العقيقة هي : الذبيحة التي تذبح للمولود يوم سُبُوعِه عند حَلْق شعره شكر لله تعالى وسبب تسميتها بهذا الاسم لأنه يشقّ حلقها عند الذبح .
* حكم العقيقة :
العقيقة واجبة على المستطيع لأن النبي ﷺ أمر بها وفعلها.
هذا مذهب الحسن، والليث بن سعد، وأبي زناد، وداود وهو ظاهر قول الخطابي واختاره الإمام الألباني.
والدليل :
1- عن سلمانَ بنِ عامرٍ الضبِّيِّ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
« مَعَ الغُلَامِ عَقِيقَةٌ؛ فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى ». [صحيح سنن أبي داود/2529].
قوله ((فأهرقوا عنه دما)) : أمر، والأمر يقتضي الوجوب .
2- حديثُ أمِّ كُرْزٍ الكعبيةِ رضي الله عنها : أنَّها سألَتْ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم عن العقيقة فقال:
« عَنِ الغُلَامِ شَاتَانِ وَعَنِ الأُنْثَى وَاحِدَةٌ، وَلَا يَضُرُّكُمْ ذُكْرَانًا كُنَّ أَمْ إِنَاثًا ». صحيح سنن أبي داود/ (245.
وهذا يدل على الوجوب لأن المعنى يجزئ عن الجارية شاة وعن الغلام شاتان .
3- عن عائشة رضي الله عنها قالت : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعق عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة. [صحيح سنن ابن ماجه/2561].
* أما عدم النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عق عن إبراهيم وسائر أولاده، فلاحتمال انتفاء وجوب العقيقة ابتداء ثم ورد الإلزام بها بعد ذلك، هذا من جهة.
- ومن جهة أخرى فإنه لو سلم جدلا فإن ذلك من فعله المعارض لقوله، وقد تقرر أصوليا أن قوله مقدم على فعله المعارض له .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
العقيقة قد أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بها في قوله : ( كل غلام مرتهن بعقيقة تذبح عنه يوم سابعه ) وقال في حديث آخر: ( عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة واحدة )
إذا يجب على ولي الأمر إذا ما رزق مولودا أن يذبح عنه إما شاتين إذا كان ذكرا أو شاة واحدة إذا كانت أنثى،
وهذا التعبير في كل من الحديثين يشعر المتأمل فيه بأن العقيقة ليست أمرا يخير فيه المسلم وإنما هو أمر واجب لا بد له منه،
وهذا بطبيعة الحال داخل في القاعدة العامة اتقوا الله ما استطعتم وقوله عليه السلام في الحديث المعروف ( ما أمرتكم من شيء فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه).
فقوله عليه الصلاة والسلام ( عن الغلام شاتان ) هذا التعبير كأنه هناك لفظة مقدرة يجب عن الغلام شاتان،
والحديث الآخر الذي يقول وهو الحديث الأول في السياق ( كل غلام مرتهن بعقيقة )
فلا يفك الرهن عنه إلا بالعقيقة إذا هذا الأسلوب في التعبير يشعر المتأمل فيه بأن العقيقة ليست فقط سنة متبوعة،
بل هي أمر واجب حتم لازم لا بد للمستطيع أن يقوم بذلك عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة واحدة. انتهى من (سلسلة الهدى والنور-(1087)).
* الأذان والإقامة في أذن المولود
لم يصح حديث واحد فى ذلك سواء الاقامة والتأذين لذا فهو مكروه، والأفضل الدعاء له بالبركة .
* كيفية حساب اليوم السابع؟
اليوم الذي حصلت فيه الولادة هو اليوم الأول إذا ولد يوم الجمعة فالسابع هو يوم الخميس وهكذا، وتكون التسمية في اليوم السابع أو قبله.
- قال ابنُ حَزْمٍ رحمه الله : ويُعَدُّ في الأيَّامِ السَّبعةِ الَّتي ذَكَرْنا يومُ الوِلادةِ ولو لم يَبْقَ منه إلَّا يسيرٌ. انتهى من ((المحلى)) (6/234).
- قال الشيخ ابنُ بازٍ رحمه الله : يُحسَبُ اليومُ الَّذي وقعَتْ فيه الوِلادةُ إذا وُلِد صباحًا، يومَ الإثنينِ قبلَ العصرِ أو قبلَ الظُّهرِ، يُحسَبُ هذا أوَّلَ يومٍ،
وإذا وقعَتْ في اللَّيلِ مِن ليلةِ الإثنين يُحسَبُ يومُها الَّذي بعدَها، فإذا جاء السَّابعُ سُمِّي فيه وذُبِحَتِ العَقيقةُ. انتهى من ((فتاوى نور على الدرب)) (18/212).
* حلق رأس المولود الذكر
يُستحَبُّ حلق رأس المولود الذكر فقط في اليوم السابع من ولادته والتصدق بوزنه فضة، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم :
أنه قال لفاطمة لما ولدت الحسن : { احلقي رأسه وتصدقي بوزن شعره فضة على المساكين }. حسنه الألباني في الإرواء.(4/402).
* قال علي بن أبي طالب : فوزناه فكان وزنه درهماً أو بعض درهم .
- قال ابن باز رحمه الله : المولودة لا يقص شعرها ولا يحلق، إنما الصبي الصغير يحلق يوم السابع،
أما الجارية فلا تحلق إلا إذا كان للدواء، إذا كان في رأسها مرض، فحلق للدواء فلا بأس. انتهى من ((فتاوى نور على الدرب)) (18/239).
* متى وقت العق عن المولود؟
يُستحَبُّ أن يكون ذبح العقيقة في اليوم السابع من يوم الولادة، ودليله حديث سمرة بن جندب أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق ويسمّى. ((صحيح سنن التِّرمذي)) (1522).
- قال الإمام ابنُ حَزْمٍ رحمه الله : يَذبحُ في اليومِ السَّابعِ مِنَ الوِلادةِ، ولا تُجزِئُ قبلَ اليومِ السَّابعِ أصلًا؛
فإنْ لم يَذبَحْ في اليومِ السَّابعِ ذَبَح بعدَ ذلك متى أَمكَنَ فرْضًا. انتهى من ((المحلى)) (6/234).
- قال الشيخ ابنُ بازٍ رحمه الله : ووقتُها يومُ السَّابعِ، هذا هو الأفضلُ، اليومُ السَّابعُ، وإنْ ذُبِحَتْ بعدَ ذلك فلا حَرَجَ، ولو بعد سَنَةٍ، أو سَنَتَين. انتهى من ((فتاوى نور على الدرب)) (18/219).
- وقال الشيخ العثيمين رحمه الله : لأنَّ كَوْنَ العَقيقةِ في اليومِ السَّابعِ سُنَّةٌ فقط، ولو ذُبِحَتْ في غيرِ اليومِ السَّابعِ أجزأَتْ. انتهى من ((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (25/229).
* ماذا يقول عند ذبح العقيقة؟
سئل العلامة الألباني رحمه الله :
هل يشرع ذكر معين عند ذبح العقيقة؛ مثل: اللهم هذا عن فلان ابن فلان؟
فأجاب : لا؛ لا يشرع.
السائل : ماذا يقال؟
الشيخ : لا شيء، إلا ما يقال عند كل ذبح ؛ باسم الله والله أكبر. انتهى من (سلسلة الهدى والنور/ شريط رقم : (323)).
* يذبح عن الذكر شاتان وعن الأنثى واحدة
لحديث أم كُرْز الكعبية قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة. (صحيح سنن أبي داود/ (245)).
- قال ابنُ عبدِ البَرِّ رحمه الله : وقال الشَّافعيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ: يُعَقُّ عنِ الغلامِ شاتان، وعنِ الجاريةِ شاةٌ. وهو قولُ ابنِ عبَّاسٍ وعائشةَ، وعليه جماعةُ أهلِ الحديثِ. انتهى من ((التمهيد)) (4/314).
- وقال الإمام ابن قيم الجوزية في تحفة المودود : « وشرع في المذبوح عن الذكر أن يكون شاتين،
إظهاراً لشرفه وإباحة لمحله الذي فضله الله به على الأنثى، كما فضله في الميراث والدية والشهادة ». انتهى.
* ذبح شاة واحدة عن الغلام عند عدَمِ القدرة
- قال الشيخ العثيمين رحمه الله :
فإن لم يجد الإنسان، إلا شاة واحدة أجزأت ، وحصل بها المقصود لكن إذا كان الله قد أغناه فالاثنتان أفضل. انتهى من "الشرح الممتع" (7/492).
- وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
ولو ذبح واحدة اليوم ، والثانية ذبحها بعد أيام .. فلا مانع، وليس اللازم أن تكون الشاتان مجتمعتين في وقت واحد. انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان" .
* الحكمة في كون الشاتان مكافئتان
- قال الإمام العثيمين فى"بلوغ المرام-كتاب الأطعمة" :
{شاتان مكافئتان} يعني : أنهما متشابهتان في السن والكبر والسِّمن .
والحكمة من ذلك : لأن لا تكون إحداهما أطيب والثانية يجعلها تابعة للأولى ولا يهتم بها،
فلهذا ندب الشارع إلى أن تكون الشاتان مكافئتين أي يكافئ بعضهما بعضاً. انتهى.
* مات المولود قبل سابعه فهل يعق عنه؟
يشرع ذبح العقيقة ولو مات المولود قبل اليوم السابع، وتشرع العقيقة عن السقط إذا أكمل أربعة أشهر وشرع في الخامس،
لأنَّه قد نُفِخَتْ فيه الرُّوحُ عنِ الغلامِ شاتانِ وعنِ البنتِ شاةٌ.
- جاء في فتاوى اللَّجنةِ الدَّائمةِ : وإذا وُلِد الجَنينُ حَيًّا ومات قبلَ اليومِ السَّابعِ سُنَّ أنْ يُعَقَّ عنه في اليومِ السَّابعِ، ويُسمَّى. انتهى من ((فتاوى اللَّجنة الدَّائمة)) (11/447).
- وقال الإمام العثيمين رحمه الله : « إيه نعم ؛ إذا ولد المولود بعد تمام الأربعة أشهر فإنه يُعق عنه ويُسمى أيضاً؛
لأنه بعد الأربعة أشهر تُنفخ فيه الروح ويُبعث يوم القيامة ». انتهى من (لقاء الباب المفتوح/ شريط رقم/ (2)).
* حكم العقيقة بغير الشاة؟
لا تجزي العقيقة بغير الغنم والماعز.
فقد أخرج الطحاوي والبيهقي أن ابن أبي مُليْكة : قال : " نفس لعبد الرحمن بن أبي بكر غلام فقيل لعائشة:
يا أم المؤمنين : عقي عنه جزوراً، فقالت : (( معاذ الله، ولكن ما قال رسول الله : {شاتان مكافئتان} )). حسَّن إسناده الشيخ الألبانى في الإرواء.(4/390).
- قال ابنُ حَزْمٍ رحمه الله : ولا يُجزِئُ في العَقيقةِ إلَّا ما يَقعُ عليه اسمُ شاةٍ - إمَّا مِنَ الضَّأنِ، وإمَّا مِنَ الماعزِ فقط -،
ولا يُجزِئُ في ذلك مِن غيرِ ما ذَكَرْنا، لا مِنَ الإبلِ ولا مِنَ البقرِ الإنسيَّةِ، ولا مِن غيرِ ذلك. انتهى من ((المحلى)) (6/234).
- وقال ابن حجر في الفتح/ (9/593) : واستُدل بذكر الشاة والكبش على أنه يتعين الغنم للعقيقة،
وبه ترجم أبو الشيخ الأصبهاني، ونقله ابن المنذر عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر. انتهى.
* لا يُشترط في العقيقة ما يُشترط في الأضحية
فليس على ذلك دليل صحيح ولا دليل ضعيف لذلك فالأمر واسع.
- قال ابن حجر في الفتح/ (9/592) :
واستدل بإطلاق الشاة والشاتين على أنه لا يشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية. انتهى.
- قال الإمام الألباني رحمه الله :
لا يشترط في العقيقة من سن ومن سلامة من العيوب الأمر في العقيقة سَعَة،
ما يطلق عليه لفظة شاة لغةً فهي تجزيء؛ فسواء كانت قرْناء أو كانت جمَّاء أو كانت عضباء أو كانت سليمة كما خلقها الله،
كل ذلك بجزيء، وليس هناك سن معين كما هو الشأن في الأضحية. انتهى من (سلسلة الهدى والنور/ شريط رقم : (20)).
* طبْخ العَقيقة والدعوة إليها
طبخ لحم العقيقة أفضل من توزيع لحمها نيئاً،
ذلك لأنه إذا طبخها فقد كفى المساكين والجيران مؤنة الطبخ، وهو زيادة في الإحسان وشكر هذه النعمة،
وإن فرّقها دون طبخ جاز ذلك، ويباح توزيع العقيقة أو جعلها وليمة، فالأمر فيها واسع .
فالذي يوزع العقيقة له ثلاثة خيارات : إن شاء أكلها هو وأهله كلها، وإن شاء وزعها كلها على الفقراء والمساكين، وإن شاء وزع النصف وأكل النصف .
- قال الإمام الألباني رحمه الله : أنت حر؛ إن شئت أن تأكلها أنت وأهلك كلها، على مضي الأسبوع والأسبوعين أو ثلاثة،
وإن شئت تصدقت بها كلها، وإن شئت جمعت بين الأكل والصدقة، وإن شئت دعوت الناس أغنياء وفقراء، وخير الدعوة التي يدعى إليها الفقراء.
الشاهد : أنه لا شيء في الشرع يُلزم القائم بهذا الحكم بأن يفعل شيئاً معيناً سوى إراقة الدم.
كل من يذبح بمناسبة المولود فله الخِيَرة ويفعل فيها ما يشاء. انتهى من (سلسلة الهدى والنور/ شريط رقم: (20)).
* الإقتراض للعقيقة
لمن لم يجد مالاً إذا كان يرجو الوَفاء، وذلك لأنها إحياء لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
- قال الشيخ العُثيمين رحمه الله :
الاستِقراضُ مِن أجْلِ العَقيقةِ يُنظَرُ :
إذا كان يرجو الوَفاءَ كرَجُلٍ موظَّفٍ لكنْ صادَفَ وقتُ العَقيقةِ أنَّه ليس عندَه دراهمُ فاستَقرَض مِن أحدٍ حتَّى يأتيَ الرَّاتبُ، فهذا لا بأسَ به.
وأمَّا إذا كان لا يرجو الوفاءَ، ليس له مصدرٌ يرجو الوفاءَ منه، فهذا لا يَنبَغي له أنْ يَستقرِضَ. انتهى من ((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (25/211).
* لم يعق عنه أبوه فهل يعق عن نفسه؟
من عق عن نفسه فهو سنة وليس واجباً، لأن الواجب إنما يتعلق بوالده والوالد قضى نحبه وانتهى أمره وربنا يعلم إن كان مقصراً أو لا.
- قال ابن سيرين رحمه الله : « لو أعلم أنه لم يعق عني لعققت عن نفسي ». (السلسلة الصحيحة (6/206).
- قال ابنُ عبدِ البَرِّ رحمه الله : وكان الحَسنُ البصريُّ يَذهَبُ إلى أنَّها واجبةٌ عنِ الغلامِ يومَ سابِعه.
قال : وإنْ لم يُعَقَّ عنه عَقَّ عن نفْسِه إذا ملَكَ وعَقَلَ. ينظر: ((الاستذكار)) (5/315) و (السلسلة الصحيحة- للألباني (6/206).
- وقال الإمام الألباني رحمه الله : إتباعاً للرسول عليه السلام حيث أنه لما أُختير عليه السلام واصطفاه ربه للنبوة والرسالة ذبح عن نفسه،
فينبغي على المسلم الذي يعلم أن أباه لم يذبح عنه أن يذبح هو عن نفسه. انتهى من (سلسلة الهدى والنور/ شريط رقم:( 20)).
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق