معنى قولك لأخيك المسلم " إني أحبك فى الله " :
هو أن يكون حبك له صادق يظهر في النصيحة المستمرة ، فأنت تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر دائماً وأبداً،
فأنت له في نصحه أتبع له من ظله لا تجامله ولا تداهنه ولا تخشي زعله وهو أيضا كذلك معك، يقول تعالى : { وَالْعَصْرِ . إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }. [العصر:1-3]،
ويقول تعالى : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ }. [التوبة من الآية:71].
* فنحن نحب في الله من رأينا فيه تقوى، وننصحه بالحق، ونبغض في الله من رأينا فيه عصيانًا.
فالحب الحقيقي هو الذي يُبنى على أساس الإيمان والتقوى، ويتجلى في العمل الصالح والنصيحة البالغة.
- فقد جاء فى الحديث : أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله. (حسنه ابن حجر -تخريج مشكاة المصابيح)) (4/440).
- وفي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله ذكر منهم : « ورجلان تحابّا في اللهِ اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه ». (أخرجه البخاري ومسلم).
* وفي هذا إشارة إلى أن المتحابين في الله لا يقطع محبتهم في الله شيء من أمور الدنيا، وإنما هم متحابون في الله لا يفرقهم إلا الموت،
حتى لو أن بعضهم أخطأ على بعض، أو قصر في حق بعض، فإن ذلك لا يهم، لأنه إنما أحبه لله عز وجل ، ولكنه يصحح خطأه ، ويبين تقصيره، لأن هذا من تمام النصيحة. ينظر: (شرح رياض الصالحين-للشيخ العثيمين-(39)).
** من أحب أخاه فليخبره بذلك
- فعن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن رجلا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فمر به رجل ، فقال : يا رسول الله ! إني لأحب هذا ،
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أعلمته ؟ قال : لا . قال : أعلمه. قال : فلحقه فقال : إني أحبك في الله . فقال : أحبك الذي أحببتني له. "صحيح أبي داود".
* فيه أنه إذا علم أنه محب له وواد له قبل نصيحته ولم يرد عليه قوله في عيب إن أخبره به عن نفسه ، أو سقطة إن كانت منه ،
وإذا لم يعلم ذلك منه لم يؤمن أن يسوء ظنه فيه فلا يقبل منه قوله ، ويحمل ذلك منه على العداوة والشنان. ينظر: (عون المعبود- للآبادي).
- سئل العلامة الألبانى رحمه الله :
الذي يحب في الله يجب أن يقول له أحبك في الله؟
الشيخ :
نعم ، ولكن الحب في الله له ثمن باهظ ، قَـلّ من يدفعه ، أتدرون ما هو الثمن في الحب في الله ؟ هل أحد منكم يعرف الثمن ؟ من يعرف يعطينا الجواب ...
أحد الحضور : قال تعالى : ( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصو بالحق وتواصوا بالصبر).
الشيخ :
أحسنت ، هذا هو الجواب، وشرح هذا : إذا كنتُ أنا أحبك في الله فعلاً تابعتك بالنصيحة ، كذلك أنت تقابلني بالمثل ،
ولذلك فهذه المتابعة في النصيحة قليلة جداً بين المدعين الحب في الله ، الحب هذا قد يكون فيه شيء من الإخلاص ،
ولكن ما هو كامل ، وذلك لأن كل واحد منا يراعي الآخر ، بيخاف يزعل ، بيخاف يشرد ....إلى آخره ،
ومن هنا الحب في الله ثمنه أن يخلص كل منا للآخر وذلك بالمناصحة ، يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر دائماً وأبداً فهو له في نصحه أتبع له من ظله ،
ولذلك صح أنه كان من دأب الصحابة حينما يتفرقون أن يقرأ أحدهما على الآخر ( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصو بالحق وتواصوا بالصبر ). المصدر: ((الحاوي من فتاوى الألباني- ص (165-166)).
** إذن محبتك لأخيك المسلم لها شروط لا بد منها:
أولًا: الحب والمناصرة والتأييد والمؤازرة ومحبة الخير لهم، كما قال عليه الصلاة والسلام : « لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنَفْسِه ». (متفق عليه).
ثانيًا: التواصي بالحق والصبر وأداء النصيحة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتبيين الطريق له، وإعانته على الخير ودفعه إليه.
يقول تعالى : { وَالْعَصْرِ . إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }. [العصر:1-3]،
ويقول تعالى : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ }. [التوبة من الآية:71].
ثالثًا: القيام بالأمور التي تدعو إلى التوادد وزيادة الصلة وأداء الحقوق، قال عليه الصلاة والسلام : « حقُّ المسلمِ على المسلمِ ستٌّ ». قيل : ما هنَّ يا رسولَ اللهِ؟ قال :
« إذا لقِيتَه فسلِّمْ عليه. وإذا دعاك فأَجِبْه. وإذا استنصحَك فانصحْ له. وإذا عطِس فحمِدَ اللهَ فشَمِّتْهُ. وإذا مرِضَ فعُدْهُ. وإذا مات فاتَّبِعْهُ ». (رواه مسلم؛ برقم: [2162]).
* فعلى المسلم الحريص على دِينه أن يجعل علاقاته بإخوانه قائمةً على الحب في الله فلا يصاحب إلا من يقربه من الله والجنة،
وليحذر من صحبة من يقربه من الشيطان والنار، قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تصاحِبْ إلا مؤمنًا، ولا يأكُلْ طعامَك إلا تقيٌّ). رواه أبو داود.
تعليقات
إرسال تعليق