هذا الذكر لا يعرفه الكثيرون فهو كنز عظيم فحافظ عليه وعلمه أهل بيتك.
فقد روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" (29256) : بسند صحيح عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : "مَنْ قَالَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ وَإِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ : اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا عَدَدَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الطَّيِّبَاتِ الْمُبَارَكَاتِ ثَلَاثًا
وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِثْلُ ذَلِكَ
كُنَّ لَهُ فِي قَبْرِهِ نُورًا وَعَلَى الْجِسْرِ نُورًا وَعَلَى الصِّرَاطِ نُورًا حَتَّى يُدْخِلْنَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ .
هذا الأثر هو من قول ابن عمر لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن قد يقال : إن له حكم الرفع ، فمثل هذا لا يقال بالاجتهاد ولا هو مما يمكن أن يتلقاه الصحابي عن أهل الكتاب وخاصة إذا جاء عن مثل ابن عمر رضي الله عنهما وهو المعروف بتحريه والتزامه السنة وعنايته بها على التمام .
وإليك معناه :
قال القاسمي رحمه الله :
وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ :
يعني الخلق والخالق.
فالشفع بمعنى جميع الخلق، للازدواج فيه كما في قوله تعالى : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). [الذاريات: 49]
قال مجاهد :
كل خلق الله شفع
السماء والأرض. والبر والبحر. والجن والإنس والشمس والقمر والكفر والإيمان. والسعادة والشقاوة. والهدى والضلالة. والليل والنهار.
وَالْوَتْرِ :
هو الله تعالى لأنه من أسمائه. وهو بمعنى الواحد الأحد. فأقسم الله بذاته وخلقه.اه
("محاسن التأويل" (9/465)) .
والمراد بكلمات الله التامات المباركات : هى كلماته سبحانه الشرعية أو الكونية.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" كلمات الله التامات :
هي التي اشتملت على العدل والصدق كما قال تعالى : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً). الأنعام/115.
والكلمات هنا :
تحتمل أنها الكلمات الكونية والقدرية والكلمات الشرعية فإن الإنسان يستعيذ بكلمات الله الشرعية بالقرآن مثلاً، كالتعوذ بسورة الفلق ، وسورة الناس، ويتعوذ بالآيات الكونية وهي : أن الله عز وجل يحميه بكلماته الكونية من الشيطان الرجيم " .اه
("لقاء الباب المفتوح" (8/ 14) بترقيم الشاملة) .
وأما قوله :
"وعلى الجسر نورا" :
فالمشهور أن الجسر هو الصراط كما في حديث الرؤية عند مسلم (183) : ( ... ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ ، وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ ) .
قال النووي رحمه الله :
"الْجِسْرُ :
هُوَ الصِّرَاطُ ".اه
("شرح النووي على مسلم" (3/ 29)) .
وقال البخاري
في "صحيحه" (8/ 117) :
" بَابُ : الصِّرَاطُ جَسْرُ جَهَنَّمَ ". اه .
ولكن قوله في حديث ابن عمر بعد ذكر الجسر: " وعلى الصراط نورا " يمنع من تفسير الجسر بالصراط ، وإلا كان تكرارا . فالذي يظهر - والله أعلم - أن المقصود بالجسر هنا : القنطرة التي تكون بين الجنة والنار حيث يتقاص المؤمنون مظالم كانت بينهم في الدنيا ، كما روى البخاري (2440) :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا خَلَصَ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا، أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الجَنَّةِ ) .
أما النور على الصراط :
فهو النور الذي يعطاه المؤمن ويحرمه المنافق، قال تعالى : ( يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ). التحريم/ 8
وقال تعالى :
( يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ). الحديد/ 13 .
فهذا الأثر الصحيح أخى المسلم لا يخفى هو من النفائس التي انفرد بها مصنف ابن أبي شيبة وما أكثرها والناس عنه غافلون فخذها غنيمة باردة .
والله أعلم
وللفائدة..
حكم قول على الطلاق
تعليقات
إرسال تعليق