شهر رجب من الأشهر الحرم التي عظمها الله سبحانه وتعالى، وخصها بمكانة خاصة في الإسلام.
* ومع ذلك، يثار سؤال مهم بين المسلمين : لماذا كره العلماء تخصيص شهر رجب بالصوم؟
للإجابة عن هذا السؤال، نحتاج إلى فهم ما قاله الفقهاء والأدلة الشرعية المتعلقة بتخصيص هذا الشهر بعبادة الصيام.
** كراهة تخصيص شهر رجب بالصيام:
كره العلماء تخصيص شهر رجب بالصوم لعدة أسباب، منها:
1 - غياب الدليل الشرعي على التخصيص.
لم يرد في السنة النبوية الصحيحة ما يدل على تخصيص شهر رجب بعبادة الصوم،
وعلى الرغم من أن الصيام عبادة مستحبة في أي وقت، فإن تخصيص وقت معين بعبادة دون دليل شرعي يعد بدعة في الدين.
2 - الخشية من التشبه بأهل الجاهلية.
كان أهل الجاهلية يعظمون شهر رجب بالصوم، فجاء الإسلام ليُصحح هذه المعتقدات.
- فعن خرشة بن الحر قال : رأيت عمر يضرب أكف الناس في رجب حتى يضعوها في الجفان ويقول :
كلوا؛ فإنما هو شهر كان يعظمه أهل الجاهلية. ((الإرواء 957 وقال الألباني: صحيح)).
3 - عدم ثبوت فضل خاص للصيام في شهر رجب.
* لم يصح فى فضل صوم رجب بخصوصه ولا صيام أيام منه شيء عن النبى ﷺ ،ولا عن أصحابه رضى الله عنهم، لذلك يُكره صومه،
والأحاديث التي تتحدث عن فضل الصيام في شهر رجب إما ضعيفة أو موضوعة،
وبالتالي لا يبنى عليها حكماً شرعياً، ولا يعتمد عليها في تخصيص العبادة في هذا الشهر.
** ما هو الصواب في صيام شهر رجب؟
* صيامه كباقي الشهور، فمن كان له عادة بصيام طول العام فهو على عادته :
كصيام الاثنين والخميس والأيام الثلاثة البيض وصيام يوم وإفطار يوم،
ومن لم يكن له عادة فلا وجه لتخصيص صومه، ولا صوم أوله، ولا ليلة السابع والعشرين منه.
** أقوال العلماء فى تخصيص شهر رجب بالصوم
- قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
لم يرد في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه مُعين ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة،
وقد سبقني إلى الجزم بذلك الإمام أبو إسماعيل الهروي الحافظ - رويناه عنه بإسناد صحيح، وكذلك رويناه عن غيره. ينظر: [كتاب تبيين العجب فيما ورد في فضل رجب للحافظ ابن حجر ص 6 و 8].
- قال ابن تيمية رحمه الله :
وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديثه كلها ضعيفة بل موضوعة لا يعتمد أهل العلم على شيء منها،
وليست من الضعيف الذي يروى في الفضائل، بل عامتها من الموضوعات المكذوبات... ينظر: (مجموع الفتاوى لابن تيمية 1-21 مع الفهارس ج(15)).
- وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
... يكره إفراده بالصوم تطوعاً ؛ لأنه من شأن الجاهلية، كانوا يعظمونه بالصوم، فكره أهل العلم إفراده بالصوم تطوعاً،
أما إذا صامه الإنسان عن : صومٍ عليه من قضاء رمضان، أو من كفارة، فلا حرج في ذلك،
أو صام منه ما شرع الله مثل : أيام الإثنين والخميس، أو الثلاثة الأيام البيض، كل هذا لا حرج فيه، الحمد لله، مثل غيره من الشهور. ينظر:(فتاوى نور على الدرب).
- وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :
ليس لشهر رجب ميزة عن سواه من الأشهر الحرم، ولا يخص، لا بعمرة، ولا بصيام، ولا بصلاة، ولا بقراءة قرآن،
بل هو كغيره من الأشهر الحرم،
وكل الأحاديث الواردة في فضل الصلاة فيه، أو الصوم فيه، فإنها ضعيفة، لا يُبنى عليها حكم شرعي. ينظر: (اللقاء الشهري>اللقاء الشهري [32]).
* تنبيه : حديث أبي مجيبة الباهلي : أن النبي ﷺ قال له : " صم من الحُـرُم واترك، صم من الحرم واترك ". (ضعيف أبي داود-رقم : 2428)،
فهو حديث ضعيف، والحديث الضعيف لا يُعمل به .
** خاتمة ونصيحة للمسلمين :
تخصيص شهر رجب بالصوم ليس من السنة، بل هو مما كرهه العلماء لمخالفته للهدي النبوي.
على المسلم أن يوجه عباداته وفق ما ثبت عن النبي ﷺ، والابتعاد عن تخصيص أوقات أو أماكن بعبادات دون دليل شرعي.
فالإلتزام بما جاء عن النبي ﷺ هو الطريق الأقرب للقبول عند الله سبحانه وتعالى.
فاللهم وفقنا لاتباع سنتك، واجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم.
والله اعلم
* شارك الموضوع ليستفيد غيرك، أو قم بالتعليق إذا أعجبك
وللفائدة :
تعليقات
إرسال تعليق