ذِكرٌ عظيمٌ ينبغي أن يعتني به المسلم وأن يحفظه وأن يسأل الله عز وجل أن يوفقه من قوله عند مرضه الذي يموت فيه،
لينال من حسن الخاتمة ما يدخل به الجنة دون أن تمسه النار بحال من الأحوال .
فمن قال وهو مريض : ( لا إله إلا الله ، والله أكبر - لا إله إلا الله وحده - لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له - لا إله إلا الله، له الملك وله الحمد - لا إله إلا الله، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله )، ثم مات من هذا المرض لن تمسه النار .
ودليل ذلك :
عَنِ الأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ، أَنَّهُ شَهِدَ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ قَالَ :
(( إِذَا قَالَ الْعَبْدُ : « لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ » ، قَالَ : يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : « صَدَقَ عَبْدِي؛ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا، وَأَنَا اللهُ أَكْبَرُ ».
وَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ : « لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ »، قَالَ : « صَدَقَ عَبْدِي؛ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا وَحْدِي » .
وَإِذَا قَالَ : « لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ »، قَالَ : « صَدَقَ عَبْدِي، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا وَلاَ شَرِيكَ لِي ».
وَإِذَا قَالَ : « لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ »، قَالَ : « صَدَقَ عَبْدِي؛ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا، لِيَ الْمُلْكُ، وَلِيَ الْحَمْدُ » .
وَإِذَا قَالَ : « لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ » ، قَالَ : « صَدَقَ عَبْدِي؛ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِي » )).
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ : ثُمَّ قَالَ الأَغَرُّ شَيْئًا لَمْ أَفْهَمْهُ، قَالَ : فَقُلْتُ لأَبِي جَعْفَرٍ : مَا قَالَ؟ فَقَالَ : « مَنْ رُزِقَهُنَّ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ » . (صحيح ابن ماجه -رقم : (3076)).
ورواه الترمذي في ( باب ما يقول العبد إذا مرض )، ولفظه : « كان يَقُولُ : مَنْ قَالَهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ تَطْعَمْهُ النَّارُ ». (صحيح الترمذي-رقم: (3430)).
قال العلامة السندي في "شرح سنن ابن ماجه":
قَوْله ( مَنْ رُزِقَهُنَّ ) عَلَى بِنَاء الْمَفْعُول وَرَجَعَ نَائِب الْفَاعِل إِلَى مَنْ أَيْ مَنْ أَعْطَاهُ اللَّه تَعَالَى هَذِهِ الْكَلِمَات عِنْد الْمَوْت وَوَفَّقَهُ لَهَا ،
لَمْ تَمَسّهُ النَّار بَلْ يَدْخُل الْجَنَّة اِبْتِدَاء مَعَ الْأَبْرَار اللَّهُمَّ اِجْعَلْنَا مِمَّنْ رَزَقْته إِيَّاهُنَّ . انتهى.
والفرق بين هذا الذكر وحديث معاذ الذى فيه : « مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ ».
- أن حديث معاذ : يمكن أن تكون دخول الجنة فيه بعد سابقة عذاب، وأما هذا الذكر : ليس فيه سابقة عذاب لمن يدخل الجنة لأن فيه " لم تمسه النار".
- أن قول النبي ﷺ : مَن قالها في مرضه ثم مات لم تطعمه النار، ظاهره أنَّه إذا قال ذلك في المرض، ولو لم يكن آخر كلامه هذه الجملة،
بخلاف قوله ﷺ : مَن كان آخر كلامه "لا إله إلا الله" دخل الجنة، فهذا آخر ما يتكلّم به سواء كان مريضا أو مات فجأة،
لكن هنا قالها في المرض الذي يموت فيه، يعني : ولو تكلّم بعدها بشيءٍ آخر من الذكر، أو من غيره من كلام الناس .
قال ابن القيم رحمه الله :
من فوائد الذكر : أن الذكر سبب لتصديق الرب عز وجل عبده، فإنه أخبر عن الله تعالى بأوصاف كماله ونعوت جلاله،
فإذا أخبر بها العبد صدقه ربه، ومن صدّقه الله تعالى، لم يحشر مع الكاذبين، ورجي له أن يحشر مع الصادقين..ثم ذكر رحمه الله هذا الحديث. انتهى من كتاب «(الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب)».
وقال الشوكاني رحمه الله في "تحفة الذاكرين" :
« وجه هذا : أن هذه الكلمات قد اشتملت على التوحيد خمس مرات، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة،
وسيأتي (أن من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)، ووردت بهذا المعنى أحاديث كثيرة عن جماعة من الصحابة في الصحيحين وغيرهما ».انتهى
وقال المباركفوري رحمه الله في "مرعاة المفاتيح" :
« وفي الحديث دليل على أن هذه الكلمات المذكورة في الحديث إذا قالها العبد في مرضه ومات في ذلك المرض على تلك الكلمات -
أي كانت خاتمة كلامه الذي يتكلم به عاقلا مختاراً- لم تمسه النار، ولم يضره ما تقدم من المعاصي، وأنها تكفِّر جميع الذنوب ».انتهى
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :
أما هذا فهو فيما يدعو به المريض نفسه إذا قال هذا الذي ذكره أبو هريرة وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أن الله سبحانه وتعالى يصدق العبد،
إذا قال الله أكبر لا إله إلا الله قال إنه لا إله إلا أنا وأنا أكبر وإذا قال الله أكبر ولا حول ولا قوة إلا الله كذلك يصدقه الله،
فمن قال هذا أي من قال لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا الله ثم مات مع بقية الذكر فإنها لا تطعمه النار،
أي أن ذلك يكون من أسباب تحريم الإنسان على النار،
فينبغي للإنسان أن يحفظ هذا الذكر وأن يكثر منه في حال مرضه حتى يختم به الخير إن شاء الله تعالى، والله الموفق . انتهى من (شرح رياض الصالحين-(59)).
وقال الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر حفظه الله :
وأملى عليّ الوالد الشيخ عبد المحسن البدر حفظه الله فقال : « هذا الذكر العظيم جاء في حديث رواه بعض أهل السنن وغيرهم ، وصححه جماعة من أهل العلم،
وهو مشتمل على خمس تهليلات مضاف إليها ثناء على الله بما هو أهله، وقد ختم الإمام البخاري رحمه الله صحيحه بحديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم:
« كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ »، وهذه التهليلات الخمس يصلح أن توصف بهذه الصفات الثلاث التي جاءت في هذا الحديث.
وقد أحسن الابن عبد الرزاق حفظه الله بالتذكير بهذا الحديث ونشره، والذكرى تنفع المؤمنين،
فحري بالمسلم العناية بهذا الذكر، ولا سيما في حال مرضه، والله ولي التوفيق ». انتهى من (الموقع الرسمي للشيخ).
الخلاصة
من علامات حسن الخاتمة أن يوفق الله العبد إلى قول هذه الكلمات المذكورة فى الحديث عند حضور الموت وعند انقضاء الأجل فإن هذه عصمة له من النار .
فعلى الإنسان أن يحفظ هذه الأذكار ليختم به حياته، أو إذا شاهد رجلاً يحتضر وقد قارب الموت فليلقنه هؤلاء الكلمات طمعاً في هذا الثواب العظيم والفضل الجزيل .
إذن الجُمل المذكورة في هذا الحديث التي ينبغي أن تُحفظ هى خمس جُمل وهى سهلة يستطيع أن يحفظها كل أحدٍ وهي :
1- " لا إله إلا الله، والله أكبر "،
2- " لا إله إلا الله وحده "،
3- " لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له "،
4- " لا إله إلا الله، له الملك، وله الحمد "،
5- " لا إله إلا الله، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله ".
---------------------------------------------
وإليك أعمال إذا فعلها المسلم لا تمسه النار.
1- قول لا إله إلا الله بإخلاص ويقين.
2- حسن الخلق ولين الجانب.
3- تغبير القدم في سبيل الله.
4- الصلاة.
5- المحافظة على أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا.
6- البكاء من خشية الله ، والحراسة في سبيل الله.
7- غض البصر.
8- الصبر على فقد الولد .
نسأل الله عز وجل أن يُثبتنا وإياكم بالقول الثابت في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد .
والله أعلم
اقرأ أيضا..
تعليقات
إرسال تعليق