">

القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث المواضيع

مشروعية الاشهاد على الطلاق والرجعة


 يُشرع الإشهاد على الطلاق والرجعة بشاهدين يشهد على طلاقها ورجعتها وأما من طلق أو راجع بغير إشهاد صح الطلاق والرجعة عند أكثر أهل العلم  لكنه ترك المشروع.

والدليل :

1- قال تعالى : وأشهدوا ذوي عدل منكم. [الطلاق:2]

 فهذا يعم الطلاق والرجعة .

2- وقال عزَّ وجلَّ :  وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ. [البقرة: 228]. وقال تعالى : الطلاق مرتان فإمساك بمعروف .[البقرة: 229]..

الشاهد من هذه الآيات أن الله تعالى أجاز الرجعة في هذه الوجوه من غير ذكر إشهاد فوجب جوازها لعموم هذه الآيات. ينظر((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (5/140).

قال العلامة السعدي رحمه الله فى تفسيره :

{وَأَشْهِدُوا} على طلاقها ورجعتها {ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} أي : رجلين مسلمين عدلين، لأن في الإشهاد المذكور سدًا لباب المخاصمة وكتمان كل منهما ما يلزمه بيانه . انتهى

وقال البغوي في تفسيره (8/150) :

 " على الرجعة والفراق. أمر بالإشهاد على الرجعة وعلى الطلاق ".اه

وقد حمل الجمهور الأمر على الندب في قوله تعالى : ﴿فإذا بلغۡن أجلهن فأمۡسكوهن بمعۡروف أوۡ فارقوهن بمعۡروفٖ وأشۡهدوا ذويۡ عدۡلٖ منكمۡ وأقيموا الشهٰدة لله﴾. [الطلاق] ولم يحملوا الأمر فى الأية على الوجوب لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم أنهم كانوا لا يوقعون الطلاق والرجعة إلا بعد الإشهاد .

قال ابن حجر الهيتمي :

... صَرَفَه عن الوُجوبِ إجماعُهم على عَدَمِه عند الطَّلاقِ، فكذا الإمساكُ . انتهى من ((تحفة المحتاج)) (8/148).

وجاء فى كتاب (الجامع في أحكام الطلاق) (ص 161) :

والقول ببطلان الطلاق والرجعة بترك الإشهاد باطل لا دليل عليه وعلى تقدير أن الأمر 
في الآية يقتضي الوجوب فمخالفته لا تبطل أثر الطلاق ولا المراجعة.

والدليل على ذلك :

 أن الله سبحانه قد أمرنا في الطلاق باستقبال النساء في عدتهن في طهر لم يجامعها فيه زوجها، فلما خالف ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ هذا الأمر وطلق امرأته وهي حائض، أجازه النبي صلى الله عليه وسلم، كما تقدم تقريره، فهو قد خالف الأمر الوارد في آية الطلاق، ولم يمنع هذا من أن يحسب عليه طلقة، فكذلك هو الحال بالنسبة لمن خالف الأمر في الإشهاد . انتهى

وقال أبو الوليد ابن رشد في (المقدمات الممهدات) :

 فإذا قلنا : إنه واجب، فمعنى ذلك أنه يكون بتركه آثما لتضييع الفروج وما يتعلق بذلك، من غير أن يكون ذلك شرطا في صحة الطلاق والرجعة. اهـ.

 ومن الأدلة على ذلك : حديث ابن عمر رضي الله عنهما : « أنه طلق امرأته  وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مره فليراجعها..»(أخرجه البخاري)

الشاهد من هذا الحديث أن ابن عمر رضي الله عنهما عندما طلق زوجته لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم : هل أشهد أم لا؟ ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإشهاد لا على الرجعة ولا على الطلاق فلو كان الإشهاد واجبا لأمره بذلك إذ «تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز».

فالطلاق إذن من حقوق الرجل فلا يحتاج إلى بينة لإثباته كما أن الفرقة لما صحت بغير إشهاد كانت الرجعة كذلك إذ كل واحد منهما متعلق بفعله دون غيره ولأن الرجعة لا تفتقر إلى قبول من المرأة فلم تفتقر إلى شهادة كسائر حقوق الزوج .

قال الإمام الشَّافعي في "الأم" :

 "أنِّي لَم ألْقَ مُخالفًا حفظْتُ عنْهُ من أهل العلم أنَّ حرامًا أن يطلِّقَ بغير بيِّنة، على أنَّه -والله أعلم- دلالة اختيار، واحتملت الشَّهادة على الرجعة من هذا ما احتمل الطَّلاق".اهـ.

 قال ابن تيمية رحمه الله : 

ظَنَّ بعضُ النَّاسِ : أنَّ الإشهادَ هو الطَّلاقُ، وظَنَّ أنَّ الطَّلاقَ الذي لا يشهَدُ عليه لا يَقَعُ وهذا خِلافُ الإجماعِ، وخِلافُ الكتابِ والسُّنَّةِ، ولم يَقُلْ أحَدٌ مِن العلماءِ المشهورينَ به((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (3/296)

 وقال الصنعاني رحمه الله :

 قد اتَّفَق النَّاسُ على أنَّ الطَّلاقَ مِن غيرِ إشهادٍ: جائزٌ. ((سبل السلام)) (2/267).

قال العلامة ابن باز رحمه الله :

 السنة أن يشهد، لقوله تعالى : وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ.[الطلاق:2]. فالسنة أن يشهد شاهدين؛ لأن الله جل وعلا قال في سورة الطلاق: وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ. [الطلاق:2]. قال بعض أهل العلم : المراد به الطلاق، وقال بعضهم: المراد به الرجعة، ولا مانع من كون الآية في الأمرين جميعًا فيشهد على طلاقها ويشهد على رجعتها، فإذا طلق أشهد حتى لا ينكر ذلك؛ فإن الشيطان قد يزين له الإنكار، فإذا أشهد كان هذا من أسباب السلامة والعافية من طاعة الشيطان في إنكار الطلاق، وهكذا الرجعة، عليه أن يشهد على رجعتها؛ لأنه قد يتأخر في إبلاغ الزوجة فيكون الشهود بينة له تعينه على حصول المطلوب من الرجعة . 

فالمقصود أنه يشهد على الطلاق والرجعة هذا هو المشروع.

 وإذا راجعها في العدة وأخبرها بذلك ولو لم يشهد صحت الرجعة لأن الله قال : وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا. [البقرة:228]، ولم يقل بشرط كذا وكذا. اه

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله :

 الطلاق فالإشهاد فيه سنة وليس بشرط، فإذا طلق بلا إشهاد وقع الطلاق لكن الأفضل أن يُشهد، ودليل ذلك أي : أنه ليس بشرط أن ابن عمر رضي الله عنهما طلق زوجته ولم يسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل أشهد أو لا؟ ولو كان الإشهاد شرطا لسأل.....  

الرجعة أيضا يسن فيها الإشهاد ولا يجب، هذا هو المشهور عند أهل العلم وعليه أكثر العلماء، وقيل : إن الإشهاد على الرجعة واجب، الإشهاد على الرجعة واجب لأنه إعادة للمرأة إلى النكاح فأشبه الابتداء، ولكن الذي يظهر أنه سنة سنة مؤكدة، والدليل على ذلك على أنه سنة مأمور بها قوله تعالى في سورة الطلاق : (( فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوى عدل منكم)) فأمر بالإشهاد، فالإشهاد على الرجعة سنة مؤكدة، لأنه يترتب على هذا إما إنكار المرأة للمراجعة، وإذا لم يكن عند الزوج شهود فاتت زوجته ثم إنها في هذه الحال تحل لأزواج وهي مع زوج آخر ولأنه يترتب على ذلك الميراث، ويترتب على ذلك الأنساب فلذلك كان الإشهاد على الرجعة مؤكدا جداً.

وأخرجه البيهقي بلفظ : ( أن عمران بن حصين رضي الله عنه سئل عمن راجع امرأته ولم يشهد ، فقال : في غير سنة ؟ فليشهد الآن ). يعني أن عمله هذا على غير السنة لأن الله أمر بالإشهاد في المراجعة فإذا لم يشهد كان عمله على غير السنة، ( فليشهد الآن ) يشهد على إيش؟ على الرجعة الآن يعني أنه لا يشترط لكون الإشهاد سنة في الرجعة أن يكون حين الرجعة أن يكون حين الرجعة بل لو أشهد فيما بعد حصل بذلك المقصود.

ثم قال : ( وليستغفر الله )، أي يسأله المغفرة وهذا يدل على أن عمران بن حصين رضي الله عنه يرى أن الإشهاد على الرجعة واجب يأثم به الإنسان ، يأثم الإنسان بتركه ، ولهذا قال : ( وليستغفر الله ) أي يسأله المغفرة ، والمغفرة ستر الذنب والتجاوز عنه يدل على ذلك اشتقاقها من المغفر وهو ما يلبس على الرأس في أيام القتال يتقى به السهام فإنه جامع بين إيش؟ بين الستر والوقاية . اه


والله اعلم


وللفائدة..




هل اعجبك الموضوع :
author-img
اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

تعليقات