي بل قرن مع البيان الحكمة ونستطيع أن نقول العلة في الأمر بعقد الذكر والتسبيح بالأنامل قال عليه السلام " فإنهن مسؤولات ومستنطقات يوم القيامة " يشير عليه السلام بذلك إلى قوله تعالى { اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون } ،

فهذه الأنامل تكون شاهدة على صاحبها يوم القيامة بأنها ذكرت الله وسبحت الله و و إلى آخره والناس غافلون أو معرضون عن هذه السنة هذا بيان رقم واحد من الرسول بالقول ،

وبالفعل أيضا حيث روى أبو داود بإسناده الصحيح عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أو عن عبد الله بن عمرو بن العاص الشك منى الآن ولعل الثاني هو الأقرب إلى الصواب أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يعقد التسبيح بيمينه أو قال " رأيت سول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعقد التسبيح بيمينه ".

 فإذا إذا نظرنا إلى السبحة من جانب أنها وسيلة للعقد ولإحصاء العدد فهذا قد جاء الرسول عليه السلام بوسيلة خير منها تشهد هذه الوسيلة لصاحبها يوم القيامة شهادة زاكية طيبة فالإعراض عن هذه السنة التي ثبتت بقوله عليه السلام وبفعله مع بيان الحكمة بتلك الشهادة الإعراض عن هذا وهذا ،

بأن السبحة مع الإعتراف بأنها لم تكن في عهد الرسول فهي وسيلة نقول الوسائل كالغاية إذا كانت الوسائل وجد المقتضي للعمل بها ثم لم يعمل بها فهل كان السلف بعد أن وجدت السبحة كانوا يضعون تسابيحهم في جيوبهم فإذا ما انتهت الصلاة أخرجوها وجلسوا يعدون الذكر المشروع تعداده بالسبحة أم كانوا يعقدون التسبيح بأيمانهم لا شك أنهم كانوا هكذا يفعلون والسبحة هي من بدع الصوفية وكفى، 

فمع مخالفة هذه البدعة للسنة لا نرى صواب قول ابن تيمية بجواز استعمالها وكذلك من وافقه على هذا القول فإن لنا غنية عن استعمالها بما بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الوسيلة الطيبة من العقد باليمنى قولا وفعلا، 

إلى الآن نرى مظاهر هذه السبحة أنها تقليد من بعض المسلمين قديما للنصارى، فالسبحة أصلها من النصاري تسربت إلى المسلمين النصارى أخذوها من البوذيين فهي بدعة قديمة من بعض أصحاب الأديان السابقة قبل الإسلام تسرّبت إلى النصارى وابتدعوها كما ابتدعوا الرهبانية وغيرها، ثم تسربت من النصارى إلى المسلمين.

 فلا نرى نحن جواز العقد بالسبحة لأنها معارضة للسنة الصحيحة بالإضافة إلى ما سبق إن السبحة تجرّ على أصحابها انحرفات سلوكية فنحن نجد كثيرا من المتظاهرين بالزهد وبالصلاح والتقوى يعلقونها على أعناقهم نجد بعض القراء المصريين بخاصة يلف السبحة في معصمه ويرفع يده هكذا يقرأ القرآن تجده يفعل هكذا مرة وهكذا مرة ويلوح بها هكذا أشكال وألوان مما يدخل في الرياء،

 باختصار أقول إن النظر إلى السبحة كوسيلة فقط مع معارضة ذلك للوسيلة المشروعة وهي العقد بالأنامل فإنه يترتب من وراء استعمال السبحة مفاسد سلوكية كثيرة تفسد النوايا السليمة ولذلك فلا نرى جواز استعمال السبحة . انتهى من (فتاوى جدة-(14)).

وقال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله :

أن (( السُّبْحَة )) كانت شائعة قبل الإِسلام , بل قبل الميلاد , وقيل : بل بعد عام 800 من الميلاد في ديانة البوذيين , ثم لدى عامة الأعاجم , ولدى أصحاب الديانات كالبراهمة , والنصارى , وغيرهم , يتخذونها شعاراً دينياً لهم في صلواتهم ؛ ولأَغراض ومعتقدات دينية : تعويذة , وتميمة , ويُرقى بها , وهكذا . 

وأن : (( السُّبْحَة )) لم تكن معروفة لدى العرب في تعبداتها في الجاهلية , ولا في عاداتها , ولهذا لم يرد لها ذكر في كلامها , نثره , وشعره. 

وأنه لما أشرقت شمس الرسالة المحمدية الخاتمة الخالدة, كان من هدي النبي ﷺ الذي دَلَّ أمته عليه : عقد التسبيح بالأنامل , أنامل اليدين , أو اليد اليمنى؛ لأنهن مسؤولات ومستنطقات يوم القيامة, فهن شواهد على العبد, 

فعهد به الشرع إلى وسيلة لعد الذكر, يملكها في كل وقت وحال , بلا عناء , ولا اتخاذ شعار , ولا رسوم , ولا داعية للرياء , ولا غلو , ولا داعية إليه , وهي : (( أنامله )), التي يُضْرَبُ بها المثل في الطواعية , فيقال : (( طوع بنانه )). ......

وليس هناك حديث واحد يفيد الإِقرار على عد التسبيح بغير الأنامل , فإن غاية المرفوع أربعة أحاديث : 

حديث أبي هريرة أن النبي  كان يسبح بالحصى وهو موضوع , وحديث (( نعم المذكر السبحة )) وهو في حكم الموضوع , وحديث صفية , وقد استنكر النبي  عملها فقال : (( ما هذا؟ )) , وهو دال على عدم المشروعية

وأن قوله ﷺ : (( ألا أخبرك بما هو أيسر وأفضل؟ )) جاءت فيه (( أفعل )) على غير بابها , هذا مع ما في سند الحديثين من مقال.. انتهى من (السُّبْحةُ تارِيخُها وَحُكْمُهَا - تَأليف الشيخ بَكر بن عبد الله أبَوُ زيد).

وقال أيضا رحمه الله :

لا يستريب منصف أن اتخاذ السُّبْحَةِ لتعداد الأَذكار :

 تشبه بالكفار , وبدعة مضافة في التعبد بالأَذكار والأوراد , وعدول عن الوسيلة المشروعة : (( العَدَّ بالأنامل )) التي دَلَّ عليها النبي  بقوله وفعله, وتوارثه المهتدون بهديه المقتفون لأَثره إلى يومنا هذا , وإلى هديه  يُرد أمر الخلاف, وبه يتحرر الصحيح عند النزاع. ......

وأضيف هنا أمرين مهمين :

أولهما : أقول فيه : إن من وقف على تاريخ اتخاذ السبحة , وأنها من شعائر الكفار من البوذيين , والهندوس , والنصارى, وغيرهم وأنها تسربت إلى المسلمين من معابدهم ؛ علم أنها من خصوصيات معابد الكفرة , وأن اتخاذ المسلم لها وسيلة للعبادة , بدعة ضلالة , وهذا ظاهر بحمد الله تعالى .

وهذا أهم مَدْرَكٍ لِلْحُكْم على السُّبْحَة بالبدعة , لم أر من تعرض له من المتقدمين سوى الشيخ محمد رشيد رضا – رحمه الله تعالى – فمن بعده من أصحاب دوائر المعارف فمن بعدهم , ولو تبين لهم هذا الوجه لما قرر أحد منهم الجواز , كما هو الجاري في تقريراتهم في الأحكام , التي تحقق مناط المنع فيها : التشبه .

وثانيها : قال الغلاة في اتخاذ السُّبْحَة : (( إن العقد بالأنامل إنما يتيسر في الأذكار القليلة من ((المائة)) فَدُوْن , أما أهل الأوراد الكثيرة , والأذكار المتصلة , فلو عدوا بأصابعهم لدخلهم الغلط, واستولى عليهم الشغل بالأصابع, وهذه حكمة اتخاذ السُبحة )) .

أقول : ليس في الشرع المطهر أكثر من ((المائة)) في عدد الذكر المقيد بحال , أو زمان , أو مكان , وما سوى المقيد فهو من الذكر المطلق , والله سبحانه وتعالى يقول : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾. [الأحزاب / 41]. إلى غيرها من الآيات, كما في : [آل عمران / 41, والأنفال / 45, والأحزاب / 35]. 

فتوظيف الإِنسان على نفسه ذكراً مقيداً بعدد لم يأمر الله به ولا رسوله  هو : زيادة على المشروع

ونفس المؤمن لا تشبع من الخير , وكثرة الدعاء والذكر , وهذا الأمر المطلق من فضل الله على عباده في حدود ما شرعه الله من الأدعية والأذكار المطلقة , بلا عدد معين , كل حسب طاقته ووُسعِه , وفَرَاغه , وهذا من تيسير الله على عباده , ورحمته بهم . 

.... فَدَع السُّبْحَة يا عبد الله , وتَأَسَّ بنبيك محمد  في عدد الذكر المقيد , ووسيلة العد بالأنامل , وداوم على ذكر الله كثيراً كثيراً دون التقيد بعدد لم يدل عليه الشرع , واحرص على جوامع الذكر , وجوامع الدعاء . انتهى من (السُّبْحةُ تارِيخُها وَحُكْمُهَا - تَأليف الشيخ بَكر بن عبد الله أبَوُ زيد).

تنبيه : 

قد جاء التسبيح بالحصى والنوى فى حديثين ولكنهما ضعيفين لا يصح الإستدلال بهما .

الحديث الأول : عن أم المؤمنين صفية رضي الله عنها قالت : ( دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ يَدَيَّ أَرْبَعَةُ آلَافِ نَوَاةٍ أُسَبِّحُ بِهَا ، فَقَالَ : لَقَدْ سَبَّحْتِ بِهَذِهِ ، أَلَا أُعَلِّمُكِ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَبَّحْتِ بِهِ ، فَقُلْتُ : بَلَى عَلِّمْنِي . فَقَالَ : قُولِي : سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ ). رواه الترمذي (3554) بسند ضعيف ، فيه : هاشم بن سعيد الكوفي ، قال عنه ابن معين : ليس بشيء . وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث ."تهذيب التهذيب" (11/17) .

ولذلك قال الترمذي بعد روايته له : "هذا حديث غريب ، لا نعرفه من حديث صفية إلا من هذا الوجه من حديث هاشم بن سعيد الكوفي ، وليس إسناده بمعروف" انتهى .

وقد ضعفه الألباني في ضعيف الترمذي وقال عنه : منكر .

الحديث الثاني : عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : ( أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ وَبَيْنَ يَدَيْهَا نَوًى - أَوْ قَالَ حَصًى - تُسَبِّحُ بِهِ ، فَقَالَ : أَلَا أُخْبِرُكِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا أَوْ أَفْضَلُ ؟ سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي السَّمَاءِ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي الْأَرْضِ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا هُوَ خَالِقٌ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ )  .

قوله : ( دَخَلَ عَلَى امْرَأَةٍ وَبَيْنَ يَدَيْهَا نَوًى ) لم يبين في شيء من طرق الحديث من هي؟ فيحتمل أنها صفية رضي الله عنها كما في الحديث الأول ، ويحتمل أنها جويرية رضي الله عنها ، وحديثها في صحيح مسلم ، ولكن ليس فيه ذكر للنوى أو الحصى . انظر: "الفتوحات الربانية" (1/244) .

وهذا الحديث رواه الترمذي (3568) وأبو داود (1500) من طريق سعيد بن أبي هلال ، عن خزيمة ، عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص ، عن أبيها . وروي أيضا بإسقاط خزيمة .

قال الشيخ الألباني رحمه الله : " خزيمة هذا مجهول ، قال الذهبي نفسه في " الميزان " : خزيمة ، لا يعرف ، تفرد عنه سعيد بن أبي هلال ، وكذا قال الحافظ في " التقريب " : إنه لا يعرف ، وسعيد بن أبي هلال مع ثقته حكى الساجي عن أحمد أنه اختلط ، وكذلك وصفه بالاختلاط يحيى كما في " الفصل " لابن حزم ( 2 / 95 ) ، 

ولعله مما يؤيد ذلك روايته لهذا الحديث ، فإن بعض الرواة الثقات عنه لم يذكروا في إسناده خزيمة فصار الإسناد منقطعا ، ولذلك لم يذكر الحافظ المزي عائشة بنت سعد في شيوخ ابن أبي هلال ، فلا يخلو هذا الإسناد من علة الجهالة أو الانقطاع ، فأنَّى للحديث الصحة أو الحسن ؟! " . انتهى من "السلسلة الضعيفة" (83) .

وقد ضعف هذين الحديثين الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله ، فقال : " وحديثا صفية وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما ، في ثبوت كل منهما نظر" انتهى  من "السبحة تاريخها وحكمها" ص 16 .

ومن أراد المزيد فعليه بكتاب : ( السُّبْحةُ تارِيخُها وَحُكْمُهَا - تَأليف الشيخ بَكر بن عبد الله أبَوُ زيد ).


والله اعلم


اقرأ أيضا..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى. اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات