الذهاب إلى الكهنة أو العرافين من الذنوب الكبيرة التي حذر منها النبي ﷺ.
▣ ولكن ماذا لو تاب الشخص بعد ذلك؟ هل تُقبل صلاته؟.
▣ هذه المسألة الفقهية تثير اهتمامًا واسعًا، خاصة في ظل الحاجة إلى توضيح حكم التوبة وقبول الأعمال بعد الذنوب.
▣▣ حكم الذهاب إلى العرافين والكهنة؟
- قال النبي ﷺ: "من أتى عرافًا فسأله عن شيء، لم تُقبل له صلاة أربعين ليلة".(رواه مسلم).
هذا الحديث يدل على أن مجرد سؤال العراف، حتى بدون تصديقه، يترتب عليه عدم قبول الصلاة لمدة أربعين ليلة،
ولكن هل ينطبق هذا الحكم على من تاب وأناب إلى الله؟.
▣▣ هل تقبل التوبة بعد الذهاب إلى الكهنة؟
التوبة الصادقة النصوح تمحو الذنوب، كما قال النبي ﷺ : "التائب من الذنب كمن لا ذنب له". (صحيح ابن ماجه).
▣ فمن ذهب إلى الكهنة ثم تاب بصدق، فإن الله يقبل توبته ويغفر له سبحانه وتعالى.
▣▣ حكم الصلاة بعد التوبة؟
إذا تاب الشخص بصدق من الذهاب إلى الكهنة، فإن صلاته تُقبل بعد التوبة إن شاء الله، ولا يشمله الوعيد الوارد في الحديث السابق.
1- قال الله تعالى : " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ". (الزمر: 53).
2- قال النبي ﷺ : "التائب من الذنب كمن لا ذنب له". (صحيح ابن ماجه).
▣ فإذا وقع العبد في الذنب ثم تاب توبة نصوحًا، فأقلع عنه، وندم، واستغفر، وعزم على عدم العودة إليه،
فإن الله يتوب عليه، ويعامله كأنه لم يذنب، بل يبدل سيئاته حسنات،
وذلك لأنه رجع إلى ربه بمحبة، وسعى لنيل رضاه، وخشي عقابه، وهذه من صفات المتقين.
▣▣ أقوال الفقهاء فى ذلك :
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وإذا زال الذنب زالت عقوباته وموجباته ". ينظر: "شرح العمدة" (4/39) .
- وقال ابن القيم رحمه الله :
وَقَدْ ضَمِنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِمَنْ تَابَ مِنَ الشِّرْكِ وَقَتْلِ النَّفْسِ وَالزِّنَى، أَنَّهُ يُبَدِّلُ سَيِّئَاتِهِ حَسَنَاتٍ ، وَهَذَا حُكْمٌ عَامٌّ لِكُلِّ تَائِبٍ مِنْ ذَنْبٍ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : ( قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ). الزُّمَر/ 53 .
فَلَا يَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْعُمُومِ ذَنْبٌ وَاحِدٌ ، وَلَكِنْ هَذَا فِي حَقِّ التَّائِبِينَ خَاصَّةً. ينظر: "الجواب الكافي" (ص: 165).
▣▣ حكم الصلاة قبل التوبة من الذهاب إلى الكهنة؟
▣ إذا ذهب الشخص إلى الكهنة ولم يتب، فإن صلاته لا تُقبل لمدة أربعين من الأيام اللاحقة،
ولكنها تقع مجزئة في سقوط الفرض عنه ولا يجب عليه قضاؤها، ولكن لا ثواب له فيها؛
لأن الذنب والإثم العظيم الذي اقترفه حين أتى العراف فسأله عن شيء ولو لم يصدقه،
يقابل ثواب الصلاة أربعين يوما، فأسقط هذا هذا. ينظر: (شرح مسلم- للنووي).
▣ وإذا صلى في هذه الفترة لا يعتبر تاركاً للصلاة, وإنما يحرم ثوابها, فإذا مات يعتبر ممن مات وهو يصلي.
▣▣ الخلاصة :
* من ذهب إلى العرافين ولم يتب، لا تُقبل صلاته أربعين ليلة، أي لا ثواب فيها لكنها تُجزئه.
* من تاب إلى الله توبة نصوحًا، تُقبل توبته وتُحتسب صلاته.
* الصلاة بعد التوبة تُقبل، ولا يشمله الوعيد الوارد في الحديث.
والله اعلم
▣ شارك رأيك في التعليقات : هل كنت تعرف هذا الحكم الشرعي من قبل؟.
اقرأ أيضا :
تعليقات
إرسال تعليق