يجوز أن يقول المسلم اللهم صل على سيدنا محمد ولكن خارج الصلاة (التحيات) والأذان ولإقامة،
فلا يجوز أن نُدخل لفظة سيّد في تلك العبادات لأنها توقيفية، فعلى المسلم أن يتقيد بالعبادة بما ورد عن الشرع ولا يزيد،
حتى لا يدخل فى قوله ﷺ: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. ولو كان جائزاً لفعله الصحابة رضوان الله عليهم.
** أما فيما عدا تلك المواضع كخطبة الجمعة والأعياد وكخطب المحاضرات والندوات وما شابه ذلك فجائز،
لأنه ﷺ سيد الأولين والآخرين فهو صلى الله عليه وسلم سيدنا وسيد ولد آدم وسيد الخلق أجمعين.
* وقد أمرنا الله عز وجل بتعزيره وتوقيره، فقال تعالى : لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ.{الفتح: 9}. قال الطبري : أمر بتسويده وتفخيمه.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
لا بأس ولا حرج في أن يقول الإنسان : اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، هذا كله لا حرج فيه،
إلا في المواضع التي شرع الله فيها تمحيض اسمه، وعدم ذكر السيد فيها؛ فإنه لا يأتي بالسيد فيها، مثل:
1- التحيات يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛
لأنه لم يرد في هذا المقام ذكر السيد، فالأولى الاقتصار على ما جاء في النصوص .
2- وهكذا في الأذان والإقامة يقول : أشهد أن محمدًا رسول الله في الأذان وفي الإقامة،
ولا يقول : أشهد أن سيدنا محمد رسول الله، لا؛
لعدم وروده فلما لم يرد في النصوص واستمر المسلمون على عدم ذكر السيد هنا في الصلاة في الأذان والإقامة،
الصحابة وغيرهم كلهم لم يحفظ عنهم أنهم قالوا في الأذان والإقامة : سيدنا محمد.
بل يقول : أشهد أن محمدًا رسول الله يقول المؤذن والمقيم،
وهكذا في الصلاة يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، هذا هو الأفضل.
أما في المواضع الأخرى : مثل الخطبة في الجمعة وفي الأعياد، لا بأس الأمر فيه موسع أو الخطبة في المحاضرات والمؤلفات،
كل هذا لا بأس به لأنه حق لأنه سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام .
وأما ما جاء في حديث عبد الله بن الشخير فقد قال العلماء فيه : أنه قال النبى : " السيد الله تبارك وتعالى ".
وهو من باب التواضع، ومن باب الخوف عليهم أن يغلو فيه ويطروه عليه الصلاة والسلام؛ فيقعوا في الشرك،
فخاف عليهم ﷺ وقال : السيد الله تبارك وتعالى، وهو حق فهو سبحانه سيد الجميع والملك الأعظم، والسيد هو الملك والحاكم،
والله جل وعلا هو أحكم الحاكمين، وهو ملك الملوك ، فتسميته بالسيد لا محظور فيه ولا إشكال فيه، هو ملك الملوك وأولى باسم السيد من غيره .
لكن هذا الاسم لا بأس أن يطلق على غيره والنبي ﷺ قال : من سيد بني فلان؟ يسأل الصحابة، ويقول للعبد : وليقل سيدي ومولاي،
وقال في نصرة سعد بن معاذ لما جاء للحكم في بني قريظة قال : قوموا إلى سيدكم الصحابة،
وقال في الحسن ابن ابنته الحسن بن علي : إن ابني هذا سيد، ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين، فحقق الله ما قال، وأصلح الله به بين أهل الشام والعراق،
فهذا كله يدل على جواز إطلاق السيد على العالم والرئيس والملك وعليه ﷺ أنه سيد ولد آدم. انتهى من (فتاوى نور على الدرب).
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
إذا قال المسلم في بعض الأحيان قال سيدنا رسول الله وهو إنما يعني السيادة اللائقة به كنبي مصطفى مخلوق، فهذا جائز بلا شك لأنه سيد حقًا،
لكن إذا قال سيّدنا وضمّن هذه اللفظة معنى فوق مستوى البشر، فحين ذاك يقال له السيد الله، السيادة الحقيقة هي لله عز وجل.
ونجد أن الصحابة رضي الله عنهم نادرًا ما كانوا يستعملون لفظة السيادة هذه، ذلك لأن الغالب عليهم يقولون قال رسول الله قال رسول الله،
وإنما جاء في حديث موقوف في سنن ابن ماجة على ابن مسعود أنه ذكر الرسول عليه السلام بلفظ سيد المرسلين، ومع ذلك ففي السند ضعفٌ،
فإذا قال المسلم أحيانًا قال سيدنا رسول الله من باب بيان أن للرسول عليه السلام هذه السيادة على جميع البشر،
كما سمعتم أنفًا فهذا حقٌ لكن الغالب أن يقول قال رسول الله، قال عليه الصلاة والسلام كما جرى عليه السلف الصالح،
إلا في العبادات، في الأوراد والأذكار التي جاءتنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تعليمًا منه لنا، فلا يجوز أن نُدخل لفظة سيّد في ورد من تلك الأوراد.
والسر في هذا أن الأذكار توقيفيّة، أي تعاليم من الله للرسول والرسول بدوره للأمة،
* لذلك لا يجوز أن نقول أنه الرسول تواضعًا منه لم يقل قولوا " اللهم صل على سيدنا "، لأننا نقول إن كان الله أوحى إليه بلفظة سيدنا فما كان لرسول الله أن يكتم وحي السماء بحجّة تواضعًا،
وإن كان الله لم يوحي إليه بذلك فأحرى وأحرى أن لا يجوز لنا أن نزيد شيئًا لم يوحى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم من السماء.
فهذا جواب السيادة بالنسبة للرسول عليه السلام، فله سيادته اللائقة التي فُضِّل بها على الناس جميعًا،
ولكن نقول أحيانًا سيدنا رسول الله تحقيقًا لهذه السيادة ولكن لا نزيد هذه اللفظة في الأوراد التي علمناها الرسول عليه الصلاة والسلام. انتهى من (متفرقات للألباني-(057)).
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق