">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

هل تسقط صلاة الجمعة إذا اجتمعت مع يوم العيد؟


الأرجح إن شاء الله أن صلاة الجمعة تسقط إذا اجتمعت مع يوم العيد وبالتالي إن سقطت الجمعة يسقط الظهر أيضاً فى ذلك اليوم .

فمن صلى العيد رُخص له في ترك الجمعة والظهر معاً ومن لم يشهد العيد فعليه أن يشهد الجمعة وأما الإمام فعليه أن يقيم الجمعة ليصليها من لم يصلى العيد.

لأنه إذا سقط وجوب الأصل وهو الجمعة مع إمكان أدائه سقط البدل وهو الظهر.

ولأن الذي افترضه الله تعالى على عباده في يوم الجمعة هو صلاة الجمعة فإيجاب صلاة الظهر على من تركها لعذر أو لغير عذر محتاج إلى دليل ولا دليل يصلح للتمسك به على ذلك .

فالجمعة كانت واجب الوقت فسقط وجوبها بالعيد مع إمكان الأداء بالدليل الخاص ، وأما الظهر في غير هذا اليوم فواجب الوقت فلم يسقط بالعيد .

فتحرر أن العيدين يسقط أحدهما بالآخر وهو قوله : «قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة» .

وهو مذهب ابن عباس وابن الزبير ولا مخالف لهم من الأصحاب رضي الله عنهم وبه قال عطاء واختاره الشوكانى والألبانى .

وإليك الأدلة :

1- فعن إياس بن أبي رملة الشامي قال : شهدت معاوية بن أبي سفيان وهو يسأل زيد بن أرقم، قال : أشهدت مع رسول الله ﷺ عيدين اجتمعا في يوم؟ قال : نعم، قال : فكيف صنع؟ قال : صلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال : (من شاء أن يصلي، فليصل). صحيح ابن خزيمة.

فدلّ هذا على أن الجمعة تصير بعد صلاة العيد رخصة لكل الناس فإن تركها الناس جميعا فقد عملوا بالرخصة وإن فعلها بعضهم فقد استحق الأجر وليست بواجبة عليه من غير فرق بين الإمام وغيره .

قال الإمام الشوكاني رحمه الله :

«يدلّ أن الجمعة تصير بعد صلاة العيد رخصة لكل الناس فإن تركوها جميعا فقد عملوا بالرخصة وإن فعلها بعضهم فقد استحق الأجر وليست بواجبة عليه من غير فرق بين الإمام وغيره.. 

وجميع ما ذكرناه يدل على أن الجمعة بعد العيد رخصة لكل أحد ولا ينافي ذلك قوله صلى الله عليه وسلم "فإنا مجمّعون" فدلت أقواله على أن هذا التجميع منه صلى الله عليه وآله وسلم ليس بواجب » .اه ( السيل الجرار 1/304)

2- وعن أبى هريرة رضى الله عنه  قال رسول الله ﷺ : قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون . (صحيح أبي داود - وحسن إسناده شعيب الارناؤوط فى تخريج زاد المعاد)

3- وعن عطاء بن أبي رباح قال : صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد في يوم جمعة أول النهار ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا فصلينا وحداناً وكان ابن عباس بالطائف فلما قدمنا ذكرنا ذلك له فقال : (أصاب السنة)صحيح النسائي.

4- وفى رِوَايَة  صحيحة لِأَبِي دَاوُد عَنْ عَطَاءٍ قَالَ : اجْتَمَعَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَيَوْمُ الْفِطْرِ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ : عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَجَمَعَهُمَا جَمِيعًا فَصَلَّاهُمَا رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ (صحيح أبي داود - رقم: (1072))

فابنُ الزبير صلَّى العيدَ وليسَ الجمعة والشاهد (عطاء) يرى ما لا يرى الغائب بدليل قوله : (بُكرةً) وفي الرواية الأخرى : (في أوَّلِ النَّهار) والشاهد أن ابن الزبير لم يزد عليهما حتى صلى العصر وهو يدل على أنه لم يصل الظهر اكتفاءً بالركعتين اللتين صلاهما بالناس بكرة .

قوله : "أصاب السُّنَّةَ" أي : إنَّ ما فعَله ابنُ الزُّبيرِ هو ما ثبَت عن النَّبيِّ ﷺ فِعْلُه .

وقد دلَّت السنة القولية على ما ذهب إليه ابن الزبير رضي الله عنه، حيث رخَّص النبي صلى الله عليه وسلم بترك الجمعة وقال : (( فمن شاء أجزأه من الجمعة ))، 

فهل أجزأه العيد عن صلاة الجمعة وخطبتها أم عن الخطبة فقط ؟ لا ريب أنَّ المقصود الأول وإذا أسقط الشارع الجمعة وأحلَّ مكانها الظهر فأين وجه الرخصة؟!.

وأما قوله : ( لم يزد عليهما حتى صلى العصر). فهل بعد هذا التوكيد المتكرر نفهم من القصة أنه صلاها في بيته ظهراً؟! علماً أنَّ دعوى صلاته في بيته ظهراً لم تنقل في أثر صحيح قط!!.

قال العلامة العثماني الشافعي رحمه الله :

 وقال عطاء : تسقط الجمعة والظهر معا في ذلك اليوم فلا صلاة بعد العيد إلا العصر .اه (رحمة الأمة في اختلاف الأئمة (ص59))

ولقد وضح عطاء هذه المسالة 

قال النووي رحمه الله :

قال عطاء بن أبي رباح : إذا صلوا العيد لم تجب بعده في هذا اليوم صلاة الجمعة ، ولا الظهر ، ولا غيرهما إلا العصر لا على أهل القرى ولا أهل البلدقال ابن المنذر : وروينا نحوه عن علي بن أبي طالب وابن الزبير رضي الله عنهم .اه (المجموع شرح المهذب » كتاب الصلاة » باب صلاة الجمعة)

5- وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ : «صلى العيد من أول النهار ثم رخّص في الجمعة». صحيح النسائي. وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما : «من شاء أن يأتي الجمعة فليأتها ومن شاء أن يتخلف فليتخلف». ( صحيح ابن ماجه - صحيح لغيره)

دليل على أنه لو كان ثمّ شيء غير الترخص في ترك الجمعة أو الاتيان إليها لبيّنه ألا ترى أنه أدار الكلام على أمرين :

إتيان الجمعة لمن شاء، أو الترخص في الترك وعدم الصلاة بها، فلو كان ثمّ شيء ثالث لذكره ولأمرهم به فلما لم يفعل دل على عدم وجوب الظهر في حق من صلى العيد يوم الجمعة والحكم الشرعي ينتفي بانتفاء الدليل.

فإن قيل :

  أمَّا مَن ترَك صلاةَ الجُمُعةِ وقد صلَّى العِيدَ فعليه صلاةُ الظُّهرِ.

أُجيب عن ذلك : 

بأن ليس عليه الظُّهرُ لِسُقوطِها عنه بدليلٍ وعدمِ إلزامِه بدليلٍ آخَرَ أن يُصلِّيَ الظُّهرَ. ولكنْ في الحالتَينِ عَلى الإمامِ أن يُقيمَ الجُمُعةَ لِيَشهَدَها مَن شاء شُهودَها.

6- عن ابن جريج قال : قال عطاء : «إن اجتمع يوم الجمعة ويوم الفطر في يوم واحد فليجمعهما فليصل ركعتين قط حيث يصلي صلاة الفطر ثم هي هي حتى العصر. ثم أخبرني عند ذلك قال: اجتمع يوم فطر ويوم جمعة في يوم واحد في زمان ابن الزبير فقال ابن الزبير :

عيدان اجتمعا في يوم واحد فجمعهما جميعا بجعلهما واحدا وصلى يوم الجمعة ركعتين بكرة صلاة الفطر ثم لم يزد عليها حتى صلى العصر.

قال : فأما الفقهاء فلم يقولوا في ذلك، وأما من لم يفقه فأنكر ذلك عليه، قال : ولقد أنكرت أنا ذلك عليه وصليت الظهر يومئذ،

قال حتى بلغنا بعد أن العيدين كانا إذا اجتمعا كذلك صليا واحدة ». (رواه عبد الرزاق في مصنفه (5725) وإسناده صحيح كما قاله العلامة الألباني رحمه الله).

وأخرج أبو داود عن عطاء قال : صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد في يوم جمعة أول النهار ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا فصلينا وحداناً وكان ابن عباس في الطائف فلما قدم ذكرنا ذلك له فقال : أصاب السنة . (صحيح سنن أبي داود (1/200)).

فقول عطاء رضي الله عنه : (( ولقد أنكرتُ أنا ذلك عليه وصليتُ الظهر يومئذ ))، فهنا إنكاره كان على ترك صلاة الظهر لا على مجرد الحضور إلى الجمعة؟ لأنه عقَّب على إنكاره بقوله : "وصليتُ الظهر"، وأخص من ذلك : 

أنَّ ابن الزبير رضي الله عنه ذكر لهم حديث اجتماع العيدين والرخصة في ترك الجمعة قبل أن يحبس نفسه في بيته، 

وعطاء من فقهاء التابعين، فلا يصعب عليه فهم مثل هذه المسألة (الرخصة بترك الجمعة)!، وإنما صعب عليه ترك صلاة الظهر التي تقام في المسجد لا في البيت .

كما أنَّ صلاة عطاء رحمه الله ومَنْ معه الظهر كانت قبل أن يبلغه الخبر وكان التصويب من عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، فلما بلغهما ذلك كان يفتي لمن سأله عن ذلك بقوله :

(( إنْ اجتمع يوم الجمعة ويوم الفطر في يوم واحد : فليجمعهما فليصل ركعتين قط حيث يصلي صلاة الفطر، ثم هي هي حتى العصر ))، فهل يُنسب له المذهب قبل العلم والسؤال والخبر أم بعدها؟!!.

7- قال الشعبي : «إذا كان يوم جمعة وعيد أجزأ أحدهما من الآخر». ابن أبي شيبة (5849) بسند حسن

8- وقال إبراهيم النخعي في العيدين إذا اجتمعا : «يجزئه الأولى منهما». «يجزئ واحد منهما عن صاحبه». عبد الرزاق في المصنف (5727) وابن أبي شيبة في المصنف (5847) بسند صحيح.

- وقال عطاء بن أبي رباح : «إذا اجتمع عيدان في يوم فأيهما أتيت أجزأك». ابن أبي شيبة (5844) بسند حسن ويشهد له ما في حديث ابن الزبير.

- وقال عبد الله بن أحمد : «سألت أبي : عن عيدين اجتمعا في يوم يترك أحدهما؟ قال : لا بأس به، أرجو أن يجزئه». (سؤالات عبد الله (482)).

فقول عطاء أقوى من غيره 

وأن قول : من قال : إن هذا قول مهجور لايعمل به . فقوله ضعيف فالعبرة بما صح من الآثار لا بمن قال : ولا كثرة من قال من الأئمة رحم الله الجميع . 

قال القاضي حسين محمد المغربي رحمه الله :

« وذهب عطاء إلى أنها يسقط فرضها عن الجميع وهو ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم « فمن شاء أن يصلي فليصل » ولفعل ابن الزبير..وعنده أيضا يسقط فرض الظهر ولا يصلي إلا العصر،

 وفي روايته عن ابن الزبير أخرجها أبو داود قال ابن الزبير : « عيدان اجتمعا في يوم واحد فجمعهما جميعا فصلاهما ركعتين بكرة ولم يزد عليهما حتى صلى العصر ».

وعلى القول بأن الجمعة أصل في يومها والظهر بدل فهو يقتضي صحة هذا القول لأنه إذا سقط وجوب الأصل مع إمكان أدائه سقط البدل.

وظاهر الحديث أيضا حيث رخّص لهم في الجمعة ولم يأمرهم بصلاة الظهر مع تقدير إسقاط الجمعة للظهر يدل على صحة هذا القول والله أعلم ». (البدر التمام شرح بلوغ المرام (2/136-)). وأيّده العلامة أبو الخير نور الحسن خان القنوجي رحمه الله في فتح العلام شرح بلوغ المرام (2/114-115).

قال ابنُ قُدامَة رحمه الله :

وإنِ اتّفق عيد في يوم جمعة، سقَط حضورُ الجمعة عمَّن صلَّى العيد، إلا الإمام؛ فإنَّها لا تسقط عنه إلَّا أن لا يجتمع له مَن يُصلِّي به الجمعة.

وقيل : في وجوبها على الإمام رِوايتان، وممَّن قال بسقوطها : الشَّعْبيُّ، والنَّخَعي، والأوزاعي. وقيل : هذا مذهبُ عُمر، وعثمان، وعلي، وسعيد، وابن عمر، وابن عبَّاس، وابن الزبير .اه
 ((المغني)) (2/265).

وقال أبو الحسن السندي رحمه الله :

« ولا يخفى على المتتبع أن أحاديث هذا الباب بعضها يقتضي سقوط الظهر أيضا لحديث ابن الزبير وهو غير مذكور في الكتاب،

وبعضها يقتضي عدم لزوم الحضور للجمعة مع كونه ساكتا عن لزوم الظهر والله أعلم ». (حاشية السندي على ابن ماجه (2/114-115))

وقال في موضع آخر :

« ولا يخفى أن أحاديث الباب دالة على سقوط لزوم حضور الجمعة، بل بعضها يقتضي سقوط الظهر أيضا كروايات حديث ابن الزبير والله تعالى أعلم » .اه (حاشية السندي على النسائي:3/194-(195))

قال صديق حسن خان :

 وهي أي صلاة الجمعة في يوم العيد رخصة لحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى العيد في يوم الجمعة ثم رخص في الجمعة فقال من شاء أن يجمع فليجمع ". أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي والحاكم وصححه علي بن المديني.

وفي الباب أحاديث عن ابن عباس وابن الزبير وغيرهما وظاهر أحاديث الترخيص يشمل من صلى العيد ومن لم يصل .

بل روى النسائي وأبو داود : " أن ابن الزبير في أيام خلافته لم يصل بالناس الجمعة بعد صلاة العيد فقال ابن عباس لما بلغه ذلك أصاب السنة". وفي إسناده مقال.

أقول : الظاهر أن الرخصة عامة للإمام وسائر الناس كما يدل على ذلك ما ورد من الأدلة وأما قوله صلى الله عليه و سلم : " ونحن مجمعون"،

فغاية ما فيه أنه أخبرهم بأنه سيأخذ بالعزيمة وأخذه بها لا يدل على أن لا رخصة في حقه وحق من تقوم بهم الجمعة وقد تركها ابن الزبير في أيام خلافته كما تقدم ولم ينكر عليه الصحابة ذلك .اه ( الروضة الندية شرح الدرر البهية : (ج1_ص336). ط حلاق مكتبة الكوثر.).

قال الشوكاني رحمه الله :

وقول ابن عباس : أصاب السنة رجاله رجال الصحيح وعدم الانكار عليه من أحد من الصحابة. وأيضا لو كانت الجمعة واجبة على البعض لكانت فرض كفاية وهو خلاف معنى الرخصة .

 وحكى في البحر عن الشافعي في أحد قوليه، وأكثر الفقهاء أنه لا ترخيص لأن دليل وجوبها لم يفصل. وأحاديث الباب ترد عليهم .

 وحكي عن الشافعي أيضا أن الترخيص يختص بمن كان خارج المصر، واستدل له بقول عثمان : 

من أراد من أهل العوالي أن يصلي معنا الجمعة فليصل، ومن أحب أن ينصرف فليفعل، ورده بأن قول عثمان لا يخصص قوله صلى الله عليه وآله وسلم..اه (نيل الأوطار - (3 / 347))

وقال أيضا رحمه الله :

ظاهره أنه لم يصل الظهر وفيه أن الجمعة إذا سقطت بوجه من الوجوه المسوغة لم يجب على من سقطت عنه أن يصلي الظهر. 

وإليه ذهب عطاء حكي ذلك عنه في البحر والظاهر أنه يقول بذلك القائلون بأن الجمعة الأصل وأنت خبير بأن الذي افترضه الله تعالى على عباده في يوم الجمعة هو صلاة الجمعة ،

فإيجاب صلاة الظهر على من تركها لعذر أو لغير عذر محتاج إلى دليل ولا دليل يصلح للتمسك به على ذلك فيما أعلم.

قال المصنف يعني المجد ابن تيمية رحمه الله : " بعد أن ساق الرواية المتقدمة عن ابن الزبير : قلت إنما وجه هذا أنه رأى تقدمة الجمعة قبل الزوال فقدمها واجتزأ بها عن العيد .انتهى . ولا يخفى ما في هذا الوجه من التعسف. انتهى من (نيل الأوطار - (3 / 347))

وسئل العلامة الألبانى رحمه الله :

صلاة الجمعة اذا جائت في يوم عيد هل تسقط كلية يعني يرخص بأن لا يصليها المسلم؟

الشيخ الالباني : نعم. 

السائل :

 ولا يصلي مكانها شيء صلاة الظهر مثلاً.

الشيخ الالباني : 

لا انما الامام لا بد له من ان يجمع. 

السائل : يصلي الجمعة ؟

الشيخ الالباني :

 الامام , أما الذين صلوا العيد فهم على الخيار من شاء ترك ومن شاء صلى. 

السائل :

 هل له ان يصلي الظهر ان لم يصلي الجمعة ؟

الشيخ الالباني :

 لا اذا سقطت صلاة الجمعة فبالتالي تسقط صلاة الظهر . انتهى من (سلسلة الهدى والنور شريط رقم (29)).

وقال الشيخ رشيد رضا رحمه الله :

ومن الأدلة على عدم طلب الظهر بعد الجمعة، بل على عدم مشروعيتها يوم الجمعة مطلقًا، صليت الجمعة أم لم تصل، 

ما ورد من اجتماع عيد وجمعة في عهد الرسول الأكرم فصلى العيد ورخص في الجمعة، ولم يرد أنه أمرهم بالظهر لأنه لم يثبت ذلك وهاك النصوص :

عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، وسأله معاوية هل شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عيدين اجتمعا؟ قال : ( نعم صلى العيد أول النهار ثم رخص في الجمعة؛فقال من شاء أن يجمع فليجمع ) رواه أحمد وأبو داود 

 وعن أبي هريرةرضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون ) رواه أبو داود وابن ماجه ،

وعن وهب بن كيسان، قال ( اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير فأخر الخروج حتى تعالى النهار، ثم خرج فخطب ثم نزل فصلى ولم يصل للناس يوم الجمعة فذكرت ذلك لابن عباس؛ فقال : (أصاب السنة). رواه النسائي.

فهذه الأحاديث ناطقة بلسان فصيح على منبر الحق بأنه لا ظُهر بعد الجمعة بل إن الظهر لم تشرع ذلك اليوم أقيمت الجمعة أم لم تقم .انتهى من (كتاب مجلة المنارالمجلد رقم (8))

قال الشيخ عبد المحسن العبيكان : 

وقال عطاء بن أبي رباح إذا صلوا العيد لم تجب بعده في هذا اليوم صلاة الجمعة ولا الظهر ولا غيرهما إلا العصر لا على أهل القرى ولا أهل البلد، قال ابن المنذر : " ورينا نحوه عن علي بن أبي طالب وابن الزبير". أهـ،

قال الشوكاني : " وأنت خبير بأنَّ الذي افترضه الله تعالى على عباده في يوم الجمعة هو صلاة الجمعة، 

فإيجاب صلاة الظهر على مَنْ تركها لعذر أو لغير عذر محتاج إلى دليل، ولا دليل يصلح للتمسك به على ذلك فيما أعلم" .اه ["غاية المرام شرح مغني ذوي الأفهام" 7/281-287]

إذن 

جميع ما ذكرناه يدل على أن الجمعة بعد العيد رخصة لكل أحد وقد تركها ابن الزبير في أيام خلافته كما تقدم ولم ينكر عليه الصحابة ذلك ،

وإيجاب الظهر على من لم يصلى الجمعة ليس عليه دليل لأن الذي افترضه الله تعالى على عباده في يوم الجمعة هو صلاة الجمعة وليست صلاة الظهر فإذا سقطت صلاة الجمعة فبالتالي تسقط صلاة الظهر،

وإلا لبيّن ذلك النبي لمّا رخص فى ترك صلاة الجمعة لمن صلى العيد بأن يصلى الظهر مكانها وهذا لم يقل به النبى ﷺ ، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما هو مقرر .

وأختم بهذا

قال الإمام الألباني رحمه الله :

ليس من الشذوذ في شيء أن يختار المسلم قولا من أقوال الخلاف لدليل بدا له ولو كان الجمهور على خلافه ،

خلافا لمن وهم فإنه ليس في الكتاب ولا في السنة دليل على أن كل ما عليه الجمهور أصح مما عليه مخالفوهم عند فقدان الدليل !.

نعم إذا اتفق المسلمون على شيء دون خلاف يعرف بينهم فمن الواجب اتباعه لقوله تعالى : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا }.[النساء: 115] ،

وأما عند الاختلاف فالواجب الرجوع إلى الكتاب والسنة فمن تبين له الحق اتبعه ،

ومن لا استفتى قلبه سواء وافق الجمهور أو خالفهم ،

وما أعتقد أن أحدا يستطيع أن يكون جمهوريا في كل ما لم يتبين له الحق بل إنه تارة هكذا وتارة هكذا حسب اطمئنان نفسه وانشراح صدره،

وصدق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إذ قال : " استفت قلبك وإن أفتاك المفتون " .اهـ ( العقيدة الطحاوية شرح وتعليق)(80 ـ 81).

وقال أيضا رحمه الله فى نفس المصدر :

القسمُ الثاني : اختلافٌ في الاجتهاد الفقهي، وهذا ما لا يوجب عداوةً ؛ لأنّ سَببُه هو النّظر في الأدلّة حسب مدارك النّاس ،

والنّاس يختلفون في ذلك ؛وليسوا على حد سواء ،فهم يختلفون في قوّة الاستنباط وكثرة العلم وقلته .

فهذا الخلاف إذا لم يصحبهُ تعصّبٌ للرأي فإنّهُ لا يُحدثُ بينهم عداوة، وكان الصحابة يختلفون في المسائل الفقهيّة ؛ولا يحدث بينهم عداوة ،وهم إخوة ،

وكذلك السلف الصالح والأئمة الأربعة،.....ويجب على المُسلم أن يأخذ الأقوال التي توافق الدليل من الكتاب والسُنّة . انتهى.


والله اعلم


اقرأ أيضا..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات