القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

حكم من يدعو إلى وحدة الأديان والتـقريب بينها ؟


من دعا إلى توحيد الأديان والتـقريب بينها بمعنى إقرارها وأنها مقبولة عند الله فهو لا شك أنه مرتد عن الإسلام وداع إلى الكفر.

فلا يجوز لمسلم يؤمن الله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً الدعوة إلى هذه الفكرة الآثمة والتشجيع عليها وتسليكها بين المسلمين فضلاً عن الاستجابة لها والدخول في مؤتمراتها وندواتها والانتماء إلى محافلها .

فإن من يُحَدَّث نفسه بالجمع أو التقريب بين الإسلام واليهودية والنصرانية كمن يجهد نفسه في الجمع بين النقيضين بين الحق والباطل والكفر والإيمان ثم إن دين اليهود والنصارى قد نسخه الله ببعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأوجب الله على جميع أهل الأرض اتباعه من يهود ونصارى وغيرهم ، قال تعالى : ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذين يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون * قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون ).[ سورة الأعراف - الآية 157 ]، فإذا بقوا على دينهم وهم منسوخ فهو تمسك بالباطل وبغير دين فلا يجوز للمسلمين أن يتقاربوا معهم لأن في التقارب معهم إقرار لهم على الباطل من ناحية وتغريراً بالجهال من ناحية أخرى والواجب فضح باطلهم كما فضحهم الله في القرآن . 

أما الحوار بين المسلمين وأهل الأديان الباطلة لدعوتهم إلى الدخول في الإسلام فهى واجبة على المسلمين بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنة ولكن ذلك لا يكون إلا بطريق البيان والمجادلة بالتي هي أحسن وعدم التنازل عن شيء من شرائع الإسلام وذلك للوصول إلى قناعتهم بالإسلام ودخولهم فيه أو إقامة الحجة عليهم ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة على أساس من قوله تعالى : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }.[آل عمران:64]، وقوله تعالى : { وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا }.[النساء:36]، وقوله تعالى : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }.[الأعراف:158]. فهو من سبيل الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه، { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }. [يوسف:108].

قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

كل الأديان باطلة ولا تعتبر دينا فمن دعا إلى توحيدها بمعنى إقرارها وأنها مقبولة عند الله، فهو لا شك أنه مرتد عن الإسلام، وداع إلى الكفر.

أما من دعا إلى توحيد الأديان بمعنى أن نجعل كل إنسان على دينه ننظر :

1- إن كان مراده إبطال الجهاد ومسحه من قائمة الإسلام فهذا مرتد.
 
2- وإن كان قصده أن الأمة الإسلامية اليوم لا تستطيع أن تحفظ نفسها فضلا عن أن تحاول إصلاح غيرها فهذا صحيح ولا بد من ذلك، يعني لا بد من إقامة المعاهدة لأننا عاجزون في الواقع، نحن عاجزون أتم العجز يا إخوان، ولا يغرنكم التطبيل والتهويل. 

الآن نتودد إلى اليهود بايش؟ بالصلح، نتودد إلى اليهود بالصلح، بينما كان الناس الذين يدعون من خيالهم أو من أجل مصلحة أنفسهم يقولون : إننا سنلقي إسرائيل بايش؟ بالبحر. الإخوان يمكن صغار ما أدركوا هذه الدعايات المهولة، يقولون : سنلقي إسرائيل في البحر، وستغني غدا أم كلثوم في وسط تل أبيب. نعم، شكرا لله على على الفتح، اللهم عافنا، لكن غنت أم كلثوم على رفاتهم.

 فالمهم يا إخوننا أن الذين يدعون إلى توحيد الأديان :

 إن أرادوا أن تكون دينا مقبولا عند الله فهذه ردة، لأنها تكذيب للقرآن. 

وإن أرادوا بالتوحيد أن نجعل كل إنسان على دينه ونسكت فهذا أيضا إبطال للجهاد في سبيل الله

وإن أراد بذلك المصالحة والمهادنة ما دمنا عاجزين فهذا حق.

والإنسان يجب أن ينظر للواقع، والرسول عليه الصلاة والسلام أحكم الخلق، نظر إلى الواقع في صلح الحديبية، والتزم بما يظنه بعض الثائرين عندنا انهزامية، حيث ايش؟ حيث وافق على الشروط القاسية التي عجز عن الصبر عليها من ينظر إلى الأمر ببادئ الأمر مثل من ؟ مثل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عجز أن يصبر، لأنه نظر إلى الأمر من بادئه، من باديه لا من العمق. 

فجاء يقول للرسول كيف نعطي الدنية في ديننا وكيف نفعل وكيف نفعل. لكن أجابه الرسول عليه الصلاة والسلام بجواب مقنع، قال: ( إني رسول الله ) يعني : ولن أحيد عن توجيه الله عز وجل، ( ولست عاصيه، وهو ناصري ) ثلاث جمل تسكت كل إنسان. ( رسول الله ولست عاصيه وهو ناصري). النصر لا بد أن يكون لنا. 

فذهب عمر إلى أبي بكر يقول له مثل ما قال للرسول عليه الصلاة والسلام. فرد عليه مثل ما قال الرسول عليه الصلاة والسلام تماما. وبه نعرف أن أبا بكر أقوى جأشا وأشد تثبيتا من؟ من عمر وغيره من باب أولى، لأنه صبر في مواطن الشدة أكثر من صبر عمر، هذا موطن، والموطن الثاني عند موت الرسول عليه الصلاة والسلام. عمر رضي الله عنه لما قيل إن الرسول مات وأعلن موته. انتهى من (شرح عقيدة أهل السنة والجماعة-)(10)).

وسئل أيضا رحمه الله :

هناك من يدعو إلى التقريب بين الأديان، ويدعي أن أهل الإسلام واليهود والنصارى متفقون على أصل التوحيد، هل يحكم بكفره؟ وما رأيك بهذا الأمر؟ 

فأجاب :

أنا أرى أن هذا كافر، الذي يرى أن الدين الإسلامي واليهود والنصارى متفقون على التوحيد كافر، مكذب لله ورسوله، 

وإذا كان يرى أن النصارى الذين يقولون : إن الله ثالث ثلاثة. أنهم موحدون فهو غير موحد؛ لأنه رضي بالكفر والشرك، 

وكيف يتفق من يقول : إن عيسى ابن الله، وعزير ابن الله، ومن يقول : ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ۞ اللَّهُ الصَّمَدُ ۞ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ۞ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾.[الإخلاص:1-4]؟!!

ولهذا أقول لهذا الرجل :

تبّ إلى الله عز وجل؛ لأن هذه ردة يباح بها دمك ومالك، وينفسخ بها نكاحك، وإذا مت فلا كرامة لك، ترمى في حفرة لئلا يتأذى الناس برائحتك، ولا يحل لأحد أن يستغفر لك إذا مت على هذه الحالة .

حتى إن النبي عليه الصلاة والسلام قال : « والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم لا يؤمن -أو قال :« لا يتبع ما جئت به»- إلا كان من أصحاب النار».

الأديان السماوية هي أديان ما دامت باقية، فإذا نسخت فليست بأديان، فاليهود حين كانت شريعة موسى قائمة وهم متبعون لها هم على الإسلام، والنصارى حينما كانت شريعة عيسى قائمة وهم متبعون لها هم من أهل الإسلام، لكن بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام صاروا كلهم كفاراً، لا يقبل عملهم؛ لقول الله تعالى : ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾. [آل عمران:85]. انتهى من (اللقاء الشهري>اللقاء الشهري [30]).

وجاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد :

فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء استعرضت ما ورد إليها من تساؤلات، وما ينشر في وسائل الإعلام من آراء ومقالات بشأن الدعوة إلى ( وحدة الأديان ) : دين الإسلام، ودين اليهودية، ودين النصارى، وما تفرع عن ذلك من دعوة إلى بناء مسجد وكنيسة ومعبد في محيط واحد، في رحاب الجامعات والمطارات والساحات العامة، ودعوة إلى طباعة القرآن الكريم والتوراة والإنجيل في غلاف واحد، إلى غير ذلك من آثار هذه الدعوة، وما يعقد لها من مؤتمرات وندوات وجمعيات في الشرق والغرب .

وبعد التأمل والدراسة فإن اللجنة تقرر ما يلي:

 أولا : إن من أصول الاعتقاد في الإسلام، المعلومة من الدين بالضرورة، والتي أجمع عليها المسلمون : أنه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى دين الإسلام، وأنه خاتمة الأديان، وناسخ لجميع ما قبله من الأديان والملل والشرائع، فلم يبق على وجه الأرض دين يتعبد الله به سوى الإسلام، 

قال الله تعالى : { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ }. (سورة آل عمران الآية ١٩). وقال تعالى : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}. (سورة المائدة الآية ٣). وقال تعالى : { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ }. ( سورة آل عمران الآية ٨٥). والإسلام بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم هو ما جاء به دون ما سواه من الأديان. 

ثانيا : ومن أصول الاعتقاد في الإسلام : أن كتاب الله تعالى : ( القرآن الكريم ) هو آخر كتب الله نزولا وعهدا برب العالمين، وأنه ناسخ لكل كتاب أنزل من قبل؛ من التوراة والزبور والإنجيل وغيرها، ومهيمن عليها، فلم يبق كتاب منزل يتعبد الله به سوى القرآن الكريم، قال الله تعالى : { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ }. (سورة المائدة الآية ٤٨)

ثالثا : يجب الإيمان بأن التوراة والإنجيل قد نسخا بالقرآن الكريم، وأنه قد لحقهما التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان، كما جاء بيان ذلك في آيات من كتاب الله الكريم، منها : 

قول الله تعالى : { فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ }. ( سورة المائدة الآية ١٣). وقوله جل وعلا : { فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ }. (سورة البقرة الآية ٧٩). وقوله سبحانه : { وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }. ( سورة آل عمران الآية ٧٨). 

ولهذا فما كان منها صحيحا فهو منسوخ بالإسلام، وما سوى ذلك فهو محرف أو مبدل، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه غضب حين رأى مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيفة فيها شيء من التوراة، وقال عليه الصلاة والسلام : « أفي شك أنت يا بن الخطاب؟ ألم آت بها بيضاء نقية؟! لو كان أخي موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي ». رواه أحمد والدارمي وغيرهما. 

رابعا : ومن أصول الاعتقاد في الإسلام : أن نبينا ورسولنا محمدا صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، كما قال الله تعالى : { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ }. (سورة الأحزاب الآية ٤٠). 

فلم يبق رسول يجب اتباعه سوى محمد صلى الله عليه وسلم، ولو كان أحد من أنبياء الله ورسله حيا لما وسعه إلا اتباعه صلى الله عليه وسلم، وإنه لا يسع أتباعهم إلا ذلك، كما قال تعالى : { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ }. (سورة آل عمران الآية ٨١). 

ونبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام إذا نزل في آخر الزمان يكون تابعا لمحمد صلى الله عليه وسلم، وحاكما بشريعته، وقال الله تعالى : { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }. (سورة الأعراف الآية ١٥٧).

كما أن من أصول الاعتقاد في الاسلام أن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم عامة للناس أجمعين، قال الله تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }. (سورة سبأ الآية ٢٨). وقال سبحانه : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا }. (سورة الأعراف الآية ١٥٨). وغيرها من الآيات. 

خامسا : ومن أصول الإسلام : أنه يجب اعتقاد كفر كل من لم يدخل في الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم، وتسميته كافرا ممن قامت عليه الحجة، وأنه عدو لله ورسوله والمؤمنين، وأنه من أهل النار، كما قال تعالى : { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ }. (سورة البينة الآية ١)وقال جل وعلا : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ }. وقال جل وعلا : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ }وقال تعالى : { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ }. وقال تعالى : { هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ }.الآية، وغيرها من الآيات. 

وثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة: يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار ». 

ولهذا فمن لم يكفر اليهود والنصارى فهو كافر، طردا لقاعدة الشريعة : ( من لم يكفر الكافر بعد إقامة الحجة عليه فهو كافر ) . 

سادسا : وأمام هذه الأصول الاعتقادية، والحقائق الشرعية، فإن الدعوة إلى ( وحدة الأديان ) والتقارب بينها وصهرها في قالب واحد، دعوة خبيثة ماكرة، والغرض منها خلط الحق بالباطل، وهدم الإسلام وتقويض دعائمه، وجر أهله إلى ردة شاملة، ومصداق ذلك في قول الله سبحانه :{ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا }. (سورة البقرة الآية ٢١٧)) وقوله جل وعلا : { وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً }. (سورة النساء الآية ٨٩).

 سابعا : وإن من آثار هذه الدعوة الآثمة إلغاء الفوارق بين الإسلام والكفر، والحق والباطل، والمعروف والمنكر، وكسر حاجز النفرة بين المسلمين والكافرين، فلا ولاء ولا براء، ولا جهاد ولا قتال لإعلاء كلمة الله في أرض الله، والله جل وتقدس يقول : { قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }. (سورة التوبة الآية ٢٩). ويقول جل وعلا : { وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }. (سورة التوبة الآية ٣٦). وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ }.( سورة آل عمران الآية ١١٨).

ثامنا : إن الدعوة إلى ( وحدة الأديان ) إن صدرت من مسلم فهي تعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام؛ لأنها تصطدم مع أصول الاعتقاد، فترضى بالكفر بالله عز وجل، وتبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما قبله من الشرائع والأديان، وبناء على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعا، محرمة قطعا بجميع أدلة التشريع في الإسلام من قرآن وسنة وإجماع . 

تاسعا : وبناء على ما تقدم :

 ١- فإنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا الدعوة إلى هذه الفكرة الآثمة، والتشجيع عليها، وتسليكها بين المسلمين، فضلا عن الاستجابة لها، والدخول في مؤتمراتها وندواتها، والانتماء إلى محافلها. 

٢- لا يجوز لمسلم طباعة التوراة والإنجيل منفردين، فكيف مع القرآن الكريم في غلاف واحد؟ فمن فعله أو دعا إليه فهو في ضلال بعيد؛ لما في ذلك من الجمع بين الحق (القرآن الكريم) والمحرف أو الحق المنسوخ (التوراة والإنجيل)

٣- كما لا يجوز لمسلم الاستجابة لدعوة : ( بناء مسجد وكنيسة ومعبد ) في مجمع واحد؛ لما في ذلك من الاعتراف بدين يعبد الله به غير دين الإسلام، وإنكار ظهوره على الدين كله، ودعوة مادية إلى أن الأديان ثلاثة، لأهل الأرض التدين بأي منها، وأنها على قدم التساوي، وأن الإسلام غير ناسخ لما قبله من الأديان، 

ولا شك أن إقرار ذلك واعتقاده أو الرضا به كفر وضلال؛ لأنه مخالفة صريحة للقرآن الكريم والسنة المطهرة وإجماع المسلمين، واعتراف بأن تحريفات اليهود والنصارى من عند الله، تعالى الله عن ذلك. 

كما أنه لا يجوز تسمية الكنائس ( بيوت الله ) وأن أهلها يعبدون الله فيها عبادة صحيحة مقبولة عند الله؛ لأنها عبادة على غير دين الإسلام، والله تعالى يقول : { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. (سورة آل عمران الآية ٨٥). بل هي بيوت يكفر فيها بالله، نعوذ بالله من الكفر وأهله، 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى (٢٢ \ ١٦٢) : ( ليست - البيع والكنائس - بيوتا لله، وإنما بيوت الله المساجد، بل هي بيوت يكفر فيها بالله، وإن كان قد يذكر فيها، فالبيوت بمنزلة أهلها، وأهلها الكفار، فهي بيوت عبادة الكفار ) . 

عاشرا : ومما يجب أن يعلم :

أن دعوة الكفار بعامة، وأهل الكتاب بخاصة إلى الإسلام واجبة على المسلمين، بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنة، ولكن ذلك لا يكون إلا بطريق البيان والمجادلة بالتي هي أحسن، وعدم التنازل عن شيء من شرائع الإسلام، وذلك للوصول إلى قناعتهم بالإسلام، ودخولهم فيه، أو إقامة الحجة عليهم ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة، قال الله تعالى : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}. (سورة آل عمران الآية ٦٤).

أما مجادلتهم واللقاء معهم ومحاورتهم لأجل النزول عند رغباتهم، وتحقيق أهدافهم، ونقض عرى الإسلام ومعاقد الإيمان فهذا باطل يأباه الله ورسوله والمؤمنون والله المستعان على ما يصفون، قال تعالى : { وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ }(سورة المائدة الآية ٤٩).

وإن اللجنة إذ تقرر ما تقدم ذكره وتبينه للناس؛ فإنها توصي المسلمين بعامة، وأهل العلم بخاصة بتقوى الله تعالى ومراقبته، وحماية الإسلام، وصيانة عقيدة المسلمين من الضلال ودعاته، والكفر وأهله، وتحذرهم من هذه الدعوة الكفرية الضالة : ( وحدة الأديان) ، ومن الوقوع في حبائلها، 

ونعيذ بالله كل مسلم أن يكون سببا في جلب هذه الضلالة إلى بلاد المسلمين، وترويجها بينهم. نسأل الله سبحانه، بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعيذنا وجميع المسلمين من مضلات الفتن، وأن يجعلنا هداة مهتدين، حماة للإسلام على هدى ونور من ربنا حتى نلقاه وهو راض عنا . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء-الفتوى رقم (١٩٤٠٢)).


والله اعلم


اقرأ أيضا..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات