القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

وصف الجو أو الدهر 

بالشدة والرخاء

 لا بأس بذلك فهو 

من وصف الحال والبيان 

وليس من سب الدهر.

 كقوله سبحانه:

(إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا

 فِي يَوْمِ نَحْس مُسْتَمِرّ).

 وقوله صلى الله عليه وسلم:

 لا يأتي زمان 

إلا الذي بعده شر منه.


قال القرطبي :

 أي دائم الشؤم

 استمر عليهم بنحوسه

 واستمرعليهم فيه العذاب 

إلى الهلاك .اهـ

فهذا من باب الوصف 

لا من باب الذمّ.


وأما سب الدهر:

 فهو الذي وردت الأَدلة بالنهي عنه والتحذير منه وتحريمه سواء عبر عنه بالدهر أو الزمن أو اليوم. كما في الصحيح عن أَبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله: يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار.

قال الخطابي:

 "قوله: أنا الدهر

معناه: أنا صاحب الدهر، ومدبر الأمور التي تنسبونها إلى الدهر، فإذا سب ابن آدم الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور، عاد سبه إلي، لأني فاعلها وإنما الدهر زمان ووقت جعلت ظرفا لمواقع الأمور/ وكان من عادة أهل الجاهلية إذا أصابهم شدة من الزمان أو مكروه من الأمر أضافوه إلى الدهر وسبوه فقالوا: بؤسا للدهر، وتبا للدهر، ونحو ذلك من القول، إذ كانوا لا يثبتون لله ربوبية، ولا يعرفون للدهر خالقا، وقد حكى الله ذلك من قولهم حين قالوا: {وما يهلكنا إلا الدهر} ولذلك سموا الدهرية وكانوا يرون الدهر أزليا قديما لا أول له، فأعلم الله تبارك وتعالى أن الدهر محدث يقلبه بين ليل ونهار لا فعل له في شيء من خير أو شر، لكنه ظرف للحوادث ومحل لوقوعها وأن الأمور كلها بيد الله تعالى ومن قبله يكون حدوثها وهو محدثها ومنشئها سبحانه لا شريك له".اه

 (أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري)

والدهر ليس من أسماء الله.

ولكن ينبغي على الإنسان 

أن يتحرز من خطأ وزلل اللسان

 وأن ينزه الإنسان نفسه 

عن مثل هذه الأقوال. 

فقد ذكر ابن القيم رحمه الله :

" أن بعض الأكابر من أهل العلم رئي في المنام فسئل عن حاله؟. فقال: " أنا موقوف على كلمة قلتها. قلت: ما أحوج الناس إلى غيث!. فقيل لي: وما يدريك؟ أنا أعلم بمصلحة عبادي".اه

"الداء والدواء" (ص280)


قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

سب الدهر 

ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول:

 أن يقصد الخبر المحض

 دون اللوم:

 فهذا جائز

 مثل أن يقول:

 تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده، وما أشبه ذلك، لأن الأعمال بالنيات، ومثل هذا اللفظ صالح لمجرد الخبر، ومنه قول لوط عليه الصلاة والسلام: هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ. 

الثاني:

 أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل كأن يعتقد بسبه الدهر أن الدهر هو الذي يقلب الأمور إلى الخير والشر فهذا شرك أكبر. لأنه اعتقد أن مع الله خالقا، لأنه نسب الحوادث إلى غير الله، وكل من اعتقد أن مع الله خالقا، فهو كافر، كما أن من اعتقد أن مع الله إلها يستحق أن يعبد، فإنه كافر. 

الثالث:

 أن يسب الدهر لا لإعتقاده أنه هو الفاعل بل يعتقد أن الله هو الفاعل لكن يسبه لأنه محل لهذا الأمر المكروه عنده فهذا محرم ولا يصل إلى درجة الشرك وهو من السفه في العقل والضلال في الدين، لأن حقيقة سبه تعود إلى الله سبحانه، لأن الله تعالى هو  الذي يصرف الدهر، ويُكَوِّن فيه ما أراد من خير أو شر، فليس الدهر فاعلا، وليس هذا السب يُكَفِّر، لأنه لم يسب الله تعالى مباشرة. انتهى

"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (10/ 823).


والله اعلم


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات