من الواجب على المسلم أن لا يُستشهد بكلام أهل البدع والنقل والنظر فى كتبهم مُطلقاً حتى وإن كان حقاً،
لأنه يجب على المسلم أن يهرب بدينه وقلبه من الشبهات والفتن ، فإن القلوبَ ضعيفةٌ والشبهَ خطَّافة ، والإبتعاد عن مواطن الضلال واجب،
ولأن النقل عن أهل البدع ترويجاً لأمرهم وتنويهاً بذكرهم فتغتر الناس بهم، فكيف نحذر منهم وفى نفس الوقت نستشهد بكلامهم؟!.
** وقد حذَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم - من أخذ العلم عن أهل البدع وعدَّ ذلك من أشراط الساعة :
1 - قال صلى الله عليه وسلم : " إنَّ من أشراط السَّاعة أن يُلتمسَ العِلم عند الأصاغر ". ( صحيح الجامع-رقم : 2207 ).
قال عبد الله بن المبارك : " الأصاغر من أهل البدع ". يُنظر: ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)) لللالكائي (1/ 95).
2 - عن ابن مسعود قال : لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم فإذا أخذوه من أصاغرهم وشرارهم هلكوا. (السلسلة الصحيحة-رقم : (2/310)).
3 - روى الإمام مسلم في مقدمة صحيحه : عن ابن سيرين قال : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم .
فلا يصح أن يأخذ المسلم العلم إلا من كتب الثقات من أهل العلم المعروفين بالديانة والعقيدة الصحيحة واتباع السنة ومجانبة البدعة.
** إلا أن النظر في كتب البدع والضلالات لا يجوز إلا لمن تأهّل في العلم الشرعي، ويهدف من ذلك إلى الرد على هذه الأفكار وبيان بطلانها.
أما من لم يتحقق بالعلم الشرعي، فإن قراءته لهذه الكتب غالبًا ما تعرضه للشكوك والضلال،
وقد وقع في ذلك العديد من الناس، بما فيهم بعض طلبة العلم، حتى انتهى ببعضهم الأمر إلى الكفر – والعياذ بالله.
** وغالبًا ما يظن القارئ أنه محصن ضد هذه الشبهات، ولكنه يُفاجَأ مع مرور الوقت وكثرة القراءة بأن قلبه قد تشرّب هذه الأفكار المضللة دون أن يشعر.
لهذا السبب، أجمعت كلمة العلماء والسلف الصالح على تحريم الاطلاع على هذه الكتب لمن لم يكن متأهلاً علميًا.
** وإليك كلام اهل العلم:
- قال الإمام مالكٌ رحمه الله :
لا يؤخذ العلم عن أربعةٍ : سفيهٍ يُعلن السفهَ وإن كان أروى الناس، وصاحب بدعةٍ يدعو إلى هواه،
ومن يكذب في حديث الناس وإن كنتُ لا أتَّهمه في الحديث، وصالحٌ عابدٌ فاضلٌ إذا كان لا يحفظ ما يحدِّث به. ينظر: (جامع بيان العلم وفضله- لابن عبد البر) و [«سير أعلام النبلاء» للذهبي (7/ 162)].
- قال الإمام الذهبي رحمه الله -بعد أن ذكر بعض كتب أهل الضلال :
فالحذار الحذار من هذه الكتب ، واهربوا بدينكم من شبه الأوائل وإلا وقعتم في الحيرة ، فمن رام النجاة والفوز فليلزم العبودية ،
وليدمن الاستغاثة بالله ، وليبتهل إلى مولاه في الثبات على الإسلام وأن يتوفى على إيمان الصحابة، وسادة التابعين ، والله الموفق. ينظر: "(سير أعلام النبلاء (19/328،329) ).
- قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (13/525) :
" والأولى في هذه المسألة التفرقة بين :
من لم يتمكن ويصير من الراسخين في الإيمان ، فلا يجوز له النظر في شيء من ذلك،
بخلاف الراسخ ، فيجوز له ، ولا سيما عند الاحتياج إلى الرد على المخالف ". انتهى .
- قال العلامة السخاوي رحمه الله -وهو يعدد أشراط الساعة :
والتماس العلم عند الأصاغر فلا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم، فإذا أخذوه عن أصاغرهم هلكوا. ينظر: ((القناعة فيما يحسن الإحاطة به من أشراط الساعة)) (ص: 92).
- جاء في "الموسوعة الفقهية" (34/185) :
" قال الحنابلة : ولا يجوز النظر في كتب أهل البدع ، ولا في الكتب المشتملة على الحقّ والباطل ، ولا روايتها ؛ لما في ذلك من ضرر إفساد العقائد .
وقال القليوبيّ : تحرم قراءة كتب الرقائق والمغازي الموضوعة ". انتهى.
- قال الشيخ العثيمين رحمه الله :
ومن هجر أهل البدع ترك النظر في كتبهم خوفاً من الفتنة بها ، أو ترويجها بين الناس ، فالابتعاد عن مواطن الضلال واجب،
لقوله صلى الله عليه وسلم في الدجال : " من سمع به فلينأ عنه ، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات". "رواه أبو داوود . قال الألباني: وإسناده صحيح ".
لكن إن كان الغرض من النظر في كتبهم معرفة بدعتهم للرد عليها فلا بأس بذلك لمن كان عنده من العقيدة الصحيحة ما يتحصن به،
وكان قادراً على الرد عليهم ، بل ربما كان واجباً ، لأن رد البدعة واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. ينظر: (شرح لمعة الاعتقاد صفحة 100).
- قال العلامة الفوزان حفظه الله :
لا يجوز قراءة كتب المبتدعة ولا سماع أشرطتهم إلا لمن يريد أن يرد عليهم ويبين ضلالهم. ينظر: (الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة (ص70)) .
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق