إن اعتبار البسملة آية من سورة الفاتحة هو الرأي الراجح إن شاء الله كما أنها آية لإبتداء السور وليست آية من أول كل سورة.
ولمعرفة أدلة ذلك اضغط على (13 دليلاً على أن البسملة آية من سورة الفاتحة ).
** وإليك الرد على أحاديث النفي التى استدل بها من أسقط البسملة من الفاتحة.
فقد رد عليها العلامة رشيد رضارحمه الله - فقال :
1 - أقواها حديث أنس : صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم. رواه أحمد والشيخان وأصحاب السنن وله ألفاظ أخرى.
الرد على ذلك :
أي : أنهم كانوا يسرون بالبسملة بحيث لا يسمعها أحد، ثم يقرؤون الفاتحة.
هذا : وقد أعلّ المثبتون حديث أنس هذا بالاضطراب في متنه وبما رُوي من إثبات الجهر بها عنه وعن غيره،
وقال بعضهم : إنه كان نسي هذه المسألة فلم يجزم بها، قال أبو سلمة : " سألت أنسًا أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح بالحمد لله رب العالمين أو ببسم الله الرحمن الرحيم؟
فقال : إنك سألتني عن شيء ما أحفظه وما سألني عنه أحد قبلك ". الحديث رواه الدارقطني فى سننه، وقال: هذا إسناد صحيح - وصححه الزيلعي فى نصب الراية.
وهذا دليل على توقف أنس وعدم جزمه بواحد من الأمرين ، وروي عنه الجزم بكل واحد منهما فاضطربت أحاديثه، وكلها صحيحة فتعارضت فسقطت ،
وإن ترجح بعضها فالترجيح الجهر لكثرة أحاديثه ولأنه إثبات فهو مقدم على النفي .
- فقد روى البخاري في صحيحه من طريقين عن قتادة عن أنس قال : سئل أنس بن مالك كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟قال : كانت مدا، ثم قرأ : بسم الله الرحمن الرحيم، يمد ببسم الله، ويمد بالرحمن : ويمد بالرحيم.
* قال الحازمي : هذا حديث صحيح لا يعرف له علة وفيه دلالة على الجهر مطلقا وإن لم يقيد بحالة الصلاة فيتناول الصلاة وغير الصلاة.
* ثم قال أبو شامة موضحا كلام الحازمي : وتقرير هذا أن يقال :
لو كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم تختلف في الصلاة وخارج الصلاة لقال أنس لمن سأله : عن أي قراءتيه تسأل عن التي في الصلاة أم التي خارج الصلاة؟
فلما أجاب مطلقا علم أن الحال لم يختلف في ذلك، وحيث أجاب بالبسملة دون غيرها من آيات القرآن دل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالبسملة في قراءته،
ولولا ذلك كان أنس أجاب : الحمد لله رب العالمين أو غيرها من الآيات.
قال : وهذا واضح . قال : ولنا أن نقول الظاهر أن السؤال لم يكن إلا عن قراءته في الصلاة، فإن الراوي قتادة وهو راوي حديث أنس ذاك وقال فيه : نحن سألناه عنه. انتهى.
https://books.google.com.eg/books?id=anxLCwAAQBAJ&pg=PT234&lpg
2 - وأما حديث : « أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلاَةَ ﺑِ ﴿الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ». أخرجه البخاري.
الرد على ذلك :
فهذا الحديث : يدل على الإسرار بها كما كان النبي يسر بدعاء الاستفتاح والاستعاذة،
وليس فيه أنه يدل على البسملة ليست من الفاتحة كما توهم البعض، فعدم جهرها هذا شرع كما أنه لا يجهر بالفاتحة نفسها في الصلاة السرية .
ثم إن هذا مفهوم ، والمنطوق مُقدّم عليه . ومن المنطوق ما رواه البخاري من طريق قتادة قال :
سُئِل أنس : كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : كانت مدّاً ثم قرأ : (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) يَمُدّ بِـ (بسم الله) ، ويَمُدّ بـ(الرحمن) ، ويَمُدّ بـ (الرحيم ) .
وروى الدارقطني والبيهقي من حديث أبي هريرة مرفوعا : " إذا قرأتم الحمد لله فاقرؤوا (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) إنها أم القرآن ، وأم الكتاب ، والسبع المثاني ، و (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) إحداها ". صححه الألباني في الصحيحة.
** وكذلك قوله : " فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " محمول على قوله : " كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ الصَّلاةَ بـِ " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ".
أي أن : هذا هو الأغلب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ومن فعل الخلفاء بعده .
3 - ومن أدلة النفي أيضا ما صح في الحديث القدسي : من قسمة الصلاة بين العبد والرب نصفين وفسرها صلى الله عليه وسلم - بقوله : فإذا قال العبد : (الحمد لله رب العالمين) قال الله عز وجل : حمدني عبدي.. إلخ. الحديث رواه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.
الرد على ذلك :
هذا الحديث : ليس بحجة في إسقاط {بسم الله الرحمن الرحيم} من الفاتحة، لأنه إنما لم يذكر {بسم الله الرحمن الرحيم} لأن المراد منها موجود في قوله في الآية الثالثة {الرحمن الرحيم}.
فلو قال : " اقرأوا، يقول العبد {بسم الله الرحمن الرحيم} يقول الله عز وجل : [أثنى علي عبدي]، ثم قال بعد ذلك :
يقول العبد {الرحمن الرحيم} لقال : يقول الله عز وجل : [أثنى علي عبدي]، فاستغنى بإحدى الآيتين عن الأخرى.
- أو لعله قاله : قبل نزول البسملة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينزل عليه الآية، فيقول : ضعوها في سورة كذا.
** وأما قوله : ((يقول الله عز وجل : [هؤلاء لعبدي]))، فإنما أراد هؤلاء الكلمات.. ويعضد هذا الذي قلناه حديث نعيم المجمر: صليت وراء أبي هريرة.. والجمع بين الحديثين أولى من تعارضهما، والله أعلم.
قال الشيخ أبو محمد المقدسي : « فلا عذر لمن يترك صريح هذه الأحاديث عن أبي هريرة، ويعتمد رواية حديث : قسمت الصلاة، ويحمله على ترك التسمية مطلقًا، أو على الإسرار،
وليس في ذلك تصريحٌ بشيءٍ منهما، والجميع رواية صحابي واحد، فالتوفيق بين رواياته أوْلى مِنِ اعتقاد اختلافها ،
مع أن هذا الحديث الذي رواه الدارقطني بإسناد حديث «قسمت الصلاة» بعينه؛ فوجب حَمْلُ الحديثين على ما صرَّح به في أحدهما ». انتهى من (المجموع شرح المهذب 3/ 346).
- قال العلامة رشيد رضا رحمه الله :
فالاستدلال بترك ذكر البسملة فيه على عدم كونها من الفاتحة ضعيف، ولو صح لصح أن يستدل به على كون سائر الأذكار والأعمال ليست من الصلاة.
والقول الجامع : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالبسملة تارةً ويسر بها تارةً. وقال ابن القيم : إن الإسرار كان أكثر.
وذهب القرطبي في الجمع بين الأحاديث إلى أن سبب الإسرار بها : قول المشركين الذين كانوا يسمعون القرآن منه :
محمد يذكر إله اليمامة يعنون مسيلمة الكذاب لأنه سمي الرحمن أو أطلقوا عليه لفظ رحمن بالتنكير كقول مادحه : وأنت غيث الورى لا زالت رحمانا
وكانوا يشاغبون النبي صلى الله عليه وسلم بإنكار تسمية الله عز وجل بالرحمن كما علم من سورة الفرقان وغيرها، فأُمر صلى الله عليه وسلم بأن يخافت بالبسملة،
قال الحكيم الترمذي : فبقي إلى يومنا هذا على ذكر الرسم وإن زالت العلة.
روى ذلك الطبراني في الكبير والأوسط، وذكره النيسابوري في التيسير من رواية ابن جبير عن ابن عباس، وقال في مجمع الزوائد: إن رجاله موثقون .
وصفوة القول :
إن أحاديث الإثبات أقوى دلالة من أحاديث النفي وأولى بالتقديم عند التعارض،
وإذا فرضنا أنها تعادلت وتساقطت أو ربح المنفي على المثبت خلافًا للقاعدة،
جاء بعد ذلك إثباتها في المصحف الإمام في أول الفاتحة وأول كل سورة ماعدا براءة (التوبة)، وهو قطعي ينهزم أمامه كل ما خالفه من الظنيات،
وقد أجمع الصحابة على أن كل ما في المصحف فهو كلام الله تعالى أثبت كما أنزل،
سواء قرئت الفاتحة في الصلاة بالبسملة جهرًا أو سرًّا أم لم تقرأ، ولا عبرة بخلاف أحد بعد ذلك ولا برواية أحد يزعم مخالفة أحد منهم لذلك .
ولا حاجة مع هذا إلى تتبع جميع ما ورد من الروايات الضعيفة والآثار والآراء الخلافية. انتهى كلامه.
https://books.google.com.eg/books?id=EZ9MCwAAQBAJ&pg=PT220&lpg=PT220&dq
** لقد قمت بايراد بعض أدلة نفاة البسملة والرد عليها باختصار، ولكن من أراد التوسع فى الرد عليهم فى باقي أدلتهم، فعليه بكتاب : (المجموع شرح المهذب -للنووي).
وهذا رابطه : https://www.islamweb.net/ar/library/content/14/1780/%D9%81%D8%B1%D8%B9-%D9%85%D8%B0%D8%A7%D9%87%D8%A8-
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق