">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

ما صحة مقولة : من كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر؟


المقصود من هذه المقولة أن من كان يعتمد على الكتب فقط ولا يسأل أهل العلم ولا يذاكر معهم ولا يحضر حلقاتهم ولا يستمع إلى أشرطتهم ولا يدرس في المدارس قد يخطئ كثيرا قد يكون خطؤه أكثر .

 فلا يستغني طالب عالم عن مراجعة الكتب والأخذ منها لكنه يحتاج إلى الضبط والتأصيل في مبدأ طلبه للعلم ثم ينطلق بعد ذلك .

 فهذه المقولة وضعها بعض العلماء الذين يحضون تلاميذهم على الحرص على الدرس وحضور مجالس العلم والأخذ عن العلماء وليس فيه نهي عن القراءة في الكتب ولكن فيه نهي عن جعل التلقي عن الكتب هو الأصل مع اطراح الأخذ عن العلماء ولا شك أن هذا صحيح.

ومن ذلك قول الشاطبي في الموافقات : " لايزال المرء ينظر في المسألة فلا تنجلي له فما هو أن يجلس بين يدي شيخه ويسمع منه من غير شرح أو بيان مستفيض حتى يفهمها ". انتهى

قال العلامة ابن باز رحمه الله :

المعروف : أن من كان شيخه كتابه فخطؤه أكثر من صوابه، هذه هي العبارة التي نعرفها، وهذا صحيح :

أن من لم يدرس على أهل العلم ولم يأخذ عنهم ولا عرف الطرق التي سلكوها في طلب العلم، فإنه يخطئ كثيرا، ويلتبس عليه الحق بالباطل لعدم معرفته بالأدلة الشرعية والأحوال المرعية التي درج عليها أهل العلم وحققوها وعملوا بها.

أما كون خطؤه أكثر فهذا محل نظر، لكن على كل حال أخطاؤه كثيرة؛ لكونه لم يدرس على أهل العلم ولم يستفد منهم، ولم يعرف الأصول التي ساروا عليها، فهو يخطئ كثيرا، ولا يميز بين الخطأ والصواب في الكتب المخطوطة والمطبوعة.

وقد يقع الخطأ في الكتاب ولكن ليست عنده الدراية والتمييز فيظنه صوابا، فيفتي بتحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله لعدم بصيرته؛ لأنه قد وقع له خطأ في كتاب، مثلا : 

لا يجوز كذا وكذا، بينما الصواب أنه يجوز كذا وكذا، فجاءت (لا) زائدة، أو عكسه : يجوز كذا وكذا والصواب : ولا يجوز فسقطت (لا) في الطبع أو الخط فهذا خطأ عظيم، وكذلك قد يجد عبارة : ويصح كذا وكذا، والصواب : ولا يصح كذا وكذا، فيختلط الأمر عليه لعدم بصيرته ولعدم علمه، فلا يعرف الخطأ الذي وقع في الكتاب وما أشبه ذلك . انتهى من (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (7/243)).

وقال العلامة العثيمين رحمه الله :

لا شك أن العلم يحصل بطلبه عند العلماء وبطلبه في الكتب لأن كتاب العالم هو العالم نفسه، فهو يحدثك من خلال كتابه، 

فإذا تعذر الطلب على أهل العلم فإنه يطلب العلم من الكتب ولكن تحصيل العلم عن طريق العلماء أقرب من تحصيله عن طريق الكتب؛ 

لأن الذي يحصل عن طريق الكتب يتعب أكثر ويحتاج إلى جهد كبير جدًّا، ومع ذلك فإنه قد تخفى عليه بعض الأمور كما في القواعد الشرعية التي قعَّدها أهل العلم والضوابط فلا بد أن يكون له مرجع من أهل العلم بقدر الإمكان .

وأما قوله : " من كان دليله كتابه فخطؤه أكثر من صوابه ". فهذا ليس صحيحًا على إطلاقه ولا فاسدًا على إطلاقه : أما الإنسان الذي يأخذ العلم من أيّ كتاب يراه فلا شك أنه يخطئ كثيرًا.  

وأما الذي يعتمد في تعلُّمه على كتب رجال معروفين بالثقة والأمانة والعلم فإن هذا لا يكثر خطؤهبل قد يكون مصيبًا في أكثر ما يقول .انتهى من (" كتاب العلم"، ص114) . 

وقال العلامة مقبل الوادعي رحمه الله :

فإن تيسر لك من يعلمك ممن تثق بعلمه ودينه فاحرص على مجالسته ودعوة الناس إليه ، وإلا فأنصحك بتكوين مكتبة تجمع جل كتب السنة والعكوف فيها حتى يفتح الله عليك ،

وأما قول من قال : من كان شيخه الكتاب كان خطؤه أكثر من الصواب . فهذا : إذا لم يحسن اختيار الكتاب ويودع عقله مع الكتاب أما كتب السنة فلا يكون كذلك . انتهى من (النصح لطلبة العلم ٥٨/١-٥٩ رقم (431)).

ومع ذلك تجد الكثير من طلبة العلم ممن أخذوا عن الشيوخ ولازموهم بلا فهم أو أصحاب فهم سقيم هم أرباب التصحيف وأصحاب الخطأ .. وفى المقابل تجد الكثير ممن لم يلازموهم -لأعذار عندهم- يصححون لبعض طلبة العلم أخطاء في القراءة والفهم..

 فهذه العبارة : " من كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه ". ليست صحيحة على إطلاقها.

وقد يقال أن التوجيه الصحيح لفهم محل هذه العبارة هو في علوم الرواية التي تحتاج إلى ضبط في الأداء : كقراءة القرآن العظيم والحديث الشريف وأسماء الرواة وألفاظ اللغة .. أما علوم الدراية المنية على الفهم .. فهذا لا يقال فيها من كان شيخه كتابه كثر خطؤه على صوابه.

قال الشيخ محمد بازمول حفظه الله :

وقولهم من كان شيخه كتابه كثر خطؤه على صوابه، فهذا محله فيما كان من العلم طريقه السماع والرواية كضبط القران العظيم وقراءته وضبط الروايات الحديثية وأسماء الاعلام والبقاع ،

وأما ما كان من باب النظر والاستنباط فهذا لا يقال فيه ذلك . انتهى من (صفة الصلاة 42-(44)).


والله اعلم


وللفائدة..

هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات