">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

لا فرق بين الصداق والمهر من حيث المعنى وهو واجب شرعا ويطلق على ما  يدفعه الزَّوجُ لزوجته بعقد الزَّواج معجّلاً أو مؤجّلاً مقابل الإستمتاع كما يجوزُ تأجيل الصَّداق لقَولُه تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. [المائدة: 1]. فهو شامل للوَفاءِ بالعقد وما وقَع في العَقد من شُروطٍ ولأنَّه عَقدٌ من عُقود المُعاوَضة فجاز تأجيلُه كالثَّمن في البَيع وكل ذلك للتيسير على الزَّوج الذي لا يملك كلَّ المهر المطلوب .

المهر ( الصداق ) مهران :

مهر المسمى : وهو الذي يسميه الطرفان حين العقد قليلاً كان أو كثيراً.

 ومهر المثل : وهو مهر مثل الزوجة يرجع في تحديده عند بعض أهل العلم إلى مهر قريبات الزوجة من عصبتها كالأخوات وبنات العم .

كما أن الذهب المسمى بالشبكة يعتبر جزءا من المهر المسمى فإذا فسخت الخطبة قبل عقد الزواج فهو من حقّ الخاطب ولا حقّ للمخطوبة فيه إلا أن يتركه لها إحسانا بطيب نفس .

كما أن ذكرُ المَهرِ في النِّكاحِ ليس ركنًا مِن أركانه وليس بشرط فلو عُقِدَ على المرأةِ بدونِ ذِكرِ المهرِ صَحَّ العقد ووجَبَ لها مَهرُ المثلِ ولا حَدَّ لأقَلِّه بل كلُّ ما جاز أن يكون ثمنًا جاز أن يكون مهرًا على الصحيح مِن أقوال العلماءِ .

وإليك الأدلة :

1- قال الله تعالى : وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ... (سورة النساء: 4)'

قوله : "وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً" : قال أبو جعفر: يعني بذلك تعالى ذكره : وأعطوا النساء مهورهن عطيّة واجبة، وفريضة لازمةينظر :((تفسير الطبري))

2- قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود. [المائدة: 1]

قوله تعالى : "أوفوا بالعقود" شامل للوفاء بالعقد وما وقع في العقد من شروط . ينظر: ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (18/30).

3- عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج ). أخرجه البخاري.

4- قد ورد في صحيح البخاري وغيره : أن النبي ﷺ زوج رجلاً وكان المهر هو : أن يعلمها سورا محددة من القرآن بعد ما صارت زوجة له. باعتبار أن المهر صار مؤجلا .

 جاء في شرح الدردير لمختصر خليل المالكي : ( فصل ) في بيان أحكام الصداق وهو بفتح الصاد, وقد تكسر وهو ما يعطى للزوجة في مقابلة الاستمتاع بها ويسمى مهرا. انتهى.

   قال ابن عبد البر رحمه الله : ( أجمع علماء المسلمين أنَّه لا يجوز لأحدٍ أن يطأَ فرجًا وُهِبَ له دون رقبَتِه، وأنَّه لا يجوز له وطءٌ في نكاحٍ بغيرِ صَداقٍ مُسمًّى : دَينًا أو نقدًا، وأنَّ المفوَّضَ إليه لا يدخُلُ حتى يسمِّيَ صَداقًا، فإن وقع الدخولُ في ذلك لزم فيه صَداقُ المِثلِ ). انتهى من ((الاستذكار)) (5/408).

قال ابن قدامة رحمه الله : " يَجُوز أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ مُعَجَّلًا , وَمُؤَجَّلًا , وَبَعْضُهُ مُعَجَّلًا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا ; لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي مُعَاوَضَةٍ , فَجَازَ ذَلِكَ فِيهِ كَالثَّمَنِ ". انتهى من "المغني" (7/169) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " ولم يكن الصحابة يكتبون " صداقات " لأنهم لم يكونوا يتزوجون على مؤخر ؛ بل يعجلون المهر ، وإن أخروه فهو معروف ، فلما صار الناس يتزوجون على المؤخر والمدة تطول ويُنسى : صاروا يكتبون المؤخر ، وصار ذلك حجة في إثبات الصداق ، وفي أنها زوجة له ". انتهى من"مجموع الفتاوى" (32/131)
 
وقت دفع المهر :

يستحب تعجيل الصداق كله وإذا كان الصَّداق أو بعضه مُؤجَّلاً فإنَّ وقت استحقاقه يكونُ في الوقت المحدَّد كما لو كان التأجيل إلى مُدَّةٍ محدَّدة كسَنَةٍ أو غيرها فإنْ لم يحدد وقتُ استِحقاق المؤجَّل من الصَّداق فإنَّه يحلُّ بالفرقة؛ أي : افتِراقِ الزوجين بطلاق أو موت أو فسخ إعمالاً للعرف والعادة في ذلك حيث إنَّ المطلق من العُقود ينصرفُ إلى العُرف والعادة عند المتعاقدين كما ذكَرَه الإمام ابن القيم رحمه الله.

 وإذا لم يُسمَّ المهر في العقد صح العقد ووجب مهر المثل وإن تراضيا ولو على قليل صح وتَملك المرأة صداقها بالعقد ويستقر كاملاً بالدخول .

وليس في الشرع الإسلامي ما يمنع من دفع جميع الصداق عند الزواج أو قبله أو بعده أو تأجيل جميع الصداق أو بعضه فالكل جائز شرعا . 

أما مؤخر الصداق : 

 فهو الدين المؤجل من المهر في ذمة الزوج لزوجته. فإذا كان الصداق المتفق عليه هو : (ألف) مثلاً، ودفع لها بعضه وتم الزواج فالباقي هو : المؤخر من الصداق. 

كما أنه لم يرد في الشرع تقسيم الصداق إلى : مقدم ومؤخر، بمعنى : أنه لو تم الإتفاق على الصداق بقدر معلوم، وقبضته الزوجة كاملاً فليس لها صداق مؤخر لأن معنى : (مؤخر) -شرعاً-؛ أي : ما بقي دينا في ذمة الزوج . 

ما يكون صداقا (مهرا)

يصِحُّ الصَّداقُ بكُلِّ ما يَصلُحُ أن يكون مالًا أو بكُلِّ ما يُتمَوَّلُ وكذلك بالذهب والفضة لأنها تصح ثمنا . 

- ويَصِحُّ الصداق بالأعيانِ كما لو أصدَقَها ثيابًا، أو أصدَقَها سيارةً، أو أصدَقَها أرضًا، أو أصدَقَها بيتًا.

- ويَصِحُّ الصداق بالمنافِعِ كما لو أصدَقَها سُكنى بيتٍ أو كون المهر عمرة أو كتعليم قرآن أو خدمة ونحوهما .

   قال ابن حزم رحمه الله :

جائزٌ أن يكون صداقًا كُلُّ ما له نصفٌ قَلَّ أو كثُرَ، ولو أنَّه حبَّةُ بُرٍّ أو حبةُ شعير أو غير ذلك، وكذلك كلُّ عمَلٍ حلالٍ موصوفٍ؛ كتعليم شيءٍ مِن القرآن، أو من العِلمِ، أو البناءِ، أو الخياطةِ، أو غير ذلك، إذا تراضيا بذلك .انتهى من ((المحلى بالآثار)) (9/91).

قال ابن تيمية رحمه الله :

لو تزوَّجَها على أن يَخيطَ لها كُلَّ شَهرٍ ثَوبًا صَحَّ أيضًا؛ إذ لا فرق بين الأعيانِ والمنافِعِ . انتهى من ((الفتاوى الكبرى)) (5/471).

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :

هل يجب أن يقبض صداق المرأة عند تسميته أو عند العقد ، أم يُكتفى بتسميته ، ويجوز تأجيله إلى وقت لاحق بعد الزواج؟  

فأجاب :

هذه المسألة ترجع إلى اتفاق الزوجين ، أو الزوج وولي المرأة ، إذا اتفقا على شيء فلا بأس به ، من تعجيل أو تأجيل ، كل ذلك واسع والحمد لله ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوَفَّى بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ ) .

فإذا اتفقا على أن المهر يقدم أو يؤخر ، أو يقدم بعضه ويؤخر بعضه : فكل ذلك لا بأس به ، لكَّن السنةَ أن يُسمِّي شيئا عند العقد ؛ لقوله سبحانه وتعالى : ( أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ ) فيسمي شيئا من المهر ، فإن سمى شيئا فهو حسن ، وإن قال : على مهر مؤجل ، وهو معلوم بينهما فلا بأس ، أو مؤجل نصفه أو ثلثه أو ربعه ، ويبين المعجل والمؤجل فلا بأس ، كل ذلك واسع ، والحمد لله ". انتهى من ("مجموع فتاوى ابن باز" (21/89-90)).

وقال أيضا رحمه الله :

الصداق يتنوع، كل ما يدفع لها في مقابل استحلال فرجها هو المهر، كل شيء يدفع لها يشرط على الزوج في مقابل عقد النكاح فهو مهرها، سواء كان نقوداً، أو حلياً، أو فرشاً .. أو غير ذلك، كل ما يدفع لها من المال سواء كان نقداً أو غيره فهو يعتبر مهر، إذا كان شرطاً في النكاح، أما إذا كان بعد النكاح فهذا من باب التورع، من باب المساعدة، 

ما كان شرطاً في النكاح يتفقان عليه في موافقتها ورضاها بالعقد فهذا هو المهر، ولا يختص بالنقود، بل يدخل فيه ما يشرط من غير النقود، مثل الملابس، مثل الحلي؛ مثل الذهب أو الفضة.. أو غير ذلك، مثل ما يسمونه الآن : غرفة النوم.. إلى غير ذلك . انتهى من (فتاوى نور على الدرب) 

وسئل الشيخ العثيمين رحمه الله :

هل يصح تأجيل صداق المرأة ؟ وهل هو دين على الرجل يلزم بدفعه ؟  

فأجاب :

" الصداق المؤجل جائز ولا بأس به ، فإذا اشترط الرجل تأجيل الصداق أو بعضه فلا بأس ، ولكن يحل إن كان قد عين له أجلا معلوما ، فيحل بهذا الأجل ، وإن لم يؤجل فيحل بالفرقة : بطلاق ، أو فسخ ، أو موت ، ويكون دَيْنًا على الزوج يطالب به بعد حلول أجله في الحياة ، وبعد الممات كسائر الديون ". انتهى من ("مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (13/1368)) .

وجاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :

الصداق في النكاح لا بد منه؛ لدلالة الكتاب والسنة والإجماع على وجوبه، ويسمى أيضا مهرا وأجرا، قال الله تعالى : { وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً }. (سورة النساء الآية ٤). أي : عن طيب نفس، بما فرض الله لهن عليكم بالزواج بهن، وقال تعالى : { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ }. (سورة النساء الآية ٢٤) الآية، وثبت : « أن امرأة وهبت نفسها للنبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يكن له فيها حاجة فأراد بعض أصحابه أن يتزوجها، فطلب منه صداقا لها، فاعتذر لفقره، فقال له : "التمس ولو خاتما من حديد »(البخاري) فالتمسه لكنه لم يجد، فأبى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يزوجه إياها إلا بشيء يبذله لها، وفيه منفعة تعود عليها، وانتهى الأمر إلى أن زوجه النبي -صلى الله عليه وسلم-هذه المرأة بما معه من القرآن، يعلمهما إياه.

 وأجمعت الأمة على أنه لا بد من الصداق في النكاح، ومن تزوج امرأة من وليها على ألا مهر لها فقيل : نكاحهما باطل، وقيل : النكاح صحيح والشرط باطل، ويجب لها مهر المثل بالدخول بها، أو الوفاة عنها؛ لقوة الشبه بالمفوضة الآنف ذكرها، والأرجح الثاني، 

أما من تزوج امرأة أن لها مهرا لكنه لم يسم، فنكاحها صحيح، ولها مهر مثلها بالدخول أو الوفاة، قال تعالى : { لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً }. الآية. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء-الفتوى رقم (١٢٧٥))

وجاء فيها أيضا :

يجوز أن يكون الصداق كله مقدما أو كله مؤخرا أو بعضه مقدما وبعضه مؤخرا، وما كان منه مؤجلا يجب سداده عند أجله، وما لم يحدد له أجل يجب عليه سداده إذا طلق، ويسدد من تركته إذا مات. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . انتهى من (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء-الفتوى رقم (٤٩٠٧))


والله اعلم


اقرأ أيضا..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات