القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

حكم سفر المرأة بدون محرم للحج أو العمرة أو الدراسة


لا يجوز للمرأة السفر بدون محرم فى كل ما يسمى سفرا لعموم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما : « لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» أو «إلا ومعها ذو محرم ». 

والأصل فيما نهى الله عنه ورسوله هو للتحريم،سواء كان هذا السفر للحج أو العمرة أو للدراسة وسواء طالت المسافة أو قصرت فلا يجب عليها الحج ولا العمرة إلا عند وجود المحرم ولا يجوز لها السفر إلا بذلك وهو شرط للوجوب ولا فرق بين أن تؤمن الفتنة أو لا تؤمن لإطلاق الحديث وعمومه فلا يحل للمرأة أن تسافر دون محرم .

لكن لو خرجت للحج بدون محرم فإن حجها صحيح متى استوفى أركانه وشروطه وتسقط به الفريضة عنها ولا تلزمها إعادته مع محرم ولكنها آثمة لخروجها بدون الزوج أو المحرم وسفرها مُحَرَّمٌ ومعصيةٌ لأنها خالفت أحاديث الرسول عليه السلام الصحيحة التي تقول : ( لا تسافر امرأة سفرًا إلا ومعها محرم ).

 فلا تسافر امرأة سفرًا إلا ومعها محرم فالتي تخالف هذا الحديث الصحيح بلا شك تكون آثمة وعليها التوبة إلى الله والإستغفار من سفرها بدون محرم .

محرم المرأة هو : زوجها أو من يحرم عليها بالتأبيد؛ بسبب قرابة، أو رضاع، أو صهرية، ويكون مسلما بالغا عاقلا ثقة مأمونا ولا تكون المرأة محرما للمرأة؛ فإن المقصود من المحرم حماية المرأة وصيانتها والقيام بشأنها.

وهو قول : عكرمة بن عبد الله، والحسن البصري، وعمر بن عبدالعزيز، والنَّخَعي، والشعبي، وطاوس، والحنابلة، والثوري، وإسحاق بن راهويه، والليث بن سعد، وأبو ثور، والحنفية، وابن المنذر، وقول عند الشافعية، وقول عند المالكية، والصنعاني، والشوكاني.

وإليك الأدلة :

1- عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، تسافر مسيرة ثلاث ليال، إلا ومعها ذو محرم ). رواه البخاري.

2- عن عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله ﷺ : ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا معها محرم ). (متفق عليه). فقد نهى رسول الله ﷺ في هذا الحديث الشريف عن مطلق السفر ولم يحدد أيامًا.

3- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، يقول : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل، فقال : يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال : انطلق فحج مع امرأتك ). رواه البخاري

الشاهد من الحديث :  أنه لو لم يكن وجود المحرم شرطا في حج المرأة لما أمره النبي  بلحوقها واصطحابها وترك الجهاد والغزو .

ولم يستفصل النبي صلى الله عليه وسلم منه هل كانت امرأته مع نساء أم رجال وهل كانت آمنة أو غير آمنة بل أَمَرَه النبي صلى الله عليه وسلم أن يترك الغزوة التي اكتتب فيها ويلحق زوجته ليحج معها .

تنبيه : قد ورد في بعض الروايات التقييد بيوم وفي بعضها التقييد بليلة وفي بعضها التقييد بثلاثة أميال وفي بعضها بيومين والتحديد بذلك ليس بمراد وإنما هو تعبير عن أمر واقع فلا يعمل بمفهومه ثم هو مفهوم عدد معارض بمنطوق حديث ابن عباس رضي الله عنهما وما في معناه فلا يعتبر وإنما يعتبر ما ثبت من الإطلاق في حديث ابن عباس رضي الله عنهما وهو واضح في أن المرأة منهية عن كل ما يسمى سفرا إلا ومعها زوجها أو ذو محرم لها سواء كان قليلا أم كثيرا وسواء كانت شابة أم عجوزا وسواء كان السفر برا أم بحرا أم جوا، 

ومن خالف في ذلك فخص النهي بالشابة أو قيده بما ذكر من التحديد في بعض الأحاديث أو بما إذا كانت الطريق غير مأمونة أو اكتفى بالرفقة الثقاة المأمونة فقوله مردود بعموم حديث ابن عباس رضي الله عنهما، فإنه منطوق فيقدم على مفهوم العدد في الأحاديث الأخرى .
 
جاء فى نيل الأوطار للشوكاني :

 أحاديث نهي المرأة عن السفر بدون المحرم لا تعارض الآية الكريمة ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) لأنها بينت أن وجود المحرم في حق المرأة من جملة الاستطاعة التي هي شرط لوجوب الحج. 

وقد يقول قائل ان السنة النبوية بينت ان الاستطاعة تكون بملك الزاد والراحلة دون اشتراط المحرم، وعندها نقول ان الأحاديث تضمنت اشتراط المحرم مع اشتراط الزاد والراحلة وهذه زيادة غير منافية فيتعين قبولهما. انتهى. ([ينظر: نيل الاوطار 5/18،]).

وسئل الشيخ الألباني رحمه الله :

هناك مسألة أخرى إذا حجت المرأة بغير محرم حجة الفرض فهل حجها باطل كلياً ويتوجب عليها إعادته مع محرم أم أن الحج السابق أجزأها ولا إعادة عليها وتعتبر آثمة فقط ويسقط عنها الفرض ؟!

الجواب : 

حجها صحيح ، المرأة التي تحج بغير محرم حجها صحيح ، بمعنى سقط عنها الفرض ولكنها في الوقت نفسه هي آثمة ، لأنها خالفت أحاديث الرسول عليه السلام الصحيحة التي تقول : ( لا تسافر امرأة سفرًا ) الأحاديث فيها اختلاف في الألفاظ لكن المعنى واحد ، تارة تطلق : ( لا تسافر امرأة سفرًا إلا ومعها محرم ) تارة تقول : ( لا تسافر يوماً ) تارة يومين تارة ثلاث أيام وكل هذه سفر بلا شك ، فلا تسافر امرأة سفرًا إلا ومعها محرم ، فالتي تخالف هذا الحديث الصحيح بلا شك تكون آثمة ، 

والمرأة لو ملكت صحتها ومالها ومركوبها وكل شيء جاهز لها يُسهل طريق الحج لها فلا يجب عليها الحج إلا إذا كان معها محرم مهما كانت غنية مهما كانت قوية ، لا يجب عليها الحج إلا مع وجود محرم ، وهذا من لطف الله عز وجل على النساء وتلطفه بهنَّ ،

فإذا خالفت المرأة وحجت وأدت مناسك الحج بكاملها أو على الأقل الأركان التي بها يصح الحج فقد سقط عن ذمتها حجة الفريضة لكن من جهة أخرى هي آثمة لأنها خالفت تلك الأحاديث الصحيحة ، 

ويجب على كل حاجٍ سواء كان ذكرًا أو أنثى أن يستحضر أنه ليس المقصود مِن أداء فريضة الحج أو الإتيان بالصلاة أو غير ذلك مِن الفرائض هو كحمل يضعه الإنسان على ظهره أو رقبته ولا يصدق متى يُلقي ذلك عن ظهره ، ليس الأمر كذلك ، لأن المقصود من هذه العبادات ومن هذه الطاعات كلها هو أن يزداد المسلم بها تقربًا إلى الله تبارك وتعالى وأن يحظى بمغفرته ورضوانه وأن يعود كيوم ولدته أمه كما قال عليه السلام : ( من حج فلم يرفث ولم يفسق خرجَ من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) ، فماذا يقال عن امرأة من أول خطوة تخطوها من دارها إلى آخر خطوة تدخل بها دارها هي آثمةٌ عاصية لله عز وجل ، فهل ترجع كما ولدتها أمها ؟!

لا ، لذلك فيجب على كل حاج كما قلت لا فرق بين ذكر وأنثى أن يحرص على أن يأتي بهذا الحج الذي يعود بسببه كيومَ ولدته أمه ، والحمدلله رب العالمين .انتهى باختصار من (شرح كتاب الأدب المفرد-(182))

وسئل أيضا رحمه الله :

أخ يسأل عن حديث لا تسافر المرأة يقول «لا تسافر المرأة يوم وليلة» كيف يتم تحديد زمن يوم وليلة، هل بالمسير القديم أم بالمسير الحديث، حيث أننا نعلم أن الإنسان يستطيع أن يصل إلى أبعد دولة بالطائرة في أقل من يوم، ولا يستطيع أن يصل إلى العقبة في يوم وليلة قديماً؟

الجواب :

 صحيح، الجواب أن القيد المذكور في هذا الحديث، ليس مقصوداً لذاته، فقد جاء في بعض الأحاديث بدل يوم وليلة ثلاثة أيام ولياليها.

وفي نهاية البحث الفقهي في هذه الأحاديث، ينتهي الأمر إلى تبني رواية من روايات الحديث المطلقة، والتي هي أشمل وأعم من كل الروايات التي جاءت بلفظ يوم وليلة أو ثلاثة أيام، ذلك هو قوله عليه السلام «لا تسافر المرأة سفراً إلا ومعها محرم» سفراً مطلقاً.

وهذا أيضاً من دقة الشريعة؛ لأننا إذا استحضرنا هذا النص العام الشامل لكل نوع من أنواع الأسفار، مهما كانت مسافاتها طولاً وقصراً، يزول الإشكال الذي ورد في المسافة التي تقطع بسبب الوسائل الحديثة بأقل من ساعة من زمان، هل يخرج بذلك الذي قطع هذه المسافة عن كونه مسافراً أم لا؟ فإن كان لا يزال مسافراً فتجري عليه أحكام المسافر، ولا قيمة حينذاك للمسافة التي قطعها وبأي وسيلة أو آلة اجتازها، هذا هو جواب هذا السؤال .اتتهى من (الهدى والنور / ١٦/ ٤٩: ٤٨: . .)

وسئل أيضا رحمه الله :

سفر المرأة بدون محرم بالطائرة يجوز؟

الجواب :

 لا يجوز، ما دام سفراً فلا يجوز، ولا فرق بين السفر بالطائرة أو السيارة أو الدابة، ما دام أن كل هذه المُسيرات تدخل في مسمى السفر شرعاً.

مداخلة : لم يُكمل مسيرة يوم وليلة.

الشيخ :

 ليس للسفر في الشرع مدة محددة بالمراحل كما كانوا قديماً، أو بالكيلومترات كما يقولون حديثاً، وإنما سفر. انتهى من(الهدى والنور / ٩٣ /. .: ٣٦: . .)

وسئل أيضا رحمه الله :

يسأل السائل فيقول : نرجو المزيد من التوضيح حول رأي الإمام مالك رحمه الله في جواز سفر المرأة بدون محرم مع الرفقة الآمنة من النساء، وما دليله؟ وبعض العلماء يستدل على هذا الجواز من حديث: «إن الظعينة تسير من اليمن إلى العراق لا تخشى إلا الله والذئب على الغنم» نرجو المزيد من التوضيح.

الجواب :

 أما الحديث فليس فيه دليل؛ لأن الظعينة هي المرأة، والدعوى أن هناك نساء يسافرن بعضهم مع بعض، الحديث فيه أن المرأة تسافر، فلو أراد الرجل أن يستدل بالحديث لادعى أنه يجوز للمرأة الوحيدة أن تسافر؛ لأن الحديث هذا هو دلالته، ولكن ليس في الحديث ما يدل على جواز سفر المرأة لوحدها؛ لأن الحديث لم يأت تشريعًا وإنما جاء خبرًا غيبيًا، والأخبار الغيبية إنما [تُخبِر] عما يقع سواء كان الواقع ممدوحًا أو مذمومًا، فقوله عليه السلام مثلًا : « لا تقوم الساعة حتى يتطاول الناس بالبنيان » هذا لا يعني أن التطاول بالبنيان أمر مشروع في الإسلام، وإنما هذا خبر غيبي يتحدث عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليقدم إلى الناس دليلًا بعد أدلة على صدق نبوته عليه السلام؛ لأنه ليس من طاقة الناس عادة أن يتحدثوا عن المغيبات.

كذلك مثلًا من الأخبار أن الساعة لا تقوم حتى يتسافد الناس في الطرقات تسافد الحمير، فهذا خبر عما سيقع وليس فيه بيان شرعية هذا المخبر به، وهكذا قوله عليه السلام عن الظعينة لا يتضمن حكمًا شرعيًا وإنما هو خبر من أخبار الغيب، لا سيما والاستدلال بهذا الحديث فيه تعطيل لأحاديث جاءت خاصة بتشريع حكم بين الناس، وهي الأحاديث التي وردت بألفاظ عديدة : « لا تسافر المرأة سفرًا ثلاثة أيام إلا ومعها محرم » في بعض الروايات وهي أعم وأشمل : «لا تسافر امرأة سفرًا - أي: مطلقًا - إلا ومعها محرم» هذه الأحاديث جاءت للتشريع فلا نعارضها بحديث الظعينة؛ لأنه ما جاء للتشريع وإنما جاء كخبر من أخبار الغيب.

على ذلك فالاستدلال بحديث الظعينة على قول مالك وغيره من الأئمة أنه يجوز للنساء الموثوق بأخلاقهن ودينهن أن يسافرن بغير محرم لا يصح الاستدلال بحديث الظعينة للسببين الذين ذكرناهما.

خلاصة ذلك : أن حديث الظعينة يتحدث عن المرأة الواحدة، والدعوى أخص من الدليل كما يقول علماء الأصول، 

وثانيًا : لأن حديث الظعينة خبرًا غيبيًا لا يتضمن حكمًا شرعيًا فهو مخالف للأحاديث التي جاءت في التشريع مباشرة وهو نهي الرسول عليه السلام المرأة أن تسافر إلا مع محرم.

ثم إن هذا القول لا يمكن الاطمئنان إليه من حيث الواقع، ولعل بعضكم ابتلي مثلي بقراءة : «طوق الحمامة» لابن حزم فإنه سيجد هناك عبرة لمن يعتبر ببيان أن هذا القول نساء موثوقات يجوز لهن أن يسافرن، فمن يقرأ القصة التي ذكرها ابن حزم يطمئن تمامًا إلى أن هذا القول مع مخالفته لعموم قوله عليه السلام : « لا تسافر امرأة سفرًا إلا مع محرم » فتلك القصة تؤكد أن نسوة خرجن من المغرب حاجات وقضين الحج في سكينة، وهن راجعات وقعن في الفاحشة من إما قبطان سفينة أو أحد العاملين فيها، فما قيمة القيمة المرأة ثقة تسافر مع نساء ثقات، فالنساء ضعيفات، ولذلك جاء هذا الحكم الشرعي للمحافظة على أعراضهن .

ويجب أن نذكر بهذه المناسبة أن الله تبارك وتعالى العليم بطبائع البشر وبخاصة منهن النساء يضع الموانع والسدود بينهن وبين أن يقعن في الفاحشة ولو إلى الأمد البعيد،

 ولعلكم تذكرون أن المحرمات تنقسم إلى قسمين : بعضها محرم لذاته وبعضها محرم لغيره، فالمحرم لذاته يحرم البتة، أما المحرم لغيره فلأنه يوصل إلى المحرم لذاته، المحرم لغيره قد نتصوره يسد الطريق لكي لا يصل المسلم إلى المحرم [لذاته] ولو كان العقل يستبعد جدًا أن يقع في مثله لكنه يقع ولو مرة واحدة، 

نحن نعلم مثلًا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة في الأوقات المكروهة عند طلوع الشمس وعند غروبها، وأن الشيطان يخرج بقرنيه حين غروب الشمس وحين طلوعها فلا يجوز للمسلم أن يتقصد الصلاة في ذلك الوقت، لماذا؟ سدًا للذريعة مع أن أحدنا لو صلى في هذين الوقتين ما يخطر في باله أبدًا أن يصلي وأن يسجد للشيطان عند الشروق وعند الغروب وإنما نهى من باب سد الذريعة كما نهى مثلًا عن النظر إلى المرأة وعن الاستماع إليها كما جاء في أحاديث صحيحة معروفة لديكم.

فإذًا : ليس من الضروري أن نتصور أن كل امرأة تسافر بغير محرم أن حتمًا عليها أن تقع في الفاحشة، أو جماعة من النساء يسافرن سفرًا بغير محرم، ليس من الضروري أن نتصور أنهن يقعن في الفاحشة، ولكن لكي لا يقعن في الفاحشة يشترط الرسول عليه السلام المحرم كما جاء في الحديث، فلا يقل الإنسان كما نسمع اليوم مثلًا أن السفر بالطائرة من هنا إلى دمشق في ظرف ساعتين أو مثلًا إلى عمان ما في مانع أن تسافر المرأة لم؟ لأنه يودعها المحرم هنا ويستملها محرم آخر هناك، لكن هذه السفرة حيث لا محرم لها ممكن أن تتعرض المرأة للوقوع في الفاحشة التي حال الرسول عليه السلام لما جاء من الحكم من شرطية المحرم بينها وبينها .

وكذلك وقعت بعض الحوادث فيها عبرة، لقد حدثنا أحد أصحابنا في دمشق من لسان زوج أصيب في عرض امرأته لأنها سافرت فقط من دمشق إلى [مدينة أخرى] بالطائرة نصف ساعة فقط، مع ذلك أصيب هذا الرجل في عرض زوجته، كيف وقع ذلك؟ ركبت المرأة في دمشق طائرة بعد أن أخبرت زوجها هاتفيًا بأن الطائرة بعد نصف ساعة ستكون في المطار فخرج الرجل لاستقبالها فلم تأت الطائرة، فما الذي وقع؟ لقد وقع عين ما يسمونها اليوم بالمضيفة على هذه المرأة وأعجبها جمالها فنقلت خبرها إلى قبطان الطائرة، فاتفقا على أن يراوداها عن نفسها فاقتنعت بذلك فأعلن القبطان على الركاب بأن الطائرة أصابها عطل فهي مضطرة إلى أن تنزل في اللاذقية، وهناك اللاذقية حضر القبطان مع هذه المرأة ... ثم في الصباح انطلقت الطائرة من اللاذقية.

فلما التقت مع زوجها [شعر] بأمرها، فلم يزل يناقشها ويباحثها حتى اعترفت بالواقع، فالاحتجاج بأن المسافة قصيرة هذا لا يعطل الحكم الشرعي أبدًا فلا بد للمرأة أن يكون معها محرم، سواء سافرت جوًا أو بحرًا أو برًا، هذا الشرط يجب المحافظة عليه ولا يجوز الاغترار بأن الأمر قريب وأن السلامة مضمونة.

كذلك حدثنا أحد إخواننا في جده بأن رجلًا أصيب في عرض امرأته وهما مصريان، أرسل برقية إلى الرياض بأن زوجتي ستكون عندكم في رحلة كذا في طائرة كذا .. اطلع على البرقية بعض الموظفين في دائرة البرق وعرفوا مجيء هذه المرأة من مصر إلى الرياض، فاتفقا اثنان أو ثلاثة منهم على الخروج لاستقبالها متظاهرين بأنهم مأمورون بذلك من زوجها، فاستقبلوها فعلًا في المطار وأدخلوها في سيارتهم بهذه الدعوى الكاذبة، فخرجوا بها وقضوا وطرهم منها، ما فائدة أنها سافرت من مصر إلى الرياض بدون محرم فقد وقعت في [المصيبة في] نفسها.

لذلك يجب أن نحرص على المحافظة على النصوص بحرفيتها تمامًا؛ لأن الأمر كما قالت السيدة عائشة رضي الله عنها للنبي - صلى الله عليه وسلم - حينما قال لها : « يا عائشة هذا جبريل يقرئك السلام، فقالت : يا رسول الله! وعليه السلام ترى ما لا نرى» فرسول الله الموحى إليه من السماء يرى من حكم التشريع ما لا يراه كل الناس، فحينما قال : « لا تسافر امرأة سفرًا إلا ومعها محرم » فسفر الطائرة من هنا إلى هناك إذا كان سفرًا فلا يجوز مخالفة هذا الشرط الذي وضعه الرسول عليه السلام . انتهى من (أسئلة وفتاوى الإمارات - ٥/ ٠٠: ٢٦: ٥٤)

وسئل أيضا رحمه الله :

هل يجوز للمرأة أن تسافر دون محرم في ملأ من الناس؟

الجواب :

 ما دام تسأل دون محرم وأنت تعرف أن الرسول عليه السلام نهى ذلك، ما وجه السؤال؟ ما دام ما في محرم وأنت تعلم قوله - صلى الله عليه وسلم -: « لا تسافر امرأة سفرًا دون محرم ».

مداخلة :

 في حديث أظن في البخاري أن أحد زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - ذهبت إلى الحج مع قافلة دون محرم.

الشيخ :

 طيب! لكن هذا لا يلحق به سائر النساء؛ لأن نساء الرسول أمهات المؤمنين، فلا يقاس عليهن سائر النساء، هذا أولًا.

ثانيًا : السيدة عائشة في هذا الخروج قد خالفتها أم سلمة ورغبن منها أن تخرج معهن فأبت واحتجت بحديث صحيح، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حج بهن حجة الوداع قال : « هذه ثم ظهور الحُصُر » أي : هذه الحجة لكن معي، أما بعد ذلك لا تخرجن والزمن الحصر، يعني : البيوت، لكن السيدة عائشة رضي الله عنها ما ندري كيف خرجت وأبت ذلك أم سلمة، واحتجت بهذا الحديث.

فالجواب إذًا من ناحيتين :

 الناحية الأولى : ما ذكرته آنفًا وهو أنها من أمهات المؤمنين فلا يلحق بهن سائر المؤمنات.

والجواب الثاني : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد كان أمر نساءه ألا يخرجن بعد هذه الحجة، فيكون ذلك مما لا يقتدى به، نعم . انتهى من (فتاوى جدة - ٦/ ٠٠: ٤٥: ٥٥).

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :

عن حكم حج المرأة مع نساء بدون محرم؟

الجواب :

 لا يجوز للمسلمة أن تحج بدون محرم، النبي ﷺ قال : لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم. وقد ذهب بعض العلماء إلى جواز الحج مع ثقات النساء بدون محرم ولكنه قول مرجوح، والصواب : ما قاله النبي ﷺ : لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم . 

لكن لو حجت مع النساء صح حجها، وعليها التوبة إلى الله؛ لأنها أخطأت وأثمت فعليها التوبة إلى الله والندم وأن لا تعود إلى مثل هذا وحجها صحيح إن شاء الله؛ لأنها.. أدت مناسك الحج، فصح مع الإثم في مخالفتها السنة، في حجها بدون محرم، والله ولي التوفيق، وله سبحانه وتعالى الحكمة البالغة وعليها التوبة من ذلك . انتهى من (فتاوى نور على الدرب)

وسئل أيضا رحمه الله :

السؤال : يقولون إن عائشة رضي الله عنها حجت مع عثمان بدون محرم وأن المرأة تخرج من الحيرة إلى صنعاء لا تخاف إلا الله والذئب على غنمها؟

الجواب :

 هذا يحتاج إلى دليل، لا يجوز أن يقال : حجت بدون محرم، بغير دليل لا بد أن يكون معها محرم فعندها أبناء أخيها، عندها عبد الرحمن أخوها، عندها أبناء أختها أسماء.

 الذي يقول : إنها حجت بدون محرم، يكون قوله كذبا إلا بدليل، ثم لو فرضنا أنها حجت بدون محرم فهي غير معصومة، كل واحد من الصحابة غير معصوم، الحجة في قال الله وقال رسوله، ما هو بحجة قول فلان أو فلان، ما خالف السنة فلا حجة فيه، الحجة في السنة المطهرة الصحيحة، هذا هو المعروف عند أهل العلم وهو المجمع عليه.

يقول الشافعي رحمه الله : أجمع الناس على أنه من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس. 

وقال مالك رحمه الله : ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر.

المقصود أن الواجب على أهل الإسلام والمؤمنين هو الأخذ بالسنة، لا يجب أن تعارض لقول فلان أو فلان أو فلانة، ثم لا يظن بعائشة رضي الله عنها وهي الفقيهة المعروفة، أفقه نساء العالم لا يظن بها أن تخالف السنة؛ وتحج بغير محرم وهي التي سمعت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ". انتهى من («مجموع الفتاوى» (25/ 362))

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

 " هذا العمل وهو الحج بدون مَحرم مُحرَّم لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو يخطب : لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ، فقام رجل فقال : يا رسول الله ، إن امرأتي خرجت حاجة ، وإنني قد اكتُتِبتُ في غزوة كذا وكذا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : انطلق فحج مع امرأتك ". رواه البخاري (3006) ومسلم (1341) فلا يجوز للمرأة السفر بدون محرم ، 

والمحرم : من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح ، ويشترط أن يكون بالغا عاقلا ، وأما الصغير فلا يكون محرما ، وغير العاقل لا يكون محرما أيضا ، والحكمة من وجود المحرم مع المرأة حفظها وصيانتها ، حتى لا تعبث بها أهواء مَن لا يخافون الله عز وجل ولا يرحمون عباد الله .

ولا فرق بين أن يكون معها نساء أو لا ، أو تكون آمنة أو غير آمنة ، حتى ولو ذهبت مع نساء من أهل بيتها وهي آمنة غاية الأمن ، فإنه لا يجوز لها أن تسافر بدون محرم ؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر الرجل بالحج مع امرأته لم يسأله ما إذا كان معها نساء وهل هي آمنة أم لا ، فلما لم يستفسر عن ذلك دل على أنه لا فرق ، وهذا هو الصحيح .

وقد تساهل بعض الناس في وقتنا الحاضر فسوَّغ أن تذهب المرأة في الطائرة بدون محرم ، وهذا لا شك أنه خلاف النصوص العامة الظاهرة ، والسفر في الطائرة كغيره تعتريه الأخطار .

فإن المسافرة في الطائرة إذا شيعها محرمها في المطار فإنه ينصرف بمجرد دخولها صالة الانتظار ، وهي وحدها بدون محرم وقد تغادر الطائرة في الوقت المحدد وقد تتأخر . وقد تقلع في الوقت المحدد فيعتريها سبب يقتضي رجوعها ، أو أن تنزل في مطار آخر غير المطار المتجهة إليه ، وكذلك ربما تنزل في المطار الذي تقصده بعد الوقت المحدد لسبب من الأسباب ، وإذا قُدِّر أنها نزلت في وقتها المحدد فإن المحرم الذي يستقبلها قد يتأخر عن الحضور في الوقت المعين لسبب من الأسباب ، إما لنوم أو زحام سيارات أو عطل في سيارته أو لغير ذلك من الأسباب المعلومة ، ثم لو قدر أنه حضر في الوقت المحدد واستقبل المرأة فإن من يكون إلى جانبها في الطائرة قد يكون رجلا يخدعها ويتعلق بها وتتعلق به .

والحاصل أن المرأة عليها أن تخشى الله وتخافه فلا تسافر لا إلى الحج ولا إلى غيره إلا مع محرم يكون بالغًا عاقلا . والله المستعان ". انتهى من (كتاب دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر- للعثيمين)

 وقال أيضا رحمه الله :

لا يحل للمرأة أن تسافر بدون محرم، لا في الطائرة ولا في السيارة ولا في السفينة لعموم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما : « لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» أو «إلا ومعها ذو محرم ». وهذا نهي للتحريم، يدل على أنه للتحريم أن ذلك هو الأصل فيما نهى الله عنه ورسوله، ويدل عليه أيضاً أنه ورد هذا الحديث ومعناه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر. القول لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر صحيح في التحريم، 

وكونها تمضي إلى المطار بمحرم وينتظرها في المطار الذي تقدم إليه محرم هذا لا يبرر بدونه -أي بدون المحرم- لأنه من الجائز أن يكون للطائرة مانع يمنعها من الهبوط في المكان المنتظر هبوطها فيه، فتطير إلى بلد آخر، ومن الجائز أن يعرض لمحرمها المستقبل عارض يمنعه من الخروج أو على الأقل من الوصول إلى المطار قبل هبوط الطائرة، ومن الجائز أيضاً أن يغرب بالمرأة عند نزولها من الطائرة فيذهب بها إلى غير ما تريد كما وقع. المهم أنه لا يجوز للمرأة في أي حال من الأحوال أن تسافر إلا ومعها ذو محرم لا في الطائرة ولا في السيارة ولا في السفينة . انتهى من (فتاوى نور على الدرب>الشريط رقم [51])

 وقال أيضا رحمه الله :

من المعلوم نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن سفر المرأة دون محرم، فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « لا تسافر امرأةٌ إلا ومعها ذو محرم ». وعلى هذا فلا يجوز للمرأة أن تسافر دون محرم، سواء كان سفرها لطاعة أو تعليم علم أو غيرهما. 

والمحرم معروفٌ من هو، ولا فرق بين أن تكون وحدها أو مع نساء، ولا فرق بين أن تؤمن الفتنة أو لا تؤمن؛ لإطلاق الحديث وعمومه، فلا يحل للمرأة أن تسافر دون محرم.

 ولكن يبقى النظر: هل ذهاب النساء إلى القرى المجاورة لبلادهن ورجوعهن في نفس اليوم يعتبر سفراً أم لا؟ 

نقول في ذلك : إذا اعتبرنا أن الحديث مطلق ولم يقدره النبي صلى الله عليه وسلم بمدة معينة إلا في أحاديث اختلف فيها تقدير المدة وحملها أهل العلم على أن المراد بهذا الاختلاف اعتبار حال السائل لأجل ألا يحصل بينها اضطرابٌ واختلاف ويبقى الحديث مطلقاً؛ أي: عاماً في كل سفر حتى في قليل السفر وكثيره، إلا أننا نقول: إن ذهاب المرأة للتدريس ورجوعها في يومها لا يعتبر سفراً، فإنه كما لو ذهب الرجل لوظيفته في قريةٍ مجاورةٍ لبلده ورجع من يومه، فإنه لا يعد بذلك مسافراً. 

وعليه فهؤلاء المدرسات اللاتي يخرجن إلى القرى المجاورة إذا كان معهن نساء كما هو في نفس السؤال وقد أمنت الفتنة وسيرجعن في يومهن فإن هذا لا يعتبر سفراً، وعليه فلا بأس من ذلك، لا بأس أن يذهبن إلى القرى المجاورة بدون محرم إذا كن يرجعن في نفس اليوم؛ لأن ذلك لا يعتبر سفراً، ولا يتأهب له الإنسان أهبة السفر، ولا يقول الناس أنه مسافر. انتهى من (فتاوى نور على الدرب>الشريط رقم [14])

وجاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :

المرأة التي لا محرم لها لا يجب عليها الحج؛ لأن المحرم بالنسبة لها من السبيل، واستطاعة السبيل شرط في وجوب الحج؛ قال الله تعالى : ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا **البقرة: 97** ولا يجوز لها أن تسافر للحج أو غيره إلا ومعها زوج أو محرم لها . انتهى من ((فتاوى اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (11/90).

وجاء فيها أيضا :

س : لي ابن أخ عمره خمس سنوات، وابن أخت أربع سنوات، فهل يعدان محرمين لي، وهل صحيح أن المحرم يجب أن يكون حقيقة محرما عندما يصبح يفرق بين الأشياء والألوان والحلوى وغيرها، أم حتى البلوغ؟

فأجابت :

 يشترط في المحرم الذي يكون مع المرأة أن يكون بالغا عاقلا؛ لأن الصغير وغير العاقل لا يحصل بهما المقصود في المحرمية من حماية المرأة والقيام بشأنها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء -الفتوى رقم (١٨١٧٣))

وجاء فيها أيضا :

س : أنا أسكن في كفر الزيات والكلية التابعة لها في طنطا والمسافة بينهما ١٣ كم، فما حكم السفر إلى الكلية بدون محرم، مع العلم بأني أتلقى العلم الشرعي على يد أخت؟

فأجابت :

 المسافة المذكورة ليست مسافة سفر يحتاج إلى محرم، ولكن لا يجوز لك أن تركبي وحدك مع رجل ليس من محارمك؛ لأن هذه خلوة محرمة، وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : « لا يخلون رجل بامرأة؛ فإن الشيطان ثالثهما ». وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . انتهى (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء -الفتوى رقم (١٧٤٥٥))

وجاء فيها أيضا :

فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال المقدم من عميد شؤون الطلاب بجامعة الرياض عن طريق الدكتور محيي الدين خليل، رئيس قسم الثقافة الإسلامية، إلى سماحة الرئيس العام، والمحال إلى اللجنة برقم (٢٥٥٤ \ ٢ \ د) وتاريخ ٧ \ ٨ \ ٩٩ هـ، ونصه:

إن طالبات الجامعة من خارج مدينة الرياض يقمن بوحدة أم المؤمنين السكنية، وتسافر الطالبات إلى بلادهن في الإجازات الرسمية أو في نهاية الأسبوع، وغالبيتهن يتوجهن إلى جدة أو الظهران بالطائرة، وتشترط العمادة أن يرافق كل طالبة محرم، ولكن هذا لا يتيسر لجميعهن وفي كل الأحوال، وقد تكون الطالبة راغبة في السفر تحت ظروف اضطرارية، ويشكو البعض من هذا الإجراء، ويرون أن الشرع في مثل حالتنا هذه يبيح السفر بدون محرم، إذ أنه لا يتجاوز ساعات محدودة، مستندين إلى: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها أو أخوها أو زوجها أو ابنها أو ذو حرمة منها ». (صحيح البخاري) وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-أنه قال: «لا تسافر امرأة مسيرة يوم وليلة إلا ومعها محرم » .(مسلم) وعن أبي هريرة أيضا أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يحل لامرأة مسلمة تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها ».(صحيح البخاري) . لذا نأمل إفادتنا عما إذا كان يجوز شرعا السماح للطالبة بالسفر إلى جدة أو الظهران بالطائرة بدون محرم.

فأجابت :

 إن الشريعة الإسلامية مبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد، ومن مقاصدها الضرورية المحافظة على الأنساب والأعراض، وقد ثبت في الكتاب والسنة ما يدل دلالة واضحة على سد الذرائع التي تفضي إلى اختلاط الأنساب، وانتهاك الأعراض : كتحريم خلوة المرأة بأجنبي، وتحريم إبدائها زينتها لغير زوجها ومحارمها، ومن في حكمهم بمن ذكرهم الله تعالى في سوره النور: كالأمر بغض البصر، وتحريم النظرة الخائنة،

ومن الذرائع القريبة التي قد تفضي إلى الفاحشة، واختلاط الأنساب، وهتك الأعراض - سفر المرأة دون من فيه صيانة لها في اعتبار الشرع، من زوجها أو أحد محارمها، فكان حراما؛ لما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : « لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا ومعها ذو محرم ». رواه أحمد والبخاري ومسلم ولما ثبت عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : « لا تسافر المرأة بريدا إلا ومعها محرم يحرم عليها ». رواه أبو داود والحاكم ولما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول وهو يخطب : « لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. فقام رجل فقال : يا رسول الله: إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا. قال: انطلق فحج مع امرأتك ». رواه أحمد والبخاري ومسلم. 

وورد في بعض الروايات التقييد بيوم، وفي بعضها التقييد بليلة، وفي بعضها التقييد بثلاثة أميال، وفي بعضها بيومين، والتحديد بذلك ليس بمراد، وإنما هو تعبير عن أمر واقع، فلا يعمل بمفهومه، ثم هو مفهوم عدد معارض بمنطوق حديث ابن عباس رضي الله عنهما وما في معناه، فلا يعتبر، وإنما يعتبر ما ثبت من الإطلاق في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وهو واضح في أن المرأة منهية عن كل ما يسمى سفرا إلا ومعها زوجها أو ذو محرم لها، سواء كان قليلا أم كثيرا، وسواء كانت شابة أم عجوزا، وسواء كان السفر برا أم بحرا أم جوا، 

ومن خالف في ذلك فخص النهي بالشابة أو قيده، بما ذكر من التحديد في بعض الأحاديث أو بما إذا كانت الطريق غير مأمونة أو اكتفى بالرفقة الثقاة المأمونة، فقوله مردود بعموم حديث ابن عباس رضي الله عنهما، فإنه منطوق فيقدم على مفهوم العدد في الأحاديث الأخرى. 

وعلى هذا يكون سفر النساء بالطائرات بلا زوج أو محرم منهيا عنه، سواء كن طالبات أم غير طالبات؛ لكونه سفرا فيصدق عليه عموم النهي في الحديث. وبالله التوفيق، صلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . انتهى (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء-الفتوى رقم (٢٦٤٢))

وجاء فيها أيضا :

س : نحن شركة نقوم بنقل الطالبات في مدينة جدة من المنزل إلى الجامعة أو المدرسة أو الكلية وبالعكس، في باصات سعة ١٢ راكب، والسائق معه محرم، وأحيانا نقوم بنقل المدرسات والطالبات في مجموعات من موقع واحد، من وإلى مكة ورابغ ومستورة، وقد يصل البعد أحيانا من ٢٠٠ إلى ٥٠٠ كيلو متر، ولكن يعودون في نفس اليوم أيضا مجموعات، والسائق معه محرمه، فما فتوى سماحتكم في ذلك؟

فأجابت :

لا يجوز للمرأة المسلمة أن تسافر بدون محرم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: « لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ». متفق على صحته وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: « لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. فقام رجل فقال : يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: انطلق فحج مع امرأتك». خرجه البخاري ومسلم. فالمرأة ممنوعة من كل ما يسمى سفرا، إلا إذا كان معها محرم يصونها ويحفظها ويقوم بمصالحها، 

والمحرم هو : زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد لقرابة أو رضاع أو مصاهرة : كأبيها وابنها وأخيها وابن أخيها وعمها وخالها وأبي زوجها وابن زوجها وابنها من الرضاع أو أخيها من الرضاع ونحوهم، وسواء كانت المرأة شابة أو عجوزا، وسواء كانت وحدها أو مع نساء؛ لأن مجموعة النساء لا تكفي عن المحرم؛ لعموم الأحاديث ولعدم انتفاء المحذور، 

فالواجب على النساء وعلى أوليائهن تقوى الله، والمحافظة على أوامر الله ورسوله، وترك ما نهى الله عنه ورسوله، خصوصا في المحافظة على الحياء والعفة، وتجنب وسائل الشر والفساد. 

ولا يجوز أن يحملهم الطمع في الدنيا على التساهل في هذا الأمر، ويشترط في المحرم المعتبر شرعا : أن يكون بالغا، عاقلا، فلا يعتبر من دون البلوغ محرما لوالدته أو أخته أو غيرها، والمرأة لا تكون محرما للمرأة، ولذا فإن وجود زوجة السائق معه لا يرفع المحذور بشأن سفر الأجنبيات لمن معه أو خلوته بهن، 

ولذا فإن احتراف السفر بالطالبات أو المدرسات عمل محرم، وعلى من عمله التوبة والاستغفار وعدم العودة إليه، وفي طرق الكسب الحلال غنية عما هو محرم شرعا. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . انتهى (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء-الفتوى رقم (٢٠٣٩٥))

وإليك الرد على أدلة القائلين 

بجواز حج المراة بدون محرم فى رفقة آمنة.

الأدلة التي استدلوا بها:

1- قال الله عز وجل : ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾. [آل عمران: ٩٧].

قالوا : هذه الآية عامة تشمل الرجال، والنساء جميعا؛ فخطاب الناس يتناول الذكور، والإناث بلا خلاف، فإذا كان لها زاد، وراحلة كانت مستطيعة، وإذا كان معها نساء ثقات يُؤْمن الفساد عليها، فيلزمها فرض الحج.

والرد على ذلك من وجهين :

أحدهما : أن الآية مخصصة بحديثِ ابنِ عباس رضي الله عنهما : « لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ».[أخْرجَهُ مسلم ]، وهو عام للشابة، والعجوز. [يُنْظَر: الصنعاني، سبل السلام الموصلة إلى بلوغ المرام، (4/ 173)

الآخر : أن الآية لا تتناول النساء حال عدم الزوج، والمحرم معها؛ لأن المرأة لا تقدر على الركوب، والنزول بنفسها فتحتاج إلى من يركبها، وينزلها، ولا يجوز ذلك لغير الزوج، والمحرم، فلم تكن مستطيعة في هذه الحالة فلا يتناولها النص. [يُنْظَر: الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، (2/ 123)

جاء فى نيل الأوطار للشوكاني :

 أحاديث نهي المرأة عن السفر بدون المحرم لا تعارض الآية الكريمة ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) لأنها بينت أن وجود المحرم في حق المرأة من جملة الاستطاعة التي هي شرط لوجوب الحج. 

وقد يقول قائل ان السنة النبوية بينت ان الاستطاعة تكون بملك الزاد والراحلة دون اشتراط المحرم، وعندها نقول ان الأحاديث تضمنت اشتراط المحرم مع اشتراط الزاد والراحلة وهذه زيادة غير منافية فيتعين قبولهما. انتهى. ([ينظر: نيل الاوطار 5/18،]).

2- استدلوا أيضا بحديث عَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : « فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ، حَتَّى تَطُوفَ بِالكَعْبَةِ لَا تَخَافُ أَحَدًا إِلَّا اللهَ ». رواه البخارى

قالوا : أنه أخبر أن من استقامة الزمان أن تخرج المرأة إلى الحج بغير خِفَار، ولو كان ذلك غير جائز لما مدح به الإسلام.

والرد على ذلك من وجهين :

أحدهما : أنه يدل على وقوع السفر، وليس فيه دلالة على الجواز، فلا يثبت به حجة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ساق الكلام؛ لبيان أمن الطريق من العدل لا لبيان أنها يجوز لها أن تسافر بغير محرم، ولا زوج . [يُنْظَر: ابن قدامة، المغني، (5/ 32)].

الآخر : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر فيه خروج غيرها معها، وقد اشترطوا هاهنا خروج غيرها معها. [يُنْظَر: ابن قدامة، المغني، (5/ 32)].

وقد رد أيضا الشيخين ابن باز والألباني رحمهما الله على هذه النقطة فراجع أقوالهما فى وسط المنشور.

3- استدلوا أيضا بفعل عُمَرَ رضي الله عنه : حيث أَذِنَ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا، فَبَعَثَ مَعَهُنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ. [أخْرجَهُ البخاري].

فقالوا : اتفاق عمر، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم، ونساء النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وعدم نكير غيرهم من الصحابة عليهن في ذلك يدل على جواز سفر المرأة مع النسوة الثقات إذا أمن الطريق .

والرد على ذلك من ثلاثة أوجه :

أحدهما : أن فعل الصحابة رضي الله عنهم ليس حجة على ذلك؛ لأنه ليس بإجماع[يُنْظَر: الصنعاني، سبل السلام الموصلة إلى بلوغ المرام، (4/ 173)

الآخر : أن اجتهاد الصحابي لا يُقبل إذا خالف النص، وهذا بإجماع الصحابة رضي الله عنهم. [يُنْظَر: ابن رشد الحفيد، مختصر المستصفى «الضروري في أصول الفقه»، تحقيق: جمال الدين العلوي، طبعة: دار الغرب الإسلامي- بيروت، ط1، 1994م، صـ (88)

الثالث : أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كلهن أمهات المؤمنين، فالمسلمون كلهم أبناؤهن، وهم محارمهن بكتاب الله تعالى؛ لأن المحرم مَن لا يجوز له نكاحها على التأبيد، فكذلك أمهات المؤمنين حرام على غير النبي صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة. [يُنْظَر: العيني، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، طبعة: دار الفكر- بيروت، بدون طبعة، وبدون تاريخ، (1/ 220)

وقد رد أيضا الشيخين ابن باز والألباني رحمهما الله على هذه النقطة فراجع أقوالهما فى وسط المنشور.

إذن القائلون بالجواز اشترط كل واحد منهم في محل النزاع شرطا من عند نفسه لا من كتاب ولا من سنة وما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالاشتراط . (يُنْظَر: ابن المنذر، الإشراف على مذاهب العلماء، (3/ 176))


والله اعلم


اقرأ أيضا..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات