">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

ما هى خطورة وأضرار القول بخلق القرآن


مسألة أن القرآن كلام الله غير مخلوق أصل من أصول الدين ومن قال إنه مخلوق فهو كفر ظاهر إذ هو تكذيب لنصوص الوحيين وإلحاد في أسماء الله وصفاته وتعطيل لما يحب الله - عز وجل - من الكمال وإبطال الصوم والحج والجهاد وفرائض الله.

 فقد أجمع المُسلِمون على أنَّ القرآن كلام الله منه بدأ بلا كيفية قولا وأنزله على رسوله وحيا وصدقه المؤمنون على ذلك حقا وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة ليس بمخلوق ككلام البرية فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر .

فالرب جل فى علاه من كماله ومن صفات كماله ومن أسباب استحقاقه للعبادة ومن أدلة أنه ربُّ العالمين كونه يتكلم وقد عاب الله الأصنام لأنها لا تتكلم عاب الله الأصنام وآلهة المشركين من الأصنام والكواكب وأشباه ذلك بأنها لا تتكلم لا ترجع إليهم قولًا ولا تملك لهم ضرًّا ولا نفعًا، فعابها بهذا عابها بكونها لا تنطق ولا تتكلم ولكن أهل الشرك وأهل الباطل وأهل البدع في ضلالٍ وعمًى .

** فعن خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةَ قالت : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ ). رواه مسلم (2708).

فلو كانت كلماته مخلوقة لكانت الاستعاذة بها شركا لأنها استعاذة بمخلوق ومن المعلوم أن الاستعاذة بغير الله تعالى وأسمائه وصفاته شرك فكيف يصح أن يعلم النبي صلى الله عليه وسلم أمته ما هو شرك ظاهر وهو الذي جاءهم بالتوحيد الخالص ! فدل هذا على أن كلمات الله تعالى غير مخلوقة .

قال الإمام الشافعي رحمه الله :

في قول الله تعالى : { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }. [يس: 82[. قال : “ إنما خلق الله كل شيء بـ( كن )، فإن كانت ( كن ) مخلوقة فمخلوق خلق مخلوقًا ”. انتهى من ([شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللالكائي (1/ 243) برقم (356).])

وقال العلامة حافظ الحكمي رحمه الله :

فالقُرْآنُ كلامُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ حقيقةً حُروفُه ومعانيه، ليس كلامُه الحروفَ دون المعاني، ولا المعاني دون الحُروفِ، تكَلَّم اللهُ به قولًا وأنزله على نبيِّه وحيًا، وآمن به المُؤمِنون حقًّا،

 فهو وإن خُطَّ بالبَنانِ، وتُلِيَ باللسانِ، وحُفِظَ بالجَنانِ، وسُمِع بالآذانِ، وأبصرَتْه العينانِ؛ لا يُخرِجُه ذلك عن كونِه كلامَ الرَّحمنِ، 

فالأنامِلُ والمِدادُ والأقلامُ والأوراقُ مخلوقةٌ، والمكتوبُ بها غَيرُ مَخلوقٍ، والألسُنُ والأصواتُ مخلوقةٌ، والمتلوُّ بها على اختلافِها غَيرُ مَخلوقٍ، والصُّدورُ مخلوقةٌ، والمحفوظُ فيها غَيرُ مَخلوقٍ، والأسماعُ مخلوقةٌ، والمسموعُ غَيرُ مَخلوقٍ؛ 

قال اللهُ تعالى : إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ. [الواقعة: 77 - 78] ، وقال تعالى : بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ. [العنكبوت: 49] ، وقال تعالى : وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لَكَلِمَاتِهِ. [الكهف: 27] ، وقال تعالى : وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ. [التوبة: 6]... 

ومن قال : القُرْآنُ أو شيءٌ من القُرْآن مخلوقٌ، فهو كافِرٌ كُفرًا أكبَرَ يخرِجُه من الإسلامِ بالكُلِّيَّةِ؛ لأنَّ القُرْآنَ كَلامُ اللهِ تعالى، منه بدأ وإليه يعودُ، وكلامُه صِفَتُه، 

ومن قال : شَيءٌ من صفاتِ اللهِ مخلوقٌ، فهو كافِرٌ مُرتَدٌّ يُعرَضُ عليه الرُّجوعُ إلى الإسلامِ، فإن رجع وإلَّا قُتِل كُفرًا، ليس له شيءٌ من أحكامِ المُسلِمين . ينظر: ((أعلام السنة المنشورة)) (ص: 45).

وإليك خطورة وأضرار ولوازم القول بخلق القرآن

1- القول بأن القرآن مخلوق يلزم منه أن كلام الله مخلوق فإن كان كلام الله مخلوقًا فيلزم منه أن يكون الله مخلوقًا - تعالى الله عما يقولون علوا كبيرًا - وإن كان الله مخلوقًا فكيف يكون الله عز وجل إله العالمين ورب الناس أجمعين؟!.

وقد تنبّه العلماء إلى لوازم هذا القول وكيف أنه يجرّ إلى الإلحاد والزندقة بالتدرّج وليس مرة واحدة ، 

قال الإمام أحمد رحمه الله : 

من زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أن الله مخلوق ”. انتهى ([الإبانة الكبرى لابن بطة (2/ 67) برقم (286).]).

ويقول الإمام السجزي رحمه الله : 

لأن من قال : إنه مخلوق صار منكرًا لصفة من صفات ذات الله عز وجل، ومنكر الصفة كمنكر الذات، فكفره كفر جحود لا غير ”. انتهى ([رسالة السجزي إلى أهل زبيد (ص: 106).]).

وسئل الإمام عبد الله بن إدريس رحمه الله :

عمن يقول : القرآن مخلوق، قال : من اليهود؟ قال السائل : لا، قال : من النصارى؟ قال : لا، قال : من المجوس؟ قال : لا، قال : ممن؟ قال : من أهل التوحيد، قال : معاذ الله أن يكون هذا من أهل التوحيد! هذا زنديق؛ من زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أن الله عز وجل مخلوق، يقول الله عز وجل : { بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }، فالرحمن لا يكون مخلوقًا، والرحيم لا يكون مخلوقًا، والله لا يكون مخلوقًا، فهذا أصل الزندقةانتهى ([خلق أفعال العباد للبخاري (2/ 11) برقم (5)]).

2- القول بأن القرآن مخلوق يلزم منه نفي تكلم الله عز وجل بالوحي ونفي الشرائع والطعن فى الشهادتين والكتب المنزلة التي ثبت أن الله عز وجل كلم بها جبريل عليه السلام ثم بلغها جبريل لأنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه عليهم جميعا .

قال الإمام عبد الله بن إدريس :

 “من قال : القرآن مخلوق فقد أمات من الله شيئًا ”. انتهى ([الإبانة لابن بطة (2/ 44).]).

وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الطعن في الشهادتين لدى القائلين بخلق القرآن أحسن بيان فقال :

 “ وكان أهل العلم والإيمان قد عرفوا باطن زندقتهم ونفاقَهم، وأن المقصود بقولهم : إن القرآن مخلوق أن الله لا يكلّم ولا يتكلَّم، ولا قال ولا يقول، وبهذا تتعطل سائر الصفات من العلم والسمع والبصر وسائر ما جاءتْ به الكتب الإلهية، 

وفيه أيضًا قدح في نفس الرسالة؛ فإن الرسل إنما جاءت بتبليغ كلام الله، فإذا قُدِح في أن الله يتكلم كان ذلك قدحًا في رسالة المرسلين، فعلموا أن في باطن ما جاؤوا به قدحًا عظيمًا في كثير من أصلَي الإسلام : شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمدًا رسول الله ”. انتهى ([بيان تلبيس الجهمية (3/ 518-519).]).

3- القول بخلق القرآن يلزم منه تجويز الشرك بالله تعالى لأنه قد تقرر سابقًا أن من قال بأن كلام الله مخلوق يلزم منه أن يكون الله مخلوقًا ومن المعلوم أن من استعان واستعاذ بالمخلوقين فقد أشرك مع الله تعالى فيلزم من القول بخلق القرآن أن لا ننكر على من أشرك مع الله تعالى غيره من مخلوقاته سواء باستعانة أو استعاذة أو رجاء أو أي شكل من أشكال العبادة وهذا مزلق خطير مفض إلى الخروج من الملة .

- سأل رجل النضر بن محمد عن القرآن :

 فقال النضر : من قال بأن هذه الآية : { إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي }. [طه: 14]مخلوقة فقد كفر، فلقيت عبد الله بن المبارك فأخبرته فقال : صدق أبو محمد عافاه الله، ما كان الله ليأمرنا أن نعبد مخلوقًا. ([ أخرجه عبد الله في السنة (1/ 110) برقم (20) وصحح إسناده الألباني في مختصر العلو (ص: 174)]).

4- القول بخلق القرآن يلزم منه إلغاء صفة الكلام تنزيهًا بزعمهم، فيقعون في ما هو أشنع وهو إبطال وجود الله تعالى ما يعني إبطال الدين كلّه، بيَّن هذا المآل الإمام الهروي رحمه الله .

 قال الإمام الهروي رحمه الله :

 “ وأما الذين قالوا بإنكار الكلام لله عز وجل فأرادوا إبطال الكل؛ لأن الله تعالى إذا لم يكن متكلِّمًا بطل الوحي، وارتفع الأمر والنهي، وذهبت الملة على أن تكونَ سمعية، فلا يكون جبريل عليه السلام سمع ما بلَّغ، ولا الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ ما أنفذ؛ فيبطل التسليم والسمع والتقليد، ويبقى المعقول الذي قاموا به ”. انتهى ([ذم الكلام للهروي (5/ 126).]).

5- القول بأن القرآن مخلوق وأن الله لم يتكلم به حقيقة يلزم منه تكذيب لكثير من الآيات التي في القرآن والتي تثبت كلام الله لأنبيائه ورسله، 

كقوله سبحانه : وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً. {النساء:164}وكقوله سبحانه : إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا. {آل عمران: من الآية55}وكقوله سبحانه : سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً. {الفتح:15}. والآيات في هذا كثيرة.

6- القول بأن القرآن مخلوق يجعل الله عز وجل محتاجا إلى خلقه في البيان عنه وفي أمر العباد بالشرائع وفي نهيهم واعتقاد أن الخالق في حاجة إلى المخلوق نسبة النقص إلى الله والضعف والعجز وهذا ـ لا شك ـ من الكفر البين .

وفى النهاية يجب على المسلم أن يحافظ على عقيدته وإيمانه ويهتم بسلامة فطرته وفكره ويهرب بدينه وقلبه من الشبهات والفتن فإن القلوبَ ضعيفةٌ والشبهَ خطَّافة تخطف بشيء من البريق الذي يزينها به أهل البدع والضلالات فإياك أخى المسلم من الإستماع لأهل البدع والنظر فى كتبهم .

قال الإمام الذهبي رحمه الله : 

فالحذار الحذار من هذه الكتب ، واهربوا بدينكم من شبه الأوائل وإلا وقعتم في الحيرة ، فمن رام النجاة والفوز فليلزم العبودية ، وليدمن الاستغاثة بالله ، وليبتهل إلى مولاه في الثبات على الإسلام وأن يتوفى على إيمان الصحابة، وسادة التابعين ، والله الموفق . انتهى (سير أعلام النبلاء (19/328،329) . ).


والله اعلم


اقرأ أيضا..



هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات