السُّننُ الرواتب هي السنن التابعة للفرائض فالصلاة من خير ما يتقرب العبد به إلى الله تعالى وبها يتحصل العبد على الرفعة في الجنة وكان صلى الله عليه وسلم يحافظ على أداء هذه السنن ويحث أمته على فعلها لذلك يكره للمصلى تركها أو ترك بعضها لكونها مؤكدة داوم عليها النبي صلى الله عليه واله وسلم .
عدد السنن الرواتب
اثنتا عشرة ركعة مؤكدة :
-ركعتان قبل الفجر
- وأربع قبل الظهر وركعتان بعدها
- وركعتان بعد المغرب
- وركعتان بعد العشاء.
والدليل :
1- عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت : «سمعت رسول الله ﷺ يقول : « من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة»، قالت أم حبيبة : فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ». (رواه مسلم).
2- عن عبد الله بن شقيق رحمه الله قال : سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ عن تطوعه؟ فقالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في بيته قبل الظهر أربعا، ثم يخرج فيصلي بالناس ثم يدخل فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب ثم يدخل فيصلي ركعتين، ويصلي بالناس العشاء ويدخل بيتي فيصلي ركعتين... وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين . (رواه مسلم)
قال الشيخ بن باز رحمه الله :
القاعدة : أن من حفظ حجة على من لم يحفظ وبذلك استقرت الرواتب اثنتي عشرة ركعة : أربعا قبل الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح .اه ((مجموع فتاوى ابن باز)) (11/281).
الراتبة القبلية
يدخل وقتها بدخول وقت الفريضة
قال الشيخ العثيمين رحمه الله :
السنة الراتبة القبلية التي تكون قبل الصلاة لا بد أن تكون بعد دخول الوقت؛ لأنها راتبة لصلاة لا تصح إلا بعد دخول الوقت، فلو فرض أن الإنسان صلاها قبل دخول الوقت ظانا أن الوقت قد دخل ثم تبين أنه لم يدخل، فليعدها وتكون الأولى نافلة نفلا مطلقا لا راتبة .اه ((لقاء الباب المفتوح)) (رقم اللقاء: 15).
أما الراتبة البعدية
يدخل وقتها بفعل الفريضة ويخرج بخروج وقتها.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله :
والسنة البعدية يبتدئ وقتها بانتهاء الصلاة وينتهي بخروج الوقت . اه ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (14/270).
وإليك بعض الأمور الهامة :
1- آكد السنن الرواتب ركعتا الفجر وهما سنة الفجر القبلية لقوله صلى الله عليه وسلم : " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ". (رواه مسلم).
- وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها - قالت : " لم يكن النبي ﷺ على شيء من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر. (متفق عليه)
2- سنتي الفجر، والوتر هاتان أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهما، ولم يأمر بغيرهما، وهما سنة باتفاق الأئمة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم - يصليهما في السفر والحضر ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصلى فى السفر من السنن غيرهما .
قال ابن القيم رحمه الله :
ولذلك لم يدعها - أي سنة الفجر - هي والوتر سفرا وحضرا، وكان في السفر يواظب على سنة الفجر، والوتر أشد من جميع النوافل دون سائر السنن، ولم ينقل عنه في السفر أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى سنة راتبة غيرهما . اه (زاد المعاد لابن القيم: 1 / (315))
3- محافظتك على صلاة أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها أجر عظيم وهذا لمن داوم عليها وواظب وهو فضل الله الكبير ورحمته الواسعة فلا تضيعه وهذه سنة قولية .
فعن أم حبيبة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله ﷺ: " من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر، وأربع بعدها حرمه الله على النار ". (صحيح أبي داود).
قال الإمام الشوكاني رحمه الله :
والحديث يدل على تأكد استحباب أربع ركعات قبل الظهر، وأربع بعده وكفى بهذا الترغيب باعثا على ذلك . اه ((نيل الأوطار للشوكاني 3 (26))
4- للعصر سنة راتبة لكنها غير مؤكدة وهناك حديث صحيح يدل على مشروعية صلاة أربع ركعات قبل صلاة العصر والترغيب فى ذلك فلا تضيع هذا الفضل من التماس دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فدعاؤه مستجاب لا يرد وهذه سنة قولية .
