يجوز قراءة أكثر من سورة في الركعة الواحدة،
فقد كان بعض الأئمة من الأنصار يقرأ الفاتحة وسورة ويقرأ معها (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، فأقره النبي عليه الصلاة والسلام .
ويدل على ذلك :
1 - عن عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سريَّة وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ ( قل هو الله أحد ) فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ،
فقال : ( سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟ ) ، فسألوه فقال : لأنها صفة الرحمن ، وأنا أحب أن أقرأ بها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أخبروه أن الله يحبه ). رواه البخاري (6940) ، ومسلم (813) .
* دل الحديث على : مشروعية جمع سورتين في ركعة واحدة في الصلاة أو القراءة من أكثر من سورة .
* ودل أيضا على : جواز الإخلال بترتيب السُّور في المصحف حال القراءة في الصلاة وفي خارجها،
حيث إن من يقرأ ويختم بـ " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " سوف يُخلّ بالترتيب سواء في الركعة نفسها أو في الركعة التي تليها .
2 - عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " لقد عرفتُ النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن.
قال : فذكر عشرين سورة من المفصل, سورتين سورتين في كل ركعة ". (صحيح البخارى)
والمفصَّلِ هو : مِن سورة (ق) إلى سورة (الناس).
- وإذا تأملنا رواية هذا الحديث في سنن أبي داود التي جاء فيها بيان تلك " السور النظائر " حيث يقول ابن مسعود :
لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ النظائر , السورتين في ركعة :(النجم والرحمن) في ركعة, و(اقتربت والحاقة) في ركعة, و(الطور والذاريات) في ركعة, و(إذا وقعت ونُون) في ركعة,
و(سأل سائل والنازعات) في ركعة, و(ويل للمطففين وعبس) في ركعة, و(المدثر والمزمل) في ركعة,
و(هل أتى ولا أقسم بيوم القيامة) في ركعة, و(عم يتساءلون والمرسلات) في ركعة, و(الدخان وإذا الشمس كورت) في ركعة ".
- وتلك السور سُمّيت " نظائر " : لاشتباه بعضها ببعض في الطول، وقيل : أي السور المماثلة في المعاني كالموعظة أو الحكم أو القصص لا المتماثلة في عدد الآي.
- قال الشيخ الألباني رحمه الله في كتابه "صفة الصلاة" (ص85) :
تعليقا على حديث ابن مسعود رضي الله عنه في جمعه صلى الله عليه وسلم بين النظائر قال :
إنه صلى الله عليه وسلم لم يراع في الجمع بين هذه النظائر ترتيب المصحف ، فدل على جواز ذلك ،
ومثله ما سيأتي في القراءة في صلاة الليل [ يعني : قراءته صلى الله عليه وسلم سورة البقرة ثم النساء ثم آل عمران ] ، وإن كان الأفضل مراعاة الترتيب. انتهى .
- وجاء أيضا فى "كتاب صفة الصلاة" :
وكان أحياناً يجمع في الركعة الواحدة بين السورتين أو أكثر.
قال أبو عبيد : « والذي عليه أمر الناس : أن الجمع بين السور في الركعة حسن غير مكروه، وهذا الذي فعله عثمان بن عفان، وتميم الداري، وغيرهما؛ هو من وراء كل جمع.
إلا أن الذي أختار من ذلك : أن لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث؛ للأحاديث التي رويت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من الكراهة لذلك ». ذكره ابن نصر في «قيام الليل» «٦٢».
قال الحافظ «٢/ ٢٠٤» : « وقد نقل البيهقي في «مناقب الشافعي» عنه أن الجمع بين السور مستحب ».
وروى أحمد «٢/ ١٣ و ٥/ ٦٦»، والبيهقي «٢/ ٦٠»، والطحاوي «١/ ٢٠٥» عن نافع قال : ربما أَمَّنَا ابن عمر بالسورتين والثلاث في الفريضة. انتهى من [أصل صفة الصلاة (١/ ٣٩٩)].
- وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
لا حرج في ذلك ، أن يقرأ سورتين أو أكثر بعد الفاتحة ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بـ (البقرة) و (النساء) و (آل عمران) في ركعة ،
وأقر بعض الصحابة على قراءة الفاتحة وسورة بعدها ، مع قراءة : (قل هو الله أحد) ، فجمع بين سورتين .
فالحاصل أنه لا حرج في ذلك ، ولو نكس [ أي : خالف ترتيب السور في المصحف ] لا حرج ،
لكن السنة أن لا ينكس ، بل يرتب كما في المصحف ، هذا هو الأفضل ، كما فعله الصحابة ورتبوا رضي الله عنهم ،
فليقرأ كما في المصحف ، هذا هو الأفضل ، ولو قرأ سورة قبل سورة أجزأ ذلك. انتهى من (" فتاوى نور على الدرب " لابن باز (8/250)).
- قال الشيخ العثيمين رحمه الله :
ويجوز للإنسان أن يقرأ بعد الفاتحة سورتين ، أو ثلاثاً ، وله أن يقتصر على سورة واحدة ، أو يقسم السورة إلى نصفين ،
وكل ذلك جائز لعموم قوله تعالى : ( فاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) المزمل/20 ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ). انتهى من ("مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (13/السؤال رقم 500)).
والله أعلم
تعليقات
إرسال تعليق