في بعض الأحوال تكون هناك أموراً تجيز للمأموم مفارقة إمامه فى الصلاة لعذر،
ومن ثم ينوي المأموم الإنفراد والإنفصال عن إمامه ويكمل صلاته وحده وإن لم يخرج منها ثم ينصرف، وهذه الأعذار مثل:
المشقة بتطويل الإمام تطويلاً خارجاً عن السنة إذا كان ذلك يضر بصاحب الحاجة ويضر بالكبير والمريض،
أو كان الإمام لا يتأنى فى صلاته ويخل بركن الطمأنينة
أو أن يطرأ على الإنسان قيء أو غازات ونحوه لا يستطيع أن يكمل صلاته معها،
أو خشية ازدياد المرض أو خشية غلبة النعاس،
أو شيء يفسد صلاته أو خوف فوات مال أو تلفه أو فوات رفقة،
أو من يخرج من الصف لا يجد من يقف معه، وأشباه هذا.
قال ابن قدامة رحمه الله :
وإن أحرم مأموما ثم نوى مفارقة الإمام وإتمامها منفردا لعذر جاز، لما روى جابر قال:
كان معاذ يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم فأخر النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء فصلى معه ،
ثم رجع إلى قومه فقرأ سورة البقرة فتأخر رجل فصلى وحده فقيل له : نافقت يا فلان قال : ما نافقت ولكن لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ،
فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فقال: أفتان أنت يا معاذ؟! أفتان أنت يا معاذ؟! مرتين،
اقرأ سورة كذا وسورة كذا وقال وسورة ذات البروج والليل إذا يغشى والسماء والطارق وهل أتاك حديث الغاشية. (متفق عليه).
ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل بالإعادة ولا أنكر عليه فعله .
والأعذار التي يخرج لأجلها مثل : المشقة بتطويل الإمام أو المرض أو خشية غلبة النعاس أو شيء يفسد صلاته
أو خوف فوات مال أو تلفه أو فوات رفقة أو من يخرج من الصف لا يجد من يقف معه وأشباه هذا. انتهى من (" المغني"(2/171)).
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :
إذا دخل المأموم مع الإمام في الصلاة ثم طرأ عليه أن ينفرد فانفرد وأتم صلاته منفردا وانصرف،
نقول: إذا كان لعُذْر فصحيح، وإن كان لغير عُذْر فغير صحيح.
طيب مثال العُذْر من الأعذار :
1- تطويل الإمام تطويلا زائدا على السنّة : فإنه يجوز للمأموم أن ينفرد ودليل ذلك:
قصة الرجل الذي صلى مع معاذ رضي الله عنه وكان مُعاذا يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يرجع إلى قومه فيُصلي بهم تلك الصلاة،
فدخل ذات ليلة في الصلاة فابتدأ سورة البقرة فانفرد رجل وصلى وحده ومشى فلما عَلِم به معاذ رضي الله عنه قال " إنه قد نافق " حيث خرج عن جماعة المسلمين،
ولكن الرجل شكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدعا معاذا فغضِب عليه وقال له : (أتريد يا معاذ أن تكون فتانا إذا أم أحدكم الناس فليُخفّف).
ولم يُوبّخ الرجل فدل هذا على جواز انفراد المأموم.
فيجوز انفراد المأموم لتطويل الإمام لكن بشرط أن يكون تطويلا خارجا عن السنّة لا خارجا عن العادة .
لو جاء إنسان وأم جماعة كان إمامهم الراتب يُصلي بقراءة قصيرة وبركوع وسجود خفيف فصلى بهم هذا على مقتضى السنّة فإنه لا يجوز لأحد أن ينفرد لأن هذا ليس بعُذْر.
2- أن يطرأ على الإنسان ما يمنع كمال الصلاة، مثل : صلى مع الجماعة ففُتح المكيّف والمكيّف أمامه ،
ولا يستطيع أبدا أن يُقابل هذا المكيّف لو بقِيَ مُقابلا له تفجّر صدره، هذا عذر أن ينفرد فيصلي ويُخفّف وينصرف .
3- من الأعذار أيضا أن يطرأ على الإنسان تقيُّؤ في أثناء الصلاة : ما يستطيع أن يبقى حتى يُكمّل الإمام فعجّل في الصلاة وانصرف .
4- من الأعذار أيضا أن يطرأ على الإنسان ريح غازات : يشُق عليه أن يبقى مع إمامه فينفرد ويُخفّف وينصرف .
5- من الأعذار أيضا أن يطرأ عليه احتباس البول : يعني يُحْصر ببول أو غائط كما لو كان فيه إسهال مثلا ونزل الغائط بسرعة فانفرد ليُخفّف الصلاة وينصرف .
كل هذه أعذار، لكن إذا قُدِّر أنه لا يستفيد من مفارقة الإمام شيئا لأن الإمام يُخفّف،
ولا لو خفّف أكثر من تخفيف الإمام لم تحصل الطمأنينة فهل يجوز أن ينفرد؟ لا لماذا؟ لأنه لا يستفيد شيئا بهذا الانفراد .
6- من العذر أن تكون صلاة المأموم أقل من صلاة الإمام، مثل : أن يُصلي المغرب خلف من يصلي العشاء على القول بالجواز، فإنه في هذه الحال ينفرد ويقرأ التحيّات التشهّد وينصرف،
أو يدخل مع الإمام إذا كان يريد أن يجْمع مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء.
وهذا اختيار ابن تيمية رحمه الله وهو حق وأظنه منصوصَ الإمام أحمد وأن الإمام أحمد نصّ على جواز هذه الصورة .
طيب إذًا يجوز الانفراد في هذه الحال ما نوع العذر؟ عذر شرعي لأنه لو قام مع الإمام في الرابعة بطلت صلاته فهنا الانفراد لعُذْر شرعي. انتهى من (كتاب الصلاة-15 -شرح زاد المستقنع).
وجاء فى فتاوى اللجنة الدائمة :
س: ما المقصود بنية المفارقة أو الانفراد في الصلاة، وما هي أحوالها التي تشرع فيها مع التوجيه؟
الجواب :
المقصود بنية المفارقة أو الانفراد في الصلاة هو : أن يحرم المصلي مأموما مع إمامه، ثم ينوي مفارقة الإمام في أثناء الصلاة، ويتمها وحده منفردا، وهذا جائز لعذر،
كتطويل الإمام للصلاة تطويلا خارجا عن العادة إذا كان ذلك يضر بصاحب الحاجة، أو يشق على الكبير والمريض، أو خشية سرقة ماله أو تلفه، أو خشية شيء يفسد صلاته؛
لما روى جابر رضي الله عنه قال : « كان معاذ يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم فأخر النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء فصلى معه ،
ثم رجع إلى قومه فقرأ سورة البقرة فتأخر رجل فصلى وحده فقيل له : نافقت يا فلان قال : ما نافقت ولكن لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ،
فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فقال: أفتان أنت يا معاذ؟! أفتان أنت يا معاذ؟! مرتين،
اقرأ سورة كذا وسورة كذا وقال وسورة ذات البروج والليل إذا يغشى والسماء والطارق وهل أتاك حديث الغاشية ». متفق عليه.
ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل بإعادة الصلاة ولم ينكر عليه،
فدل ذلك على جواز انفراد المأموم عن إمامه للحاجة كما ذكر، أما إن انفرد بلا عذر ولا حاجة فلا يجوز له ذلك، وصلاته فاسدة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.انتهى (فتوى رقم (18872)).
والله اعلم
واقرأ أيضا..
تعليقات
إرسال تعليق