فعن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال : رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا . (صحيح أبي داود).
5- يستحب صلاة ركعتين بعد العصر لحديث عائشة عن رسول الله ﷺ قالت : ما صلى رسول الله ﷺ العصر يوما ثم دخل بيتي إلا وصلى ركعتين . (والحديث أصله فى صحيح البخارى).
قال العلامة الألبانى رحمه الله :
( إلا وصلى ركعتين ) صحيح إنه سبب هاتين الركعتين كان الرسول شغل عن الركعتين بعد الظهر فصلاهما بعد العصر لكن واظب الرسول عليه السلام على هاتين الركعتين فصارت سنة ليس فقط أنه صلاها مرة واحدة وانتهى الأمر ونحن منهيون عن هاتين الركعتين ، لا ، وإنما كان سبب صلاة إياهما ركعتين بعد العصر هو أنه شغل عن ركعتين بعد الظهر فأداهما الرسول عليه السلام بعد العصر ، ثم استمر على ذلك عليه السلام.
والسنن كلها تصلي في البيت على طريقة الأولين ، لكن إذا صلاها في المسجد جاز ، ... أنا بقول إن الرسول صلى الله عليه واله وسلم قال : ( أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ) لكن إذا صلى السنن في المسجد جاز . اه (سلسلة الهدى والنور-(220))
وقد وردت روايات ينهى فيها النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد العصر؛ ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ».
والمعنى : إن ذلك يدل على أن البعدية ليست على عمومها وإنما المراد بها وقت الغروب وما قاربه .
6- لدينا أيضا سنتين راتبتين ولكن غير مؤكدتين وهما : ركعتين قبل المغرب وركعتين قبل العشاء فهما سنة قولية وهناك حديث يدل على مشروعية صلاة ركعتين بين الأذان والإقامة .
فعن عبدالله بن مغفل رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : " بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة قال في الثالثة: لمن شاء ". (متفق عليه).
والمراد بالأذانين : الأذان والإقامة .
قال العلامة الألبانى رحمه الله :
ولا ينافي ذلك صلاة الركعتين قبل المغرب؛ لثبوتهما عنه صلى الله عليه وسلم قولا وإقرارا؛ قال عليه السلام : « بين كل أذانين صلاة ، بين كل أذانين صلاة، ثم قال في الثالثة: لمن شاء » .اه ((الثمر المستطاب)) (1/62).
7- كما أنه يجوز لك أن تصلى السنن الرباعية النهارية بتسليمة واحدة وتشهدين أى الأربع قبل الظهر والأربع بعدها والأربع قبل العصر أن تصليهم متصلة بسلام واحد ولا تسلم بينهما وكذلك قيام الليل وإن كان الأفضل أن تسلم من كل ركعتين .
فقد أخرج النسائي بسنده : عن عاصم بن ضمرة قال سألت علي بن أبي طالب عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهار قبل المكتوبة قال من يطيق ذلك ثم أخبرنا قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حين تزيغ الشمس ركعتين وقبل نصف النهار أربع ركعات يجعل التسليم في اخره . (صحيح النسائي).
وبنفس السند رواه في الكبرى : عن عاصم بن ضمرة، قال : سألت علي بن أبي طالب عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من النهار بعد المكتوبة؟ قال : ومن يطيق ذلك؟ ثم أخبره، قال : « كان يصلي حين ترتفع الشمس ركعتين، وقبل نصف النهار أربع ركعات يجعل التسليم في اخر ركعة، وقبل الظهر أربع ركعات يجعل التسليم في اخر ركعة، وبعدها أربع ركعات يجعل التسليم في اخر ركعة ». (اسناده حسن).
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
دل قوله " يجعل التسليم في اخره ". على أن السنة في السنن الرباعية النهارية أن تصلى بتسليمة واحدة ولا يسلم فيها بين الركعتين .اه ( الصحيحة: 237)
وقال الشيخ عبد المحسن العباد
أقول : جمعاً بين الدليلين : يكون الأولى هو صلاة ركعتين ركعتين وإن جمعهما كما جاء في بعض الأحاديث فجائز. اه (موقع الشبكة الإسلامية)
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله فى رده على ذلك :
يصلي كل ركعتين على حدة، ثم يسلم منهما، والأصل في ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى).
رواه الخمسة بإسناد جيد، فهذا الحديث يدل على أن المستحب في صلاة تطوع الليل والنهار أن تكون مثنى مثنى، إلا ما خصه الدليل، فإن صلاها أربعا جميعا فلا حرج؛ لإطلاق بعض الأحاديث الواردة في ذلك .اه (موقع الشبكة الإسلامية)
8- يستحب صلاة التطوع بين المغرب والعشاء وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة.
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : صليت مع النبي ﷺ المغرب فلما قضى الصلاة قام يصلي فلم يزل يصلي حتى صلى العشاء ثم خرج . ((صحيح الترمذي)) (3781)
قال البهوتى :
يستحب عند الحنابلة التنفل بين المغرب والعشاء، وهو من قيام الليل؛ لأن الليل من المغرب إلى طلوع الفجر الثاني؛ لقول أنس بن مالك في قوله تعالى : تتجافى جنوبهم عن المضاجع **السجدة: 16** الاية، قال : " كانوا يتنفلون بين المغرب والعشاء يصلون" .اه (((كشاف القناع)) للبهوتي (1/437))
الحكمة من مشروعية السنن
حينما يؤدي المسلم ما أوجب الله عليه من عبادات، فهو مطالب بأن يأتي بها على أكمل وجه لها، غير أن طبيعة الإنسان قد جبلت على النقص، فمهما حاول الفرد أداء ما افترض عليه بصورة كاملة إلا ويجد أن عمله ذلك قد اعتراه النقص في كثير من جوانبه، فمن رحمة الله - سبحانه - أن جعل مع تلك العبادات المفروضة عبادات مستحبة غير واجبة؛ ليتم بها تكميل ذلك النقص الحاصل من المسلم حين أدائه للفرائض لذلك ينبغي المحافظة عليها خاصة على السنن الرواتب المؤكدة .
قال صلى الله عليه واله وسلم : « إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة، يقول ربنا لملائكته -وهو أعلم-: انظروا في صلاة عبدي : أتمها أم أنقصها؟ فإن كانت تامة كتب له تامة، وإن كان انتقص منها شيئا قال : انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن كان له تطوع قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم ». (صحيح ابى داود)
قال ابن تيمية :
والتطوع يكمل به صلاة الفرض يوم القيامة إن لم يكن المصلي أتمها .اه (الاختيارات الفقهية للبعلي: (116)).
قضاء السنن
يجوز قضاء السنن إذا انشغل عنها المصلي بنوم أو نسيان؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم : ( من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها ).[صحيح الجامع]، ولما ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الركعتين اللتين بعد الظهر، وقد شغل عنهما، فصلاهما بعد العصر، وقد تقدمت هذه الأحاديث . ويلاحظ ما يلي :
1- يجوز قضاء السنن لمن نام عنها أو نسيها حتى ولو في أوقات الكراهة لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلاهما بعد العصر.
2- من ترك السنن متعمدا فلا يجوز قضاؤها بخلاف من شغل عنها بنوم أو نسيان.
3- يجوز قضاء سنة الفجر إذا لم يدركها قبل الصلاة أن يصليها بعد الصلاة ويجوز أن يصليهما بعدما تطلع الشمس
- عن قيس بن عمرو رضي الله عنه - قال : " رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صلاة الصبح ركعتان))، فقال الرجل : إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما؛ فصليتهما الان، فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم . [صحيح أبي داود]
وأما الدليل على صلاتها بعد طلوع الشمس فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول اللهﷺ : (من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعدما تطلع الشمس). والمقصود ب "ركعتي الفجر" أي : سنة الفجر.
والله اعلم
وللفائدة..
تعليقات
إرسال تعليق