مسألة تقديم النية على تكبيرة الإحرام تُعد من الأمور المهمة التي يكثر السؤال عنها بين المصلين،
فهي ترتبط بصحة الصلاة التي تُعتبر أعظم أركان الدين بعد الشهادتين.
* النية شرط لصحة الصلاة، وهي محل إجماع بين العلماء، لقوله ﷺ: "إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى".
* ومعنى النية هو القصد، ومحلها القلب، وليس التلفظ بها، ولكن، هل يجوز تقديم النية على تكبيرة الإحرام؟
** الحكم الشرعي في تقديم النية على تكبيرة الإحرام.
▣ يجوز تقديم النية على تكبيرة الإحرام تقديمًا يسيرًا، ما لم يطرأ شيء يفسخ النية أو يقطعها.
▣ أما إذا كان الزمن بين النية والتكبير طويلًا أو إذا فسخ الإنسان نيته، فلا تصح الصلاة.
▣ ولا يُشترط مقارنة النية لتكبيرة الإحرام بشكل دقيق في نفس اللحظة،
لأن الصلاة عبادة يشبه تقديم نيتها تقديم النية للصيام قبل طلوع الفجر.
وهذا هو مذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة.
▣ وذلك لأن المعروف من صلاة النبي ﷺ وأصحابه أنهم كانوا يكبرون بسهولة ويسر ،
دون تعمق أو تدقيق في لحظة مقارنة النية بالتكبير، ولو كانت المقارنة واجبة لاحتاجوا إلى ذلك.
** أقوال العلماء في تقديم النية :
الحنفية :
- قال الكاساني رحمه الله في "بدائع الصانع" :
فإن تقديم النية على التحريمة جائز عندنا، إذا لم يوجد بينهما عمل يقطع أحدهما عن الآخر، والقران ليس بشرط. انتهى.
المالكية:
- جاء في كتاب "التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (١/ ٣١٦)" :
« النية إن اقترنت فلا إشكال في الإجزاء، وإن تأخرت عن تكبيرة الإحرام فلا خلاف في عدم الإجزاء،
وإن تقدمت بكثير لم يجزئ اتفاقًا، وبيسير قولان ....
ثم رجح خليل جواز التقدم بيسير، فقال : « مَن تأمل عمل السلف، ومقتضى إطلاقات متقدمي أصحابنا يرى هذا القول هو الظاهر؛
إذ لم ينقل لنا عنهم أنه لابد من المقارنة، فدل على أنهم سامحوا في التقديم اليسير ». انظر: المقدمات الممهدات (١/ ١٥٦).
الحنابلة:
- قال ابن قدامة رحمه الله :
قال أصحابنا : يجوز تقديم النية على التكبير بالزمن اليسير، وإن طال الفصل أو فسخ نيته بذلك لم يجزئه،
وحمل القاضي كلام الخرقي على هذا وفسره به وهذا مذهب أبي حنيفة،
وقال الشافعي وابن المنذر : يشترط مقارنة النية للتكبير، لقوله تعالى : وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين. {البينة: 5}
فقوله : مخلصين ـ حال لهم في وقت العبادة، فإن الحال وصف هيئة الفاعل وقت الفعل، والإخلاص هو النية،
وقال النبي ﷺ : إنما الأعمال بالنيات ـ ولأن النية شرط، فلم يجز أن تخلو العبادة عنها، كسائر شروطها.
ولنا أنها عبادة فجاز تقديم نيتها عليها، كالصوم وتقديم النية على الفعل لا يخرجه عن كونه منويا،
ولا يخرج الفاعل عن كونه مخلصا، بدليل الصوم، والزكاة إذا دفعها إلى وكيله، كسائر الأفعال في أثناء العبادة. ينظر: (((المغني)) لابن قدامة (1/339)).
** الخلاصة :
يجوز تقديم النية على تكبيرة الإحرام تقديمًا يسيرًا بشرط عدم قطعها أو طول الزمن بينهما.
أما المقارنة الدقيقة بين النية والتكبير فلا يشترطها جمهور الفقهاء، ما لم يفسخ المصلي نيته.
والله اعلم
* شارك الموضوع ليستفيد غيرك، أو قم بالتعليق إذا أعجبك
وللفائدة:
تعليقات
إرسال تعليق