سؤال يتكرر كثيرًا من الأمهات والآباء، خاصة مع اختلاف القدرة والظروف.
✅ في هذا المنشِور سنوضح حكم العقيقة بغير الشاة بالتفصيل، مع بيان أقوال العلماء، وشروط العقيقة، مدعومًا بالأدلة من السنة وآثار الصحابة والتابعين.
▣▣ هل تصح العقيقة بغير الشاة؟
الأدلة الشرعية تُبيّن أن العقيقة لا تصح إلا بالشاة (الخروف أو الماعز)، وهذا ما ورد في السنة النبوية :
1- قال النبي ﷺ: «عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة». (رواه البخاري).
◄ فهذا هو الثابت من هديه ﷺ، ويجب الاقتصار عليه.
2- أخرج البيهقي: أن ابن أبي مُليْكة- قال : نُفِسَ لعبد الرحمن بن أبي بكر غلام فقيل لعائشة: يا أم المؤمنين : عقي عنه جزوراً، فقالت : معاذ الله، ولكن ما قال رسول الله : {شاتان مكافئتان}. (إسناده حسن- الإرواء(4/390)).
◄ وهو دليل صريح على عدم صحة العقيقة بغير الغنم.
▣▣ أقوال العلماء في عدم صحة العقيقة بغير الشاة :
** قال الإمام ابنُ حَزْم رحمه الله :
ولا يُجزِئُ في العَقيقةِ إلَّا ما يَقعُ عليه اسمُ شاةٍ - إمَّا مِنَ الضَّأنِ، وإمَّا مِنَ الماعزِ فقط-،
ولا يُجزِئُ في ذلك مِن غيرِ ما ذَكَرْنا، لا مِنَ الإبلِ ولا مِنَ البقرِ الإنسيَّةِ، ولا مِن غيرِ ذلك. ينظر: ((المحلى)) (6/234).
** وقال الحافظ ابن حجر في الفتح/ (9/593) :
واستُدل بذكر الشاة والكبش على أنه يتعين الغنم للعقيقة،
وبه ترجم أبو الشيخ الأصبهاني، ونقله ابن المنذر عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر. انتهى.
▣▣ هل يجوز العقيقة بالإبل أو البقر بدلًا من الشاة؟
◄ ذهب بعض أهل العلم إلى أن العقيقة لا تكون إلا بشاة، أما الإبل والبقر، فلا تجزئ للعقيقة، وهو الصحيح إن شاء الله لأن السنة لم ترد إلا بالغنم .
★ أما الإستدلال بقوله : (فأهريقوا عنه دما)؛ على جواز العقيقة بالغنم والبدن والبقر لأنه لفظ مطلق يشمل كل دم جوز الشرع إراقته.
✅ فالجواب : الصحيح أن لفظ هذا الخبر مُجمَل، في حين أن قول النبي ﷺ في الحديث: "عن الجارية شاة، وعن الغلام شاتان". (أخرجه البخاري)،
هو نصٌّ مفسِّر له، والمفسَّر مقدَّم على المجمل، كما هو معلوم ومقرر في علم الأصول.
▣▣ هل يشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية؟
◄ ينبغي أن يُعلم أنه لا يُشترط في العقيقة ما يُشترط في الأضحية من بلوغ السن أو السلامة من العيوب، وإن كان الأفضل السالم من العيوب، وذلك للأسباب التالية:
✔ لأن هذه شروط تحتاج إلى دليل، ولم يرد نصٌ يدل على اشتراطها في العقيقة.
✔ العقيقة فداء عن الولد، والأضحية فداء عن النفس، فهما ذبيحتان لسببين مختلفين، فلا يقاس أحدهما على الآخر.
✔ فالأمر في العقيقة سَعَة فما يطلق عليه لفظة شاة لغةً فهي تجزيء.
▣▣ أقوال العلماء في ذلك :
** قال الإمام ابنُ حَزْمٍ رحمه الله :
ويجزئ المعيب سواء كان مما يجوز في الأضاحي أو كان مما لا يجوز فيها، والسالم أفضل. ينظر: (المحلى ٦/ ٢٣٤).
** قال الحافظ ابن حجر في الفتح/ (9/592) :
واستدل بإطلاق الشاة والشاتين على أنه لا يشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية. انتهى.
★ القول بقياس العقيقة على الأضحية في الشروط يقتضي لوازم باطلة، مثل :
أن تُشترط شروط الأضحية في جميع الذبائح التي يُتقرّب بها (كالولائم مثل وليمة العرس)، مع أن أحدًا من العلماء لم يقل بذلك.
** قال العلامة الشوكاني رحمه الله :
هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ لِلشَّافِعِيَّة ِ، وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِإِطْلَاقِ الشَّاتَيْنِ عَلَى عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ وَهُوَ الْحَقُّ، لَكِنْ لَا لِهَذَا الْإِطْلَاقِ،
بَلْ لِعَدَمِ وُرُودِ مَا يَدُلُّ هَاهُنَا عَلَى تِلْكَ الشُّرُوطِ وَالْعُيُوبِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَهِيَ أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ لَا تَثْبُتُ بِدُونِ دَلِيلٍ.
وَقَالَ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ: مَسْأَلَةُ الْإِمَامِ يَحْيَى : وَيُجْزِئُ عَنْهَا مَا يُجْزِئُ أُضْحِيَّةً بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ شَاةً، وَسِنَّهَا وَصِفَتَهَا، وَالْجَامِعُ التَّقَرُّبُ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ. انْتَهَى.
◄ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى مُقْتَضَى هَذَا الْقِيَاسِ أَنْ تَثْبُتَ أَحْكَامُ الْأُضْحِيَّةِ فِي كُلِّ دَمٍ مُتَقَرَّبٍ بِهِ، وَدِمَاءُ الْوَلَائِمِ كُلُّهَا مَنْدُوبَةٌ عِنْدَ الْمُسْتَدِلِّ بِذَلِكَ الْقِيَاسِ،
وَالْمَنْدُوبُ مُتَقَرَّبٌ بِهِ، فَيَلْزَمُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهَا أَحْكَامُ الْأُضْحِيَّةِ،
بَلْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ أَنَّ وَلِيمَةَ الْعُرْسِ وَاجِبَةٌ، وَذَهَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَى وُجُوبِ كَثِيرٍ مِنَ الْوَلَائِمِ،
وَلَا أَعْرِفُ قَائِلًا يَقُولُ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي ذَبَائِحِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْوَلَائِمِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْأُضْحِيَّةِ، فَقَدِ اسْتَلْزَمَ هَذَا الْقِيَاسُ مَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، وَمَا اسْتَلْزَمَ الْبَاطِلَ بَاطِلٌ. ينظر: ((نيل الأوطار)) (5/ 163، 164).
** قال الإمام الألباني رحمه الله :
لا يشترط في العقيقة من سن ومن سلامة من العيوب الأمر في العقيقة سَعَة،
ما يطلق عليه لفظة شاة لغةً فهي تجزيء؛ فسواء كانت قرْناء أو كانت جمَّاء أو كانت عضباء أو كانت سليمة كما خلقها الله،
كل ذلك بجزيء، وليس هناك سن معين كما هو الشأن في الأضحية. ينظر: (سلسلة الهدى والنور/ شريط رقم : (20)).
** وقال أيضا رحمه الله :
أما يجب أن يكون أن تكون هذه العقيقة سليمة من العيوب كما هو الشأن في الأضحية فهذا لا دليل عليه،
والرسول - عليه السلام - أطلق القول كما سمعتم : ( على الغلام شاتان ، وعن الجارية شاة واحدة ) لم يشتَرِطْ هنا كما اشترط في الأضحية،
ولذلك فيجوز العقيقة بأوسع معنى، وإذا اختار الإنسان الأفضل فلا شك في ذلك أنه هو الأفضل. ينظر:(فتاوى عبر الهاتف والسيارة-(133)).
▣▣ الأسئلة الشائعة حول العقيقة :
1- هل يجوز العقيقة ببقرة أو جمل؟
لا يجوز، ولا تُجزئ، والأدلة الشرعية واضحة في تعيين "الشاة".
2- هل يجب أن تكون العقيقة خالية من العيوب؟
لا يُشترط، فالعقيقة أوسع من الأضحية في هذا الباب.
3- هل تجب العقيقة على الفقير؟
العقيقة سنة واجبة، ومن لم يستطع فلا حرج عليه.
▣▣ الخلاصة :
🔹 العقيقة لا تصح إلا بالخروف أو الماعز، ولا تجوز بالإبل أو البقر.
🔹 لا يشترط فيها شروط الأضحية (كبلوغ سن معين أو السلامة من العيوب).
🔹 يفضل أن تكون سليمة، لكن المعيبة تجزئ عند بعض العلماء.
شاركنا رأيك : هل كنت تعلم أن العقيقة لا تجوز بغير الخروف؟ ✍️
والله اعلم
اقرأ أيضا :
تعليقات
إرسال تعليق