يجوز تقديم قراءة بعض السور على بعض بحيث تُقرأ على غير ترتيبها في المصحف،
إلا أن الأفضل مراعاة ترتيب المصحف، لأن هذا الترتيب من سنة الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد أمرنا باتباعه.
** وأما ما وردت به السنّة من السور مرتّبا عن النبي ﷺ، فينبغى ترتيبه أثناء القراءة فى الصلاة،
مثل : سورتي (( ألم تنزيل السجدة وهَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ )) في صلاة الفجر من يوم الجمعة،
ومثل : سورتي (( ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ )) و(( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ )) أو سورتي (( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى )) و (( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ )) في صلاة العيدين ،
ومثل : سورتي ((سورة الجمعة والمنافقين)) أو سورتي (( سبح والغاشية )) في صلاة الجمعة.
ودليل ذلك :
- عن حذيفة قال : صليتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح بالبقرة ، فقلت : يركع عند المائة ، ثم مضى ،
فقلت : يصلي بها في ركعة ، فمضى ، فقلت : يركع بها ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها…رواه مسلم ( 772 ) .
* الشاهد في الحديث : أنه قرأ النساء قبل آل عمران وهذا يدلّ على أن ترتيب السور ليس توقيفيا .
- قال الإمام البخاري رحمه الله :
وقرأ الأحنف بالكهف في الأولى وفي الثانية بيوسف أو يونس وذكر أنه صلى مع عمر رضي الله عنه الصبح بهما .انتهى
هذا يدل على أنه لا يكره قراءة القرآن على غير ترتيب المصحف فيقرأ في الركعة الأولى سورة وفي الثانية بسورة قبلها في ترتيب المصحف. ينظر: (فتح الباري- لابن رجب).
- قال الإمام النووي رحمه الله :
قال القاضي عياض : فيه دليل لمن يقول إن ترتيب السور اجتهاد من المسلمين حين كتبوا المصحف , وإنه لم يكن ذلك من ترتيب النبي صلى الله عليه وسلم بل وَكَله إلى أمته بعده .
قال : وهذا قول مالك وجمهور العلماء , واختاره القاضي أبو بكر الباقلاني ، قال ابن الباقلاني : هو أصح القولين مع احتمالهما .
قال : والذي نقوله : إن ترتيب السور ليس بواجب في الكتابة ، ولا في الصلاة ، ولا في الدرس ، ولا في التلقين ، والتعليم ,
وأنه لم يكن من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك نص ، ولا حدٌّ تحرم مخالفته ، ولذلك اختلف ترتيب المصاحف قبل مصحف عثمان... انتهى باختصار من (" شرح مسلم " ( 6 / 61 ، 62 ) ).
- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
يجوز قراءة هذه قبل هذه وكذا في الكتابة ولهذا تنوعت مصاحف الصحابة رضي الله عنهم في كتابتها .
لكن لما اتفقوا على المصحف في زمن عثمان صار هذا مما سَنَّه الخلفاء الراشدون، وقد دل الحديث على أن لهم سنة يجب اتباعها. انتهى من "المستدرك على مجموع الفتاوى" (3/82) .
- وقال الشيخ الألباني رحمه الله في كتابه "صفة الصلاة" (ص85) تعليقا على حديث ابن مسعود رضي الله عنه في جمعه صلى الله عليه وسلم بين النظائر قال :
إنه صلى الله عليه وسلم لم يراع في الجمع بين هذه النظائر ترتيب المصحف ،
فدل على جواز ذلك ، ومثله ما سيأتي في القراءة في صلاة الليل [يعني : قراءته صلى الله عليه وسلم سورة البقرة ثم النساء ثم آل عمران] ، وإن كان الأفضل مراعاة الترتيب. انتهى.
- قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
السنة الترتيب، كما رتب الصحابة المصحف،...الأفضل أن يسير على ما رتب الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم حين جمعوا القرآن في عهد عثمان ،
... لكن لو نكس، وقرأ من آخر القرآن ثم قرأ من مقدم القرآن فلا حرج في ذلك،
جاء عن عمر: أنه قرأ في الأولى بسورة النحل من صلاة الفجر، وفي الثانية سورة يوسف. وهي قبلها،
وقرأ النبي ﷺ في بعض الليالي بالبقرة، ثم النساء، ثم آل عمران. انتهى من (فتاوى نور على الدرب).
والله اعلم
تعليقات
إرسال تعليق