الصحيح إن شاء الله أن البسملة آيةٌ من سورة الفاتحة تجب قراءتها فيها ولا تصح الصلاة بدونها،
لإثباتها فى المصاحف مع الفاتحة وعدها من آياتها بخلاف باقى سور القرآن،
وقد أجمع المسلمون على أن ما بين الدفتين كلام الله تعالى.
- كما أن البسملة ليست بآية من أوَّل كلِّ سورة، وليست آيةً للفصل بين السور، وإنما هي آيةٌ لابتداء السور، لحديث : « كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَعْرِفُ فَصْلَ السُّورَةِ حَتَّى تَنَزَّلَ عَلَيْهِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ». («صحيح الجامع» (٤٨٦٤)).
** هذا وقد جُمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه وكانت البسملة فيه، ثم نسخ المصحف في عهد سيدنا عثمان،
وكتبت البسملة في أول الفاتحة وأول كل سورة ولم ينكر عثمان كتابة البسملة في المصحف الشريف.
** فتكون بسملة الفاتحة آية منها لإنك إذا نظرت إليها فى مصحف المدينة تجدها تأخذ الرقم واحد فى ترتيب الآيات بخلاف وضعها فى باقى السور .
** صحيح أن بعض المصاحف الأخرى – غير مصحف المدينة - لا تعد البسملة آية فى الفاتحة، ولكن هذا لا ينفى كونها آية منها،
لأنها ثبتت بالتواتر القطعى فى إحدى القراءات السبع والتى أجمع العلماء على أنها قراءات صحيحة،
قرأ بها النبى صلى الله عليه وسلم عند من يعدها كذلك من علماء العدد، فلا يوجد إجماع على أنها ليست بآية من الفاتحة .
** وهذا القول مروي عن طائفة من السلف الصالح منهم : عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر ومجاهد وسعيد بن جبير،
وأكثر قراء وفقهاء أهل مكة والكوفة، وهو قول الإمام الشافعي، ورواية عن الإمام أحمد بن حنبل،
وروي عن إسحاق وأبي عبيد وأبي ثور ومحمد بن كعب القرظي والزهري وعطاء بن أبي رباح وغيرهم. ينظر: (اللباب في تفسير الاستعاذة والبسملة وفاتحة القرآن) و ( ميزان المعدلة في شأن البسملة- للسيوطي ).
وإليك 13 دليلاً على ذلك :
1 - عن قتادة رضي الله عنه قال : سئل أنس كيف كانت قراءة النبي عليه الصلاة والسلام فقال : كانت مدا ثم قرأ ( بسم الله الرحمن الرحيم ) يمد ببسم الله ويمد بالرحمن ويمد بالرحيم. "صحيح البخاري".
فهذا الحديث يدل على مشروعية قراءة البسملة وعلى أنها آية من الفاتحة، لما سنذكره من أدلة صحيحة تؤيد ذلك،
وعلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمد قراءته في البسملة وقد استدل بهذا الحديث القائلون بقراءة البسملة في الصلاة،
لأن كون قراءته على الصفة التي وصفها أنس تستلزم سماع أنس لقراءة الرسول صلى الله عليه وسلم،
فلو كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم تختلف في الصلاة وخارج الصلاة لقال أنس لمن سأله : عن أي قراءتيه تسأل عن التي في الصلاة أم التي خارج الصلاة؟
فلما أجاب مطلقا علم أن الحال لم يختلف في ذلك، وما ذكره أنس يدل على مطلق قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة أو خارجها .
2 - ويؤيد هذا ما روته أمُّ سلمة رضي الله عنها : أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَقرَأُ :
{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 1-7]،
فقطَعَها آيةً آيةً، وعَدَّها عَدَّ الأعْرابِ، وعَدَّ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.[الفاتحة: 1]، آيةً، ولم يَعُدَّ {عَلَيْهِمْ}. [الفاتحة: 7]. (تخريج سنن الدارقطني لشعيب الأرناؤوط - رقم : 1175 | خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره).
3 - ويقوي هذا ما روته أيضا رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في بيتها، فيقرأ :
(( بسم الله الرحمن الرحيم * الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * ملك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين))، آمين. (تخريج مشكل الآثار لشعيب الأرناؤوط- رقم : 5405 | خلاصة حكم المحدث : حسن ).
4 - وعنها أيضا قالت : « كَانَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَرَأَ يُقَطِّعُ
قِرَاءَتَهُ آيَةً آيَةً : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة: ١-٣] ». (صحيح أبي داود) وصححه لغيره الشيخ شعيب الارناؤوط فى تخريج سنن الدارقطنى.
5 - وأخرج ابن خزيمة في صحيحه : عن أم سلمة :" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ البسملة في أول الفاتحة في الصلاة وعدها آية". انظر: (تصحيحه وتخريجه للشيخ الألباني في « إرواء الغليل- رقم : 343 »). وروى مثله عن علي وابن عباس وغيرهما.
فهنا عد البسملة آية وقطعها عما بعدها لا يُعلم إلا من الجهر بها وقد نص الحديث على أن ذلك كان في الصلاة،
ولفظ ( في الصلاة ) نص عليه من سمعت البسملة من الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي أم سلمة رضي الله عنها راوية الحديث .
6 - ومن أصرح الأدلة ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم :
« إِذَا
قَرَأْتُمُ «الْحَمْدُ للهِ» فَاقْرَءُوا ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ﴾، إِنَّهَا أُمُّ الْقُرْآنِ وَأُمُّ الْكِتَابِ وَالسَّبْعُ
الْمَثَانِي وَ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ إِحْدَاهَا ». (صحيح الجامع) و ( السلسلة الصحيحة (3/ 257 ح1183 )) و ( ممن صحح الحديث عبد الحق الإشبيلي، وابن الملقن، وابن حجر، والشوكاني).
- وفي لفظ له عند الداراقطنى : « "الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"سبع آيات، إحداهن "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" ».
دل الحديث على : مشروعية قراءة البسملة قبل الفاتحة في الصلاة؛ وعلل ذلك بأنها جزء من سورة الفاتحة، والمراد قراءتها سرًا لا جهرًا،
فقد ورد عدم الجهر في أحاديث أكثر وأصح، وقال الطحاوي: إن ترك الجهر بالبسملة في الصلاة تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه.
حتى وإن قيل أن هذا الحديث موقوف على أبي هريرة فهو موقوف في حكم المرفوع إذ لا يقول الصحابي أن البسملة إحدى آيات الفاتحة إلا عن توقيف أو دليل قوي ظهر له.
ولا قول لأحد مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قول الصحابي إذا لم يخالفه أحد.
ويُفهم من الحديث أيضا إطلاق لفظ " الْحَمْدُ "على سورة الفاتحة وأن البسملة آية منها، والحديث صريح في الدلالة على أنَّ البسملة آيةٌ كاملةٌ من سورة
الفاتحة.
* ولا يستقيم قولُ مَن قال : إنه مِن كلام أبي هريرة وأمِّ سلمة رضي
الله عنهما، إذ يبعد أن يُدْرِج كلٌّ منهما في الحديث كلامَه مِن غير
التنبيه خاصَّةً مع أهمِّية هذه المسألة.
* كما لا يصحُّ القول : بأنَّ أبا
هريرة رضي الله عنه سمع النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يجهر بها
فظنَّها من السورة،
فقد جاء من حديث أمِّ سلمة رضي الله عنها ما يدفع هذا
الاحتمالَ.
* كما لا يستقيم : توجيه حديث أمِّ سلمة رضي الله عنها بأنَّ
البسملة فيها آيةٌ مفردةٌ للفصل بين السُّوَر، لأنه لو كانت كتابتها للفصل في المصحف لكُتبت بين الأنفال والتوبة،
ولأَمْكَن حدوثُ الفصل بدون
البسملة، ولوجودها في بداية الفاتحة وليس قبلها ما يُفصل بها.
7 - ويقوى ذلك أيضاً : عن نعيم المجمر قال : " صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ بأم
القرآن الحديث وفيه ويقول إذا سلم : والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم ". رواه النسائي وصححه ابن خزيمة وابن حبان
والحاكم، وقال : على شرط البخاري ومسلم، وقال البيهقي: صحيح الإسناد وله
شواهد، وصححه ابن حجر فى تغليق التعليق والنووى وصححه الوادعى وشعيب الأرناؤوط.
- ومنها قول أبو هريرة : عن النبي صلى الله عليه وسلم : "كان إذا قرأ وهو يؤم الناس افتتح ببسم الله
الرحمن الرحيم". رواه الدارقطني وقال: رجال إسناده كلهم ثقات.
* قال ابن حجر في الفتح في "باب جهر المأموم بالتأمين" :
وأما طريق نعيم فرواها النسائي وابن خزيمة والسراج وابن حبان وغيرهم من طريق سعيد بن أبي هلال عن نعيم المجمر قال :
" صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، ثم قرأ بأم القران حتى بلغ ولا الضالين فقال امين وقال الناس امين ، ويقول كلما سجد الله أكبر ،
وإذا قام من الجلوس في الاثنتين قال الله أكبر ، ويقول إذا سلم : والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم ".
بوب النسائي عليه " الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم " وهو أصح حديث ورد في ذلك ، وقد تعقب استدلاله باحتمال أن يكون أبو هريرة أراد بقوله " أشبهكم " أي في معظم الصلاة لا في جميع أجزائها ،
وقد رواه جماعة غير نعيم عن أبي هريرة بدون ذكر البسملة كما سيأتي قريبا ،
والجواب : أن نعيما ثقة فتقبل زيادته ، والخبر ظاهر في جميع الأجزاء فيحمل على عمومه حتى يثبت دليل يخصصه. انتهى.
* وَقَالَ صَاحِبُ سُبُلِ السَّلَامِ :
قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا أَنَّهُ يُرِيدُ فِي أَكْثَرِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَأَقْوَالِهَا،
إِلَّا أَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَيَبْعُدُ عَنْ الصَّحَابِيِّ أَنْ يَبْتَدِعَ فِي صَلَاتِهِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا ثُمَّ يَقُولَ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَشْبَهُكُمْ. اِنْتَهَى.
ومن الآثار الواردة في ذلك:
8 - ما رواه الدار قطني بسند صحيح : عن علي رضى الله عنه أنه سئل عن السبع المثاني فقال : " الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " فقيل : إنما هي ست، فقال : " بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" أي : أن البسملة هي الآية السابعة. (سنن الدار قطني) وصحح هذا الاثر السيوطى والشوكانى .
9 - جاء فى تفسير الامام الطبرى رحمه الله : عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه قال في قول الله تعالى ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي ) قال : هي فاتحة الكتاب ، فقرأها عليّ ستا، ثم قال : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الآية السابعة ،
قال سعيد : وقرأها ابن عياش عليّ كما قرأها عليك، ثم قال الآية السابعة : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، فقال ابن عباس : قد أخرجها الله لكم وما أخرجها لأحد قبلكم. انتهى (قال المحدث علاء الدين مغلطاي- فى شرحه لسنن ابن ماجه - سنده لا بأس به).
10 - قرأ سعيدُ بنُ جبيرٍ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الآيةَ السابعةَ ، قال ابنُ جبيرٍ : قرأَها عليَّ عبدُ اللهِ بنُ عباسٍ كما قرأْتُها ،
قال ابنُ عباسٍ : فأخرجَها اللهُ لكم ما أخرجَها لأحدٍ قبلَكُم. (التلخيص الحبير لابن حجر- رقم : 1/385 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح).
11 - و(جاء فى مصنف عبدالرزاق-رقم 2609 ) - عن ابن جريج قال : أخبرني أبي، عن سعيد بن جبير أخبره قال : { ولقد اتيناك سبعا من المثاني } [الحجر: 87]، أم القران،
وقرأتها على سعيد كما قرأتها عليك، ثم قال : {بسم الله الرحمن الرحيم} [الفاتحة: 1] الاية السابعة، قال ابن عباس : « قد أخرجها الله لكم فما أخرجها لأحد قبلكم ».
(وأيضا فى مصنف عبدالرزاق-رقم 2612 )- وعن معمر، عن الزهري، أنه قال : " كان يفتتح ب {بسم الله الرحمن الرحيم} [الفاتحة: 1] "، ويقول: « اية من كتاب الله تعالى تركها الناس ».. انتهى باختصار من المصنف.
12 - وجاء فى مسند الشافعى : عن ابن عباس أنه كان يعد {بسم الله الرحمن الرحيم} آية من الفاتحة. (قال ابن الاثير فى شرح مسند الشافعى عن هذا الاثر - ثابت بالروايات الصحيحة).
13 - روى الحافظ أبو عمرو الداني- بإسناد صحيح : أن إسحاق بن محمد المسيبي أوثق أصحاب نافع وأجلهم، قال :
سألت نافعا، عن قراءة بسم الله الرحمن الرحيم فأمرني بها، وقال : أشهد أنها آية من السبع المثاني، وأن الله أنزلها. ينظر: (النشر في القراءات العشر (1/ 271)) .
- قد ذكر ابن قدامة في المغني، والنووي في المجموع، وابن حزم في المحلى :
أن الشافعي وابن المبارك وأحمد في رواية عنه جعلوها آية مستقلة، ولا تصح الصلاة دونها. ورجح هذا المذهب النووي وابن حزم.
* قال النووي في "شرح مسلم" (4/ 111) :
" ومذهب الشافعي -رحمه الله- وطوائف من السلف والخلف أنَّ البسملة آية من الفاتحة وأنَّه يجهر بها حيث يجهر بالفاتحة ". انتهى.
- وقال أيضا رحمه الله :
« فلو لم تكن قرآناً؛ لما استجازوا إثباتها بخط المصحف من غير تمييز؛ لأن ذلك يحمل على اعتقاد أنها قرآن؛ فيكونون مُغَرِّرين بالمسلمين، حاملين لهم على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآناً؛
فهذا مما لا يجوز اعتقاده في الصحابة رضي الله عنهم. قال أصحابنا : هذا أقوى أدلتنا في إثباتها ». انتهى.
* قال ابن حزم رحمه الله- في المحلى :
وَمَنْ كَانَ يَقْرَأُ بِرِوَايَةِ مَنْ عَدَّ مِنْ الْقُرَّاءِ "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ، لَمْ تُجْزِهِ الصَّلَاةُ إلَّا بِالْبَسْمَلَةِ، وَهُمْ:
عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ . انتهى كلامه باختصار
* قال صاحب عون المعبود :
وقد استدل على أن البسملة من القران بأنها مثبتة في أوائل السور بخط المصحف،
فتكون من القران في الفاتحة ولو لم يكن كذلك لما أثبتوها بخط القران .انتهى من (عون المعبود شرح سنن أبی داود - مجلد (2)).
* قالَ أبو الفَرَجِ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَلِيٍّ ابنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ) :
(عد الكوفيون والمكيون وجماعة من الصحابة والتابعين {بسم الله الرحمن الرحيم} آية وتركوا {أنعمت عليهم}..... انتهى من [فنون الأفنان: 278-327].
* وقال الشيخ الألباني رحمه الله في كتاب "تلخيص صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" :
(( ثم يقرأ سورة ( الفاتحة ) بتمامها - والبسملة منها وهي ركن لا تصح الصلاة إلا بها فيجب على الأعاجم حفظها )). انتهى. ينظر : «تلخيص صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -» «ص ١٥/ ط ١ - المعارف». وانظر «الصحيحة» «١١٨٣».
** الخلاصة
1 - قد كُتبت البسملة في المصاحف التي بعث بها عثمان رضي الله عنه إلى الأمصار الإسلامية، في أول كل سورة من القرآن، ما عدا براءة، وتواتر ذلك وثبت بالإجماع،
ولم يُكتب في المصحف ما ليس منه مع تشدد الصحابة في ذلك، بمنع كتابة الأعشار، وأسماء السور، ونقط الإعجام، وما وُجد من ذلك أخيرًا كتب بمداد مختلف،
فإجماع القراء على قراءتها غير (التوبة)، ويؤيد هذا التواتر الخطي والقولي كثير من أحاديث الإثبات الصحيحة،
فوجب إرجاع ما ورد من أدلة النفي الظنية إلى الإثبات وإلا فلا يعتد بها، وإن صح سندها .
2- أحاديث الإثبات أقوى دلالة من أحاديث النفي وأولى بالتقديم عند
التعارض، وإذا فرضنا أنها تعادلت وتساقطت أو ربح المنفي على المثبت خلافًا للقاعدة،
جاء بعد ذلك إثباتها في المصحف الإمام في أول الفاتحة وأول كل سورة ماعدا براءة (التوبة) وهو قطعي ينهزم أمامه كل ما خالفه من الظنيات،
ولا عبرة بخلاف أحد بعد ذلك ولا برواية أحد يزعم مخالفة أحد منهم لذلك.
3- لو نظرت إلى المصاحف لوجدت أن (بسم الله الرحمن الرحيم) في سورة الفاتحة تُعطى الرقم (1)، وفي بقية السور تُكتب ولا تُعطى رقمًا، وهذا دليل اعتراف القرّاء بأنها جزء من الفاتحة.
4- ليس من السنة الجهر بها في الصلاة الجهرية ، لأن السنة هي التي وضَّحت أن البسملة لا يُجهر بها في الصلاة الجهرية ،
لكنها تُقرأ سرًّا في الصلاة الجهرية وفي الصلاة السرية، فهذا حكمٌ منفصلٌ عن كونها آية من سورة الفاتحة .
5- وعليه إذا المسلم صلّى وأسقط آية من سورة الفاتحة فصلاته باطلة، لأنه لم يقرأ الفاتحة وعليه إعادة الصلاة،
وذلك لأن الفاتحة ركن في الصلاة لا تصح الصلاة بدونها ولا تصح مع إسقاط حرف منها.
اقرأ أيضا : الرد على أدلة من قال أن البسملة ليست من الفاتحة.
والله أعلم
تعليقات
إرسال تعليق