إن الله - تبارك وتعالى - وعد من يسأله الهداية دعاءً وعملً أن يهديه، ومن يعرض عن رحمته فلا يجد غير ضلاله.
- قال الله تعالى فى الحديث القدسي : " فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ ". أي : سَلوني الهدَى واطلُبوه مِنِّي أُوفِّقكم لِلهداية،
فيا عبد الله متى طلبت الهداية من الله دعاءً وعملاً بصدق وافتقار إليه وإلحاح فإن الله يهديك .
* ولقد كان طلب الهداية حاضراً في أدعية النبي صلى الله عليه وسلم،
فقد روى ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : " اللهمَّ إني أسألُك الهدى والتقى، والعفافَ والغنى ". رواه مسلم.
** فالهداية من الله، والسعي من العبد، وكلما زادت عبودية العبد، اقترب من الله، وفتح الله له طرق الهداية ، والتى منها :
1 - الدعاء والإعتصام بالله.
قال تعالى : ﴿ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾. [آل عمران: 101 ].
- قال الإمام الطبري رحمه الله- فى تفسيره : ومن يتعلق بأسباب الله، ويتمسَّك بدينه وطاعته،" فقد هدى "، يقول :
فقد وُفِّق لطريق واضح، ومحجةٍ مستقيمة غير معوجَّة، فيستقيم به إلى رضى الله، وإلى النجاة من عذاب الله والفوز بجنته. انتهى.
2 - خشية الله وإقامة الصلوات في بيوت الله.
قال تعالى : ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾.[التوبة: 18].
- قال ابن مسعود رضي الله عنه : " من سرَّه أن يلقَى اللهَ غدًا مسلمًا فلْيحافظْ على هؤلاءِ الصلواتِ حيثُ يُنادَى بهنَّ، فإنَّ اللهَ شرع لنبيِّكم صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ سَننَ الهُدى وإنهن من سَننِ الهُدى.". ( رواه مسلم ).
3 - تحقيق التوحيد بالله سبحانه.
قال تعالى : ﴿ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴾. [الأنعام: 82].
- قال العلامة السعدي- فى تفسيره : فإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بظلم مطلقا، لا بشرك، ولا بمعاص، حصل لهم الأمن التام، والهداية التامة.
وإن كانوا لم يلبسوا إيمانهم بالشرك وحده، ولكنهم يعملون السيئات، حصل لهم أصل الهداية، وأصل الأمن، وإن لم يحصل لهم كمالها. انتهى.
4 - الإستجابة لله ورسوله.
قال تعالى : ﴿ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾. [الأعراف: 158]
- قال العلامة السعدي- فى تفسيره : أي : آمنوا بهذا الرسول المستقيم في عقائده وأعماله، وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ في مصالحكم الدينية والدنيوية، فإنكم إذا لم تتبعوه ضللتم ضلالا بعيدا. انتهى.
5 - التسليم لله تعالى، والرضا في كلّ قدرٍ مكروهٍ أو مصيبةٍ حصلت،
فإنّ من أعظم أسباب نيل الهدى الاسترجاع عند المصائب، وقد امتدح الله -تعالى- من اتّصف بتلك الصفة،
حيث قال : ( الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ*أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ). [سورة البقرة، آية: 156-157].
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق