القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

ما هى الذنوب التى لا يغفرها الله والعكس


الذنوب بإعتبار المغفرة أنواع

النوع الأول : ذنوب لا يغفرها الله وهي الشرك بالله لمن لم يتب منه. لقوله تبارك وتعالى : إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً . (النساء: 48).

قال الشيخ السعدى رحمه الله :

يخبر تعالى : أنه لا يغفر لمن أشرك به أحدا من المخلوقين، ويغفر ما دون الشرك من الذنوب صغائرها وكبائرها، وذلك عند مشيئته مغفرة ذلك، إذا اقتضت حكمتُه مغفرتَه .

 فالذنوب التي دون الشرك قد جعل الله لمغفرتها أسبابا كثيرة، كالحسنات الماحية والمصائب المكفرة في الدنيا، والبرزخ ويوم القيامة، وكدعاء المؤمنين بعضهم لبعض، وبشفاعة الشافعين . ومن فوق ذلك كله رحمته التي أحق بها أهل الإيمان والتوحيد. وهذا بخلاف الشرك فإن المشرك قد سد على نفسه أبواب المغفرة، وأغلق دونه أبواب 
الرحمة، فلا تنفعه الطاعات من دون التوحيد .اه (تفسير السعدى)

لذلك تجب التوبة من جميع أنواع الشرك سواء كان شركاً أكبر أم شركاً أصغر وإذا تاب العبد توبة نصوحاً فإن الله تعالى يقبل توبته ويغفر له ذنوبه .

قال تعالى بعد ذكر الشرك في قوله : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) وذكر خلود أهله في النار قال عز وجل : ( إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً ). الفرقان / 68-70 ، والتوبة من الشرك تكون بالإقلاع عنه ، والإسلام لله وحده ، والندم على تفريط العبد في حق الله ، والعزم على عدم العودة إليه أبداً .

قال تعالى : ( قل للذين كفروا أن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) الأنفال / 38 .( أن ينتهوا ) يعني عن كفرهم ، وذلك بالإسلام لله وحده لا شريك له .(تفسير السعدي) .

النوع الثاني : ذنوب يعفو عنها الله بمجرد اجتناب الكبائر. لقوله تبارك وتعالى : إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً. (النساء:31).

قال القرطبي رحمه الله : 

لما نهى تعالى في هذه السورة عن آثام هي كبائر ، وعد على اجتنابها التخفيف من الصغائر ، ودل هذا على أن في الذنوب كبائر وصغائر . وعلى هذا جماعة أهل التأويل وجماعة الفقهاء ، وأن اللمسة والنظرة تكفر باجتناب الكبائر قطعا بوعده الصدق وقوله الحق ، لا أنه يجب عليه ذلك فالله تعالى يغفر الصغائر باجتناب الكبائر ، لكن بضميمة أخرى إلى الاجتناب وهي إقامة الفرائض . روى مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر . اه (تفسير القرطبي)

النوع الثالث : ذنوب يمحوها الله بفعل الحسنات. فعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قَالَ لِي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالِقِ الناس بخُلُقٍ حسنٍ » . (صحيح الترمذي)

قال ابن علان رحمه الله :

 وهذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم؛ فإن التقوى وإن قل لفظها جامعة لحقوقه تعالى؛ إذ هي اجتناب كل منهي عنه، وفعل كل مأمور به، فمن فعل ذلك فهو من المتقين الذين شرَّفهم الله تعالى في كتابه بأنواع الكمالات . اه ([دليل الفالحين شرح رياض الصالحين (1/ 230 ح 61))

النوع الرابع : ذنوب تقبل المقاصة بعدلها من الحسنات. فعن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : «أتدرون ما المفلس؟» قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال : « إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار »(أخرجه مسلم)

النوع الخامس : ذنوب يقبل الله فيها الشفاعة لمن رضي لما ورد في الشفاعة. ومن ذلك قوله تعالى : يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ . (الأنبياء:28).

قال القرطبي رحمه الله : 

ولا يشفعون إلا لمن ارتضى قال ابن عباس : هم أهل شهادة أن لا إله إلا الله . وقال مجاهد : هم كل من رضي الله عنه ، والملائكة يشفعون غدا في الآخرة كما في صحيح مسلم وغيره ، وفي الدنيا أيضا ؛ فإنهم يستغفرون للمؤمنين ولمن في الأرض ، كما نص عليه التنزيل على ما يأتي . وهم يعني الملائكة من خشيته يعني من خوفه مشفقون أي خائفون لا يأمنون مكره . (تفسير القرطبي)

 ومن ذلك أيضا : عنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي ". صحيح أبي داود.

النوع السادس : ذنوب لا يقبل الله فيها عدلا ولا صرفا فلا يقبل الله فيها عدلها بالحسنات ولا صرفها بالشفاعة . لقوله تعالى : وَاتَّقُواْ يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ . (البقرة:48). 

قال السعدى رحمه الله : 

 هذا نفي للنفع الذي يطلب ممن يملكه بعوض, كالعدل, أو بغيره, كالشفاعة، فهذا يوجب للعبد أن ينقطع قلبه من التعلق بالمخلوقين, لعلمه أنهم لا يملكون له مثقال ذرة من النفع, وأن يعلقه بالله الذي يجلب المنافع, ويدفع المضار, فيعبده وحده لا شريك له ويستعينه على عبادته . (تفسير السعدى)

 وعن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ : خطبنا علي رضي الله عنه، على منبر من اجر وعليه سيف فيه صحيفة معلقة، فقال : والله ما عندنا من كتاب يقرأ إلا كتاب الله، وما في هذه الصحيفة فنشرها، فإذا فيها أسنان الإبل، وإذا فيها : « المدينة حرم من عير إلى كذا، فمن أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا »، وإذا فيه : « ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا »، وإذا فيها : « من والى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ». (أخرجه البخاري)

قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري :

 إن كل من أمن أحدا من الحربيين جاز أمانه على جميع المسلمين دنيا كان، أو شريفا، حرا كان، أو عبدا، رجلا، أو امرأة، وليس لهم أن يخفروه. اهـ. 

وجاء في عون المعبود : يسعى بذمتهم ـ أي بأمانهم : أدناهم ـ أي عددا وهو الواحد، أو منزلة، 

قال في شرح السنة : أي أن واحدا من المسلمين إذا أمن كافرا حرم على عامة المسلمين دمه وإن كان هذا المجير أدناهم، مثل أن يكون عبدا، أو امرأة، أو عسيفا تابعا، أو نحو ذلك فلا يخفر ذمته. ويجير عليهم أقصاهم ـ 

قال الخطابي : معناه أن بعض المسلمين وإن كان قاصي الدار إذا عقد للكافر عقدا لم يكن لأحد منهم أن ينقضه وإن كان أقرب دارا من المعقود له . اهـ.


والله اعلم


وللفائدة..
هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات