">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

متى يجوز صيام النصف من شعبان وما بعده؟


 يجوز صيام النصف من شعبان وما بعده لمن أراد أن يصوم شعبان كله أو أكثره أو كان له عادة من صيام كمن اعتاد صوم التطوع كصوم الإثنين والخميس ،

أو صيام داود (يصوم يوما ويفطر يوما) أو صوم ثلاثة أيام من كل شهر فجاء يوم النصف من شعبان في يوم عادة صيامه فهذا يجوز له الصوم .

كما يجوز الصيام لمن كان عليه قضاء رمضان . ينظر: ((المجموع للنووي(6/399)

أما أن يتقصد صيام النصف فقط أو ابتداء الصوم بعد النصف فهذا ليس بالأمر المشروع.

 فأكثر الناس يتقصدون صيام النصف من شعبان فقط والرسول يقول فى الحديث الصحيح : ( إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى يكون رمضان ). أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (2049) والترمذي وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه" (1339)، وغيرهم، وانظر "المشكاة" (1974). وقد صحح هذا الحديث جمع غفير من أهل العلم منهم :  الترمذي- ابن حبان -أبوعوانة - ابن القطان - ابن خزيمة - الحاكم - ابن عساكر - ابن حزم - ابن عبد البر- القرطبي - الروياني - أئمة الشافعية - النووي - ابن القيم - الطحاوي - ابن حجر - الدينوري - السخاوي - السيوطي - علي القاري - الشوكاني - أحمد شاكر - الألباني - ابن باز - شعيب الأرناؤوط - عبد المحسن الزامل - عبد الكريم الخضير . 

فلا يشرع إذاً أن يتقصد المسلم النصف من شعبان بالصّيام لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عنه .

قال ابن حزم بعد أن ساقه من طريق المؤلف (أبي داود) :

 هكذا رواه سفيان عن العلاء ، والعلاء ثقة ، روى عنه شعبة وسفيان الثوري ومالك ، و...و...و...، وكلهم يحتج بحديثه ، فلا يضره غمز ابن معين له .أهـ. (المحلى(7/26) .

قال الشيخ الألباني رحمه الله : 

ولا يكفي في تضعيف الحديث ما نقل عن الإمام أحمد آنفاً ، لأن الإمام أحمد نفسه قال في العلاء بن عبد الرحمن : ( ثقة ، لم أسمع أحداً ذكره بسوء . اهـ (صحيح سنن أبي داود 7 : 101)(الأم).

وقد رد ابن القيم رحمه الله في "تهذيب السنن" على من ضَعَّفَ حديثَ : إذا انتصفَ شعبانُ فلا تَصوموا. فقال ما محصله :

 إن هذا الحديث صحيح على شرط مسلم ، وإنَّ تفرد العلاء بهذا الحديث لا يُعَدُّ قادحاً في الحديث لأن العلاء ثقة ،

وقد أخرج له مسلم في صحيحه عدة أحاديث عن أبيه عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وكثير من السنن تفرد بها ثقاتٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبلتها الأمة وعملت بها. .

 ثم قال : وأما ظن معارضته بالأحاديث الدالة على صيام شعبان , فلا معارضة بينهما , وإن تلك الأحاديث تدل على صوم نصفه مع ما قبله ،

,وعلى الصوم المعتاد في النصف الثاني , وحديث العلاء يدل على المنع من تعمد الصوم بعد النصف , لا لعادة , ولا مضافا إلى ما قبله .اه

قال الإمام الترمذي رحمه الله في سننه :

بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الصَّوْمِ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي مِنْ شَعْبَانَ لِحَالِ رَمَضَانَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ العَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا بَقِيَ نِصْفٌ مِنْ شَعْبَانَ فَلَا تَصُومُوا» :«حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ»، "

وَمَعْنَى هَذَا الحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ : أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مُفْطِرًا، فَإِذَا بَقِيَ مِنْ شَعْبَانَ شَيْءٌ أَخَذَ فِي الصَّوْمِ لِحَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ " .

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُشْبِهُ قَوْلَهُمْ، حَيْثُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « لَا تَقَدَّمُوا شَهْرَ رَمَضَانَ بِصِيَامٍ، إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ »

وَقَدْ دَلَّ فِي هَذَا الحَدِيثِ أَنَّمَا الكَرَاهِيَةُ عَلَى مَنْ يَتَعَمَّدُ الصِّيَامَ لِحَالِ رَمَضَانَ ". انتهى.

قال النووي رحمه الله في رياض الصالحين (ص : 412) :

باب النهي عن تقدم رمضان بصومٍ بعد نصف شعبان إلا لمن وصله بما قبله أو وافق عادة له بأن كان عادته صوم الاثنين والخميس .اهـ

وقال أيضا النووي رحمه الله :

لا يجوز أن يصوم بعد النصف من شعبان إلا لمن كان له عادة ، أو وصله بما قبل النصف ،

هذا هو الأصح عند أكثرهم أن النهي في الحديث للتحريم ، وذهب بعضهم – كالروياني ـ إلى أن النهي للكراهة لا التحريم . انتهى من (المجموع (6/399-400) .

قال شهاب الدين الرملي :

 إن المعتمد جواز الصوم إذا انتصف شعبان إن وصله بما قبل نصفه وإلا فيحرم .انتهى من(كتاب فتاوى الرملي في فروع الفقه الشافعي)

وقال ابن القيم في حاشيته على سنن أبي داود 6 /331 :

حديثُ العلاء يدلُّ على المنع من تعَمُّد الصوم بعد النصف لا لعادةٍ، ولا مُضافاً إلى ما قبله. انتهى.

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

فقد كان النبي ﷺ يصوم شعبان كله وربما صامه إلا قليلًا، كما ثبت ذلك من حديث عائشة وأم سلمة.

أما الحديث الذي فيه النهي عن الصوم بعد انتصاف شعبان فهو صحيح كما قال الأخ العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني،

والمراد به النهي عن ابتداء الصوم بعد النصف، أما من صام أكثر الشهر أو الشهر كله فقد أصاب السنةوالله ولي التوفيق . انتهى من (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 15/ 384).

جاء فى فتاوى اللجنة الدائمة الفتوى رقم ( 7912 ):

صيام يوم الإثنين والخميس لا يختص برجب أو شعبان، بل هو مندوب في أشهر السنة ،

ولا حرج على من اعتاد صيامهما في سائر السنة أن يصومهما في آخر شعبان، حتى ولو وافق أحدهما يوم الشك، فقد قال صلى الله عليه وسلم : " لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صومًا فليصمه ". متفق عليه . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . انتهى.

أما الحديث الذى فى صحيح البخارى ومسلم : ( لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه ). 

فهو يدل على أن الصيام بعد نصف شعبان جائز لمن وصله بما قبل النصف كمن كانت له عادة بالصيام،

كرجل اعتاد صوم يوم الاثنين والخميس ، أو كان يصوم يوماً ويفطر يوماً . . ونحو ذلك .

قال في عون المعبود شرح سنن أبي داوود :

  قال الحافظ في الفتح : قال القرطبي : لا تعارض بين حديث النهي عن صوم نصف شعبان الثاني والنهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين وبين وصال شعبان برمضان ،

والجمع ممكن بأن يحمل النهي على من ليست له عادة بذلك ويحمل الأمر على من له عادة حملا للمخاطب بذلك على ملازمة عادة الخير حتى لا يقطع . انتهى ملخصا .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

يقول النبي ﷺ : إذا انتصف شعبان فلا تصوموا. وهو حديث صحيح، فالذي ما صام أول الشهر ليس له أن يصوم بعد النصف؛ لهذا الحديث الصحيح،

وهكذا لو صام آخر الشهر ليس له ذلك من باب أولى؛ لقوله ﷺ : لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه.

الذي له عادة لا بأس، إذا كان عادته يصوم الإثنين والخميس فلا بأس أن يصوم، أو عادته يصوم يوم ويفطر يوم لا بأس.

أما أن يبتدئ الصيام بعد النصف من أجل شعبان هذا لا يجوز، أما لو صام بدءاً من أربعة عشر أو من خمسة عشر أو من ثلاثة عشر أو ... فلا بأس، لأنه أكثره إذا صام كله أو أكثره فلا بأس،

أما إن كونه يفطر النصف الأول ثم يبتدي هذا هو المنهي عنه .انتهى.

وأما الحكمة من إكثاره ﷺ من صوم شعبان

 فلأنه شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يرفع عمله وهو صائم،

كما ثبت من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : قلت : « يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ »

قال : « ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين؛ فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ». «السلسلة الصحيحة» (١٨٩٨).

قال ابن رجب رحمه الله :

 وأفضل التطوع ما كان قريباً من رمضان قبله وبعده، وذلك يلتحق بصيام رمضان لقربه منه،

وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها،فيلتحق بالفرائض في الفضل وهي تكملة لنقص الفرائض. 

فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بعد منه. انتهى من (لطائف المعارف ص129)

وصيام شعبان كله أو أكثره يُورِّثُ قُوَّةً على رمضانَ لأنَّ الصومَ حينئذٍ يصيرُ مألُوفاً للنفسِ وخلْقاً لها،

فلا يَشُقُّ عليها تعاطيهِ وهذا من بعضِ حِكَمِ صَومهِ صلى الله عليه وسلم شعبانَ كُلَّه أو أكثرَه . انتهى من (الفتاوى الكبرى للهيتمي 2/83).

الخلاصة

أنه يُنهى عن الصيام في النصف الثاني من شعبان وما بعده إما على سبيل الكراهة أو التحريم إلا لمن له عادة بالصيام أو وصل الصيام بما قبل النصف .


والله اعلم


وللفائدة..


هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات