القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

حكم من وجد مع زوجته رجلاً يزني بها فقتلهما


يجوز للزوج أن يقتل من وجده يزني بزوجته وأن يقتلها معه فيما بينه وبين الله سواء كان محصنا أو غير محصن .

وأما قضاءً : أي عند القاضي فإن لم يأت بأربعة شهداء فإنه يقام عليه الحد إن رفع للقضاء .

وإن ثبتت جريمة الزنا عند القاضي بالشهادة أو باعتراف ولي الدم فدمهما هُدر أى لا قصاص عليه ولا يُقتل بهما .

والدليل :

1- ففي الصحيحين أن سعد بن عبادة قال : يا رسول الله لو وجدتُ مع أهلي رجلًا لم أمسَّه حتى آتي بأربعة شهداء؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((نعم)) قال : كلَّا والذي بعثك بالحق إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اسمعوا إلى ما يقول سيدكم إنه لغيور وأنا أغير منه والله أغير مني). متفق عليه

2- روى سعيد بن منصور فى "سننه" عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أنه كان يوما يتغدى إذ جاء رجل يعدو وفى يده سيف ملطخ بالدم ووراءه قوم يعدون خلفه فجاء حتى جلس مع عمر فجاء الاخرون فقالوا : يا أمير المؤمنين إن هذا قتل صاحبنا فقال له عمر : ما تقول؟ فقال : يا أمير المؤمنين إني ضربت فخذي امرأتي فإن كان بينهما أحد فقد قتلته فقال عمر : ما تقولون؟ قالوا : يا أمير المؤمنين إنه ضرب بالسيف فوقع في وسط الرجل وفخذي المرأة فأخذ عمر سيفه فهزه ثم دفعه إليه، وقال : "إن عاد فعد".

قال ابن القيم رحمه الله :

وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وقال : ليس هذا من باب دفع الصائل بل من باب عقوبة المعتدي المؤذي وعلى هذا فيجوز له فيما بينه وبين الله تعالى قتل من اعتدى على حريمه سواء كان محصناً أو غير محصنٍ معروفاً بذلك أو غير معروفٍ كما دل عليه كلام الأصحاب وفتاوى الصحابة .اه

" زاد المعاد " ( 5 / 406 ، 407 ) .

وقال النووي رحمه الله :

  " اختلف العلماء فيمن قتل رجلا وزعم أنه وجده قد زنى بامرأته فقال جمهورهم : لا يقبل قوله بل يلزمه القصاص إلا أن تقوم بذلك بينة أو يعترف به ورثة القتيل والبينة أربعة من عدول الرجال يشهدون على نفس الزنى ويكون القتيل محصنا وأما فيما بينه وبين الله تعالى : فإن كان صادقا فلا شيء عليه . 

وقال بعض أصحابنا : 

يجب على كل من قتل زانيا محصنا : القصاص ما لم يأمر السلطان بقتله والصواب : الأول .

 وجاء عن بعض السلف :

 تصديقه في أنه زنى بامرأته وقتله بذلك". انتهى.

( شرح مسلم (10 / 121)).

وقد اختار بعض الفقهاء بألا يقتل الزوجة لأنها قد تكون مكرهة.

كما أنه 

لا يجوز أن يقيم الحدّ أحد إلا الإمام أو نائبه.

فقد جاء في 

الموسوعة الفقهية (17/144-145برقم ) :

اتفق الفقهاء على أنه لا يقيم الحدّ إلا الإمام أو نائبه وذلك لمصلحة العباد وهي صيانة أنفسهم وأموالهم وأعراضهم والإمام قادرعلى الإقامة لشوكته ومنعته وانقياد الرعية له قهراً وجبراً كما أن تهمة الميل والمحاباة والتواني منتفية عن الإقامة في حقه فيقيهما على وجهه فيحصل الغرض المشروع بيقين ولأن النبي كان يقيم الحدود وكذا خلفاءه من بعده .اه

وقد قام الإمام ابن القيم 

بتوضيح ما جاء فى الاحاديث فقال :

"وقوله في الحديث :

 "لو أن رجلا وجد مع امرأته رجلا يقتله فتقتلونه به" دليل على أن من قتل رجلا في داره وادعى أنه وجده مع امرأته أو حريمه قتل فيه ولا يقبل قوله إذ لو قبل قوله لأهدرت الدماء وكان كل من أراد قتل رجل أدخله داره وادعى أنه وجده مع امرأته. 

ولكن هاهنا مسألتان يجب التفريق بينهما :

 إحداهما :

 هل يسعه فيما بينه وبين الله تعالى أن يقتله أم لا؟

 والثاني :

 هل يقبل قوله في ظاهر الحكم أم لا؟

 وبهذا التفريق يزول الإشكال فيما نقل عن الصحابة رضي الله عنهم في ذلك حتى جعلها بعض العلماء مسألة نزاع بين الصحابة وقال :

مذهب عمر رضي الله عنه :

أنه لا يقتل به

ومذهب علي :

أنه يقتل به.

قال ابن القيم :

 وأنت إذا تأملت حكميهما لم تجد بينهما اختلافا فإن عمر إنما أسقط عنه القول لما اعترف الولي بأنه كان مع امرأته وقد قال أصحابنا واللفظ لصاحب "المغني" : فإن اعترف الولي بذلك فلا قصاص ولا دية لما روي عن عمر، ثم ساق القصة وكلامه يعطي أنه لا فرق بين أن يكون محصنا وغير محصن وكذلك حكم عمر في هذا القتيل وقوله أيضا : "فإن عادوا فعد" ولم يفرق بين المحصن وغيره وهذا هو الصواب وإن كان صاحب "المستوعب" قد قال : وإن وجد مع امرأته رجلا ينال منها ما يوجب الرجم فقتله وادعى أنه قتله لأجل ذلك  فعليه القصاص في ظاهر الحكم إلا أن يأتي ببينة بدعواه فلا يلزمه القصاص. قال : وفي عدد البينة روايتان

 إحداهما :

 شاهدان، اختارها أبو بكر لأن البينة على الوجود لا على الزنا.

 والأخرى :

 لا تقبل أقل من أربعة.

 والصحيح أن البينة متى قامت بذلك أو أقر به الولي سقط القصاص محصنا كان أو غيره وعليه يدل كلام علي فإنه قال فيمن وجد مع امرأته رجلا فقتله : "إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته" وهذا لأن هذا القتل ليس بحد للزنا ولو كان حدا لما كان بالسيف ولاعتبر له شروط إقامة الحد وكيفيته وإنما هو عقوبة لمن تعدى عليه وهتك حريمه، وأفسد أهله. 

وكذلك فعل الزبير رضي الله عنه :

 لما تخلف عن الجيش ومعه جارية له فأتاه رجلان فقالا : أعطنا شيئا، فأعطاهما طعاما كان معه فقالا : خل عن الجارية، فضربهما بسيفه فقطعهما بضربة واحدة.اه

 وعلى هذا فيجوز له فيما بينه وبين الله تعالى قتل من اعتدى على حريمه سواء كان محصنا أو غير محصن معروفا بذلك أو غير معروف كما دل عليه كلام الأصحاب وفتاوى الصحابة.

 وقد قال الشافعي وأبو ثور :

 يسعه قتله فيما بينه وبين الله تعالى إذا كان الزاني محصنا جعلاه من باب الحدود.

 وقال أحمد وإسحاق :

 يهدر دمه إذا جاء بشاهدين ولم يفصلا بين المحصن وغيره. 

فإن قيل :

 فما تقولون في الحديث المتفق على صحته عن أبي هريرة رضي الله عنه أن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال : يا رسول الله، أرأيت الرجل يجد مع امرأته رجلا، أيقتله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا»، فقال سعد: بلى والذي بعثك بالحق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اسمعوا إلى ما يقول سيدكم».

 وفي اللفظ الاخر :

 إن وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى اتي بأربعة شهداء؟ قال: «نعم»، قال: والذي بعثك بالحق، إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذلك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اسمعوا إلى ما يقول سيدكم، إنه لغيور وأنا أغير منه، والله أغير مني» .

 قلنا : 

نتلقاه بالقبول والتسليم والقول بموجبه واخر الحديث دليل على أنه لو قتله لم يقد به؛ لأنه قال : بلى والذي أكرمك بالحق ولو وجب عليه القصاص بقتله لما أقره على هذا الحلف ولما أثنى على غيرته، ولقال : لو قتلته قتلت به وحديث أبي هريرة صريح في هذا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «أتعجبون من غيرة سعد؟ فوالله لأنا أغير منه والله أغير مني». ولم ينكر عليه ولا نهاه عن قتله لأن قوله صلى الله عليه وسلم  حكم ملزم وكذلك فتواه حكم عام للأمة فلو أذن له في قتله لكان ذلك حكما منه بأن دمه هدر في ظاهر الشرع وباطنه ووقعت المفسدة التي درأها الله بالقصاص وتهالك الناس في قتل من يريدون قتله في دورهم ويدعون أنهم كانوا يرونهم على حريمهم فسد الذريعة وحمى المفسدة وصان الدماء وفي ذلك دليل على أنه لا يقبل قول القاتل ويقاد به في ظاهر الشرع فلما حلف سعد أنه يقتله ولا ينتظر به الشهود عجب النبي صلى الله عليه وسلم من غيرته وأخبر أنه غيور وأنه صلى الله عليه وسلم أغير منه والله أشد غيرة 

وهذا يحتمل معنيين :

أحدهما : 

إقراره وسكوته على ما حلف عليه سعد أنه جائز له فيما بينه وبين الله ونهيه عن قتله في ظاهر الشرع ولا يناقض أول الحديث اخره.
 
والثاني :

 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك كالمنكر على سعد فقال : «ألا تسمعون إلى ما يقول سيدكم!»

 يعني :

أنا أنهاه عن قتله وهو يقول : بلى والذي أكرمك بالحق ثم أخبرعن الحامل له على هذه المخالفة وأنه شدة غيرته ثم قال : «أنا أغير منه والله أغير مني» 

وقد شرع إقامة الشهداء الأربعة مع شدة غيرته سبحانه فهي مقرونة بحكمة ومصلحة ورحمة وإحسان فالله سبحانه مع شدة غيرته أعلم بمصالح عباده وما شرعه لهم من إقامة الشهود الأربعة دون المبادرة إلى القتل وأنا أغير من سعد وقد نهيته عن قتله وقد يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا الأمرين وهو الأليق بكلامه وسياق القصة" .اه

("زاد المعاد" (5 /362))


أما من رأى 

زوجته تفعل الزنا ولم يقتلها وتعسر عليه إقامة الشهود على ذلك فله أن يُلاعنها فإن لاعنت فُرّق بينهما وإن نكلت عن اللعان أقيم عليها الحد الشرعي. أعاذنا الله وإياكم والمسلمين من كلِّ سوء.

قال تعالى :

 ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ). سورة النور/6 .

 قال ابنُ رشد الجَدُّ :

(الأصلُ في اللِّعانِ : كِتابُ اللهِ تعالى وسُنَّةُ نبيه صلَّى الله عليه وسلَّم وإجماعُ الأمَّةِ).اه 

((المقدمات الممهدات)) (1/629).

  قال ابنُ عبدِ البَرِّ :

 (قال الشافعيُّونَ وأبو حنيفةَ وأصحابُهما، والثوريُّ، والأوزاعيُّ، وأبو عُبيد، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وداود: إذا قال الرجُلُ لامرأتِه: يا زانيةُ، وجَبَ اللِّعانُ إنْ لم يأتِ بأربعةِ شُهَداءَ، وسواءٌ عندهم قال لها: يا زانيةُ، أو رأيتُكِ تزنِينَ، أو زَنَيتِ. وهو قَولُ جُمهورِ العُلَماءِ). ((الاستذكار)) (6/90).

صيغة اللعان :

 أن يقول الزوج أربع مرات : أشهد بالله إني لصادق فيما رميتها به من الزنا، ويقول في الخامسة : لعنة الله علي إن كنت كاذبا فيما رميتها به من الزنا، وأن تقول الزوجة أربع مرات: أشهد بالله إنه لكاذب فيما رماني به من الزنا، وتقول في الخامسة : غضب الله علي إن كان صادقا فيما رماني به من الزنا.

فإن تم اللعان بينهما حصلت الفرقة بينهما على التأبيد ويدرأ الحد عنهما.

قال ابن كثير رحمه الله :

" هذه الآية الكريمة فيها فرج للأزواج وزيادة مخرج إذا قذف أحدهم زوجته وتعسر عليه إقامة البينة أن يلاعنها كما أمر الله عز وجل وهو أن يحضرها إلى الإمام [ القاضي ] فيدعي عليها بما رماها به فيحلفه الحاكم أربع شهادات بالله في مقابلة أربعة شهداء ( إنه لمن الصادقين ) أي : فيما رماها به من الزنا ( والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين )

 فإذا قال ذلك بانت منه بنفس هذا اللعان عند الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء وحرمت عليه أبدا ويعطيها مهرها ويتوجه عليها حد الزنا . 

ولا يدرأ عنها العذاب إلا أن تلاعن فتشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين أي : فيما رماها به ( والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ) ولهذا قال : ( ويدرأ عنها العذاب ) .يعني : الحد ( أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ) فخصها بالغضب كما أن الغالب أن الرجل لا يتجشم فضيحة أهله ورميها بالزنا إلا وهو صادق معذوروهي تعلم صدقه فيما رماها به ولهذا كانت الخامسة في حقها أن غضب الله عليها والمغضوب عليه هو الذي يعلم الحق ثم يحيد عنه " .انتهى .

("تفسير ابن كثير" (6/14) ). 


وأما من وجدت زوجها يزنى

إذا شاهدت المرأة زوجها يزني فعليها أن تنصحه وتستر عليه وأن تبحث عن الأسباب التي أدَّت به إلى الوقوع في هذه المحرمات فتعالجها فإن تاب فالحمد لله وإن لم يتب ويرجع عن ذلك فالأفضل لها فراقه فلا خير لها في معاشرة مثله.

 قال البهوتي الحنبلي فى كشف القناع : 

وإذا ترك الزوج حقًّا لله تعالى، فالمرأة في ذلك مثله، فيستحب لها أن تختلع منه لتركه حقوق الله تعالى. اهـ.

 وإن أرادت أن توصل أمره إلى القضاء فيلزمها أن تقيم البينة على ذلك والبينة لا تثبت إلا بأربعة شهود عدول من الرجال فإن رمت المرأة زوجها بالزنا ولا بينة عندها على ذلك استحقت حد القذف وكذا الرجل لو رمى زوجته ولا بينة عنده فعليه حد القذف إلا أن يلاعن .

سئل العلامة الفوزان حفظه الله :

إذا رأت المرأة زوجها يزني فهل لها أن تلاعنها تقوم باللعان ؟

فأجاب :

 لا، ليس لها أن تقوم باللعان وعليها أن تستره ولا تبدي شيئا، إن كان لا بد فاطلب الفراق منه تطلب الطلاق منه . اه



والله اعلم


وللفائدة..



هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات