">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

حكم رفع اليدين عند كل تكبيرة في الصلاة؟

 
هناك أربع مواضع فى الصلاة إلتزم النبي صلى الله عليه وسلم رفع اليدين فيها فهى سنة مؤكدة، وهى : عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الرفع منه وإذا قام من التشهُّد الأول. 

أما فيما بقي من تكبيرات الصلاة (كالهويِّ إلى السجود ، كرفع الرأس من السجود ، كالعودة إلى السجدة الثانية ، كرفع الرأس من السجدة الثانية إلى الركعة الثانية)،

فالرفع فيها سُنة مستحبة وليست سُنة مؤكدة لأنه لم يلتزم النّبي صلَّى اللَّه عليه وسلم رفع اليدين فيها، فتُفعل أحياناً.

إذاً المشروع رفع اليدين مع كل تكبيرة لكن مع ملاحظة ما بين سُنة مؤكدة وما بين سُنة مستحبة.

وأما طريقة رفع اليدين : إما تكون حذو المنكبين أو الأذنين .

ودليل ذلك :

 1- عن مالك بن الحويرث : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه،

وإذا ركع رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه ، وإذا رفع رأسه من الركوع فقال سمع الله لمن حمده فعل مثل ذلك ". رواه البخاري (737) ومسلم (391) – واللفظ له

2- وعن مالك بن الحويرث أيضا : أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه في صلاته، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع،

وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من السجود حتى يحاذي بهما فروع أذنيه(صحيح النسائي - رقم: (1084))

3- ورواه أحمد (20014) ولفظه : عن مالك بن الحويرث : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حيال فروع أذنيه في الركوع والسجود ) .

4- وورى ابن أبي شيبة (2449) عن أنس : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في الركوع والسجود ). صححه الألباني في "الإرواء" (2/68) 

5- وروى ابن ماجة (861) عن عمير بن حبيب قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مع كل تكبيرة في الصلاة المكتوبة ) .

6- وروى ابن ماجة أيضا (865) عن ابن عباس : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند كل تكبيرة ). صححهما الشيخ الألباني في "صحيح ابن ماجة" .

7- أخرج المخلص في " الفوائد المنتقاة " (1/ق138/ 2) بإسناد صحيح : عن نافع عن ابن عمر : أنه كان أذا افتتح الصلاة كبر ورفع يديه، وإذا أراد أن يركع رفع يديه وكبر،

وإذا رفع رأسه من الركوع وإذا أراد أن يسجد كبر ورفع يديه.

8- روى ابن حزم في " المحلى " (4/ 93 ـ 94) بإسناد صحيح : من طريق عبدالوهاب بن عبدالمجيد الثقفي عن عبيدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر:

أنه كان يرفع يديه إذا دخل في الصلاة، وإذا ركع، وإذا قال : سمع الله لمن حمده، وإذا سجد وبين الركعتين، يرفعهما إلى ثديه.

قال ابن حزم رحمه الله : هذا إسناد لا داخلة فيه، وما كان ابن عمر ليرجع إلى خلاف ماروى ـ من ترك الرفع عند السجود ـ إلا وقد صح عنده فعل النبي صلى الله عليه وسلم لذلك. ينظر : (أصل صفة الصلاة- رقم: (2/709)).

قال الإمام النَّوويُّ رحمه الله :

 أجمعتِ الأمَّةُ على استحباب رفْع اليدين عند تكبيرة الإحرام، واختلفوا فيما سواها. انتهى من ((شرح النَّووي على مسلم)) (4/95)

وقال الدهلوي في حجة الله البالغة (2/ 10) :

 وهذا أحد المواضع التي اختلف فيها الفريقان : أهل المدينة وأهل الكوفة، ولكل واحد أصل أصيل،

والحق عندي في مثل ذلك أن الكل سنة...انتهى.

وقال العلامة الألباني رحمه الله :

قد ثبت الرفع في التكبيرات الأخرى أيضا ، أما الرفع عند الهوي إلى السجود والرفع منه ففيه أحاديث كثيرة عن عشرة من الصحابة قد خرجتها في " التعليقات الجياد "،

 منها : عن مالك بن الحويرث : أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه في صلاته إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع،

وإذا سجد وإذا رفع رأسه من السجود حتى يحاذي بهما فروع أذنيه. أخرجه النسائي وأحمد وابن حزم بسند صحيح على شرط مسلم وأخرجه أبو عوانة في " صحيحه " كما في " الفتح " للحافظ ، ثم قال : " وهو أصح ما وقفت عليه من الأحاديث في الرفع في السجود ".

وأما الرفع من التكبيرات الأخرى ففيه عدة أحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند كل تكبيرة.

ولا تعارض بين هذه الأحاديث وبين حديث ابن عمر المتقدم في الكتاب بلفظ " . . ولا يرفعهما بين السجدتين " لأنه ناف وهذه مثبة والمثبت مقدم على النافي كما تقرر في علم الأصول .

فمسلك الجمع بين الروايات ممكنا فلا يعدل عنه إلى الترجيح ، لاقتضاء الجمع العمل بكل ما ثبت،

واقتضاء الترجيح رد بعض ما ثبت وهو خلاف الأصل، وبيان ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه في السجود والرفع منه أحيانا، وتركه أحيانا فروى كل ما شاهد .

وقد ثبت الرفع بين السجدتين عن جماعة من السلف منهم : أنس رضي الله عنه بل منهم ابن عمر نفسه،

فقد روى ابن حزم من طريق نافع عنه: أنه كان يرفع يديه إذا سجد وبين الركعتينوإسناده قوي .

وروى البخاري في جزء " رفع اليدين " ( ص 7 ) من طريق سالم بن عبد الله : أن أباه كان إذا رفع رأسه من السجود وإذا أراد أن يقوم رفع يديهوسنده صحيح على شرط البخاري في الصحيح .

وعمل بهذه السنة الإمام أحمد بن حنبل كما رواه الأثرم وروي عن الإمام الشافعي القول به وهو مذهب ابن حزم فراجع " المحلى " .

قوله : " وقد جاء في حديث مالك بن الحويرث بلفظ : كبر ثم رفع يديه. رواه مسلم. وهذا يفيد تقديم التكبيرة على رفع اليدين.

ولكن الحافظ قال : لم أر من قال بتقديم التكبير على الرفع .

قلت: بلى هو قول في مذهب الحنفية وبعد صحة الحديث فلا عذر لأحد في التوقف عن العمل به،ولا سيما وللحديث شاهد من رواية أنس عند الدارقطني ( ص 113 ).

فالحق العمل بهذه الهيئات الثلاثة تارة بهذه وتارة بهذه وتارة بهذه لأنه أتم في إتباعه عليه السلام. انتهى من (كتاب تمام المنة في التعليق على فقه السنة- صفحة(172)).

إذن فمن علم حجَّة على من لم يعلم ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، ولا يقال كيف خفِيَ هذا عن فلان؟.

وسئل أيضا رحمه الله :

ما توجيهكم لحديث ابن عمر، عندما ذكر مواضع الرفع قال وكان رسول الله لا يفعله في سوى ذلك؟

فاجاب : 

ذلك ما رآه، ونحن نعلم من قواعد أهل العلم، قاعدة فقهية عظيمة جداً،

وإذا عرفها طالب العلم تَمَكَّن بها من إزالة إشكالات كثيرة حول بعض الأحاديث ومنها هذه القضية، تلك القاعدة هي التي تقول : « المُثْبِت يُقَدَّم على النافي» «المثبت مقدم على النافي».

فابن عمر رضي الله عنه وعن سائر الصحابة ينفي الرفع في السجدة، لكن غيره أثبته، فنعود إلى القاعدة فنقول : المُثْبِت مُقَدَّم على النافي.

بهذه القاعدة أجاب الإمام البخاري أهل الكوفة الذين كانوا يرغبون إلى أن الرفع لا يكون إلا مع التكبيرة الأولى، وكانوا يحتجون بحديث عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال : «ألا أُصَلّي لكم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -».

لأن أئمة الحديث وعلى رأسهم الإمام البخاري رَدّ على الكوفيين، وفي مقدمتهم أبو حنيفة النعمان ابن ثابت رحمه الله، الذي كان يحتج بحديث ابن مسعود.

الإمام البخاري احتج على الكوفيين، وعلى رأسهم الإمام أبي حنيفة رحمه الله الذي كان يذهب إلى عدم شرعية الرفع إلا في تكبيرة الإحرام،

رد عليه بهذه القاعدة ابن مسعود نفى كما نفى ابن عمر الرفع عند السجود، أما نفي ابن مسعود فكان أوسع، نفى الرفع إلا بتكبيرة الإحرام،

بماذا احتج البخاري على الكوفيين الذين اقتصروا في شرعية الرفع فقط عند تكبيرة الإحرام؟

بحديث بلال الحبشي رضي الله عنه الذي رواه عنه ابن عمر نفسه : لما دخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مكة فاتحاً، ودخل جوف الكعبة، صلى ركعتين.

وصف بلال حينما خرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من جوف الكعبة، وتلقاه ابن عمر رضي الله عنه وسأله : ماذا صنع الرسول عليه السلام لما دخل الكعبة قال : « صلى ركعتين بين العمودين »

شوف هو الآن يصف بدقة، بلال هو الواصف، فقال له : صلى ركعتين بين العمودين، وبينه وبين جدار الكعبة ثلاثة أذرع، دليل أنه كان يُلَاحظ صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بدقة،

هذا حديث ابن عمر عن بلال يُثبت أن الرسول صلى ركعتين في جوف الكعبة، أما ابن عباس فيقول : إنه لم يُصَلِّ في جوف الكعبة، وإنما خارجها،

قال البخاري فبماذا أخذ أهل العلم، أبحديث بلال المُثْبِت لصلاة الرسول عليه السلام ركعتين، أم بحديث ابن عباس الذي نفى هاتين الركعتين.

قال البخاري : أخذوا بحديث بلال؛ لقاعدة المُثْبِت مُقَدّم على النافي.

وهذه القاعدة مُطَّرِدة، بشرط أن يُثْبِت ما أثبته المُثْبِت أن يَثْبُت إلينا بالسند الذي تتم به الحجة، هذا واضح.

فابن عمر رضي الله تعالى عنه اثبت لنا الرفع عند الركوع والرفع منه، فزدناه على حديث ابن مسعود الذي أثبت الرفع فقط عند تكبيرة الإحرام،

 ثم أنس ابن مالك وابن الحويرث مالك ابن الحويرث وغيره من الصحابة أثبتوا الرفع في غير الموضعين اللذين زادهما ابن عمر على ابن مسعود،

فوجب علينا أن نأخذ الزيادة على رواية ابن عمر كما أخذنا زيادته على رواية ابن مسعود .

يؤكد هذا الجمع أنه قد صح عن ابن عمر نفسه الذي أثبت نفي الرفع عند السجود، أنه كان يرفع يديه عند السجود.

ويقول أهل العلم : فهذا من إنصاف الصحابة، وعدم وقوفهم عندما وصل إليه علمهم، بل كان بعضهم يستفيد من علم بعض،

فمع أنه قال أنا لم أر الرسول عليه السلام يرفع، فقد رُئي هو فيما بعد يرفع؛ اعتماداً على رواية الصحابة الآخرين الذين شاهدوا الرسول عليه السلام يرفع في ذلك الموضع الذي لم يشاهده ابن عمر نفسه.

بهذه القاعدة يُجْمَع بين الأحاديث المُثْبِتَة والأحاديث النافية، والسلام عليكم جميعاً . انتهى من (الهدى والنور /٣٧٦/ ١٢: ٤٣: ٠٠).

وقال العلامة أحمد النجمي رحمه الله:

إنَّ رفع اليدين مشروعٌ في كلِّ خفضٍ ورفع ، وقد دلت على ذلك أدلةٌ منها : حديثٌ عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه عند النسائي ، صححه الحافظ ابن حجر في الفتح،

ومنها : حديثٌ عن أنس رضي الله عنه في المحلَّى لابن حزم ، ومنها حديثان عن أبي هريرة ووائل بن حُجْر رضي الله عنهما في سنن أبي داود . 

وكل هذه الأحاديث تدل على مشروعية رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام ، وعند الركوع ، وعند الرفع من الركوع ، وعند الهوي للسجود ، وعند الرفع من السجدة للقيام . انتهى من ( تنبيه الأنام على شرح بلوغ المرام( ج2 / 174 )) .


والله اعلم


وللفائدة..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات