من أهم أسباب مضاعفة ثواب الأعمال الصالحة أن يحقق العبد في عمله الإخلاص للمعبود والمتابعة للرسول .
فالعمل إذا كان من الأعمال المشروعة وقصد العبد به رضى ربه وثوابه وحقق هذا القصد بأن يجعله هو الداعي له إلى العمل وهو الغاية لعمله بأن يكون عمله صادرًا عن إيمان بالله ورسوله وأن يكون الداعي له لأجل أمر الشارع وأن يكون القصد منه وجه الله ورضاه .
وإليك الأعمال التى تزيد فى الحسنات
النوع الأول : أعمال يثاب عليها الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف وهذا الأصل في حساب ثواب الأعمال الصالحة .
الدليل : " من جاء بالحسنة فله عشر امثالها ".[الأنعام:160] .
قال السعدي رحمه الله :
ثم ذكر صفة الجزاء فقال : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ } القولية والفعلية، الظاهرة والباطنة، المتعلقة بحق الله أو حق خلقه { فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } هذا أقل ما يكون من التضعيف.(تفسير السعدي)
النوع الثاني : أعمال يثاب عليها بغير الحساب السابق إنما يجازي الله عليها بمنه وفضله .
الدليل : " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ". الآية
قال ابن كثير رحمه الله :
قوله : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ). قال الأوزاعي : ليس يوزن لهم ولا يكال ، إنما يغرف لهم غرفا .
وقال ابن جريج : بلغني أنه لا يحسب عليهم ثواب عملهم قط ، ولكن يزادون على ذلك .
وقال السدي : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) يعني : في الجنة .اه (تفسير ابن كثير)
النوع الثالث : أعمال تبقى لصاحبها في الجنة فلا يزول أجرها بالمقاصة ونحوها.
الدليل : " والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير املا ". .الآية
قال السعدى رحمه الله :
الباقيات الصالحات، وهذا يشمل جميع الطاعات الواجبة والمستحبة من حقوق الله، وحقوق عباده، من صلاة، وزكاة، وصدقة، وحج، وعمرة، وتسبيح، وتحميد، وتهليل، وتكبير، وقراءة، وطلب علم نافع، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، وصلة رحم، وبر والدين، وقيام بحق الزوجات، والمماليك، والبهائم، وجميع وجوه الإحسان إلى الخلق، كل هذا من الباقيات الصالحات، فهذه خير عند الله ثوابا وخير أملا، فثوابها يبقى، ويتضاعف على الآباد .اه (تفسير السعدي)
النوع الرابع : أعمال تكنز لصاحبها في الجنة.
الدليل :
1- "....قل لا حول ولا قوة الا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة ". صحيح البخاري
قال السندي : قوله : ( كنز من كنوز الجنة ). جعلت الكلمة من كنوز الجنة باعتبار أن قائلها يملكها بسببها، وفي النهاية، أي : أجرها مدخر لقائلها والمتصف بها كما يدخر الكنز . انتهى
2- "وان غراسها سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ". صحيح الترمذي
جاء فى تحفة الاحوذي : المعنى أعلمهم بأن هذه الكلمات ونحوها سبب لدخول قائلها الجنة ولكثرة أشجار منزله فيها ؛ لأنه كلما كررها نبت له أشجار بعددها .اه
النوع الخامس : أعمال يربيها الله لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه.
الدليل : " من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب،وإن الله يتقبلها بيمينه، يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل ". صحيح البخاري
فإذا تصدق الإنسان لله فإن الله عز وجل يربيها لهذا الإنسان وينميها حتى تصير كجبل أحد .
النوع السادس : أعمال تسبق في أجورها سائر الأعمال وهي ذكر الله.
الدليل : " سبق المفردون" قالوا وما المفردون يارسول الله؟ قال "الذاكرون الله كثيرا والذاكرات ". صحيح مسلم
ومعنى سبق المفردون : أي أنهم سبقوا غيرهم بنيل الزلفى والدرجات بسبب كثرة ذكرهم لله تعالى، والمفردون هم الذاكرون الله كثيرا؛ كما هو ظاهر الحديث.
قال المناوي في فيض القدير : سبق المفردون أي المنفردون المعتزلون عن الناس من فرد إذا اعتزل وتخلى للعبادة، فكأنه أفرد نفسه بالتبتل إلى الله، أي سبقوا بنيل الزلفى والعروج إلى الدرجات العلى. روي بتشديد الراء وتخفيفها.
قال النووي في الأذكار : والمشهور الذي قاله الجمهور التشديد . انتهى.
قال العلامة السعدي رحمه الله : من أسباب المضاعفة وهو أصل وأساس لما تقدم : صحة العقيدة، وقوة الإيمان بالله وصفاته، وقوة إرادة العبد، ورغبته في الخير؛ فإن أهل السنة والجماعة المحضة، وأهل العلم الكامل المفصل بأسماء الله وصفاته، وقوة لقاء الله، تُضَاعَفُ أعمالهم مضاعفةً كبيرةً لا يحصل مثلها، ولا قريب منها لمن لم يشاركوهم في هذا الإيمان والعقيدة.
ولهذا كان السلف يقولون : " أهل السُّنَّة إن قعدت بهم أعمالهم قامت بهم عقائدهم، وأهل البدع إن كثرت أعمالهم، قعدت بهم عقائدهم ".
ووجه الاعتبار أن أهل السنة مهتدون، وأهل البدع ضالون. ومعلومٌ الفرق بين من يمشي على الصراط المستقيم، وبين مَن هو منحرف عنه إلى طرق الجحيم، وغايته أن يكون ضالًا متأولًا . اه (الفتاوى السعدية، المسألة التاسعة، (ص 43)).
ومن ذلك أيضا الجلوس في المصلى بعد صلاة الصبح للذكر :
(( من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ، ثم صلى ركعتين ، كانت له كأجر حجة و عمرة )) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( تامَّة ، تامَّة ، تامَّة )). [ رواه الترمذي وحسنه ]
ومما هو كالمتفق عليه بين العلماء الربانيين أنَّ الاتصاف في كل الأوقات بقوة الإخلاص لله ومحبة الخير للمسلمين مع اللَّهَج بذِكْر الله لا يلحقها شيء من الأعمال وأهلها سابقون لكلّ فضيلة وأجر وثواب وغيرها من الأعمال تبع لها فأهل الإخلاص والإحسان والذِّكر هم السابقون المقربون في جنات النعيم .
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق