">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع
 
الأرحام أو الأقارب الواجب عليك أن تصلهم هم من جهة الأب والأم مثل الآباء والأمهات والأجداد والجدات والأعمام والعمات والأخوال والخالات والأخوة والأخوات فهؤلاء تجب صلتهم وتحرم قطيعتهم فصلة الرحم من أفضل الطاعات التي يتقرب بها العبد إلى ربه وقد أمر الله تعالى بها وبين أن وصلها موجب للمثوبة .

كما أن صلة الرحم ليست على درجة واحدة فكل من كان أقرب كانت صلته أوجب فصلة الوالدين أعظم من صلة غيرهم كما أن الأم مقدمة في الصلة على الأب لقوله صلى الله عليه وسلم : ( أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك ثم أدناك ثم أدناك ). رواه مسلم. فأول الأقارب وأحقهم بالصلة الأمهات والآباء والأجداد والجدات ثم الإخوة والأخوات ثم الأعمام والأخوال والخالات والعمات .

وليست صلة الرحم أن تصلهم إن وصلوك فقط ولكن أن تصلهم حتى وإن قطعوك فتكون صلتك لله لا مكافأة لعباد الله ولا من أجل أن تنال بذلك مدحًا عن الناس لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها ). رواه البخاريأي : ليس الواصل حقيقة هو من إذا وصله أقاربه وصلهم مكافأة لهم وإنما من يَصدق عليه مسمى الواصل هو الذي إذا قطعت رحمُهُ وصلها.

وأما كيفية أن تصل رحمك

من القواعد الفقهية المقررة أن العرف يرجع إليه في كل حُكمٍ حكَم الشارع به ولم يحده؛ أي : لم يبين كيفيته مثل بر الوالدين ومعاملة الزوجة والجيران وصلة الأقارب فيتحقق ذلك بكل ما تعارف الناس على أنه صلة ولم يكن فيه مخالفة للشرع.

 فما جرى به العرف أنه صلة فهو الصلة وما تعارف عليه الناس أنه قطيعة فهو قطيعة وتكون الصلة بأمور متعددة ، منها : الزيارة ، والصدقة ، والإحسان إليهم , وعيادة المرضى ، والنفقة على الأقارب، والدعاء لهم ، وقد يتعارف الناس على الاكتفاء بالاتصال الهاتفي في السلام والتهنئة كنوع من الصلة، ولو بالسلام يبلغ لهم، وغير ذلك ، فالصلة مختلفة بحسب القرابة والحاجة .

ومن أدلة ذلك :

1 - قال تعالى : فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم. [محمد:22-23].

فبيَّن سبحانه وتعالى أن الذين يُفسِدون في الأرض ويقطعون أرحامهم ملعونون، والعياذ بالله؛ أي : مطرودون ومُبْعَدون عن رحمة الله، وقد أصَمَّهم الله؛ أي : جعلهم لا يسمعون الحق، ولو سمعوا ما انتفعوا به، وأعمى أبصارَهم؛ فلا يرَوْن الحق، ولو رأوه لم ينتفعوا به، فسدَّ عنهم طرق الخير؛ لأن السمع والبصر يوصل المعلومات إلى القلب، فإذا انسدَّ الطريق لم يصل إلى القلب خيرٌ، والعياذ بالله. المصدر: «شرح رياض الصالحين- للعثيمين» (3/ 184- 188).

2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه -أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله خلق الخلق، حتى إذا فرغ من خلقه، قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال : نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت : بلى، يا رب. قال: فهو لك ). أخرجه البخاري.

 فى الحديث : بيان ضرورة صلة الرحم وما يترتب على قطعها والتفريط في حقوقها وقد استجارت الرحم بالله سبحانه وتعالى فأجارها وأدخلها في ذمته وخفارته وإذا كان كذلك فجار الله تعالى غير مخذول وعهده غير منقوض.

3 - عن أبي هريرة رضي الله عنه -أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ). أخرجه البخاري.

 ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه ) : فيه إشارة إلى أن القاطع كأنه لم يؤمن بالله واليوم الآخر لعدم خوفه من شدة العقوبة المترتبة على القطيعة.

4 - عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه -أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها ). أخرجه البخاري.

قال الإمام ابن بطّال في شرحه للحديث : " ( لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئ ) يعنى : ليس الواصل رحمه من وصلهم مكافأة لهم على صلة تقدمت منهم إليه فكافأهم عليها بصلة مثلها ". انتهى.

5 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رجل : يا رسول الله، من أحق بحسن الصحبة؟ قال : ( أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك، ثم أدناك أدناك ). أخرجه مسلم.

وجه الدلالة : قوله : ( ثم أدناك أدناك ) تنبيه على أن ترتيب الصلة يكون بالأقرب فالأقرب. انظر : ((نيل الأوطار)) للشوكاني (6/388).

6 - كما تجوز صلة الرحم الكافرة فعن أسماء رضي الله عنها قالت : ( أتتني أمي راغبة، في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم: أصلها؟ قال : نعم ). رواه مسلم.

وجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لأسماء أن تصل أمها، ولم تكن مسلمة. انظر : ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (7/89).

7 - عن أبي هريرةَ ؛ قال : لما أُنزلتْ هذه الآيةُ : { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ }.[ الشعراء : 214 ] دعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قريشًا . فاجتمعوا . فعمَّ وخصَّ . فقال يا بني كعبِ بنِ لؤيّ ! أنقِذُوا أنفُسَكُم منَ النارِ . يا بني مرةَ بنِ كعبٍ ! أنقذُوا أنفُسَكُمْ منَ النارِ . يا بني عبدِ شمسٍ ! أنقذُوا أنفسَكُم من النارِ . يا بني عبدِ منافٍ ! أنقذُوا أنفُسكُم من النارِ . يا بني هاشمٍ ! أنقذُوا أنفسكُم منَ النارِ . يا بني عبدِالمطَّلبِ ! أنقذُوا أنفُسكمْ منَ النارِ . يا فاطمةُ ! أنقذِي نفسَكِ منَ النارِ . فإني لا أملكُ لكُم منَ اللهِ شيئًا . غيرَ أنَّ لكُم رحِمًا سأَبُلُّها ببِلالِها . رواه مسلم في صحيحه رقم (204).

قال الامام النووي في شرحه على مسلم : ومعنى الحديث : سأصلها شبهت قطيعة الرحم بالحرارة ووصلها بإطفاء الحرارة ببرودة، ومنه : بلوا أرحامكم : أي صلوها .اهـ

وإليك كلام أهل العلم :

قال القاضي عياض رحمه الله :

ولا خلاف أن صلة الرحم واجبة على الجملة، وقطعها كبيرة . انتهى من ((إكمال المعلم)) (8/ 20)

قال القرطبي رحمه الله :

وأما الرحم الخاصة وهي رحم القرابة من طرفي الرجل أبيه وأمه ، فتجب لهم الحقوق الخاصة وزيادة ، كالنفقة وتفقد أحوالهم ، وترك التغافل عن تعاهدهم في أوقات ضروراتهم ، وتتأكد في حقهم حقوق الرحم العامة ، حتى إذا تزاحمت الحقوق بدئ بالأقرب فالأقرب . انتهى من تفسيره.

قال الإمام النووي رحمه الله مرتباً الأقارب في صلة الرحم :

قال أصحابنا يستحب أن تقدم في البر الأم ثم الأب ثم الأولاد ثم الأجداد والجدات ثم الأخوة والأخوات ثم سائر المحارم من ذوي الأرحام كالأعمام والعمات والأخوال والخالات ويقدم الأقرب فالأقرب . انتهى من شرح صحيح مسلم 16 / 13).

وقال أيضا رحمه الله :

" صلة الرحم هي الإحسان إلى الأقارب على حسب الواصل والموصول ؛ فتارة تكون بالمال ، وتارة تكون بالخدمة ، وتارة تكون بالزيارة ، والسلام ، وغير ذلك ". انتهى من " شرح مسلم " ( 2 / 201 ) .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

القرابة بيَّنها الرسول ﷺ قال في الحديث الصحيح لما سأله الرجل، قال: يا رسول الله من أبر؟! قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أباك. ثم الأقرب فالأقرب وفي اللفظ الآخر: أختك وأخاك وأدناك فأدناك.

فأول الأقارب وأحقهم بالصلة الآباء والأمهات والأجداد والجدات، ثم الأولاد وأولادهم من الذكور والإناث، ثم الإخوة وأولادهم ذكوراً وإناثا، ثم الأعمام والأخوال والخالات والعمات وأولادهم، ثم الأقرب فالأقرب من بني العم درجات، 

فأولاهم وأحقهم بالصلة الواجبة الآباء والأمهات والأجداد والجدات، هم أحق الناس، وأحقهم على الإطلاق الأم، ثم هكذا الأب في الدرجة الرابعة، وهكذا الجدة والأجداد.

المقصود أن الأصول والفروع هم أحق الناس بالبر والصلة، ثم يليهم الحواشي من الإخوة والأخوات والأعمام والعمات وأولادهم إلى آخره، الأقرب فالأقرب، 

والصلة واجبة حسب الطاقة فإذا استطاع أن يصل الأب والأم وصلهما، ولا يلزمه صلة الأولاد والإخوة إذا عجز، فإذا وصل الأولاد والآباء والأمهات ولكن عجز عن الإخوة سقط عنه ذلك، فإذا استطاع أن يصل الإخوة سقط عنه ما عجز عنه من صلة بنيهم وصلة الأعمام والعمات والأخوال وهكذا، الأقرب فالأقرب مع القدرة إذا كانوا فقراء، 

أما إذا كانوا أغنياء فالصلة تكون بالكلام الطيب والزيارة الحسنة والسلام، والسؤال عن الأحوال، وفعل ما ينفعهم من سائر المعروف، نعم. انتهى من (فتاوى نور على الدرب).

وقال أيضا رحمه الله :

أما إن وصلوك وصلتهم، وإن قطعوك قطعتهم لا، هذا ليس بصلة، حتى الأجنبي إذا وصلك تصله، الأجنبي الذي ما هو بقريب إذا وصلك وأحسن إليك، عليك المقابلة، والمكافأة، 

لكن الرحم، والقرابة لها حق وزيادة على هذا تصلهم، وإن قطعوا، وتحسن إليهم، ترد عليهم السلام، تبدأهم بالسلام، تدعوهم للوليمة تجيب دعوتهم. 

ولو قطعوك لأجل وحشة بينك وبينهم، أو شحناء، أو خصومات لا تقطعهم أنت، لكن لك أن تهجرهم ثلاثة أيام عند الوحشة، والنزاع، والخصومات لأجل حظ الدنيا، لك أن تهجرهم ثلاثة أيام فقط، لا يزيد على ذلك؛ لأن النبي ﷺ قال: لا هجرة فوق ثلاث. 

فالواجب أنه يصله بعد الثلاث، ويعود على حاله الأولى بعد الثلاث، ولا يهجر فوق ثلاث، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، خير المتهاجرين الذي يبدأ بالسلام. انتهى من (فتاوى الجامع الكبير).

سئل أيضا رحمه الله :

هل تجوز صلة الرحِم عبر التلفون ؟

فأجاب :

نعم ، هذا من صلة الرحم ، المكالمة الهاتفية ، والمكاتبة بالقلم : كلها من الصلة ، كونه يكتب إليه ، إلى أخيه ، أو عمه ، أو قريبه ، يسأله عن صحته وعن حاله ، أو يكلمه بالهاتف : كله طيب ، كله من الصلة . انتهى من " نور على الدرب " ابن باز ( شريط رقم 419 ) .

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :

" وصلة الأقارب بما جرى به العرف واتّبعه الناس ؛ لأنه لم يبيّن في الكتاب ولا السنة نوعها ولا جنسها ولا مقدارها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقيده بشيء معين ... بل أطلق ؛ ولذلك يرجع فيها للعرف ، فما جرى به العرف أنه صلة فهو الصلة ، وما تعارف عليه الناس أنه قطيعة فهو قطيعة ". انتهى من " شرح رياض الصالحين " ( 5 / 215 ) .

وقال أيضا رحمه الله في موضوع الأولوية في صلة الرحم

" وكل من كان أقرب كانت صلته أوجب ، فصلة الأخ أوجب من صلة العم إلا أن يكون هناك سببٌ يقتضي أن يوصل العم بأكثر من صلة الأخ كما لو كان العم أشد فقراً مثلاً أو كان مريضاً يحتاج إلى التردد عليه لعيادته أو نحو ذلك .

والذي ينبغي لواصل الرحم أن ينتبه لأمرٍ مهم وهو أن يقصد بصلة رحمه التقرب إلى الله تعالى بثوابه الذي جعله عز وجل لمن وصل الرحم فإن الله تعالى تكفل لمن وصل رحمه أن يصله الله وحذر من قطعها بأن من قطع رحمه قطعه الله ". انتهى من (فتاوى نور على الدرب-(356)).

وقال أيضا رحمه الله :

وقد ذكر أهل العلم من جملة الصِّلةِ النفقةَ على الأقارب، فقالوا : إن الإنسان إذا كان له أقاربُ فقراءُ، وهو غنيٌّ وهو وارث لهم، فإنه يلزمه النفقةُ عليهم؛ كالأخ الشقيق مع أخيه الشقيق، إذا كان الأخ هذا يرثه لو مات، فإنه يجب على الوارث أن يُنفِق على أخيه ما دام غنيًّا، وأخوه فقيرًا عاجزًا عن التكسُّب، فإن هذا من جملة الصلة.

وقالوا أيضًا : إن من جملة الإنفاق أنه إذا احتاج إلى النِّكاح فإنه يُزوِّجُه؛ لأن إعفاف الإنسان من أشدِّ الحاجات. المصدر: «شرح رياض الصالحين- للعثيمين» (3/ 184- 188).

وسئل الشيخ محمد بن عمر بازمول حفظه الله :

من هم الأرحام الذين أمر الله بصلتهم؟

فأجاب :

الأرحام الذين أمر الشرع بصلتهم هم الأقارب من جهة الأب والأم. وهم :

الجدتان والجدان . والعم والعمة. والخال والخالة. والأخوان والأخوات.

هؤلاء هم رحمك الذين يجب عليك صلتهم والبر بهم، لقرابتهم لوالدتك ووالدك. والله الموفق. انتهى. المصدر: (الصفحة الرسمية لفيسبوك الشيخ محمد عمر بازمول)

وسئل أيضا حفظه الله :

ما هو الضابط في زيارة الأرحام حتى لا تكون قطيعة؟

فأجاب :

صلة الأرحام لم يرد ما يخصصها بالزيارة فقط؛ فإنها يمكن أن تحصل ولو بالسلام يبلغ لهم، والسؤال عنهم، والدعاء لهم، وذكرهم بالخير.

والعوام جرى عندهم أن صلة الأرحام لا تكون إلا بالزيارة، وهذا لا اصل له في الشرع، فالصلة تكون بكل ما تقدّم!.

وذكر الألباني رحمه الله في سلسلة الأحاديث الصحيحة تحت رقم (1777) حديث : " بلوا أرحامكم ولو بالسلام ".

وفيه دلالة : أن صلة الرحم تتحقق ولو بالسلام يبلغ إليهم. واليوم والحمد لله مكالمة الأرحام والاتصال بهم والسؤال عنهم، عبر الهاتف من أيسر ما يكون والله الموفق.

وليعلم أن زيارة الأقارب والأرحام لا ينبغي أن تكون سببا في حصول الإثم، فإن بعض الناس يحرج على أرحامه وأقاربه في زيارته لهم، وقد يحملهم ما لا يحتملونه، فيتذمرون ويتضجرون بسبب ذلك، وتحصل قطيعة، والسبب إصراره على صلة الرحم بالزيارة دون أن يراعي آدابها؛

فليس من الأدب أن تزورهم في وقت انشغالهم كأن تزورهم أثناء أيام العمل والدراسة. وليس من الأدب تطويل الزيارة فلا تكون إلا في غداء أو عشاء. وليس من الأدب أن تثقل عليهم فتزورهم أنت وأولادك وأهلك وعيالك. 

وهكذا أمور تجعل القضية بدلا من أن تكون سبباً في الصلة، تكون سببا في القطيعة!.والله الموفق. انتهى. المصدر: (الصفحة الرسمية لفيسبوك الشيخ محمد عمر بازمول).

وسئلت اللجنة الدائمة :

ما حكم الإسلام في رجل قطع صلة رحمه، بسبب أن هؤلاء الرحم يقطعون صلتهم بأمه، ويستهزءون بها، وينهالون عليها بالشتائم، ويخاصمونها زيادة عن سنتين، وهذا الرجل يخاف على شعور أمه لو وصلهم. فما هو الجواب الشافي؟

فأجابت :

ينصح لهم، فيرشدهم إلى فضيلة صلة الرحم، ويحذرهم مضار القطيعة، ويذكرهم بما ورد في ذلك من الآيات والأحاديث، عسى أن يتعظوا ويعتبروا، 

فإن أبوا إلا التمادي في قطيعة الرحم وسوء معاملة أقاربهم دفع سيئتهم بالتي هي أحسن، ولا يقابل السيئة بالسيئة، عملا بما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : « ليس الواصل بالمكافئ إنما الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها » .(البخاري). وانصح والدتك بالصبر وتحمل الأذى، وعدم مقابلة السيئة بالسيئة، رجاء المثوبة من اللهوبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء- الفتوى رقم (٦٧٠٨)).

وجاء فيها أيضا :

لي أقارب لا يلزمون بناتهم ونسائهم بالحجاب، ويدخل الرجال على النساء والنساء على الرجال، ويصافح بعضهم بعضا. وقد أوجب الله زيارة الأقارب. فكيف أزورهم وهذه حالهم؟ هل يجوز ترك زيارتهم؟

فأجابت :

 زر أقاربك وانصحهم عن المنكرات التي عندهم لعلهم يتوبون منها، فإن لم يقبلوا النصيحة فاهجرهم إن كان الهجر يؤثر فيهم، 

وإن لم يؤثر فيهم فزرهم مع استمرار المناصحة، وكراهية ما هم عليه من فعل بعض المنكرات، إلا أن تخاف أن يؤثروا عليك أو على أولادك فلا تزرهم، ابتعادا عن الفتنةوبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء-الفتوى رقم (١٧٣٢٤)).

وأخيرا إليك ثمرة صلتك لرحمك :

أولًا : واصل رحمه موعود بأن يصلَه الله جل شأنه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال الله جل شأنه عن الرحم : " أما ترضين أن أصل من وصلك ". متفق عليه.

ثانيًا : ثلاث مكاسب اجتمعت في واصل الرحم : المحبة في الأهل، والزيادة في المال، والتأخير الحقيقي في الأجل، فما رأيك في هذه المكاسب؟ إنها أمور كلنا نطلبها ولكن هل منا من سلك هذا السبيل لطلبها؟.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأثر". (صححه الألباني فى هداية الرواة-رقم: (4862)))، وذلك لأن الأجل والرزق على نوعين : أجل مطلق يعلمه الله وأجل مقيد, ورزق مطلق يعلمه ورزق مقيد, فالمطلق هو ما علمه الله أنه يؤجله إليه أو ما علمه الله أنه يرزقه فهذا لا يتغير, والثاني يكون كتبه الله واعلم به الملائكة فهذا يزيد وينقص بحسب الأسباب. [مجموع فتاوى ابن تيمية 8/ 517,540]. 

فكيف لمسلم يعرف هذا الحديث ثم لا يجعل منه بابًا لتفريج كرباته النفسية والمالية ومصدر سعادة في داريه العاجلة والآجلة؟!.

ثالثًا : تعجيل الثواب، والتغاضي عن الفجور والأخطاء الأخرى، عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أعجل الطاعة ثوابًا، صلة الرحم، وإن أهل البيت ليكونون فجرة؛ فتنمو أموالهم ويكثُر عددهم، إذا تواصلوا، وما من أهل بيت يتواصلون فيحتاجون ". (صححه الألباني في صحيح الجامع)، هذا التعجيل للثواب والتغاضي عن الفجور والأخطاء، ببركة هذا العمل العظيم الذي بمنزلته ومكانته يستر عيوبَ صاحبه الأخرى.

رابعًا : سببٌ في مغفرة الذنوب : فعَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ ذَنْبًا عَظِيمًا فَهَلْ لِي تَوْبَةٌ؟ قَالَ : "هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ؟" قَالَ : لَا، قَالَ : "هَلْ لَكَ مِنْ خَالَةٍ؟" قَالَ : نَعَمْ، قَالَ : " فَبِرَّهَا ". [صحيح الترمذي]. أي : ارفق بها وأحسن إليها وتعطف عليها وصلها فإن هذا البر سيكون طريقا لتكفير ذنبك وذلك لأن صلة الأرحام من جملة الحسنات التي تذهب السيئات والخالة من أقرب الأرحام وأولاهم بالصلة .

خامسًا : سبب في قبول الأعمال : فعن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ تُعْرَضُ كُلَّ خَمِيسٍ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَلَا يُقْبَلُ عَمَلُ قَاطِعِ رَحِمٍ "[ صحيح الترغيب 2538].

سادسًا : صلة الرحم من أهم الأعمال التي توصل إلى الجنة، عن أبي أيوب رضي الله عنه : أن رجلًا قال : أخبرني عن عمل يدخلني الجنة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " تعبُد الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الأرحام "متفق عليه.


والله اعلم


اقرأ أيضا :


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات