">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

متى يجوز القتل دفاعًا عن النفس والعرض والمال؟


إذا قام شخص بالإعتداء عليك أو على أهلك وعرضك أو مالك فلك الدفع عن ذلك بما يغلب على ظنك دفعك به، مثل:

الصياح فى وجهه ثم الاستغاثة ثم الضرب باليد ثم بالسوط ثم بالعصا ثم بقطع عضو ونحو ذلك ،

فإذا انصرف المعتدي عليك بواحدة من هذه الطرق فلا يجوز قتله،

وليس لك الإنتقال للتى بعدها وإلا ستكون أنت الظالم والمعتدي وتتحمل مسئولية فعلك،

فإن لم يندفع ذلك الشخص المُعتدي بعد استنفاذ وسائل دفعه إلا بالقتل جاز لك ذلك ولا ضمان عليك لأن الشرع قد أذن لك في قتله، والمقتول المعتدي متوعد بالنار،

وإن قُتلت فأنت شهيد ولكن تغسل ويصلى عليك ولك في الآخرة ثواب الشهداء، بخلاف شهيد المعركة فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه.

فالمعتدي على النفس أو المال أو العرض يسميه العلماء صائلاً ودفع الصائل بما يندفع به مشروع بالأخف فالأخف،

فلا يجوز قتله إن كان يندفع بما دون ذلك، وان لم يندفع إلا بالقتل جاز قتله بعد إنذاره فإن قتل فهو في النار،

وأما إن قتل هو من يدفعه عن نفسه أو عرضه أو ماله فالمقتول شهيد.

وإليك الأدلة :

1- جاء في صحيح الإمام مسلم : أن رجلاً قال : يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال : فلا تعطه مالك.

قال : أرأيت إن قاتلني؟ قال : قاتله، قال : أرأيت إن قتلني؟ قال : فأنت شهيد، قال : أرأيت إن قتلته؟ قال : هو في النار.

2- عَنْ قَابُوسَ بْنِ مُخَارِقٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى  النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : الرَّجُلُ يَأْتِينِي فَيُرِيدُ مَالِي ، قَالَ : ذَكِّرْهُ بِاللَّهِ،

قَالَ : فَإِنْ لَمْ يَذَّكَّرْ ؟ قَالَ : فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَنْ حَوْلَكَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَالَ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَوْلِي أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ؟ قَالَ : فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ بِالسُّلْطَانِ،

قَالَ : فَإِنْ نَأَى السُّلْطَانُ عَنِّي ؟ قَالَ : قَاتِلْ دُونَ مَالِكَ حَتَّى تَكُونَ مِنْ شُهَدَاءِ الْآخِرَةِ، أَوْ تَمْنَعَ مَالَكَ ". (صحيح النسائي).

3- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قاتل دون ماله، فقتل فهو شهيد، ومن قاتل دون دمه، فهو شهيد، ومن قاتل دون أهله، فهو شهيد. (صحيح النسائي-رقم: (4105)).

- جاء في تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي : (من قتل دون ماله ) أي عند دفعه من يريد أخذ ماله ظلما ( ومن قتل دون دمه ) أي في الدفع عن نفسه،

( ومن قتل دون دينه ) أي في نصرة دين الله والذب عنه ( ومن قتل دون أهله ) أي في الدفع عن بضع حليلته أو قريبته ( فهو شهيد )،

لأن المؤمن محترم ذاتا ودما وأهلا ومالا، فإذا أريد منه شيء من ذلك جاز له الدفع عنه، فإذا قتل بسببه فهو شهيد. انتهى.

** قال الإمام النووي في شرحه على مسلم :

فيه جواز قتل القاصد لأخذ المال بغير حق سواء كان المال قليلاً أو كثيراً لعموم الحديث. وهذا قول لجماهير العلماء..

وقال بعض أصحاب مالك : لا يجوز قتله إذا طلب شيئاً يسيراً كالثوب والطعام وهذا ليس بشيء والصواب ما قاله الجماهير،

وأما المدافعة عن الحريم فواجبة بلا خلاف. انتهى.

** وجاء في روض الطالب :

ويجب الدفع للصائل بالأخف إن أمكن كالزجر ثم الاستغاثة ثم الضرب باليد ثم بالسوط، ثم بالعصا، ثم بقطع عضو، ثم بالقتل.. ومتى أمكنه الهرب أو التخلص لزمه... اهـ

** جاء في "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" :

(ومَنْ شَهَرَ على المسلمين سيفًا وَجَبَ قتْلُه ولا شيءَ بِقَتْلِه) ؛ لقولِه عليه الصلاة والسلام : مَنْ شَهَرَ على المُسلمين سيفًا فقدْ أطلَّ دَمَهُ ". -أي أهدره-

ولأنَّ دفعَ الضَّررِ واجب، فوَجَبَ عليْهِم قتلُه إذا لم يُمْكِن دفعُه إلاَّ به، ولا يَجِبُ على القاتل شيءٌ لأنَّه صار باغيًا بذلك،

وكذا إذا شَهَرَ على رجُلٍ سلاحًا فقَتَلَهُ أو قَتَلَهُ غيرُه دفعًا عنْهُ فلا يَجِبُ بقَتْلِه شيء لما بيَّنَّا. انتهى.

** وقال القرطبي رحمه الله :

 مذهب ابن عمر والحسن البصري وإبراهيم النخعي وقتادة ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق والنعمان،

وبهذا يقول عوام أهل العلم أن للرجل أن يقاتل عن نفسه وأهله وماله إذا أريد ظلما، للأخبار التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخص وقتاً دون وقت، ولا حالاً دون حال إلا السلطان.

فإن جماعة أهل الحديث كالمجتمعين على أن من لم يمكنه أن يمنع عن نفسه وماله إلا بالخروج على السلطان ومحاربته أنه لا يحاربه ولا يخرج عليه. انتهى من ( تفسير القرطبي - تفسير سورة المائدة - الآية 33).

** قال ابن تيمية رحمه الله :

" السنة والإجماع متفقان على أن الصائل المسلم إذا لم يندفع صوله إلا بالقتل قتل ، وإن كان المال الذي يأخذه قيراطا من دينار (يعني مقدار يسيرا)،

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (من قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون حرمه فهو شهيد ) …. فإن قتال المعتدين الصائلين ثابت بالسنة والإجماع ". انتهى بتصرف من " مجموع الفتاوى " ( 28 / 540 ، 541 ) .

وقال أيضا رحمه الله :

" وأما الدفع عن الحرمة : مثل : أن يريد الظالم أن يفْجُر بامرأة الإنسان أو ذات محرمه ، أو بنفسه ، أو بولده ونحو ذلك،

فهذا يجب عليه الدفع لأن التمكين من فعل الفاحشة لا يجوز ... وإذا لم يندفع إلا بالقتال وهو قادر عليه قاتل ". انتهى من ("جامع المسائل" (4 / 230)) . 

** وسئل العلامة ابن باز رحمه الله :

إنسان مثلاً : قتل شخصًا آخر بقصد الدفاع عن النفس فهل في ذلك شيء؟

الجواب :

 إذا كان القاتل دافع عن نفسه ظلمه المقتول وأراد قتله، أو ضربه فلم يزل يدافعه حتى قتله فلا شيء عليه؛

لأنه مدافع عن نفسه مظلوم، لكن يدفع بالأسهل فالأسهل فإذا لم يتيسر دفع الصائل إلا بالقتل قتله والحمد لله، نسأل الله العافية. نعم. انتهى من (فتاوى نور على الدرب).

** قال الشيخ العثيمين رحمه الله :

الآدمي لو صال على آدمي آخر ليقتله أو يأخذ ماله أو يهتك عرضه ولم يندفع إلا بالقتل فله قتله . 

فإن قال قائل : ما هو الدليل في مسألة الآدمي؟

الدليل : أنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أن رجلاً سأله وقال : (يا رسول الله! أرأيت إن جاء رجلٌ يطلب مالي؟ قال : «لا تعطه مالك»،

قال : أرأيت إن قاتلني؟ قال : «قاتله» ، قال : يا رسول الله! أرأيت إن قتلته؟ قال : «هو في النار»، قال : يا رسول الله! أرأيت إن قتلني؟ قال : « فأنت شهيد».

لكن بشرط : ألا يندفع إلا بالقتل، أما إذا كان يندفع بدون القتل فإنه لا يجوز أن تقتله،

كما لو كنت أقوى منه، وتستطيع أن تمسك به وتأسره وتسلم من شره لا يجوز لك أن تقتله، لأنه يدفع بالأسهل فالأسهل. انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (82/12) بتصرف يسير.

لا تنس أخي المسلم 

أن على المعتدى عليه أن يتدرّج في دفع العدوان بالأخف فالأخف فإن لم يستطع كفّ المعتدي إلا بالقتل جاز القتل حينئذ.

قال النووي رحمه الله :

" أما كيفية الدفع : فيجب على المصول عليه رعاية التدريج والدفع بالأهون فالأهون،

فإن أمكنه الدفع بالكلام ، أو الصياح ، أو الاستغاثة بالناس لم يكن له الضرب ...أما إذا لم يندفع الصائل إلا بالضرب فله الضرب ...

ولو أمكن بقطع عضو ، لم يجز إهلاكه ...

ولو كان الصائل يندفع بالسوط والعصا ولم يجد المصول عليه إلا سيفا أو سكينا فالصحيح أن له الضرب به ... والمعتبر في حق كل شخص حاجته ". انتهى من (" روضة الطالبين " (10 / 187) ). 

فإذا أمكن دفع الصائل بالأمر بالمغادرة فليس للمصول عليه أن يجرحه أو يقتله وإذا انصرف بالضرب فليس له جَرْحُه،

وكذلك إذا جرحه جرحاً عطَّله لم يكن له أن يثني عليه لأنه كُفي شره،

فإن فعل ذلك كان ظالماً ومعتدياً وتحمَّل مسؤولية فعله بالقصاص منه لأنه تجاوز حد الدفاع الشرعي. انتهى من [الأم للشافعي: 7/79].

** وأما التوفيق : بين أحاديث ترك الدفاع على النفس كحديث : " فكُنْ عَبْدَ اللَّه المقتولَ ولا تَكُنْ عَبْدَ اللَّه القاتِل". وبين أحاديث الدفاع عن النفس السابقة:

هو أن أحاديث الدفاع عن النفس خاصة بزمن غير الفتنة، وأحاديث ترك الدفاع عن النفس خاصة بالفتنة وانتشار القتل فلا تعارض بينهما.


والله اعلم


وللفائدة..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات