">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع ال

قراءة القرآن من المصحف في الصلاة.. عبادة أم بدعة؟


هناك جدل كبير حول مسألة القراءة من المصحف أثناء الصلاة، سواء في الفرض أو النافلة أو التراويح، ولابد من توضيح الحقائق بناءً على ما ورد في الكتاب والسنة.

▣▣ حكم قراءة القرآن من المصحف في الصلاة: الفرض والنافلة والتراويح؟

 قراءة القرآن من المصحف في الصلاة، سواء في الفريضة أو النافلة أو صلاة التراويح، بدعة غير مشروعة.

 لأنه لم يثبت عن النبي ﷺ أنه قرأ من المصحف في صلاته، ولا فعل ذلك أحد من الخلفاء الراشدين أو الصحابة الكرام،

والأصل في العبادات التوقيف، أي أنها لا تُشرع إلا بدليل من الكتاب أو السنة.

◄ ولأن ذلك فيه نوع من التشبه بأهل الكتاب الذين يقرأون من كتبهم في صلواتهم، وقد نُهينا عن التشبه بهم.

▣ قال الله تعالى : "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا". [البقرة: 286].

فمن لا يحفظ القرآن لم يُكلفه الله بقراءة ما لا يحفظ، بل يقرأ ما تيسر له، ونظره في المصحف فى الصلاة عمل لم يأت بإباحته في الصلاة نص.
 
 وعليه، فإن تكلف القراءة من المصحف أو حمله أثناء الصلاة يعد عملاً محدثًا لم يرد به نص.

▣▣ هل يُستدل بحديث عائشة فى صلاة ذكوان بها من المصحف على الجواز؟

الجواب : الإستدلال بهذه الرواية على الجواز فيه نظر، وذلك:

▣ وإن كانت الرواية صحيحة الإسناد، إلا أنها تخالف الأصل الثابت في السنة النبوية، وهو القراءة من الذاكرة.

▣ أفعال الصحابة إذا وافقت الكتاب والسنة، فذلك هو المطلوب والمحمود، وإن خالفت، فهم معذورون ومأجورون على اجتهادهم،

لكن لا يُقتدى بهم في ذلك، لأن الحجة فيما ثبت عن النبي ﷺ، وخير الهدي هو هديه.

▣ هذه الحادثة كانت في بيت السيدة عائشة رضي الله عنها، ولم تكن ظاهرة عامة في المساجد أو بين الصحابة، لذا فهي حالة لا عموم لها.

▣ لو كانت القراءة من المصحف في الصلاة مشروعة، لكانت منتشرة بين الصحابة والتابعين، ولكنها لم تكن معروفة في عهدهم.

▣▣ أدلة من السنة على عدم مشروعية القراءة من المصحف فى الصلاة:

1- قال النبي ﷺ: تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عُقُلها. رواه مسلم.

▣ دل الحديث على : أن فتح باب تجويز قراءة أئمة المساجد من المصحف في قيام رمضان وغيره يُعَطِّل شريعةً ثابتةً عن النبي عليه الصلاة والسلام وهو الأمر بتعاهد القرآن .

2- ما رواه البخاري فى صحيحه : أن عمرو بن أبي سلمة الأنصاري-أن النبي ﷺ قال: ...فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآنا. 

فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني؛ لما كنت أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست أو سبع سنين... إلى اخر الحديث.

▣ الشاهد من الحديث : أنه لم يكن من هدي السلف الأول القراءة من المصحف فى الصلاة، ولو كانت جائزة لما قاموا بتقديم هذا الطفل ليؤمهم فى الصلاة.

3 - جاء فى أثار التابعين : عن سعيد بن المسيب رحمه الله، قال : إذا كان معه من يقرأ ارْدُدُوه، ولم يؤم في المصحف[مصنف ابن أبي شيبة (2/ 124)].

4 - وعن إبراهيم النخعي رحمه الله أنه كره أن يؤم الرجل في المصحف، كراهة أن يتشبهوا بأهل الكتاب[مصنف ابن أبي شيبة (2/ 124)].
 
▣▣ أقوال العلماء في المسألة :

قال الإمام ابن حزم رحمه الله :

ولا تجوز القراءة في مصحفٍ ولا في غيره لمُصَلٍّ, إماماً كان أو غيره, فإن تعمَّد ذلك؛بَطُلَتْ صلاته ..

وقد روينا هذا عن جماعةٍ من السلف؛ منهم : سعيد بن المسيّب, والحسن البصري، والشَّعْبي, وأبو عبد الرحمن السُّلمي. 

وقد قال بإبطال صلاة من أَمَّ بالناس في المصحف أبو حنيفة والشافعي، وقد أباح ذلك قومٌ منهم,

والمرجع عند التنازع إلى القرآن والسُّنة؛ وقد قال رسول الله  : "إن في الصلاة لشغلاً "؛ فصحَّ أنها شاغلةٌ عن كل عملٍ لم يأتِ فيه نصٌّ بإباحته. ينظر: (المحلى بالآثار (2/ 365)).

وقال أيضا رحمه الله :

من لا يحفظ القرآن فلم يكلفه الله تعالى قراءة ما لا يحفظ، لأنه ليس ذلك في وسعه، قال تعالى : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )، فإذا لم يكن مكلفا ذلك فتكلفه ما سقط عنه باطل،

ونظره في المصحف عمل لم يأت بإباحته في الصلاة نص، وقد قال عليه السلام : ( ان في الصلاة لشغلا ). ينظر: (المحلى - ابن حزم - ج ٤ - الصفحة (٢٢٣)).

- وقال الشيخ الألباني رحمه الله :

... هذه الظاهرة لم تكن منتشرة في عهد السلف الصالح, لا في عهد النبي  ولا في عهد الصحابة ولا في عهد بقية القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية هذا أولا

وثانيا : إن اتخاذ هذه العادة وسيلة للفتح على الإمام إذا ما ارتج عليه هي وسيلة، كما عرفتم أولا محدثة ،

وثانيا وهذا هو المقصود الآن بهذا الأمر الثاني : أنه يعارض توجيها نبويا كريما ومهما جدا ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام:

( تعاهدوا هذا القرآن وتغنوا به فوالذي نفسي بيده إنه أشد تفلتا من صدور الرجال من الإبل من عقلها ) ...

فإذا قيل لأئمة المساجد إما بلسان القال أو بلسان الحال لا بأس أن تأخذوا المصحف وأن تقرأوا في إمامتكم منه :

هذا سيكون وسيلة غير مشروعة مصادمة لقوله عليه السلام ( تعاهدوا هذا القرآن ).

أي: سوف يقل لا أقول الحفاظ وإنما سأقول سيقل الأئمة... ولذلك فنحن نقول كما قال عليه الصلاة والسلام ( تعاهدوا هذا القرآن )،

 أي: اعتنوا بمدارسته وحفظه ولا تتكلوا على المصحف في إمامتكم للناس لأن هذا سيصرفكم عن تعاهده. 

ومن المتفق عليه بين علماء المسلمين قاطبة أن كل وسيلة عارضت سنة مشروعة فهي بدعة ضلالة،... 

وها أنتم الآن قد عارضتم أو من فعل منكم من أم الناس من المصحف، قد خالف سنة النبي والسلف الصالح فعلا وقولا:

فعله عليه السلام: ما أم الناس من المصحف, قوله ( تعاهدوا هذا القرآن وتغنوا به ) إلى آخر الحديث. ينظر: (سلسلة الهدى والنور - شريط : (965)).

▣▣ مفاسد قراءة القرآن من المصحف في الصلاة:

1- تشبع القارئ بما لم يُعط: حيث يظن الناس أنه من الحفاظ وليس الأمر كذلك.

2- تزهيد الأئمة في حفظ القرآن: اعتماداً على القراءة من المصحف .

3- الإخلال بِسَمْتِ الصلاة: من وضع اليدين على الصدر والنظر إلى موضع السجود إلى كثرة الحركة بتقليب الصفحات وغير ذلك مما يتنافى مع الخشوع .

▣▣ الخلاصة :

▣ القراءة من المصحف في الصلاة ، سواء في الفريضة أو النافلة أو صلاة التراويح، ليست من السنة، بل هي أمر محدث مخالف لهدي النبي ﷺ وصحابته.

▣ الأصل في الإمامة أن تكون لمن يحفظ القرآن، ولا يُفتح الباب لهذه البدعة التي تؤدي إلى ترك الحفظ وتعطيل سنة تعاهد القرآن.


والله اعلم

▣ ما رأيكم في هذه المسألة؟هل توافقون على أنها بدعة غير مشروعة، أم لديكم وجهة نظر أخرى؟ شاركونا آراءكم في التعليقات أدناه.

اقرأ أيضا:


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات