يجوز للمسلم أن يصلي ركعتين بعد الوتر، يقرأ فى الركعة الأولى بعد الفاتحة "سورة الزلزلة" ، ويقرأ فى الركعة الثانية بعد الفاتحة "سورة الكافرون".
* وذلك لثبوتهما عن النبي ﷺ قولاً وفعلاً ، إذ النبي ﷺ قد أمرنا بالركعتين بعد الوتر أمر ندب وفضيلة لا أمر إيجاب وفريضة .
وهو مذهب ابن عباس رضي الله عنهما ومذهب الأحناف والشافعية والحنابلة،
واختاره ابن المنذر وابن حزم وكثير بن مرة وخالد بن معدان والحسن البصري والأوزاعي والألباني وغيرهم .
ودليل ذلك :
1- عن أبى سلمة قال : سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم- فقالت :
كان يصلى ثلاث عشرة ركعة يصلى ثمان ركعات ثم يوتر ثم يصلى ركعتين وهو جالس فإذا أراد أن يركع قام فركع ثم يصلى ركعتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح. (رواه مسلم).
- قال النووي رحمه الله : إذا أوتر ثم أراد أن يصلي نافلة أم غيرها في الليل جاز بلا كراهة ولا يعيد الوتر.... ينظر: "المجموع" (3/512).
2- عن أم سلمة أم المؤمنين رضى الله عنها : أن النبى -صلى الله عليه وسلم- كان يصلى بعد الوتر ركعتين. (صحيح الترمذي-رقم : (471)).
3- عن ثوبان رضي الله عنه قال : " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال :
" إن هذا السفر جهد وثقل ، فإذا أوتر أحدكم فليركع ركعتين ، فإن استيقظ و إلا كانتا له ". ( الصحيحة ) رقم (1993 ) و (تخريج المسند لشعيب- رقم : 36/ 653).
4- عن أبى أمامة : أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى ركعتين بعد الوتر وهو جالس ، يقرأ فيهما (إذا زلزلت) و (قل يا أيها الكافرون ). أخرجه أحمد وابن نصر والطحاوي وابن خزيمة وابن حبّان بسند حسن صحيح - وصححه الفيروزابادى فى سفر السعادة رقم : 77- وحسن إسناده الشيخ الالبانى بشواهده فى قيام رمضان .
5- عن أبي العالية البراء : قال : رأيت ابن عباس يسجد بعد وتره سجدتين. (إسناده صحيح - فتح الباري لابن حجر).
* أما قولهﷺ : «اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا». (رواه البخاري). فما مضى من أدلة صلاة ركعتين بعد الوتر يصرف الأمر عن الوجوب إلى الإستحباب.
- قال ابن خزيمة رحمه الله في ( صحيحه ) :
" باب ذكر الدليل على أن الصلاة بعد الوتر مباحة لجميع من يريد الصلاة بعده ،
وأن الركعتين اللتين كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما بعد الوتر، لم يكونا خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم دون أمته؛
إذ النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالركعتين بعد الوتر أمر ندب وفضيلة لا أمر إيجاب وفريضة ". انتهى.
- قال ابن حزم رحمه الله :
والوتر آخر الليل أفضل. ومن أوتر أوله فحسن ، والصلاة بعد الوتر جائزة ، ولا يعيد وترا آخر ؛ ولا يشفع بركعة... إلى أن قال :
وأما قوله عليه السلام : { اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا } و { بادروا الصبح بالوتر } فندب ؛ لما قد بينا : من أن الوتر ليس فرضا ؛
ومن فعله عليه السلام إذ صلى ركعتين بعد الوتر غير ركعتي الفجر؛ { ولقوله عليه السلام لأبي هريرة : أن لا ينام إلا على وتر }.
فلا يجوز ترك بعض كلامه لبعض ، وليس هذا مكان نسخ لكنه إباحة كله.انتهى من "المحلى" ( 2 / 92 ، 93 ).
- قال القرطبي رحمه الله :
أشكلت هذه الأحاديث - روايات حديث عائشة رضي الله عنها - على كثير من العلماء،
حتى إنَّ بعضهم نسبوا حديث عائشة رضي الله عنها في صلاة الليل إلى الاضطراب، وهذا إنَّما كان يصح لو كان الراوي عنها واحداً، أو أخبرت عن وقت واحد،
والصحيح أنَّ كل ما ذكرته صحيح من فعل النبي صلى الله عليه وسلم في أوقات متعددة وأحوال مختلفة، حسب النشاط والتيسير. انتهى من (المفهم (2/ 367)).
- قال ابن القيم رحمه الله :
وقد ثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يصلي بعد الوتر ركعتين جالساً تارة، وتارة يقرأ فيهما جالساً، فإذا أراد أن يركع، قام فركع،
وفي "صحيح مسلم" عن أبي سَلَمة قال : سألتُ عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت : ... وذكر الحديث.
.... وقال الترمذي : روي نحوُ هذا عن عائشة، وأبي أمامة، وغيرِ واحدٍ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.....
وقد أشكل هذا على كثير من الناس، فظنوه معارضاً، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُم بِالْلَّيْلِ وِتْراً".
.... وقالت طائفة : إنما فعل هاتين الركعتين، ليبين جوازَ الصلاة بعد الوتر، وأن فعله لا يقطع التنفُّل،
وحملوا قولُه : " اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُم بِالْلَّيْلِ وِتْراً " على الاستحباب، وصلاة الركعتين بعده على الجواز.
والصواب أن يقال : إن هاتين الركعتين تجريان مجرى السنة، وتكميل الوتر، فإن الوترَ عبادة مستقلة، ولا سيما إن قيل بوجوبه،
فتجري الركعتان بعده مجرى سنة المغربِ مِن المغرب، فإنها وِتر النهار، والركعتان بعدها تكميل لها، فكذلك الركعتان بعد وتر الليل، والله أعلم. انتهى من ( زاد المعاد ) ( 1/ 332 ).
- قال الإمام الألباني رحمه الله في ( الصحيحة ) ( 1994 ) :
... وقد تبين لنا الآن من هذا الحديث أن الركعتين بعد الوتر ليستا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم، لأمره صلى الله عليه وسلم بهما أمته أمرا عاما،
فكأن المقصود بالأمر بجعل آخر صلاة الليل وترا ، أن لا يهمل الإيتار بركعة ، فلا ينافيه صلاة ركعتين بعدهما ، كما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم وأمره. والله أعلم. انتهى.
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق