صيام شهر رمضان هو فريضة على كل مسلم، ولكن الله تعالى رخص الإفطار لمن كان مريضًا أو مسافرًا،
حيث قال : ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾. [البقرة: 185]. بالنسبة لمرضى السكري، فإن الصيام قد يشكل تحديًا صحيًا.
▣ في هذا الدليل الشامل، سنوضح أحكام صيام مريض السكري في رمضان وفقًا للحالات المختلفة، مستندين إلى الأدلة الشرعية وآراء العلماء.
▣▣ حكم صيام مريض السكري في رمضان؟
الجواب كالتالي :
1- إذا كان الصيام يُشقّ عليه دون ضرر كبير.
كأن خاف أن يزيد مرضه بصيامه ويؤخر شفاءه، فهذا يُكره له أن يصوم ويُسنّ له أن يُفطر،
وذلك لما فيه من العدول عن رخصة الله تعالى مع الإشقاق على نفسه، لقوله تعالى :
( ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر). البقرة: 185.
2- إذا كان الصيام يُسبب ضررًا صحيًا.
إذا كان الصيام يضر بمريض السكري، كأن يؤدي إلى انخفاض أو ارتفاع حاد في مستويات السكر في الدم،
فإن الفطر واجب عليه والصوم عليه حرام، يقول الله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾. [البقرة: 195].
3- إذا كان المرض مؤقتًا.
إذا كان مريض السكري يعاني من حالة مؤقتة تمنعه من الصيام، لكنه يُرجى شفاؤه، فعليه الإفطار ثم قضاء الأيام التي أفطرها بعد رمضان.
4- إذا كان المرض مزمنًا ولا يُرجى شفاؤه.
إذا كان مريض السكري يعاني من حالة مزمنة تجعله غير قادر على الصيام أبدًا، فإنه يُفطر وعليه إخراج فدية،
وهي إطعام مسكين عن كل يوم أفطره.
مقدار الفدية : نصف صاع (حوالي 1.5 كجم) من قوت البلد، كالأرز أو التمر أو القمح.
▣▣ آراء العلماء في صيام مريض السكري :
- قال الإمام القرطبي رحمه الله :
وقال جمهورٌ مِنَ العُلَماءِ : إذا كان به مَرضٌ يُؤلِمُه ويُؤذِيه أو يخافُ تَمادِيَه أو يخافُ تَزَيُّدَه؛ صحَّ له الفِطرُ.
قال ابنُ عطية : وهذا مذهَبُ حذَّاقِ أصحاب مالك، وبه يناظِرون. ينظر: ((تفسير القرطبي)) (2/ 276).
- سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
إنني مريضة بالسكر والقرحة، فإذا لم أستطع الصوم فماذا يجب علي أن أفعل؟
فأجاب :
عليك مراجعة الطبيب المختص، فإن قرر الطبيب المختص أن الصوم يضرك فأفطري، فإذا عافاك الله فاقضي بعد ذلك .
وإن قرر الأطباء المختصون أن هذا المرض يضره الصوم دائمًا وأنه فيما يعلمون أن المرض سوف يستمر ولا يرجى برؤه ،
فإنك تفطرين وتطعمين عن كل يوم مسكينًا، نصف صاع من قوت البلد، مقداره كيلو ونصف تقريبًا، والحمد لله.
وليس عليك صيام؛ لقول الله سبحانه : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. [التغابن:16]. ينظر: (نور على الدرب، الشريط 15).
- وسئل الشيخ العثيمين رحمه الله :
زوجته مريضة بالسكر..وقد نصحها الأطباء بعدم الصوم فماذا يلزمها ؟
فأجاب :
الواجب على هذه المرأة إذا كانت لا تستطيع الصيام ولا يرجى زوال عجزها، أن تطعم عن كل يوم مسكيناً؛
لأن هذا هو المفروض على الإنسان إذا كان لا يستطيع الصوم على وجه مستمر،
أما الذي لا يستطيع الصوم لفترة معينة ويرجى أن يقدر عليه فيما بعد، فهذا ينتظر حتى يقدر عليه ثم يقضيه؛
لقول الله تعالى : ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾. ينظر: (فتاوى نور على الدرب>الشريط رقم [294]).
▣▣ نصائح طبية لمرضى السكري في رمضان:
* استشارة الطبيب المختص الأمين قبل اتخاذ قرار الصيام.
* يجب مراقبة مستويات السكر في الدم بانتظام خلال فترة الصيام، خاصة قبل الإفطار وبعد السحور.
* يجب الحرص على شرب كميات كافية من الماء بين الإفطار والسحور لتجنب الجفاف.
* يُنصح بتجنب الأطعمة الغنية بالسكريات والدهون خلال وجبتي الإفطار والسحور.
* التوقف عن الصيام فورًا في حالة الشعور بأعراض انخفاض أو ارتفاع السكر الحاد.
▣▣ خاتمة :
بهذا الدليل، يستطيع مرضى السكري اتخاذ القرار الصحيح بشأن صيامهم في رمضان، مع الحرص على الحفاظ على صحتهم وفقًا للضوابط الشرعية.
والله اعلم
▣ انشر الفائدة! شارك هذا المنشور مع من يحتاجه، وشاركنا رأيك أو تجربتك في التعليقات!.
اقرأ أيضا :
تعليقات
إرسال تعليق