السُّترة : هي ما يضعه المُصلي أمامه ليمنع المرور أمامه، وقد تكون عصا، جدارًا، حقيبة، أو أي شيء ثابت ومرتفع عن الأرض بقدر شِبر.
** والسُّترة في الصلاة من السنن المؤكدة التي ينبغي للمُصلي أن يحرص عليها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدنُ منها ". (رواه أبو داود وصححه الألباني).
لكن هل يجوز اتخاذ شخص جالس كسُترة؟ دعونا نتناول المسألة، فنقول:
** إتخاذ المُصلي ظهر إنسان جالس كسترة بين يديه جائز لا حرج فيه سواء كان هذا الإنسان الجالس في صلاة أو ليس في صلاة ،
ولكن إذا كان سيؤدى إلى إشغال المصلى فيُكره ذلك .
** ولكن يكون قفا الجالس أمام المُصلي إلى جهة المُصلي، ولا ينبغي له أن يستقبله بوجهه، لما في ذلك من الاشغال للمُصلي، وهو قول الجمهور.
** فتكون السترة للمُصلي أثناء صلاته بما فيه روح : كالإنسان ( لكن لا يستقبله بوجهه ) والخيل والإبل والبقر والغنم،
إذا كان طولها كمؤخرة الرحل ، وكان ما استتر به منها ثابت لا يتحرك؛
لما روى البخاري عن نافع قال : رأيت ابن عمر يصلي إلى بعيره وقال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله.
** ولهذا فإنه يجوز أن يصلي المُصلي إلى رجل جالس أو قائم يتخذه سترة سواء كان هذا الإنسان في صلاة أو ليس في صلاة ،
وقد ثبت عن نافع : كان ابن عمر إذا لم يجد سبيلا إلى سارية من سواري المسجد قال لي : ولني ظهرك. ينظر: (مصنف ابن أبي شيبة-(2/ 141) برقم (2892)).
** وإليك كلام أهل العلم :
- قال ابن بطال رحمه الله :
ذهبت طائفة من العلماء إلى أن الرجل يستر الرجل إذا صلى ، إلا أن أكثرهم كره أن يستقبله بوجه. ينظر: ("شرح صحيح البخارى" (2 /139)).
- وقال النووي رحمه الله :
يكره أن يصلي وبين يديه رجل أو امرأة يستقبله ويراه،
وقد كرهه عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما ، ولأنه يشغل القلب غالبا ,
فكره كما كره النظر إلى ما يلهيه كثوب له أعلام ورفع البصر إلى السماء وغير ذلك مما ثبتت فيه الأحاديث الصحيحة. ينظر: ("المجموع" (3/230)).
- قال ابن قدامة رحمه الله :
ويكره أن يصلي مستقبلا وجه إنسان لأن عمر أدب على ذلك،
وفي حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان يصلي حذاء وسط السرير وأنا مضطجعة بينه وبين القبلة
تكون لي الحاجة فأكره أن أقوم فأستقبله فأنسل انسلالا. متفق عليه. ينظر: ("المغني" (2/40)).
- قال الشيخ الألباني رحمه الله :
... بل لو كان هناك شخص جالس، فيُمكن للمصلي أن يتخذه سترة، يصلي إلى هذا الشخص،
فقوله عليه السلام : « إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة» لماذا؟
يأت الجواب مباشرة؛ خشية أن يقطع الشيطان عليه صلاته، «لا يقطع الشيطان عليه صلاته» أي : خشية أن يقطع الشيطان عليه صلاته. انتهى باختصار من (الهدى والنور /٣٨٥/ ).
- قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
لو صلى إنسان إلى إنسان قدامه جالس أو مضطجع لم يضره ذلك. ينظر: ("مجموع فتاوى ابن باز" (29 /330)) .
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق