لو ألزم الحاكم الناس على إخراج زكاة الفطر نقدا فالواجب عليهم دفعها إليه نقدا كما طلب لئلا ننابذه لحديث : « أطع الأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك ».
وفى نفس الوقت يخرجونها طعاما حتى لا يقعون فى معصية الله لأن إخراج زكاة الفطر من غير الطعام مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم فيكون مردودا غير مقبول .
فقد سئل الشيخ العثيمين رحمه الله:
ذكرتُم أنه لا يجوز أن تُخرج زكاة الفطر نقداً، فإذا طَلب ذلك ولي الأمر فهل يُطاع؟
فأجاب بقوله :
لا. لا يُطاع ؛ بمعنى : أنه لا تبرأ الذمة بدفعها ؛ ولكن يُعطى ولي الأمر ما طلب ؛ لئلا ننابذه ، فإن الرسول - عليه الصلاة والسلام- يقول : « اسمع وأطِع، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك ».
والأحوط للإنسان ، والأبرأ لذمته أن يُخرجها من الطعام ؛ لأنه قادر عليه.
ونظير ذلك : أن يقول ولي الأمر : لا أحد يصلي بطهارة ، هل يُطاع ؟
لا. ما يُطاع ، حتى لو صلى الإنسان بغير طهارة ما قُبِِلت منه ؛ ولا يجوز أن يُطاع أحدٌ في معصية الله.
فالأحوط بلا شك لهذا الذي يجبره ولي الأمر أن يسلم زكاة الفطر دراهم أن يخرجها من الطعام ،
وينوي بهذه الدراهم التي أعطاها امتثال أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- في السمع والطاعة . انتهى من (" جلسات رمضانية 1410 ه - 1415 ه" وعبر "الشاملة" (15/14)).
وقال أيضا رحمه الله :
عند شرح حديث معاذ : " إنك تأتي قوما من أهل الكتاب ". متفق عليه.
وهذا الحديث العظيم الذي بيَّن فيه معاذ بن جبل رضي الله عنه بماذا بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن فيه فوائد كثيرة، منها:
قوله : (( تؤخذ من أغنيائهم، فتُرَدُّ على فقرائهم )) دليلٌ على أن لوليِّ الأمر أن يأخذ الزكاة من أهلها ويصرفها في مصارفها، وأنه إذا فعل ذلك بَرِئَتِ الذمة.
ولكن لو قال قائل : أنا لا آمَنُ أن يتلاعب بها من يأخذها ثم يصرفها في غير مصرفها،
نقول له : أنت إذا أديتَ ما عليك، فقد برئت ذِمَّتُك، سواء صُرفت في مصارفها أم لم تصرف، لكن قال الإمام أحمد : إذا رأى أن الإمام لا يصرفها في مصرفها، فلا يعطِه إلا إذا طلب منه ذلك، وألزمه به، وحينئذٍ تبرأ ذمته،
وبناء على هذا فلا بأس أن يُخفي الإنسان شيئًا من ماله إذا كان الذي يأخذها لا يصرفها في مصارفها ؛ لأجل أن يؤدي هو نفسه الزكاة الواجبة عليه.
وإذا قدِّر أن وليَّ الأمر أخذ أكثر مما يجب، فإن ذلك ظلمٌ لا يحلُّ لوليِّ الأمر، أما صاحب المال فعليه السمع والطاعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك )).
وإذا قدِّر أن ولي الأمر أخذ دون الواجب، وجب على صاحب المال أن يُخرِجَ البقية، ولا يقول : إنه أخذ مني وبرئت الذمة؛
لأنه إذا كانت الزكاة ألفًا وأخذ ثمانمائة، فعليك أن تُكمل المائتين فتخرجها . المصدر: «شرح رياض الصالحين» (2/ 498- 508).
والله اعلم
اقرأ أيضا..
تعليقات
إرسال تعليق