القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

يُشرع صلاة ركعتين بعد العصر والشمس مرتفعة أى كلما صليت العصر فى وقته المشروع والشمس مرتفعة نقية فيجوز أن تصلى ركعتين .

فالأحاديث التي تصرح بأنه : ( لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس )، متفق عليهالمقصود بهذا النهي هو الصلاة وقت الإصفرار وليس بعد صلاة العصر مباشرة ويدل على أن البعدية ليست على عمومها وإنما المراد بها وقت الغروب وما قاربه لأنه ثبت أن النبي ﷺ : ما دخل بيت عائشة بعد العصر إلا وصلى عندها ركعتين .

 وقوله عليه الصلاة والسلام : (لا صلاة بعد العصر إلا أن تكون الشمس مرتفعة نقية). صحيح النسائي. أى لا صلاة بعد العصر إلا أن تكون الشمس مرتفعة نقية فحينئذ يشرع الصلاة إذا كانت الشمس بيضاء مرتفعة لم تمل بعد إلى الغروب.

 فالوقت المنهي عن الصلاة بعد العصر ليس هو الوقت الذي يمتد بعد ما يصلي الإنسان فريضة العصر إلى غروب الشمس وإنما هو القسم الأخير منه وهو الوقت الذي تبدأ الشمس بالاصفرار لونها على الجدران وتهيئها للسقوط في الأفق أي للغروب.

 فهذا الحديث : ( لا صلاة بعد العصر إلا أن تكون الشمس مرتفعة نقية )، تقيد الأحاديث المعروفة بالإطلاق ( لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ).

ولقد وردت أحاديث تدل على أن الرسول ﷺ كان لا يدع صلاة ركعتين بعد العصر.

ومنها :

1- حديث عائشة : ( ابن أختي  ما ترك النبي  السجدتين بعد العصر عندي قط ). رواه البخاري ومسلموفي رواية لها : ( صلاتان ما تركهما رسول الله  في بيتي قط  سرا ولا علانية : ركعتين قبل الفجر  وركعتين بعد العصر ) . وفي رواية للبخاري (590) عنها رضي الله عنها قالت : ( والذي ذهب به ما تركهما حتى لقي الله وما لقي الله تعالى حتى ثقل عن الصلاة وكان يصلي كثيرا من صلاته قاعدا  تعني الركعتين بعد العصر وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما ولا يصليهما في المسجد مخافة أن يثقل على أمته وكان يحب ما يخفف عنهم ).

قال العلامة الألبانى :

أما حديث : ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس. متفق عليه فهذا الحديث مطلق يقيده حديث علي رضي الله عنه الآتي : 

- عن علي قال : ( نهى عن الصلاة بعد العصر إلا والشمس مرتفعة ) . السلسلة الصحيحة (200) . وعن علي مرفوعاً قال : (لا تصلوا بعد العصر إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة).

قلت :

فحديث علي يقيد الحديث العام بأن الصلاة المنهي عنها بعد العصر هي التي دخلت في وقت النهي وقد صح عن بلال مؤذن رسول الله قال : (لم ينه عن الصلاة  إلا عند غروب الشمس) .

- وعن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ﷺ : ( لا تصلوا عند طلوع الشمس ولا عند غروبها فإنها تطلع وتغرب على قرن شيطان وصلوا بين ذلك ما شئتم ). السلسلة الصحيحة (314) .

قلت أى الألبانى :

[ وفي هذين الحديثين أي حديث علي وحديث أنس المتقدمين دليل على أن ما اشتهر في كتب الفقه من المنع عن الصلاة بعد العصر مطلقاً ولو كانت الشمس مرتفعة نقية مخالف لصريح هذين الحديثين وحجتهم في ذلك الأحاديث المعروفة في النهي عن الصلاة بعد العصر مطلقاً غير أن الحديثين المذكورين يقيدان تلك الأحاديث فاعلمه].اهـ . (1/625-الصحيحة) 

وقال أيضا رحمه الله :

 جاء في صحيح مسلم من حديث عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالت : ( ما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العصر يوما ثم دخل بيتي إلا وصلى ركعتين ). إلا وصلى ركعتين ،

 صحيح إنه سبب هاتين الركعتين كان الرسول شغل عن الركعتين بعد الظهر فصلاهما بعد العصر لكن واظب الرسول عليه السلام على هاتين الركعتين فصارت سنة ليس فقط أنه صلاها مرة واحدة وانتهى الأمر ونحن منهيون عن هاتين الركعتين ، لا ، وإنما كان سبب صلاة إياهما ركعتين بعد العصر هو أنه شغل عن ركعتين بعد الظهر فأداهما الرسول عليه السلام بعد العصر ، ثم استمر على ذلك عليه السلام.

والسنن كلها تصلي في البيت على طريقة الأولين ، لكن إذا صلاها في المسجد جاز ، ... أنا بقول إن الرسول صلى الله عليه واله وسلم قال : ( أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ). لكن إذا صلى السنن في المسجد جاز.اه

(سلسلة الهدى والنور-(220))


2- عن عائشة أم المؤمنين : (كان لا يدع ركعتين قبل الفجر وركعتين بعد العصر).  السلسلة الصحيحة (3174) .

قال الشيخ الألباني

فى السلسلة الصحيحة :

[ ولا دليل على نسخهما أي الركعتين بعد العصر ولا على أنهما من خصوصياته].اه .

 وقال أيضا رحمه الله 

فى السلسلة(7/527) :

[ وروى ابن أبي شيبة قبيل هذا بسند صحيح عن أشعث بن أبي الشعثاء قال : خرجت مع أبي (واسمه سليم بن أسود المحاربي) وعمرو بن ميمون والأسود بن يزيد وأبي وائل فكانوا يصلون بعد العصر. ثم روى مثله عن جمع آخر من السلف منهم الزبير بن العوام  وابنه عبد الله رضي الله عنهما وكذا علي رضي الله عنه وأبو بردة بن أبي موسى]. اه .


3- وعن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : أن رسول الله ﷺصلى العصر فقام رجل يصلي بعدها فرآه عمر فأخذ بردائه أو بثوبه فقال له اجلس فإنما هلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصل فقال رسول الله ﷺ : ((أحسن ابن الخطاب)) .السلسلة الصحيحة (3173) .

قال الشيخ الألبانى

 عقب هذا الحديث (7/354-355) :

[والفائدة الأخرىجواز التطوع بعد صلاة العصر لإقرار النبي صلى الله عليه وسلم عمر الرجل على الصلاة بعدها مع أنه أنكر عليه ترك الفصل وصوبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك  فدل ذلك على جواز الصلاة بعد العصر دون الوصل ] .اهـ .

وقال الحافظ ابن حجر

 في فتح الباري (2/65) :

[تنبيه : روى عبد الرزاق من حديث زيد بن خالد سبب ضرب عمر الناس على ذلك فقال : عن زيد بن خالد أن عمر رآه وهو خليفة ركع بعد العصر فضربه فذكر الحديث وفيه فقال عمر(يا زيد لولا أني أخشى أن يتخذهما الناس سلماً إلى الصلاة حتى الليل لم أضرب فيهما). فلعل عمر كان يرى أن النهى عن الصلاة بعد العصر إنما هو خشية إيقاع الصلاة عند غروب الشمس وهذا يوافق قول بن عمر الماضي وما نقلناه عن بن المنذر وغيره. 

وقد روى يحيى بن بكير عن الليث عن أبي الأسود عن عروة عن تميم الداري نحو رواية زيد بن خالد وجواب عمر له وفيه : ( ولكني أخاف أن يأتي بعدكم قوم يصلون ما بين العصر إلى المغرب حتى يمروا بالساعة التي نهى رسول الله  أن يصلى فيها ) وهذا أيضا يدل لما قلناه والله أعلم] .اه .


4- وعن المقدام بن شريح عن أبيه قال : سألت عائشة عن صلاة رسول الله ﷺ : كيف يصلي ؟ فقالت : (كان يصلي الهجير ثم يصلي ركعتين ثم يصلي العصر ثم يصلي ركعتينقلت : فقد كان عمر يضرب عليهما وينهى عنهما ؟! فقالتكان عمر رضي الله عنه يصليهما وقد علم أن رسول الله  كان يصليهما ولكن قومك أهل اليمن قوم طَغَام يصلون الظهر ثم يصلون ما بين الظهر والعصر  ويصلون العصر ثم يصلون ما بين العصر والمغرب فضربهم عمر  وقد أحسن] . السلسلة الصحيحة (3488) .

قال الشيخ الألباني 

فى السلسلة (7/1427) : 

[ وفي قول عائشة الموقوف فائدة عزيزة لم يذكرها الحافظ في "فتح الباري" وهي أن عمر رضي الله عنه لم ينه عن الركعتين بعد العصر إنكاراً لشرعيتهما وإنما من باب سد الذريعة وخشية أن يصلوها في وقت التحريم]. اه .


5- روى مسلم : عن أنس قال كان عمر يضرب الأيدي على صلاة بعد العصر و أخرج أيضا عن طاووس عن عائشة قالت وهم عمر إنما نهى رسول الله – صلى الله عليه وسلم أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها . (صحيح مسلم ج:1 ص:(571))

قال ابن عبد البر وبقول عائشة قال ابن عمر وغيره وهو مذهب زيد بن خالد الجهني أيضا ...".اهـ  (الإجابة لما استدركت عائشة ج:1 ص:(84))

وهذا يدل على أن أم المؤمنين – رضي الله عنها - لما رأت النبي صلى الله عليه وسلم أثبتهما أى الركعتين بعد العصر كما جاء فى صحيح مسلم عنها فحملت النهي على هاتين الساعتين.


6- خرج عمر على الناس يضربهم على السجدتين بعد العصر حتى مر بتميم الداري فقال : لا أدعهما صليتها مع من هو خير منك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر : إن الناس لو كانوا كهيئتك لم أبال).  السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 7/1427، تاريخ مدينة دمشق ج:11 ص:82


7- وجاء بإسناد صحيح عن شعبة عن أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي قال : " قال ابن عباس لقد رأيت عمر بن الخطاب يضرب الناس على الصلاة بعد العصر ثم قال ابن عباس صل إن شئت ما بينك وبين أن تغيب الشمس ". (المحلى - ابن حزم - ج (٢))

وقال أيضا العلامة الالبانى رحمه الله  :

و أما ضرب عمر من يصليهما فهو من اجتهاداته القائمة على باب سد الذريعة كما يشعر بذلك روايتان ذكرهما الحافظ في " الفتح " ( 2 / 65 ) : إحداهما في " مصنف عبد الرزاق " ( 2 / 431 - 432 ) و " مسند أحمد " ( 4 / 155 ) و الطبراني ( 5 / 260 ) و حسنه الهيثمي ( 2 / 223 ) . و الأخرى عند أحمد ( 4 / 102 ) أيضا , و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 2 / 58 - 59 ) , و " الأوسط " ( 8848 - بترقيمي ) . 

و قد وقفت على رواية ثالثة تشد من عضدهما وهي من رواية إسرائيل عن المقدام ابن شريح عن أبيه قال : سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان يصلي؟  قالت :  " كان يصلي الهجير ثم يصلي بعدها ركعتين ثم يصلي العصر ثم يصلي بعدها ركعتين . فقلت : فقد كان [عمر] يضرب عليهما وينهى عنهما  فقالت : قد كان عمر يصليهما , وقد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ كان ] يصليهما ولكن قومك أهل الدين قوم طغام , يصلون الظهر , ثم يصلون ما بين الظهر و العصر , ويصلون العصر ثم يصلون ما بين العصر و المغرب , فضربهم عمر , و قد أحسن ". أخرجه أبو العباس السراج في " مسنده " ( ق 132 / 1 ) . قلت : وإسناده صحيح. وهو شاهد قوي للأثرين المشار إليهما آنفا وهو نص صريح أن نهي عمر رضي الله عنه عن الركعتين ليس لذاتهما كما يتوهم الكثيرون  وإنما هو خشية الاستمرار في الصلاة بعدهما  أو تأخيرهما إلى وقت الكراهة وهو اصفرار الشمس وهذا الوقت هو المراد بالنهي عن الصلاة بعد العصر الذي صح في أحاديث كما سبق بيانه تحت الحديثين المتقدمين برقم ( 200 و 314 ) .اه

و يتلخص مما سبق

 أن الركعتين بعد العصر سنة إذا صليت العصر معها قبل اصفرار الشمس وأن ضرب عمر عليها إنما هو اجتهاد منه وافقه عليه بعض الصحابة وخالفه آخرون وعلى رأسهم أم المؤمنين رضي الله عنها  ولكل من الفريقين موافقون فوجب الرجوع إلى السنة وهي ثابتة صحيحة برواية أم المؤمنين دون دليل يعارضه إلا العموم المخصص بحديث علي وأنس المشار إلى أرقامهما آنفا . 

ويبدو أن هذا هو مذهب ابن عمر أيضا فقد روى البخاري ( 589 ) عنه قال : "أصلي كما رأيت أصحابي يصلون لا أنهى أحدا يصلي بليل ولا نهار ما شاء غير أن لا تحروا طلوع الشمس ولا غروبها " .

 وهذا مذهب أبي أيوب الأنصاري أيضا , فقد روى عبد الرزاق عنه ( 2 / 433 ) بسند صحيح عن ابن طاووس عن أبيه : أن أبا أيوب الأنصاري كان يصلي قبل خلافة عمر ركعتين بعد العصر فلما استخلف عمر تركهما فلما توفي ركعهما  فقيل له : ما هذا ؟ فقال : إن عمر كان يضرب الناس عليهما . قال ابن طاووس : و كان أبي لا يدعهما .

وهنا ينبغي أن نذكر أهل السنة الحريصين على إحياء السنن وإماتة البدع أن يصلوا هاتين الركعتين كلما صلوا العصر في وقتها المشروع لقوله صلى الله عليه وسلم : " من سن في الإسلام سنة حسنة .. " . و بالله التوفيق .

(" السلسلة الصحيحة " 6 / 1010 )

وقال أيضا رحمه الله :

تحت الحديث رقم 200 :

 " نهى عن الصلاة بعد العصر إلا والشمس مرتفعة. هذا الحديث مقيد للأحاديث التي أشار إليها البيهقي كقوله صلى الله عليه وسلم :" ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس " . متفق عليهفهذا مطلق يقيده حديث علي رضي الله عنه وإلى هذا أشار ابن حزم رحمه الله بقوله المتقدم :" وهذه زيادة عدل لا يجوز تركها".

"ثم قال البيهقي :

" وقد روي عن علي رضي الله عنه ما يخالف هذا. وروي ما يوافقه ".ثم ساق هو والضياء في " المختارة " (1 / 185) من طريق سفيان قال: أخبرني أبو إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال :" كان رسول الله  يصلي ركعتين في دبر كل صلاة مكتوبة إلا الفجر والعصر ".

قلت : 

وهذا لا يخالف الحديث الأول إطلاقا لأنه إنما ينفي أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين بعد صلاة العصر والحديث الأول لا يثبت ذلك حتى يعارض بهذا وغاية ما فيه أنه يدل على جواز الصلاة بعد العصر إلى ما قبل اصفرار الشمس، وليس يلزم أن يفعل النبي صلى الله عليه وسلم كل ما أثبت جوازه بالدليل الشرعي كما هو ظاهر نعم قد ثبت عن أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين سنة الظهر البعدية بعد صلاة العصر وقالت عائشة : إنه صلى الله عليه وسلم داوم عليها بعد ذلك.

 فهذا يعارض حديث علي الثاني والجمع بينهما سهل فكلٌ حدث بما علم ومن علم حجة على من لم يعلم.

ويظهر أن عليا رضي الله عنه علم فيما بعد من بعض الصحابة ما نفاه في هذا الحديث فقد ثبت عنه صلاته صلى الله عليه وسلم بعد العصر وذلك قول البيهقي : " وأما الذي يوافقه ففيما أخبرنا ... " ثم ساق من طريق شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة قال: " كنا مع علي رضي الله عنه في سفر فصلى بنا العصر ركعتين ثم دخل فسطاطه وأنا أنظر فصلى ركعتين ". ففي هذا أن عليا رضي الله عنه عمل بما دل عليه حديثه الأول من الجواز.

 وروى ابن حزم (3 / 4) عن بلال مؤذن رسول الله ﷺ قال :" لم ينه عن الصلاة إلا عند غروب الشمس ".

قلت : وإسناده صحيح وهو شاهد قوي لحديث علي رضي الله عنهم.

وأما الركعتان بعد العصر فقد روى ابن حزم القول بمشروعيتهما عن جماعة من الصحابة فمن شاء فليرجع إليه.

وما دل عليه الحديث من جواز الصلاة ولو نفلا بعد صلاة العصر وقبل اصفرار الشمس
 هو الذي ينبغي الاعتماد عليه في هذه المسألة التي كثرت الأقوال فيها وهو الذي ذهب إليه ابن حزم تبعا لابن عمر رضي الله عنه كما ذكره الحافظ العراقي وغيره، فلا تكن ممن تغره الكثرة، إذا كانت على خلاف السنة.

ثم وجدت للحديث طريقا أخرى عن علي رضي الله عنه بلفظ :(لا تصلوا بعد العصر إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة) . أخرجه الإمام أحمد (1 / 130) : حدثنا إسحاق بن يوسف: أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فذكره .

 قلت : 

وهذا سند جيد، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عاصم وهو ابن ضمرة السلولي وهو صدوق. كما في " التقريب ". فهذه الطريق مما يعطي الحديث قوة على قوة، لاسيما وهي من طريق عاصم الذي روى عن علي أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي بعد العصر، فادعى البيهقي من أجل هذه الرواية إعلال الحديث، وأجبنا عن ذلك بما تقدم ثم تأكدنا من صحة الجواب حين وقفنا على الحديث من طريق عاصم أيضا. فالحمد لله على توفيقه. ثم وجدت له شاهدا حسنا من حديث أنس، سيأتي برقم (308) . اه

(الحديث رقم 200 من السلسلة الصحيحة للإمام الألباني -رحمه الله- [ (1/386-391) من الشاملة ])

وممن رخص في الصلاة

 بعد العصر والشمس مرتفعة.

علي بن أبي طالب، والزبير، وتميم الداري، وأبو أيوب، وأبو موسى، وزيد بن خالد الجهني، وابن الزبير، والنعمان بن بشير، وأم سلمة -رضي الله عنهم.

ومن التابعين :

 الأسود، ومسروق، وشريح، وعمرو بن ميمون، وعبد الرحمن بن الأسود، وعبيدة، والأحنف بن قيس، وطاوس.وحكاه ابن عبد البر عن عطاء، وابن جريج، وعمرو بن دينار. قال : وروي عن ابن مسعود نحوه. ولم يعلم عن أحد منهم الرخصة بعد صلاة الصبح. وهو قول داود، فيما حكاه ابن عبد البر. وحكي رواية عن أحمد؛ قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي : سألت أحمد : هل ترى بأسًا أن يصلي الرجل تطوعًا بعد العصر والشمس بيضاء مرتفعة؟ قال : لا نفعله، ولا نعيب فاعله. قال : وبه قال أبو حنيفة. انتهى .

(فتح البارى لابن رجب (5/48-50)).

وإليك بعض 

ما أورده ابن حزم في المحلى :

عن الصحابة والتابعين وعن صلاتهم ركعتين بعد العصر :

- حدثنا حمام، حدثنا عباس بن أصبغ، حدثنا ابن أيمن، حدثنا أحمد بن محمد البرتي القاضي، حدثنا أبو معمر هو عبد الله بن عمرو الرقي، حدثنا عبد الوارث بن سعيد التنوري، حدثنا حنظلة، هو ابن أبي سفيان الجمحي عن عبد الله بن الحارث بن نوفل‏:‏ قال‏ :صلى بنا معاوية العصر فرأى ناسا يصلون، فقال‏:‏ ما هذه الصلاة فقالوا ‏:‏ هذه فتيا عبد الله بن الزبير فجاء عبد الله بن الزبير مع الناس، فقال له معاوية‏ :‏ ما هذه الفتيا التي تفتي ‏:‏ أن يصلوا بعد العصر 

فقال ابن الزبير‏ :‏ حدثتني زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عليه السلام صلى بعد العصر‏.‏ فأرسل معاوية إلى عائشة فقالت‏:‏ هذا حديث ميمونة بنت الحارث فأرسل إلى ميمونة رسولين فقالت ‏: ‏ إنما حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهز جيشا فحبسوه حتى أرهق العصر، فصلى العصر، ثم رجع فصلى ما كان يصلي قبلها قالت‏ :‏ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أو فعل شيئا ‏:‏ يحب أن يداوم عليه‏.‏ فقال ابن الزبير‏:‏ أليس قد صلى والله لاصلينه

قال علي‏ :‏ ظهرت حجة ابن الزبير، فلم يجز عليه الاعتراض

قال علي ‏:‏ وقالوا‏ :‏ قد كان عمر يضرب الناس عليها، وابن عباس معه

قلنا ‏:‏ 

لا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم لا في عمر، ولا في غيره؛ بل هو عليه السلام الحجة على عمر وغيره وقد خالف عمر في ذلك طوائف من الصحابة وقد صح عن عمر، وعن ابن عباس‏ :‏ إباحة الركوع والتطوع؛ والوجه الذي من أجله ضرب عمر عليها فقد خالفوا عمر رضي الله عنه في ذلك

- حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، حدثنا محمد بن أحمد بن مفرج، حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد، حدثنا يحيى بن أيوب بن بادي العلاف، حدثنا يحيى بن بكير حدثني الليث بن سعد عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل يتيم عروة بن الزبير عن عروة أخبرني تميم الداري، أو أخبرت : أن تميما الداري ركع ركعتين بعد العصر فأتاه عمر فضربه بالدرة، فأشار إليه تميم‏ :‏ أن اجلس فجلس عمر حتى فرغ تميم، فقال لعمر‏:‏ لم ضربتني فقال له عمر‏ :‏ لانك ركعت هاتين الركعتين وقد نهيت عنهما قال له تميم إني صليتهما مع من هو خير منك ‏:‏ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال له عمر‏ :‏ إني ليس بي إياكم أيها الرهط ولكني أخاف أن يأتي بعدكم قوم يصلون ما بين العصر إلى المغرب، حتى يمرون بالساعة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى فيها كما صلوا بين الظهر والعصر؛ ثم يقولون‏ :‏ قد رأينا فلانا وفلانا يصلون بعد العصر‏.‏

- حدثنا حمام، حدثنا ابن مفرج، حدثنا ابن الأعرابي، حدثنا الدبري، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا ابن جريج سمعت أبا سعيد الأعمى يحدث عن السائب مولى الفارسيين عن زيد بن خالد الجهني أن عمر راه يصلي بعد العصر ركعتين وعمر خليفة فضربه بالدرة وهو يصلي كما هو، فلما انصرف قال له زيد ‏:‏

 يا أمير المؤمنين، فوالله لا أدعهما أبدا بعد إذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما؛ فجلس إليه عمر، وقال‏:‏ يا زيد بن خالد، لولا أني أخشى أن يتخذهما الناس سلما إلى الصلاة حتى الليل لم أضرب فيهما ‏"‏ فهذا نص جلي ثابت عن عمر بإجازته التطوع بعد العصر ما لم تصفر الشمس وتقارب الغروب.

وروينا بالإسناد الثابت عن شعبة عن أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي قال‏ :‏ قال ابن عباس‏ :‏ لقد رأيت عمر بن الخطاب يضرب الناس على الصلاة بعد العصر ثم قال ابن عباس‏ :‏ صل إن شئت ما بينك وبين أن تغيب الشمس‏.‏

قال علي ‏:‏ هم يقولون في الصاحب يروي الحديث ثم يخالفه‏ :‏ لولا أنه كان عنده علم بنسخه ما خالفه فيلزمهم أن يقولوا ههنا ‏:‏ لولا أنه كان عند ابن عباس علم أثبت من فعل عمر ما خالف ما كان عليه  مع عمر‏.‏ وبمثله عن شعبة عن أبي شعيب عن طاووس :‏ سئل ابن عمر عن الركعتين بعد العصر ‏:‏ فرخص فيهما.

قال علي ‏: هلا قالوا‏ :‏ إن ابن عمر لم يكن؛ ليخالف أباه، لولا فضل علم كان عنده بأثبت من فعل أبيه.

وروينا عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح‏ :‏ أن عائشة وأم سلمة أمي المؤمنين كانتا تركعان ركعتين بعد العصر‏.‏

وروينا عن حماد بن سلمة وهشام بن عروة، قال حماد‏ :‏ عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير قال ‏:‏ كانت عائشة أم المؤمنين تصلي ركعتين بعد العصر وهي قائمة ‏:‏ وكانت ميمونة أم المؤمنين تصلي أربعا وهي قاعدة، فسئلت عن ذلك فقالت عن عائشة ‏:‏ إنها شابة وأنا عجوز فأصلي أربعا بدل ركعتيها‏.‏

قال علي‏ : هذا يبطل رواية من روى عن أم سلمة أنقضيها نحن قال‏ :‏ لا‏.‏

- وقال هشام عن أبيه ‏:‏ كان الزبير وعبد الله بن الزبير يصليان بعد العصر ركعتين.

روينا عن عبد الرزاق عن معمر عن هشام بن عروة ‏:‏ كنا نصلي مع ابن الزبير العصر في المسجد الحرام، فكان يصلي بعد العصر ركعتين، وكنا نصليهما معه، نقوم صفا خلفه‏.‏ وعن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن السائب بن يزيد قال‏ :‏ سبح المنكدر بعد العصر فضربه عمر.

قال علي ‏: المنكدر والسائب صاحبان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ‏.‏

- وعن عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه‏ :‏ أن أبا أيوب الأنصاري كان يصلي قبل خلافة عمر ركعتين بعد العصر؛ فلما استخلف عمر تركهما‏ :‏ فلما توفي عمر ركعهما؛ فقيل له‏:‏ ما هذا فقال ‏:‏ إن عمر كان يضرب الناس عليهما.

قال علي‏ :‏ في هذا الحديث بيان واضح أن أبا بكر الصديق وعثمان رضي الله عنهما كانا يجيزان الركوع بعد العصر.

وروينا عن عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا شعبة وسفيان جميعا قالا‏ :‏ حدثنا أبو إسحاق السبيعي عن عاصم بن ضمرة‏ :‏ أن علي بن أبي طالب كان في سفر فصلى العصر؛ ثم دخل فسطاطه فصلى ركعتين. 

وعن محمد بن جعفر عن شعبة عن أبي إسحاق السبيعي قال ‏:‏ سألت أبا جحيفة عن الركعتين بعد العصر فقال ‏:‏ إن لم ينفعاك لم يضراك.

- وعن يحيى بن سعيد القطان عن شعبة، حدثنا يزيد بن خمير عن عبد الله بن يزيد عن جبير بن نفير قال‏ : كتب عمر إلى عمير بن سعد ينهاه عن الركعتين بعد العصر؛ فقال أبو الدرداء ‏:‏ أما أنا فلا أتركهما؛ فمن شاء أن ينحضج فلينحضج‏.

‏ وعن حماد بن زيد، حدثنا أنس بن سيرين قال ‏:‏ خرجت مع أنس بن مالك إلى أرضه ببذ سيرين، وهي خمسة فراسخ فحضرت صلاة العصر، فأمنا قاعدا على بساط في السفينة، فصلى بنا ركعتين، ثم سلم، ثم صلى بنا ركعتين.

- وعن يزيد بن هارون عن عمار بن أبي معاوية الذهني عن أبي شعبة التميمي قال‏ :‏ رأيت الحسن بن علي بن أبي طالب يطوف بعد العصر ويصلي.

وعن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏ لم ينه عن الصلاة إلا عند غروب الشمس. 

وعن عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي الأحوص عن ابن مسعود في حديث‏ :‏ سيأتي عليكم زمان كثير خطباؤه، قليل علماؤه، يطيلون الخطبة ويؤخرون الصلاة حتى يقال‏ :‏ هذا شرق الموتى قلت‏ :‏ وما شرق الموتى قال ‏:‏ إذا اصفرت الشمس جدا فمن أدرك ذلك منكم فليصل الصلاة لوقتها، فإن احتبس فليصل معهم، وليجعل صلاته وحده الفريضة، وصلاته معهم تطوعا‏.‏

قال علي‏ :

‏ فهؤلاء أكابر الصحابة رضي الله عنهم ‏:‏

أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والزبير، وعائشة، وأم سلمة، وميمونة‏ :‏ أمهات المؤمنين، وابن الزبير، ومن بحضرته من الصحابة، وتميم الداري، والمنكدر، وزيد بن خالد الجهني، وابن عباس، وابن عمر، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو جحيفة، وأبو الدرداء، وأنس والحسن بن علي، وبلال، وطارق بن شهاب، وابن مسعود‏.‏

وروي أيضا عن النعمان بن بشير وغيرهم، فمن بقي وما نعلم لهم متعلقا بأحد من الصحابة، رضي الله عنهم، إلا رواية عن أبي سعيد الخدري، جعلها خاصة؛ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ‏.‏ وإذا قال صاحب ‏:‏ هي خاصة، وقال اخرون منهم‏ :‏ هي عامة، فالسير على العموم حتى يأتي نص صحيح بأنها خصوص، ولا سبيل إلى وجوده،

وأخرى عن معاوية، ليس فيها نهي عنهما، بل فيها‏ :‏ إن الناس كانوا يصلونها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏.‏ وأخرى مرسلة لا تصح عن ابن مسعود؛ ليس فيها أيضا إلا ‏:‏ وأنا أكره ما كره عمر،

 وقد صح عن عمر، وعن ابن مسعود ‏:‏ إباحة ذلك‏.‏ وعن أبي بكرة‏ :‏ المنع من الصلاة جملة من حين صفرة الشمس‏.‏ والحنفيون والمالكيون مخالفون له في ذلك، كما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى‏ .‏

وأما التابعون فكثير منهم‏ :‏

هشام بن عروة؛ وأنس بن سيرين؛ كما ذكرنا انفا وعن حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن يزيد بن طلق‏ :‏ أن عبد الرحمن بن البيلماني كان يصلي بعد العصر ركعتين 

وعن عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني إبراهيم بن ميسرة : أن طاووسا صلى بحضرته ركعتين بعد العصر‏.‏ ثم قال له‏ :‏ أتصلي بعد العصر قلت ‏:‏ نعم، قال ‏:‏ أكرمت والله.

* وعن يحيى بن سعيد القطان عن شعبة عن أشعث بن أبي الشعثاء هو أشعث بن سليم قال‏ :‏ سافرت مع أبي، وعمرو بن ميمون، والأسود، ومسروق، وأبي وائل فكانوا يصلون بعد الظهر ركعتين، وبعد العصر ركعتين .

وعن محمد بن جعفر غندر‏ :‏ حدثنا شعبة عن أبي إسحاق السبيعي قال ‏:‏ رأيت شريحا القاضي يصلي بعد العصر ركعتين وعن محمد بن المثنى عن معاذ بن معاذ العنبري، 

حدثنا أبي عن قتادة قال ‏:‏ كان سعيد بن المسيب يصلي بعد العصر ركعتين‏.

‏ وعن محمد بن المثنى‏ :‏ حدثنا أبو عاصم النبيل عن عمر بن سعيد قال‏ :‏ رأيت القاسم بن محمد بن أبي بكر يطوف بعد العصر ويصلي ركعتين، وكذلك أيضا عن الحسن فهؤلاء :

هشام بن عروة، وأنس بن سيرين، وطاووس، وعبد الرحمن بن البيلماني، وإبراهيم بن ميسرة وأبو الشعثاء، وأشعث ابنه، وعمرو بن ميمون، ومسروق، والأسود، وأبو وائل، وشريح القاضي، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد؛ وغيرهم‏:‏ كعبد الله بن أبي الهذيل، وأبي بردة بن أبي موسى، وعبد الرحمن بن الأسود، والأحنف بن قيس وبهما يقول أبو خيثمة وأبو أيوب الهاشمي، وبه نأخذ إن شاء الله تعالى‏ .‏


والله اعلم


وللفائدة..



هل اعجبك الموضوع :
author-img
الحمدلله الذى بنعمته تتم الصالحات فاللهم انفعنى بما علمتنى وعلمنى ما ينفعنى وزدنى علما واهدنى واهد بى واجعلنى سببا لمن اهتدى.

تعليقات